التقارير الخاصة

مهلة البنك المركزي بعدن لنقل مقرات البنوك توشك على الانتهاء

البنك المركزي عدن (أرشيفية)

27-05-2024 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 2 يونيو المقبل، أي خلال أقل من أسبوع، تنتهي مهلة الستين يومًا التي حددها البنك المركزي اليمني في عدن للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر بنقل المراكز الرئيسية لها من مدينة صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين، إلى العاصمة عدن.


ورغم انقضاء معظم هذه المهلة، لم تعلن أي من البنوك استجابتها لقرار البنك المركزي في عدن حتى الآن، كما لم يعلن أي منها رسميًا رفض هذا القرار. وخلال الأسبوع الأخير، شهد سوق الصرف اضطرابًا كبيرًا انخفضت معه قيمة العملة المحلية اليمنية إلى أدنى مستوى في تاريخها عند 1760 ريالًا يمنيًا لكل دولار أمريكي.


بالإضافة لذلك، بدأت بعض البنوك في عدن برفض صرف مبالغ من حسابات العملاء من الأفراد والمؤسسات تحت مبرر عدم توفر سيولة نقدية، لاسيما بالدولار الأمريكي. واجه مركز سوث24 حالة خاصة، وعاين حالات أخرى كثيرة. وهو ما أثار التساؤلات حول ارتباط هذه التطورات بقرار البنك المركزي في عدن الذي وصفه اقتصاديون بأنه ضربة كبيرة للحوثيين، والسيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء المهلة.


استجابة البنوك


في 20 مايو الجاري، قالت وكالة سبأ الحكومية إن البنك المركزي في العاصمة عدن عقد اجتماعاً استثنائياً لاستعراض الخطوات المتخذة لتنفيذ قرار نقل مراكز أعمال البنوك من صنعاء إلى عدن، والإجراءات التي سيتم اتخاذها في حق البنوك التي تخالف تنفيذ ما ورد بمنطوق القرار. 


لم يحدد الخبر الذي نشر تفاصيل إضافية، لكنه أشار إلى أنَ قيادة البنك المركزي "أعربت عن ارتياحها الكبير للدعم الذي تلقاه القرار على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية لأنه ينقذ القطاع المصرفي ويحميه من هيمنة جماعة الحوثيين المصنفة إرهابيًا". 


ووفقًا لمصدر خاص يعمل في البنك المركزي الخاضع للحوثيين بصنعاء تحدث لمركز سوث24 واختار عدم الإفصاح عن هويته، رفضت عدد من البنوك التجارية نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن ومنها بنك التضامن، وبنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، والبنك التجاري اليمني. 


وحتى الآن، لم تنشر البنوك الثلاثة المذكورة رسميًا ما يؤكد أو ينفي كلام المصدر. كما أنَها لم تتجاوب مع استفسارات مركز سوث24 التي أرسلت إلى قنوات التواصل الرسمية الخاصة بها حول هذا الموضوع.  وقال المصدر إن هذه البنوك عزت قرارها إلى نقص السيولة النقدية، بالإضافة لأسباب أخرى. 


وزعم الخبير الاقتصادي المقيم في صنعاء رشيد الحدَاد أن بنوك أخرى مثل بنك اليمن والكويت، وبنك البحرين الشامل، رفضت الاستجابة لقرار مركزي عدن. ولم ينشر هذان البنكان رسميًا ما يثبت أو يؤكد هذه المعلومات، كما أنهما لم يستجيبا مع اتصالات أجراها مركز سوث24 للاستفسار حول ذلك. 


ولم تتجاوب إدارة البنك المركزي في عدن مع مركز سوث24 للتعليق حول هذه المعلومات. وقال أحد المسؤولين في البنك إن التصريحات لوسائل الإعلام بشأن هذا الملف "ممنوعة في الوقت الراهن". 


وقال الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر لمركز سوث24 إنَّ "جمعية البنوك اليمنية وجهت رسالة إلى البنك المركزي في عدن شرحت فيها صعوبة تطبيق قرار نقل مراكز العمليات إلى عدن خلال المدة الزمنية المحددة".


 ولفت إلى أنّ "هناك صعوبات عملية وفنية تمنع البنوك من الانتقال إلى عدن في هذه الفترة القصيرة". 


وتحدث الأكاديمي الاقتصادي في جامعة عدن د. سامي محمد لمركز سوث24 عن وسطاء لم يحدد نوعهم قال إن البنوك في صنعاء استعانت بهم للتدخل لدى البنك المركزي عدن لتأجيل القرار أو زيادة المهلة المحددة. وهي معلومات لم يتسن لمركز سوث24 التحقق من مدى صحتها من مصدر مستقل. 


وفي 13 مايو، وخلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي، قال المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ إن الفريق الاقتصادي في مكتبه انخرط في معالجة التطورات الاقتصادية الأخيرة في اليمن. 


العقوبات ضد المخالفين


يوضح الخبير الاقتصادي أحمد باحكيم أن لدى البنك المركزي في عدن حزمة من أدوات العقوبات التي يمكن أن يطبقها ضد البنوك المخالفة، ومنها: "تجميد الأصول، وتعليق التراخيص، وفرض الغرامات، وتقييد الوصول إلى الخدمات المالية، وحظر المعاملات الدولية".


وأضاف لمركز سوث24: "يمكن للبنك المركزي أن يبدأ إجراءات قانونية ضد البنوك غير الممتثلة، ويطلب أوامر من المحكمة لتنفيذ توجيه النقل وفرض عقوبات إضافية على عدم الامتثال". 


وفي هذا الصدد، قال د. سامي محمد: "أهم هذه الأدوات هي نظام (سويفت) للتحويلات المالية الدولية. يمكن للبنك المركزي إغلاق هذا النظام على بنوك صنعاء، مما سيؤدي إلى شلل تام لعملياتها الدولية، بما في ذلك استقبال تحويلات المنظمات الدولية من منح ومساعدات، والتي تبلغ في المتوسط 1.6 مليار دولار سنويًا". 

 

وأضاف: "سيعرض ذلك هذه البنوك لخسائر فادحة، خاصة مع قرار حكومة الحوثيين بصنعاء إيقاف ما وصفتها بالتعاملات الربوية، مما أفقد المودعين الثقة في البنوك في مناطق سيطرة الجماعة". 


وأضاف: "تُواجه بنوك صنعاء خطر الإغلاق في حال لم تنفذ قرار البنك المركزي في عدن بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن قبل الموعد النهائي المحدد، وفي ذات الوقت تخشى هذه البنوك من اتخاذ إجراءات انتقامية من قبل جماعة الحوثيين في حال تنفيذها لهذا القرار". 


لكن الخبير مصطفى نصر يحذر من إقدام البنك المركزي في عدن على إيقاف نظام سويفت على البنوك المخالفة، أو سحب تراخيصها. وقال إن مثل هذه الخطوة "سيكون  لها تداعيات خطيرة على القطاع المصرفي اليمني ككل". 


مضيفًا: "هذه الخطوة، على الرغم من أنها قد تكون ضرورية في بعض الحالات، إلا أنها يجب أن تكون آخر الحلول وأن تُستخدم بحذر شديد. البنك المركزي يمتلك العديد من الأدوات الأخرى لتنظيم عمل البنوك ومراقبة أدائها، مثل فرض غرامات أو اتخاذ إجراءات تأديبية أخرى".


ودعا نصر إلى الحوار والتفاوض بين البنك المركزي والبنوك المعنية للوصول إلى حلول توافقية تضمن استمرارية عمل القطاع المصرفي وتقديم خدماته للمواطنين. ولفت إلى أن إجراءات الحوثيين الانتقامية المتوقعة ضد أي بنوك تستجيب لقرار البنك المركزي في عدن هي عائق أيضًا يجب أن يؤخذ بالحسبان. 


لكن رشيد الحداد يقلل من أهمية وتأثير الإجراءات العقابية المتوقعة من البنك المركزي في عدن. 


وقال: "لا يمكن تطبيق التهديدات التي يتم تداولها. هناك قنوات أخرى يمكن لهذه البنوك من خلالها مواصلة مهامها وأعمالها وتغطية نفسها في الخارج، بطرق سبق لها أن لجأت إليها، مثل قائمة تافت أو ما يسمى منظمة العمل المالي الدولية، خاصة وأن اليمن لم تلتزم بالإجراءات المتعلقة بغسيل الأموال". 


ضربة للحوثيين


يرى باحكيم أن الحوثيين سوف يتضررون اقتصاديًا إذا نقلت البنوك الرئيسية مقراتها من صنعاء إلى عدن. وقال إن الجماعة ستواجه تداعيات منها: "فقدان السيطرة المالية، والتأثير على الإيرادات التي تمكن الحوثيين من مواصلة عملياتهم وممارسة نفوذهم، والعزلة عن النظام المالي العالمي، فضلا عن تحديات الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية".


ولفت إلى أنّ هذه الصعوبات قد تؤدي إلى تقويض قدرة الحوثيين على الحفاظ على حكمهم وأنشطتهم العسكرية، مما قد يضعف قبضتهم على السلطة في شمال اليمن. وكان الحوثيون قد أعلنوا في 30 مارس الماضي عن عملة معدنية جديدة من الريال اليمني فئة 100 ريالًا، قالوا إنها ستعوض التالف من العملة في مناطقهم. 


حذر البنك المركزي في عدن من التعامل مع هذه الفئة ووصفها بالمزورة، كما أدانت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إصدارها. 


وليست المقرات الرئيسية للبنوك والمصارف الكبرى في اليمن هي التي لازالت تعمل من صنعاء الخاضعة للحوثيين فقط، فالمكاتب الرئيسية للشركات النفطية التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا لاتزال في صنعاء أيضًا. كما أن عددا لابأس به من المنظمات الدولية والمحلية لاتزال تنشط من صنعاء بشكل رئيسي، رغم القيود والضغوط التي يمارسها الحوثيون.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات

- شارك في تحرير المادة:



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا