الوفد الحضرمي في السعودين، 22 مايو 2023 (المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت)
02-06-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبدالله الشادلي
في 20 مايو الماضي، وصل وفد من حضرموت، كبرى محافظات جنوب اليمن، إلى العاصمة السعودية الرياض بدعوة من المملكة، عشية انعقاد الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي في مدينة المكلا.
وعقد الوفد، على المدى الأيام اللاحقة، جلسات نقاشية توزعت على محاور سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية، برئاسة محافظ حضرموت المعين من قبل مجلس القيادة الرئاسي في يوليو الماضي، مبخوت بن ماضي.
ونظرًا لتوقيت هذه النقاشات الذي يأتي بعد تحركات سعودية في حضرموت، ومع تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي الأكبر منذ أعوام بدءًا من اللقاء التشاوري الجنوبي، وصولًا لدورة الجمعية الوطنية، بزرت التساؤلات عن الأهداف.
وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عضو المجلس الرئاسي، اللواء عيدروس الزبيدي، قد أعاد هيكلة هيئة رئاسة المجلس في 8 مايو وضم الشخصية الحضرمية القوية اللواء فرج البحسني، الذي هو أيضًا عضو في المجلس الرئاسي، كنائب له.
توقيت النقاشات
في 18 مايو، وصل اللواء عيدروس الزبيدي على متن رحلة جوية إلى مطار الريان الدولي في المكلا، قادما من عدن، وسط استقبال شعبي ورسمي. قبلها بيوم واحد، كان موكب بري يضم قيادات بارزة من المجلس الانتقالي قد قطع مئات الكيلومترات من عدن إلى حضرموت استعدادا للدورة السادسة للجمعية الوطنية.
على الجانب الآخر، بدأت أطراف في حضرموت، تبنَّت خطاب فصل المحافظة عن الجنوب، لقاءات واجتماعات في سيئون بوادي حضرموت الذي تسيطر عليه المنطقة العسكرية الأولى. ونشر القيادي في حزب الإصلاح صلاح باتيس "البيان الختامي للقاء التشاوري الحضرمي [..] تحت شعار (حضرموت الشراكة والندية)".
ودعا البيان إلى "تحديد موقف موحد من مجمل ما يعتمل في حضرموت من تطورات سياسية وفي ضوء ما تم من استفزازات عسكرية لمدينة المكلا المسالمة"، في إشارة إلى موكب المجلس الانتقالي الجنوبي. وأضاف "من أجل إسقاط مشاريع الهيمنة وربط حضرموت بتبعية الجنوب والشمال".
وتحدث البيان عن "القضية الحضرمية" ووضع "إطار تفاوضي خاص لها في الحل السياسي"، وذكر أن الأطراف المجتمعة ستعمل على اللقاء برشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي للاتفاق حول ذلك. قبل ذلك في 16 مايو، أعلنت شخصيات عن "ميثاق الشرف الحضرمي" في اجتماع لها، بعد أيام فقط من إعلان "الميثاق الوطني الجنوبي" في العاصمة عدن.
وكانت مكونات حضرمية بارزة قد شاركت في اللقاء التشاوري برعاية المجلس الانتقالي في عدن، ووقعت على الميثاق الوطني الجنوبي الذي ينص على استعادة دولة الجنوب والعديد من البنود التي تشدد على الحوار لحل المشكلات وتضع الخطوط العريضة للمرحلة القادمة. كما باركت قبائل حضرمية رئيسية اللقاء.
كما أكد البيان الصادر عن الدورة السادسة للجمعية الوطنية الجنوبية على مستقبل حضرموت ضمن "الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة"، في 22 مايو الماضي. ودعا البيان إلى طرد القوات الشمالية من المحافظة، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم.
الشخصيات والمكونات
بحسب المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت، يضم الوفد الذي وصل السعودية المحافظ مبخوت بن ماضي، وقيادات أخرى بينهم نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة القاضي أكرم العامري، ونائب رئيس مجلس النواب المهندس محسن علي باصرة، ورئيس حلف قبائل حضرموت رئيس مؤتمر حضرموت الجامع الشيخ عمرو بن حبريش العليي.
كما يضم الوفد الشيخ عبدالله صالح الكثيري رئيس مرجعية حلف حضرموت، والشيخ صالح بن حريز المري، القيادي المنشق عن الهبة الحضرمية، ووكيل وزارة الإدارة المحلية، عصام بن حبريش الكثيري، والشيخ أنور بن يماني التميمي، وممثل "العصبة الحضرمية" الشيخ عايد بن مهيري، والشيخ يحيي باجري.
كما شاركت شخصيات حضرمية مقيمة في السعودية أيضًا، طبقًا لمصادر خاصة لـ "سوث24". وبالتزامن مع نقاشات هذا الوفد، عقد اللواء فرج البحسني لقاء ضم شخصيات حضرمية عدة مقيمة في السعودية. وكان البحسني قد وصل برفقة الزبيدي إلى السعودية في 22 مايو الماضي للالتحام ببقية أعضاء مجلس القيادة الرئاسي.
الملفات والمحاور
في 21 مايو الماضي، عقد الوفد الحضرمي الذي وصل السعودية لقاءً تشاوريًا برئاسة المحافظ مبخوت بن ماضي. وقال المكتب الإعلامي للمحافظ إنَّ اللقاء "للاتفاق على رؤية مستقبلية موحدة". وشكر بن ماضي السعودية على توجيه الدعوة التي قال إنَّها "محل أمانة ومسؤولية لمناقشة قضية مهمة لذلك".
وفي 24 مايو، أعلن المكتب الإعلامي "بدء النقاشات التشاورية للمحور السياسي للوفد الحضرمي بالرياض". وأضاف البيان: "بدأت اليوم بالعاصمة السعودية الرياض أعمال النقاشات التشاورية للوفد الحضرمي الذي يضم المكونات والقوى السياسية والنخب والمشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية والعسكرية والأمنية".
وأردف: "تم تقسيم الوفد الى 3 محاور هي المحور السياسي، والمحور الأمني، والمحور الاجتماعي والاقتصادي". وتولى نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة القاضي أكرم العامري، رئاسة المناقشات في المحور السياسي، وفقًا للبيان.
ولفت المكتب الإعلامي إلى أنَّه "جرى مناقشة هذا المحور تحت نقاط رئيسة تمحورت حول الرؤية السياسية لحضرموت وتوحيد المكونات السياسية والتعامل مع بقية الأطراف السياسية والمبادئ العامة وآليات التنفيذ". وأضاف: " وأكدت نقاشات أعضاء المحور السياسي على أهمية التوافق والعمل جميعاً حول رؤية سياسية موحدة لحضرموت".
وفي المحور الأمني، عقد الوفد نقاشات برئاسة أمين عام «مرجعية قبائل حضرموت» المساعد، سلطان التميمي. وقال المكتب الإعلامي إنَّ المحور الأمني ناقش "سبل تعزيز أمن حضرموت ودعم كوادرها والتطرق الى المخاطر التي تواجه حضرموت امنيًا وسبل الدفاع عنها والإجراءات الأمنية بشأن مكافحة المخدرات والإرهاب والتطرف".
كما ناقش المحور أيضًا "مكافحة غسيل الأموال وإيواء المطلوبين امنيًا وتجار الأزمات ونشر الوعي وتفعيل دور رجال الدين وخطباء المساجد في تحصين الجبهة الداخلية ضد التهديدات الداخلية والخارجية".
وأشاد محافظ حضرموت بـ "الكفاءات الأمنية والعسكرية والحضرمية" وأعرب عن أمله بالخروج بتوصيات "تدعم أمن واستقرار وقوة المؤسسة العسكرية والأمنية".
وفي المحور الاجتماعي والاقتصادي، الذي ترأسه الأمين العام المساعد لمؤتمر حضرموت الجامع عبد العزيز الصيغ، ناقش الوفد "توحيد الجبهة الداخلية لحضرموت وإنشاء مجلس تنسيقي عام للمكونات الحضرمية ونبذ الفكر المتطرف وتحصين المجتمع والاهتمام بالتعليم والصحة ومحاربة التهريب والمخدرات"، طبقا للمكتب الإعلامي.
كما شمل النقاش أيضًا "توحيد الولاءات لحضرموت تحت كنف السلطة المحلية وتفعيل الجانب الثقافي ومراقبة الأسعار، إلى جانب البحث عن حلول لتنمية الاقتصاد وتفعيل دور الرقابة والتفتيش ودراسة إنشاء صندوق لدعم التنمية والأمن والخدمات".
وفي 25 مايو الماضي، قال المكتب الإعلامي إنَّ لجان الوفد الحضرمي بالرياض "اختتمت مشاوراتها الداخلية في أجواء توافقية واستشعار بالمسؤولية".
وأضاف: "ناقشت اللجان [..] الرؤية العامة للمكونات والقوى السياسية والنخب الأكاديمية والمقادمة والشخصيات الاجتماعية والعسكرية والأمنية والإعلامية، حول مستقبل حضرموت، وخرجت برؤية وأهداف موحدة تعكس تطلعات أبناء المحافظة في الجوانب السياسية، والأمنية والاجتماعية والاقتصادية".
ولم يوضح البيان المخرجات والتوافقات الناتجة عن هذه النقاشات، لكنه اكتفى بالإشارة بإشادة محافظ حضرموت بـ "بالروح التي أظهرها أعضاء الوفد ووحدة صفهم واستشعارهم المسؤولية انطلاقًا من حرصهم على تلبية تطلعات أبناء المحافظة".
وفي اللقاء الذي دعا إليه اللواء فرج البحسني، دعا القيادات السياسية والمكونات القبلية من أبناء حضرموت في الداخل والخارج "إلى توحيد الصف، والاتفاق على رؤى وسياسات موحّدة لمواجهة أي مخاطر مستقبلية".
وقال البحسني إنَّ "حضرموت ستأخذ مكانتها التي تستحقها في شكل الدولة القادمة، تقديرًا لمكانتها وتاريخها ومساحتها الجغرافية والثروات التي تتمتع بها وفي مقدمتها الثروة البشرية"، وأكد على "وضع حقوق حضرموت في طاولة أي نقاشات على المستويين الداخلي والخارجي".
الأهداف والرسائل
فيما تبدو هذه النقاشات على أنّها ردة فعل على خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي الأخيرة والأطراف السياسية الجنوبية الأخرى التي انضمت له أو شاركت في اللقاء التشاوري، بما فيها القوى الحضرمية، يرى البعض أنَّها تمثَّل خطوة تمهيدية لتغييرات في حضرموت قد تصب في نهاية المطاف لصالح الانتقالي.
ومن حيث المبدأ، لا يبدي المجلس الانتقالي الجنوبي أي اعتراض على النقاشات البينية الجنوبية، حتَّى لو لم تكن برعايته. كما حرص رئيسه عيدروس الزبيدي في أكثر من مناسبة، منها خطابه الأخير أمام مشائخ وأعيان حضرموت في 21 مايو الماضي، على دعوة الجنوبيين والحضارم للاصطفاف وتوحيد جهودهم على أسس وطنية.
ومع ذلك، يشكك الصحفي عبد الله العمودي بأهداف نقاشات الوفد الحضرمي في السعودية. وقال لمركز "سوث24": "إشراك مكونات وشخصيات لها ارتباط مع حزب الإصلاح، وتاريخ حافل من تبدل المواقف وفقًا للمصالح الشخصية، يضعف أي آمال أو توقعات إيجابية بنتائج هذه المشاورات أو أهدافها".
وأضاف: "كان من المفترض أن يكون الهدف من عقد هذه المشاورات تحقيق مزيد من التوافق بين المكونات الحضرمية المختلفة، لكن لا يبدو أنَّ هذا هو الهدف الحقيقي. إنَّ أي مساعي ترتبط ببقاء الوحدة اليمنية التي يرفضها معظم الحضارم وأنا من بينهم لن تنجح ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام".
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي محمد بامزعب أنَّ هذه النقاشات إيجابية بالنسبة لحضرموت. وقال لمركز "سوث24": "نعلم أهمية حضرموت للأشقاء في السعودية خاصة أنَّ هناك حدود مترامية الأطراف بين الجنوب والمملكة من جهة محافظ حضرموت وهي تعتبر عمق استراتيجي للمملكة التي وجهت دعوتها للحضارم للنقاش".
ويعتقد بامزعب أنَّ النقاشات في الشق الأمني ستؤدي إلى مطلب حضرمي موحد بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت. وزعم أنّ السعودية تأكدت من خلال التقارير الاستخباراتية أنَّ القوات الشمالية في الوادي ستعلن الولاء للحوثيين، وهو ما يعني تهديد الأمن القومي للمملكة وحدودها المفتوحة مع حضرموت، حدَّ تعبيره.
مُتعلق: هل تكرر القوات الشمالية سيناريو ساحل حضرموت في الوادي؟
وبشأن القوات البديلة للمنطقة العسكرية الأولى، يرى بامزعب أن السعودية ستدعم قوات حضرمية خالصة لأجل ذلك. وفي وقت سابق، كانت مصادر في قوات درع الوطن التي تدعمها الرياض قد تحدثت عن قرب تسليم منفذ الوديعة البري لها وإخراج القوات الشمالية بقيادة الضابط هاشم الأحمر من المنفذ.
مُتعلق: المنافذ الجوية والبرية في حضرموت: ما الذي يحدث؟
الاهتمام الأوروبي
لم تقتصر نشاطات الوفد الحضرمي في السعودية على النقاشات الداخلية، بل امتدت إلى اجتماعات مع سفراء غربيين في لقاءات متعدَّدة. وفي مفارقة عجيبة، تبنَّى الخطاب الرسمي الأوروبي لأول مرة دعمَّا لمحافظة بمفردها، في الوقت الذي يُتهم فيه هذا الخطاب بتجاهل قضية الجنوب التي تضم حضرموت وكل محافظات الجنوب.
وفي 31 مايو الماضي، التقى الوفد الحضرمي بالسعودية ممثلين من بعثة مفوضية الاتحاد الأوروبي في اليمن وسفراء دول الاتحاد الأوربي. وقال المكتب الإعلامي لمحافظ حضرموت إنَّه "جرى في اللقاء بحث الأوضاع العامة في محافظة حضرموت وجهود توحيد الصف واحتياجات المحافظة ورؤاها المستقبلية في سياق التسوية السياسية القادمة".
وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن على تويتر: "أجرى سفراء الاتحاد الأوروبي لدى اليمن نقاشًا جيدًا اليوم مع محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي والعديد من ممثلي المحافظة الذين أكدوا على هوية وصوت حضرموت القوي في اليمن. أكد السفراء دعم الاتحاد الأوروبي لوحدة مجلس القيادة الرئاسي ولجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة..".
كما عقد محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي لقاءات ثنائية مع سفراء الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والسعودية، واليابان. وركزت هذه اللقاءات على دعم الأمن والاستقرار في حضرموت الغنية بالنفط والثروات؛ التي شهدت زيارات متكررة خلال الفترة الماضية لذات السفراء، بالإضافة للقائم بالأعمال الصيني.
ووفقا للمحلل السياسي بامزعب، فقد تمسك محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي خلال اللقاء مع السفراء الأوروبيين على أنَّ تتمتع حضرموت إقليماً ذاتيا في الدولة الجنوبية المنشودة. ولم يتسن لمركز سوث24 التواصل مع المحافظ مبخوت بن ماضي أو المكتب الإعلامي التابع له للتحقق من مدى صحة هذه المعلومة.
ونظرًا لأهميتها على كل المستويات، ستؤثر أي تطورات في حضرموت بشكل مباشر على كل الأطراف المحلية بما فيهم مليشيا الحوثيين التي لم يستبعد محللون أن تحاول اجتياح المحافظة بالاستناد على القوات الشمالية المتواجدة في المنطقة العسكرية الأولى. كما أن هذه التأثيرات لن تتوقف عند المستوى المحلي.
وعلى المدى القريب، ليس من الواضح إذا ما كانت هذه التحركات ستتعارض مع مساعي المجلس الانتقالي الجنوبي لاستكمال السيطرة على حضرموت والجنوب، أو هل ستدعم هذه المساعي. ومع ذلك، يقدم المجلس أفضل الخيارات للحضارم أنفسهم ضمن الدولة التي ينشدها، حتَّى لأولئك المنادين بانفصال حضرموت ربمَّا.
قبل 3 أشهر