التحليلات

سقوط بشار الأسد: الأسباب والنتائج

فلاديمير بوتين وبشار الأسد (رويترز: سبوتنيك/ميخائيل كليمنتييف)

14-12-2024 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol
"يؤدي الانهيار التاريخي للنظام السوري إلى ثورة على الساحة الجيواستراتيجية. من المرجح قطع إمدادات إيران العسكرية إلى حزب الله عبر سوريا إلى أجل غير مسمى مما يزيد "محور المقاومة" ضعفًا.." 

سوث24 | د. أندرو كوريبكو


تعتري الصدمة كافة المراقبين جراء تلك السرعة التي سقط بها نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد على مدار الأسبوعين الماضيين. جاء ذلك بعدما اجتاحت "هيئة تحرير الشام" المصنفة كتنظيم إرهابي والمدعومة من تركيا محافظة حلب دون مقاومة تذكر وسيطرت على مدينة حماة بلا قتال. شهدت حمص مقاومة طفيفة لكن جماعات المعارضة في سوريا استفادت من وهن "الجيش العربي السوري" لتنتفض وتطوق دمشق وتجبر الأسد على الفرار إلى روسيا.


قبل ذلك الحين، كان من المسلم به بقاء بشار الأسد في السلطة بفضل مساعدات روسيا وإيران، بما في ذلك الدعم الذي قدمه حزب الله حليف "محور المقاومة" الذي تقوده طهران، مما أدى إلى إجهاض عملية سقوط العاصمة السورية دمشق على يد داعش في أواخر 2015 بعد تدخل دراماتيكي. وعلاوة على ذلك، رحبت جامعة الدول العربية بعودة الأسد إليها مما دفع نظرائه إلى الاعتقاد باستمراره سنوات مقبلة ركنًا راسخًا من المشهد السياسي الإقليمي، لكن اتضح أن قبضة الرئيس السوري على السلطة لم تكن إلا مجرد وهم.


إخفاق إستراتيجي وانهيار عسكري

 

إن الانهيار التاريخي للنظام السوري أمام الهجوم الأخير في أرجاء البلاد الذي شنته هيئة تحرير الشام وحلفاؤها يمثل برهانًا دامغًا على أن المشكلات الممنهجة داخل الدولة العربية لم يتم حلها خلال الأعوام العشرة الأخيرة تقريبًا منذ تدخل روسيا وإيران. لم يقم الجيش العربي السوري بتحسين قدراته رغم الأموال التي أنفقت لهذه الغاية، مما يشير إلى أن الفساد المستشري داخل سوريا استمر إبان هذه الفترة. وعلاوة على ذلك، لم يضع نظام الأسد أي دفاعات حول حلب، كما لم يتعلم من الصراع الأوكراني كيف يواجه المسيرات الانتحارية ذات التحكم المباشر- FPV - التي استخدمتها هيئة تحرير الشام.


تقع مسؤولية هذه الإخفاقات على عاتق الأسد باعتباره كان رئيسًا للدولة. بالعودة إلى الوراء، نجد أن الأسد استغل الدعم الجوي الروسي والقوات البرية الإيرانية كمحاولة للبقاء في السلطة إلى مالانهاية دون تغيير للسبل التي ينتهجها. طوال الوقت، دأب الأسد على إخبار رعاته ما أعتقد أنهم يرغبون في سماعه، عبر إيهامهم أن وضعه يتحسن دون أن يبذل أدنى مجهود للوصول إلى حل سياسي للحرب على نحو كان سيخفف العقوبات المفروضة على شعبه المحاصر الذي تزايدت وتيرة يأسه.


بموجب قرار مجلس الأمن 2254، كان يتعين على الأسد تنفيذ إصلاحات طويلة الأمد تتضمن إصدار دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف من الأمم المتحدة. وسعت روسيا لمساعدة الأسد في البند الإلزامي الأول من خلال صياغة مشروع دستور كشفت عنه النقاب أثناء قمة الأستانة الأولى في يناير 2017. وبدلا من تقدير هذا الدعم الروسي في هذه العملية الصعبة، تحدى الأسد موسكو ممتنعًا عن تنفيذ أي من البنود المطلوبة، وهو ما أدى ربما إلى زيادة تطرف المعارضة.


لم يكن الأسد ليفعل ذلك ما لم يتلق تأكيدات من راعيه الآخر "إيران" مفادها أنها ستقدم له العون إذا قلصت روسيا دعمها له لحثه على إعادة النظر فيما يفعله. كان الأسد على ما يبدو يلعب بهذا الثنائي(روسيا وإيران) ضد بعضهما البعض من أجل مصلحته السياسية الشخصية. بيد أن ذلك كان خطأً فادحًا في نهاية المطاف إذ أن أحداث الأسبوعين الماضيين كان يمكن تجنبها لو مضى الأسد قدمًا في خطة روسيا لإبرام سلام مع المعارضة عبر عملية انتقال سياسي متدرجة.


كانت إيران ترى أن رحيل الأسد عن السلطة يرتبط بخطر قطع إمداداتها العسكرية إلى حزب الله في لبنان المجاورة. ولذلك، كانت الجمهورية الإسلامية تدعم الرئيس السوري السابق في رفضه الامتثال لخطة موسكو. ومع ذلك، لم يتوقع الأسد وإيران اندلاع هذه الحروب في غرب آسيا بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وأدى ذلك إلى إضعاف حزب الله وطهران بشكل كبير على يد تل أبيب على نحو جعلهما عاجزين عن إنقاذ الأسد أثناء هجوم هيئة تحرير الشام. 


وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أخبر الأسد بذلك خلال زيارته إلى دمشق في 1 ديسمبر، إلا أن مصادر زعمت أن طهران كانت قد فقدت بالفعل الثقة في الرئيس السوري بسبب تقاربه من الدول العربية ورفضه تصعيد التوتر مع إسرائيل تضامنًا مع "محور المقاومة". في وقت لاحق، قال عراقجي لوسائل إعلام محلية إن إيران حذرت الأسد من هجوم وشيك وطلبت منه قبل ذلك الدخول في حوار مع المعارضة لكن لم يتم الإصغاء إلى تلك النصيحة.


وسرعان ما شدد رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف على النقطة الثانية، لكن ينبغي النظر بعين الشك إلى مثل هذا السرد الذي ربما تستهدف به طهران التقرب من حكام سوريا الجدد والتضحية بالأسد لمصالح سياسية. وعلى أي حال، لا شك أن إضعاف إسرائيل لإيران وحزب الله، بالإضافة إلى تركيز روسيا على الصراع الأوكراني خلق وضعًا لم يسمح لحلفاء الأسد بإنقاذه على غرار ما فعلوا المرة السابقة.


وحتى لو أراد هؤلاء الحلفاء تحويل بؤرة اهتمامهم صوب سوريا على حساب مصالحهم الخاصة، كانت جهودهم ستذهب هباء نظرًا لعدم كفاءة الجيش العربي السوري التي تكشفت بعد تطويق مدن كاملة دون قتال. علاوة على ذلك، ترك الجيش السوري خلفه الكثير من المعدات العسكرية التي استولت عليها هيئة تحرير الشام. لم يفعل الأسد شيئا البتة لحشد أبناء وطنه بل ظل صامتًا طوال الوقت دون أن يتوجه حتى بأي خطاب لأمته قبل هروبه. ولذلك، كان واضحًا لروسيا وإيران أن الأسد أصبح ورقة خاسرة.


ورغم ذلك، حاول وزيرا خارجية إيران وروسيا التوسط لحل سياسي حتى اللحظة الأخيرة حيث التقيا مع نظيرهما التركي في الدوحة يوم السبت (7 ديسمبر) على هامش حدث متعدد الأطراف هناك، بيد أنه كان قد فات الأوان لإحداث أي فارق. لو لجأ الأسد إلى حشد الأمة في وجود جيش يستطيع الوقوف على قدميه، كان من الممكن في نهاية المطاف أن يقدم تنازلات سياسية طال انتظارها تتسق مع قرار مجلس الأمن 2254 مقابل وقف إطلاق النار.


كل هذا يندرج تحت خانة الافتراضات لأنه لم يحدث في أمر الواقع، لكن النقطة المهمة هو أن جهود موسكو الدبلوماسية في اللحظات الأخيرة ركزت بشكل حصري على صيغة اتفاق الأستانة وهو ما يتحدى تكهنات تدعي أن موسكو أبرمت اتفاقًا سريًا مع الولايات المتحدة.


يردد البعض نظرية هزيلة تزعم بوجود "اتفاق" روسي أمريكي "تفعل واشنطن بموجبه ما تريد في الشرق الأوسط مقابل حصول موسكو على أوكرانيا". هناك العديد من الحجج التي تدحض تلك النظرية، بدءًا بحقيقة أن روسيا تصنف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، وبعثت برسائل مشددة تحذر من هيمنتها على سوريا، واصفة ذلك بالكارثة.


لقد كان المبرر الروسي للتدخل في سوريا في المقام الأول يستند على منع حدوث مثل هذا السيناريو. ولذلك، من الصعب تصديق أن تبرم موسكو اتفاقًا شأنه تحويل هذا الاحتمال إلى واقع. لكن على ما يبدو، فقد أيقنت روسيا أن الوضع بات خارج نطاق سيطرتها لإحداث تأثير حاسم وتصالحت بهدوء مع هذه النتيجة. الآن، تحاول موسكو إبرام علاقات ودية مع بعض جماعات المعارضة المسلحة غير الإرهابية للإبقاء على نفوذها في سوريا.


الحجة الأخرى التي تفسر لماذا لم تبرم روسيا اتفاقًا مع الولايات المتحدة تتضح في تصريحات الرئيس بوتين المتكررة منذ بداية الصراع في أوكرانيا أنه لم يعد يثق بالغرب. ولذلك، ليس من المرجح أن يثق الرئيس الروسي بدرجة كافية في الغرب ليترك جماعة مصنفة كإرهابية مثل "هيئة تحرير الشام" تهيمن على سوريا مقابل وعد "بالحصول على أوكرانيا" لاحقًا. علاوة على ذلك، فإن بوتين شديد الاعتداد بذاته يرفض ما فعله الرئيس الأمريكي العائد دونالد ترامب الذي قام بإهانته مرتين خلال تدويناته عن هذه الأزمة.


السبب الثالث يتمثل في أن الولايات المتحدة ليس من المرجح أن تسمح "لروسيا بالحصول على أوكرانيا" التي استثمر فيها الغرب بالفعل مئات المليارات من الدولارات في مساعدات عسكرية بغرض إلحاق هزيمة إستراتيجية لموسكو أو على الأقل ضمان بقاء قواتها بعيدة قدر الإمكان عن حدود الناتو إذا لم ينجح الهدف الأول. وحتى ترامب نفسه تحدث عن تجميد الصراع وليس تسليم الدولة بأكملها إلى روسيا على نحو يضع قواتها على الحدود البولندية. 


ثمة حقيقة أيضًا مفادها أن البلدان البارزة بالناتو أمثال الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وألمانيا وقعت على اتفاقيات ضمانات أمنية ملزمة مع أوكرانيا لا يمكن إلغاؤها من أحد الطرفين دون إخطار الآخر قبلها بستة شهور على الأقل. وتضفي هذه الاتفاقيات طابعًا مؤسسيًا على الدعم العسكري والاستخباري وأشكال العون الأخرى لأوكرانيا والتي ترتقي من حيث المبدأ إلى المادة الخامسة من معاهدة الناتو (من أجل سلام عادل ودائم في أوكرانيا) باستثناء الالتزام الضمني بإرسال قوات لمساعدتها.


ويعد هذا بمثابة إنجازات عسكرية هامة تؤكد عضوية الأمر الواقع لأوكرانيا في الناتو بالرغم من عدم انضمامها رسميًا. وهكذا، ليس من المرجح أن يقوم الحلف بإلغاء ذلك من جانب واحد مقابل السماح لجماعة مدعومة من تركيا ببسط نفوذها في سوريا ما بعد الأسد. لقد أضعفت تلك التطورات الخيارات الروسية في مواجهة الولايات المتحدة حيث لم يعد بإمكان الكرملين أن يطلب من الأسد تخفيض الشحنات العسكرية الإيرانية إلى حزب الله مقابل تخفيف العقوبات على سوريا أو تنازلات أمريكية بشأن أوكرانيا.


ليس من المحتمل إذن أن يكون بوتين قد تخلى عن مثل هذه الورقة الدبلوماسية على نحو قد يغير قواعد اللعبة من خلال سحب البساط من تحت أقدام الأسد مقابل وعود واهية في الغرف الخلفية تلقاها من أعدائه الأمريكيين. لقد تضررت سمعة روسيا الدولية بسبب حليفها الأسد الذي أثبت أنه لا يستحق الاعتماد عليه بعد انهياره في ظرف أسبوعين فحسب. علاوة على ذلك، فإن احتمالية خسارة قواعد موسكو في سوريا قد تعقد اللوجستيات الروسية العسكرية التي تقدمها شركات عسكرية خاصة لإفريقيا، والتي لن يتخلى عنها بوتين كجزء من أي اتفاق.


في تصريحات لقناة "روسيا اليوم"، تحدثت "هيئة التفاوض السورية" التي تديرها المعارضة، والتي تأسست عام 2015 بموجب تفويض من الأمم المتحدة للإشراف على المفاوضات بين دمشق والمعارضة، عن تصورها لمستقبل العلاقات الروسية السورية حيث قال رئيسها أنس العبدة: "يجب أن نستهدف إقامة علاقات طيبة مع روسيا تستند إلى المصالح المشتركة للشعبين الروسي والسوري والدولتين الروسية والسورية"، مما يشير إلى استعداد للسماح لموسكو بالإبقاء على قواعدها.


ما تزال القاعدتان الروسيتان، الجوية والبحرية، تعملان بشكل طبيعي، وفقا لتقارير روسية. ورغم ذلك، قد تقرر السلطات السورية الجديدة إنهاء ما فعله الأسد الذي قام بتأجير القاعدتين لروسيا لمدة 49 عام. بيد أن الحافز بالنسبة لحكام سوريا الجدد لإعادة النظر في ذلك قد يتمثل في اعتراف روسيا بحكومتهم واستمرارها في تقديم مساعدات متنوعة اقتصادية وعسكرية، بالرغم من أن هذا سيتطلب إلغاء تصنيف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية ما لم تفصل نفسها بشكل واضح عن باقي المعارضة.


تأثيرات إقليمية


في أي حال، يبقى مستقبل هاتين القاعدتين مثار تساؤلات، ولكن من المبكر حاليًا حتى وقت نشر هذا التحليل افتراض أن روسيا سوف يُطلب منها المغادرة. وحتى لو حدث ذلك، من الممكن أن يكون انسحابًا تدرجيًا لمنح روسيا الوقت لتطوير بدائل في ليبيا أو السودان. ومع ذلك، إذا تركت روسيا قواعدها، ربما تحل محلها الولايات المتحدة على نحو يقض مضاجع موسكو وهو ليس بالشيء الذي يمكن لبوتين الموافقة عليه كجزء من اتفاق.


ما حدث للتو يرتبط أيضا بتأثيرات اقتصادية طويلة الأمد تتضمن إحتمالية عودة اقتراح إنشاء خط أنابيب غاز يربط قطر بأوروبا عبر سوريا. حدوث أي تقدم ملموس في هذا الصدد سيقلص فرص تقارب روسي أوروبي يعتمد على الطاقة بعد إسدال الستار على الصراع الأوكراني. ما يزال الاتحاد الأوروبي يستورد من روسيا نحو 20% من احتياجاته من الغاز الطبيعي المسال بالرغم من العقوبات المفروضة عليها والتي سيؤدي تقليصها أو رفعها إلى زيادة النسبة.


لو أن هناك عملًا جاريًا لربط خط أنابيب الغاز القطري بالسوق الأوروبية، سيقل ذلك من اهتمام الاتحاد الأوروبي بالنظر في سيناريو إصلاح العلاقات مع روسيا في المستقبل القريب، مما قد يحرم الكرملين المزيد من إيرادات الموازنة. مجددا، يعد هذا بمثابة تأثير آخر للأحداث الأخيرة يضر بالمصالح الروسية رغم أن أصحاب نظريات المؤامرة يريدون من الرأي العام تصديق مزاعم موافقة بوتين على صفقة تبادلية مقابل وعود مبهمة بشأن أوكرانيا.


على المستوى الإقليمي، يؤدي الانهيار التاريخي للنظام السوري إلى ثورة على الساحة الجيواستراتيجية. من المرجح قطع إمدادات إيران العسكرية إلى حزب الله عبر سوريا إلى أجل غير مسمى مما يزيد من ضعف "محور المقاومة". المفارقة هو أن الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله زعم عام 2019 أن "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت"، لكن اتضح أن هذا ينطبق بشكل أكبر على "محور المقاومة". النفوذ الإسرائيلي والتركي سوف يملأ الفراغ الذي تخلفه طهران في سوريا مما يبعد إيران بشكل متزايد خارج غرب آسيا.


ليس من الواضح بعد متى قد يحدث ذلك، لكن المزيد من الضغوط قد تقع على كاهل الحوثيين باليمن، حلفاء إيران في "محور المقاومة" والذين برهنوا أنهم أقوى كثيرا من بيت عنكبوت، إلا أن التطورات الإقليمية الأخيرة ربما تضعفهم في نهاية المطاف. ما يثير الاهتمام بشكل كبير هو تأقلم المجتمع الدولي على حصار الحوثيين في البحر الأحمر وقبول تكلفة نقل أعلى وزمن أطول، لكنه قد يرغب في نهاية المطاف في إعادة فتح هذا الممر المائي.


قد يرفع الحوثيون حصارهم حال موافقة حماس على اتفاق دائم لوقف إطلاق النار مع إسرائيل حيث إنهم يزعمون أن التضامن مع الحركة الفلسطينية هو الدافع وراء تطويقهم للبحر الأحمر وشن ضربات بين الحين والآخر ضد إسرائيل. لن يؤدي ذلك إلى حل للحرب اليمنية التي ما تزال تمثل مشكلة إقليمية قابلة للتفاقم دائمًا. كلما أصبحت إيران ومحور المقاومة أكثر ضعفًا، كلما بات من الأسهل إجبار الحوثيين على القيام بتنازلات سياسية مطلوبة من أجل سلام دائم. بيد أنه ما زال مبكرًا جدًا التكهن بشأن كافة التفاصيل في هذا الصدد.


السيناريو الأفضل بالنسبة لليمن يتمثل في إعادة تقسيمها مجددًا إلى نصفين شمالي وجنوبي، لكن حدوث ذلك يتطلب بعض الوقت وموافقة الأطراف المعنية. خلال ولايته الأولى، اشتهر ترامب بقراراته الجريئة مثل الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان التي تعتبرها الأمم المتحدة أرضًا سورية محتلة بشكل غير شرعي. لذلك، من الممكن أن يقتنع ترامب وفريقه بدعم عودة استقلال جنوب اليمن.


تعود الولايات المتحدة مجددًا إلى مقعد القيادة في غرب آسيا بعد غياب زاد عن عشرة أعوام منذ انسحابها من العراق عام 2011. ومع تولي ترامب سدة الحكم، ربما يقتنع أن خيار استقلال جنوب اليمن أحد أفضل السبل لاحتواء الحوثيين المدعومين من إيران. لو أن إدارة ترامب بدأت بالفعل في مغازلة هذا الأمر-وفقا لتقارير إعلامية غير رسمية وغير مؤكدة-قد يدفع هذا بلدان كبرى أخرى إلى النظر في ذات الشيء مما قد يؤدي إلى تسريع وتيرة العملية السياسية في اليمن.


محلل سياسي أمريكي مقيم في موسكو متخصص في العلاقة بين استراتيجية الولايات المتحدة في الأفرو-أوراسيا، ومبادرة الحزام والطريق الصينية، والحرب الهجينة. 

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا