التقارير الخاصة

الخدمات لصنعاء والقنابل لعدن.. المسؤولية الأخلاقية للحكومة اليمنية

16-06-2020 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| بدر محمد


من أواخر أبريل الماضي بدأ فصل جديد من الأزمة اليمنية في الجنوب.  بعد أن طُردت الحكومة اليمنية من العاصمة المؤقتة عدن مجدداً من قبل رئاسة الإدارة الذاتية للجنوب، المنبثقة عن المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما ظلّت رئاسة هذا الأخير في الخارج ممنوعة من الوصول إلى عدن، لتتساوى الحكومة مع رئاسة الانتقالي الجنوبي في عدم الوصول إلى المدينة. 


هذه المعادلة يرى مراقبون أنها خطوة تشبه خطوة إعادة ضبط المصنع "الانتقالي الجنوبي" للوضع في عدن إلى سابق عهده قبل اتفاق الرياض السياسي مع الحكومة، أكثر منها خطوة للإدارة الذاتية للجنوب أو حتى لعدن، خصوصاً وأنّ تردّي أوضاع المؤسسات الخدمية في عدن تكشّفَت بصورة أسوأ من ذي قبل، بما يوحي أن المؤسسات الخدمية مسؤولية أخلاقية وسيادية ما زالت تقع على جانب الحكومة ويجب تحييدها عن أي صراع واستخداماته، كذلك هو وضع البنك المركزي اليمني في عدن.


الجدير بالذكر أن لعبة "شرطة في مواجهة عصابة الخطف" وقيام الحكومة بدور الشرطة، التي تضع نصب عينيها مسئوليتها الأخلاقية لسلامة المخطوفين ناهيك عن تلبية طلبات الخاطفين، (جماعة الحوثيين)، هي لعبة أرست قواعدها الحكومة اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين "حزب الإصلاح اليمني" مع جماعة الحوثيين الانقلابية المسيطرة على العاصمة صنعاء، بأدبياتها التي لا ينفك المسئولون الحكوميون من التصريح بها في مواجهة السؤال القائل: ما الذي يمنع القوات الحكومية المتاخمة لصنعاء شرقا من جهة مأرب، طوال 5 سنوات مضت من التقدم ناحية صنعاء وتحريرها من قبضة الحوثيين؟!


خدمات لصنعاء وقنابل لعدن


ذات المبرر الأخلاقي المتحدِّث عن مسئولية الحكومة الأخلاقية والأعراض الجانبية المترتبة على أي عمل عسكري يهدف لإسقاط صنعاء بالقوة، يمتد كمبرر لقيام الحكومة بالتشبيك الخدمي والاقتصادي مع صنعاء.


حاليا تصطدم محاولة استنساخ ذات اللعبة من صنعاء إلى عدن باعتراض حكومي يبعث الاستغراب لدى المتابع الدولي ويتعداه لدى الشارع الجنوبي!


تقف الحكومة أمام عدن خاصة والجنوب عامة موقف مغاير لمواقفها شمالاً، ليس فقط على الصعيد المعيشي والخدمي بل على الصعيد الأمني والعسكري واندفاع قواتها لاجتياح عدن بفتحها جبهة قتال في أبين المحاذية لعدن، عززته بخطاب إعلامي وسياسي محموم عن السيادة الوطنية يرفع جاهزية مقاتليها إلى مستوى عالي ينتفي عنده الحديث عن مسئوليتها الأخلاقية تجاه رعاياها هناك، لا نرى مثيله تجاه صنعاء. يستغرب البعض أيضا من عدم انصياع الحكومة للدعوة الأممية لهدنة إنسانية يحتمها خطر وباء فيروس كورونا لتوقف هجومها من منطلق المسئولية الأخلاقية.


الأداء الحكومي في الجنوب يُسقط عن نفسه المسئولية الأخلاقية تجاه رعاياه الذي يدعي تمثيلهم، ما يُسقط شرعيته السياسية ويحيله إلى جماعة انقلابية

في الأيام القليلة الماضية انتقل الأداء الموجّه إلى محافظة شبوة شرقاً الواقعة تحت سلطة الحكومة اليمنية. قامت الحكومة باعتقال المسافرين المارين من شبوة بحسب هوية وانتماء مناطقي مصنّف على سلطة الانتقالي الجنوبي في عدن. هذه الحادثة تقلب لعبة "شرطة وعصابة خطف" أو "حكومة وانقلابيين" رأساً على عقب.


أعقب ذلك قيام سلطة شبوة الحكومية بالهجوم ومداهمة تظاهرة شعبية في مديرية جردان شرق المحافظة، خلّف قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين ليتطوّر المشهد إلى اشتباكات مسلحة وصفتها سلطة شبوة بالتمرد ووصفها المتظاهرون بالمقاومة الجنوبية.


حكومة انقلابية


لم يتوقّف المشهد عند هذا الحد، ومضت ذات السلطة يوم أمس باستنساخ تجربة مديرية جردان إلى مديرية نصاب غرب شبوة وأحدثت قواتها مع السكان المحليين الذين حاصروا المجّمع الحكومي على خلفية قتل قوات الأمن الخاصة لشاب أعزل في إحدى النقاط الامنية ينحدر لقبيلة "الدولة" الشبوانية العريقة وحاضرتها مديرية نصاب. أدارت سلطة شبوة معركتها مع سكان مديرية نصاب بطريقة الجيوش النظامية، أدخلت سلاح المدفعية حيز التنفيذ وقصفت منطقة مأهولة بالسكان المدنيين، مخلفةً ضحايا من الأطفال والنساء ، وبرر ذلك ببيان سياسي صدر أمس الاثنين عن محافظ محافظة شبوة رئيس ما يسمى ب «اللجنة الامنية» دُبجت عباراته بالحديث عن السيادة الوطنية وعن الانتقالي الجنوبي القابع في عدن.


متوالية الأحداث الحاصلة حاليا في شبوة تتمّم ما ذكرناه سابقا عن محاولة الحكومة اليمنية نفي مسئوليتها الأخلاقية تجاه رعاياها من المواطنين الجنوبيين واستحضارها، عوضا عنه، للخطاب الإعلامي والسياسي العالي المتحدِّث عن السيادة، متجاوزة بذلك أي دعوى محلية أو إقليمية أو دولية تسألها عن مسئوليتها الأخلاقية.


يرى المراقب الدولي أنّ هكذا أداء حكومي يتجه جنوبا، ويُسقط عن نفسه المسئولية الأخلاقية تجاه رعاياه الذي يدعي تمثيلهم هو بالضرورة يُسقط شرعيته السياسية ويحيله إلى جماعة انقلابية مثلها مثل الجماعة الحوثية في أكثر تقدير.



> بدر قاسم محمد: زميل في مركز سوث24 للأخبار والدراسات وباحث في الشؤون اليمنية



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا