التقارير الخاصة

قراءة في تقرير مؤسسة راند الأمريكية.. تصعيد عسكري بأدوات فاشلة

18-07-2020 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| بدر محمد


اعتمد تقرير أمريكي مطول نشرته مؤسسة راند البحثية الأمريكية الشهيرة، منذ يومين، على تصوير الخطر الحقيقي الذي يمثله الحوثيين بسيطرتهم المتنامية وعلاقتهم مع إيران وجوانب دعمهم اللوجستي على كافة الأصعدة، وذلك في سياق دراسة مطولة تحت عنوان "هل سيصبح الحوثيون حزب الله القادم في اليمن".

وضع التقرير، الذي أعده تسعة من الخبراء والباحثين، وبإشراف مكتب وزير الدفاع الأمريكي، تصوراً للمستقبل السياسي والعسكري للحوثيين يستشف منه تشابهم بحزب الله اللبناني. يتحقق هذا التصور في سياق زمني هو سياق ما عرف بـ "الحل السياسي الشامل"، أي أنه يُشير إلى أن الخطر الحوثي على السعودية ما يزال قائماً، ولإزالة خطر الحوثيين الماثل، يشير التقرير إلى الخيار العسكري الممكن التعويل عليه.

سعى تقرير المؤسسة الأمريكية إلى التركيز على حرف وجهة القتال شمالاً باتجاه الحوثيين، وهذا لن يتأتى إلاّ بتنفيذ اتفاق الرياض السياسي كخطوة مرحلية هامة يجب أن تُنجز.

كما لوّح بالاعتماد على الجنرال اليمني علي محسن الأحمر لقيادة الخيار العسكري، باعتباره عامل محفز لإنجاز اتفاق الرياض. ولوّح أيضا بإسقاط "الحل السياسي الشامل" كهدف استراتيجي والتصعيد بدلاً عنه بالحل العسكري المتمثل في إسقاط صنعاء ودحر الحوثيين.

التحليل السياسي لإمكانية تحقق رؤية التقرير

من الواضح أنّ التقرير يعتمد على تصعيد الخيار العسكري ضد الحوثيين وجعله أولوية على أي خيارات سياسية، وهذا يؤسس لفصل حربي ثاني في وقت تبدو فيه الحكومة اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الإخوان لم تعد مهتمة أكثر كما لم تكن مهتمة من قبل بهذا الخيار، ليأتي هذا التقرير في وقت كشفت فيه الجماعة عن أسباب ومحفزات اندفاعها نحو الجنوب، أو كأنها كشفت عن أسباب عدم قتالها الحوثيين.

التقرير يعتمد على تصعيد الخيار العسكري ضد الحوثيين وجعله أولوية على أي خيارات سياسية، وهذا يؤسس لفصل حربي ثاني

لو اعتبر المراقب أنّ هذا التقرير يدفع لإنجاز الهدف المرحلي المتمثل في تنفيذ اتفاق الرياض، وهذا الأخير بدوره يحقق الخيار العسكري في الاتجاه شمالًا لقتال الحوثيين -  وإذا كانت مؤشرات عرقلة تنفيذ الاتفاق تأتي من جانب الحكومة نفسه، على صعيدين، عسكري يسعى لتمكين الحوثيين أكثر من السيطرة على أراضي الشمال الواقعة تحت سيطرة الحكومة وآخر يسعى لقتال الجنوبيين في أبين وشبوة وحضرموت، وسياسي يسعى لإفشال اتفاق الرياض مع الانتقالي الجنوبي -، فإنّ محاولة التقرير التلويح بتصعيد الخيار العسكري ضد الحوثيين ووقوفه على إثارة المخاوف السعودية من خطر الحوثيين، لم يكن موفقاً في وقوفه أخيرا على استخدام نفس أدوات الفشل العسكري في بيئة تزدحم فيها عوامل الإفشال العسكري المتعمد، كما حدث في وقت سابق كانت فيه كل الظروف مهيئة ومواتية، فكيف بهذا الظرف المليء بالإحباط وبالأجندات الإقليمية المتدخلة جنوباً، المتصلة بحكومة هادي التي تسيطر عليها جماعة الإخوان.

أما إذا كان تقرير مؤسسة راند يتصوّر أنّ الفشل العسكري المتصاعد شمالاً، متصل بطريقة ما بطبيعة أداء السعودية ورغبتها، فربما يكون مقبولاً نوعاً ما.


اقرأ أيضا: هل سيصبح الحوثيون حزب الله القادم في اليمن؟

تجدر الإشارة إلى أن تقرير راند المطول كان قد أشار إلى شخصيتين، في سياق أحد السيناريوهات التي وضعها من أربعة، يمكنهما لملمة شتات قوى الشمال وقيادة معركة عسكرية ناحية صنعاء، واضعا اسم نجل الرئيس اليمني السابق أحمد علي الذي يقيم حاليا في الإمارات، والجنرال العسكري المعروف علي محسن الأحمر، رغم وصفه للأحمر بأنه شخصية غير مرغوبة لدى الأمريكان والأوروبيين، لكنه انطلق بذكره مما وصفه علاقته القوية بـ "الإسلاميين السنة" والرياض.


بدر قاسم محمد: زميل مقيم في سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون السياسية اليمنية


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا