رئيس وزراء الحوثيين عبد العزيز بن حبتور ومحافظ حضرموت لدى الجماعة لقمان باراس (26 سبتمبر)
09-05-2023 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
أثار الوداع الحار للأسير الجنوبي السابق لدى الحوثيين، اللواء محمود الصبيحي من قبل رئيس الوزراء المكلف من قبل الجماعة المدعومة من إيران، عبد العزيز بن حبتور في صنعاء، التعليقات والتساؤلات حول الأسباب والرسائل التي أراد المسؤول الجنوبي إيصالها.
لقد أعاد ذلك النقاش إلى الواجهة حول المسؤولين الجنوبيين في صفوف الحوثيين وأوضاعهم، وإذا ما كانت مناصبهم – التي قد تبدو رفيعة بالنسبة للبعض – مجرد تكليفات منزوعة الصلاحية يستفيد منها الحوثيون سياسيًا لتعزيز أطماعهم في الجنوب.
كما تثار التساؤلات ذاتها حول دوافع هؤلاء المسؤولين للانضمام إلى الحوثيين والبقاء في صنعاء رغم الأجندة التوسعية والعدائية لدى الجماعة تجاه مناطق جنوب اليمن التي ينحدرون منها. وكثيرًا ما يتم إرجاع ذلك إلى الأهداف الشخصية أو الأيدولوجية.
وخلال الأعوام السابقة، عين الحوثيون شخصيات جنوبية في مناصب مدنية عدَّة، من بينها منصب رئيس الوزراء في "حكومة الإنقاذ" التي شكلتها الجماعة نوفمبر 2016 الذي أسند إلى السياسي الجنوبي عبد العزيز بن حبتور.
كما عينت الجماعة محافظين لمحافظات الجنوب، وبعض الوزراء المتواجدين في صنعاء.
أبرز الشخصيات
عبد العزيز بن حبتور
في 28 نوفمبر 2016، أصدر المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، قراراً بتشكيل "حكومة الإنقاذ الوطني" برئاسة د. عبد العزيز صالح بن حبتور، بعضوية 42 شخصاً.
كان بن حبتور، الذي ينتمي لمحافظة شبوة، قبلها محافظًا لعدن منذ 24 ديسمبر 2014، قبل أن يتم عزله في 4 أبريل 2015 بقرار من الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، بعد انضمامه للحوثيين.
عبيد سالم بن ضبيع
يشغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة الحوثيين، وينحدر من محافظة حضرموت. سبق وأن كان عضوًا بالهيئة الوزارية ومدير مكتب الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام.
لقمان باراس
قيادي عسكري جنوبي يشغل منصب محافظ حضرموت في حكومة الحوثيين منذ أبريل 2018. وينحدر باراس من محافظة حضرموت.
عوض محمد بن فريد العولقي
قيادي عسكري يشغل منصب محافظ شبوة الحالي في حكومة الحوثيين منذ أبريل 2022. وهو القيادي الجنوبي الثالث في حكومة الحوثيين الذي يشغل هذا المنصب خلفاً لمحافظين اثنين وهما: أحمد الحسن الحسين الأمير الذي عُيّن في 30 أكتوبر 2019، والعميد علي محمد عبدالله طمبالة الذي عُيّن في 13 أبريل 2015.
ناصر محفوظ باقزقوز
شغل منصب وزير السياحة السابق في حكومة الحوثيين، وهو من حضرموت. في 4 يونيو 2022، استدعى الحوثيون باقزقوز، للتحقيق معه في نيابة الصحافة والمطبوعات بصنعاء بعد اتهامات وجهها لمدير مكتب مهدي المشاط.
محمد سعيد المشجري
يشغل منصب وزير المغتربين في حكومة الحوثيين. كان أستاذ العلوم البيئية بجامعة حضرموت والرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن.
فائقة السيد باعلوي
تشغل منصب وزير دولة في حكومة الحوثيين. وتنحدر أسرتها من محافظة حضرموت، وتشغل منصب الأمين العام المساعد لشؤون المنظمات بحزب للمؤتمر الشعبي العام.
عبدالرحمن سالم ذيبان
في 13 ديسمبر 2016، تم تعيين عبد الرحمن سالم ذيبان – الذي ينحدر من محافظة شبوة – مديرًا لمكتب رئيس الوزراء في حكومة بن حبتور، ولاحقًا عُيّن وزيرًا للدولة في "حكومة الإنقاذ الوطني" التابعة للحوثيين.
عبدالله الجفري
قيادي عسكري شغل منصب عضو مجلس الشورى والناطق الرسمي السابق للقوات الجوية والدفاع الجوي للحوثيين.
الإقصاء وغياب الثقة
في 2 أغسطس الماضي، قال اللواء عبد الله الجفري إنَّ جماعة الحوثيين تمارس الإقصاء والتهميش والإهانة بحق القيادات الجنوبية في شمال اليمن.
وأضاف في لقاء متلفز مع قناة "الهوية" التابعة للجماعة: " للأسف الشديد بعض القيادات في أنصار الله [الحوثيين] الذين يتخذون القرارات السياسية يتعاملون معي كأنَّي جنوبي درجة عاشرة. لا يمكن أن يثقوا فيك لو تكون حتَّى ابن محمد رسول الله".
واتهم الجفري رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط بالفساد. وأضاف: "هذه الرسالة أوجهها للرئيس مهدي المشاط، نقول له لقد تحدثت في لقاء لك بأنَّه لا خير فينا إذا لم نرفع الظلم عن أي مواطن من الشعب اليمني وها أنت تمارس الظلم بنفسك".
وكشف الجفري عن حالة عميقة من الشك لدى الحوثيين تجاه الجنوبيين حتَّى أولئك الذين يفترض أنَّهم يشتركون سلاليا مع الحوثيين عبر العرق الهاشمي: "لم يشفع لي جدي الإمام علي. كجنوبي من المستحيل أن يثقوا فيك وأنت في نظرهم خائن".
قادة أم سجناء؟
وفقا لمصدر خاص لـ "سوث24" كان مُقيمًا في صنعاء ومقربًا من عدد من المسؤولين الجنوبيين لدى الحوثيين، تفرض الجماعة الحصار والإقامة الجبرية على كثير من القيادات الجنوبية في صنعاء، مع منحهم مناصب شكلية وصورية.
وقال المصدر الذي فضَّل عدم اسمه: "ليس في استطاعة أحد منهم الإقدام على أي خطوة حتى وإن كانت على المستوى الشخصي، إلا بموافقة من القيادات العليا الحوثية".
وكشف المصدر عن "تكتّم شديد على أوضاع القيادات الجنوبية الشخصية والصحية"، مضيفّا: "حتى أنّ بعض أقاربهم لا يلتقون بهم إلا بعد تنسيقات مُسبقة، ويبدو عليهم التردد عند سؤالهم متى ستعودون إلى أرضكم دون الإجابة على ذلك".
وهناك شخصيات جنوبية، انضمت للحوثيين، أعلنت الجماعة عن وفاتهم في صنعاء، خلال السنوات الماضية، بينهم القياديان السابقان في الحراك الجنوبي حسين زيد بن يحيى وأحمد القنع.
وقال المصدر: "خلال تواجدي في صنعاء حتى عودتي إلى الجنوب مؤخرًا، لم نتمكن أنا وغيري من لقاء بعض أقاربنا الذين يشغلون مناصب في حكومة صنعاء. تم منعنا من ذلك من قبل القائمين على مكاتبهم؛ بذريعة أنّهم منشغلون باجتماعات مع قيادات عليا".
ولفت المصدر إلى أنَّ الحوثيين يفرضون إجراءات مشابهة على قيادات في الحكومة من الشماليين المنتمين لحزب المؤتمر أو غيرهم ممن لم يكونوا مع الحوثيين في السابق.
وقال المصدر إلى أنَّ "هناك نقاط ضعف تحتم على القيادات الجنوبية الاستقرار بصنعاء وعدم مغادرتها". ورفض المصدر الإفصاح عن هذه النقاط، لكنه لم يخف قلقه من أن ينتهي المصير بهؤلاء القيادات قتلى.
ولم يستبعد المحلل السياسي الجنوبي نجيب محفوظ مفيلح حدوث ذلك. وقال لمركز "سوث24": "تصفية القيادات الجنوبية التي لا سُلطة بيدها ليس أمراً مُستبعداً".
وأضاف: "المسؤولون الجنوبيون في حكومة الحوثيين لديهم مناصب شكلية مفرغة تماماً من حقّ الإدارة، والمسؤولية واتخاذ القرار. القرار هناك حكر على الحوثيين وأبناء الزيدية الشماليين [مذهب إسلامي]".
يشار إلى أنَّ الحوثيين لاحقتهم اتهامات بتصفية قادة بارزين منهم، مثل رئيس المجلس السياسي الأعلى السابق صالح الصماد الذي قُتل بغارة جوية للتحالف العربي في أبريل 2018. وذهبت بعض التحليلات إلى أن الحوثيين سهلوا وصول إحداثيات الصماد للتخلص منه.
وقال خبراء إنّ إعلان مقتل الصماد، الذي لا ينتمي لعائلة الحوثي، بهذه السرعة "يطرح علامات استفهام كثيرة". وعزَّز تعيين مهدي المشاط خلفًا للصماد من هذا الطرح حيث أثيرت أنباء عن صراع بين أجنحة الحوثيين على السلطة.
وفي سبتمبر 2021، أعدم الحوثيون 9 من أبناء محافظة الحديدة بتهمة التآمر لقتل صالح الصماد، وهو ما اُعتبر بمثابة مبالغة من الجماعة للتغطية على مقتل الرجل، ومحاولة تأكيد أهميته لديهم عبر عملية الإعدام الكبيرة هذه.
وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية قد نقلت عن مصادر محلية في صنعاء، في أبريل 2018، أن الحوثيين فرضوا طوقًا أمنيا على منزل عبد العزيز بن حبتور وآخرين من المقربين من صالح الصماد بعد مقتله تحسبًا لأي محاولة فرار.
وفي 8 أبريل الماضي، أظهرت صورة نشرها الحوثيون عددًا من القادة المنتمين لمحافظة صعدة أثناء اللقاء مع الوفد السعودي بقيادة السفير لدى اليمن محمد آل جابر الذي زار صنعاء لأول مرة علنًا ورسميًا.
ونُظر إلى الصورة كدليل على استئثار الطبقة الحوثية المنتمية لصعدة معقل ومسقط رأس عبد الملك الحوثي بالقرار.
استغلال
وفي 24 يوليو 2021، ظهر محافظ شبوة المعين من قبل الحوثيين عوض محمد العولقي في صور على تخوم المحافظة مع عناصر المليشيات. لاحقًا في سبتمبر، أسقطت الجماعة مديريات بيحان بعد انسحاب قوات موالية لحزب الإصلاح؛ قبل أن تستعيدها ألوية العمالقة الجنوبية مطلع 2022.
بوضوح، يتخذ الحوثيون من القادة الجنوبيين لديهم كوجوه دعائية لأطماعهم في جنوب اليمن الغني بالثروات الطبيعية، رغم عدم وجود أي ثقل مجتمعي وقبلي حقيقي لديهم في محافظاتهم التي قدموا منها.
وخلال شهر واحد، دفع الحوثيون رئيس الوزراء لديهم عبد العزيز بن حبتور إلى كتابة مقالات وإصدار تصريحات تهاجم الجنوبيين والمجلس الانتقالي بشكل لاذع. وسخر بن حبتور من ذكرى تحرير عدن من الحوثيين عام 2015، كما هاجم الحوار الوطني بين الأطراف الجنوبية.
وقال في مقال له: " أين تبخَّرت وعود السياسيين الانفصاليين الذين بشّروا المواطنين اليمنيين بأنَّ عهداً انفصالياً جديداً سيهل على جنوب اليمن؟".
ويعتقد المحلل السياسي نجيب مفيلح أنَّ الحوثيين لديهم مكاسب عديدة من وجود قادة جنوبيين لديهم. وأضاف: "طالما أنّ الحوثي يُمارس الخداع السياسي، فمصلحته تُحتّم علية إظهار تواجد الجنوبيين في صفوفه، حتى يظهر أنه شامل ويمثل الجميع".
وأردف: "بالنظر إلى عدد الجنوبيين المتواجدين في صفوف الحوثيين، لقد فشلت الجماعة فشلاً ذريعاً في استقطاب زخم جنوبي حقيقي إلى صفوفهم. الإرادة الجنوبية لم تكن مع الحوثيين إطلاقاً، بل كانت جارفة نحو الدفاع والسيطرة والعمل على استعادة دولة الجنوب".
أبواب مفتوحة
يؤكد القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، عبد الناصر الجعري، أنَّ الأبواب مفتوحة لـ "العائدين إلى وطنهم".
وقال الجعري، الذي عُيَّن الاثنين عضوًا في هيئة رئاسة الانتقالي، لمركز سوث24: "الجميع في الجنوب على مستوى القيادة والمواطن يرحبون بعودة أي جنوبي إلى أرض الوطن من صنعاء أو من أي بقعة في العالم".
وأضاف: "الوطن الجنوبي يتّسع للجميع، ونحن في مرحلة تتطلب من كل القوى الجنوبية والأفراد التكاتف؛ من أجل تحقيق تطلعات شعب الجنوب في استعادة دولته الجنوبية المستقلة".
وتجدر الإشارة إلى إطلاق الحوار الوطني الجنوبي بمبادرة من المجلس الانتقالي، وعقد أكبر لقاء تشاوري للأطراف الجنوبية عدن منذ عام 1990. وتمخض اللقاء، الاثنين، عن الميثاق الوطني الجنوبي وعددا من الوثائق.