23-08-2020 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| ترجمة خاصة
بمساعدة وتحريض من الصين، يُخاطر الشرق الأوسط بالانطلاق نحو سباق تسلح للصواريخ النووية والباليستية. حيث يُعد الكشف في الأسبوع الماضي عن أنّ المملكة العربية السعودية قد أنشأت، بمساعدة الصين، مُنشأة لاستخراج الكعكة الصفراء لليورانيوم هي الأحدث في سلسلة من التحركات الصينية التي تعُزّز مساعي المملكة للحصول على التكنولوجيا النووية.
نفت المملكة العربية السعودية بناء منشأة للكعك الأصفر لكنها أصرّت على أنّ تعدين احتياطياتها من اليورانيوم كان جزءًا من استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي. قالت وزارة الطاقة السعودية بأنّها تتعاون مع الصين في جوانب غير محددة لاستكشاف اليورانيوم.
من المرجّح أن تؤدّي الحملة النووية السعودية إلى تقوية العزيمة الإيرانية، وتغذية الطموحات التركية، وزيادة المخاوف الإسرائيلية من احتمال تعريض تفوقها العسكري الإقليمي للخطر.
على مدار العام الماضي، تراجعت إيران تدريجياً عن الالتزامات التي تعهدت بها كجزء من اتفاق دولي عام 2015 عمل على الحدّ من الطموحات النووية للجمهورية الإسلامية بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في عام 2018 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
"من المرجّح أن تؤدّي الحملة النووية السعودية إلى تقوية العزيمة الإيرانية، وتغذية الطموحات التركية، وزيادة المخاوف الإسرائيلية"
على الرغم من النفي، تخشى المملكة العربية السعودية، كإسرائيل، أن تُعيد الولايات المتحدة التفاوض بشأن الصفقة بطرق لا ترقى إلى مستوى تقديم ضمانات مُلزمة بأنّ إيران لن تطور أسلحة نووية أو قدرة صاروخية باليستية معززة أو تكبح دعمها لوكلائها المتشددين في لبنان والعراق واليمن. بغض النظر عما إذا كان دونالد ترامب أو المرشح الرئاسي الديمقراطي المفترض جو بايدن سيفوز في انتخابات نوفمبر في الولايات المتحدة.
حذّر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 من أنّ "السعودية لا تريد امتلاك أي قنبلة نووية، لكن دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أسرع وقت ممكن".
في مواجهة احتمال حدوث سباق تسلح نووي سعودي إيراني، أصرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي على أنه من غير المقبول أن تمنع دول مسلحة نوويًا بلاده من تطوير أسلحة نووية.
ومن المفارقات، أنّ الدعم الصيني لبرنامج نووي سعودي سلمي من شأنه أن يزوّد المملكة حتما بلبنات بناء يُمكن أن تُسهم في تطوير أسلحة نووية تهدد بوقوع إسفين بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
"إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أسرع وقت ممكن"، محمد بن سلمان.
في غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية، أقام البلدان علاقات وثيقة غير رسمية على أساس العداء المشترك لإيران وجهود المملكة للاستفادة في واشنطن وأماكن أخرى من التعامل مع إسرائيل وكذلك الجماعات اليهودية.
قال سيغورد نيوباور، مؤلف كتاب نُشر حدثياً عن العلاقات الإسرائيلية الخليجية: "بالنسبة لإسرائيل، فإن القدرة العسكرية النووية السعودية هي خط أحمر ستكون على استعداد لفرضه".
يخدم التركيز النووي للمملكة العربية السعودية أهدافًا مختلفة: تنويع اقتصادها، وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، ومواجهة القدرة النووية الإيرانية المحتملة في المستقبل، وتعزيز الجهود لضمان ظهور المملكة العربية السعودية بدلاً من إيران باعتبارها القوة المهيمنة على الشرق الأوسط على المدى الطويل.
كان التعاون في مجال الطاقة النووية واحدًا من 14 اتفاقية بقيمة 65 مليار دولار تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان للصين عام 2017.
تضمّنت الصفقات المتعلقة بالطاقة النووية دراسة جدوى لبناء محطات طاقة نووية ذات درجة حرارة عالية مبردة بالغاز (HTGR) في المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى التعاون في مجال الملكية الفكرية وتطوير سلسلة التوريد الصناعية المحلية لمعدات المحاطات التي سيتم بناؤها في المملكة.
كانت الاتفاقية واحدة من عدد من التفاهمات المتعلّقة بالمجال النووي المبرمة مع الصين، بما في ذلك مذكرة تفاهم متعلقة باليورانيوم مع شركة الطاقة النووية الوطنية الصينية، واتفاقية مع مجموعة الهندسة النووية الصينية، واتفاقية عام 2012 للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
"كان التعاون في مجال الطاقة النووية واحدًا من 14 اتفاقية بقيمة 65 مليار دولار تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان للصين عام 2017"
وقّعت المملكة العربية السعودية على اتفاقيات مماثلة مع فرنسا والولايات المتحدة وباكستان وروسيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين.
لتعزيز هدفها السابق المتمثل في بناء 16 مفاعلًا نوويًا بحلول عام 2030 بتكلفة 100 مليار دولار أمريكي، أنشأت المملكة العربية السعودية مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة المكرسة لبحوث وتطبيق التكنولوجيا النووية.
تأجّج القلق بشأن النوايا السعودية في الأشهر الثمانية عشر الماضية بسبب التردد السعودي في الموافقة على الضمانات الأمريكية التي يُنظر إليها على أنها المعيار الذهبي للصناعة النووية والتي تتطلب من بين أمور أخرى التوقيع على البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. ولم تستبعد السعودية التوقيع على البروتوكول.
وزاد القلق من الأدلة على أنّ المملكة كانت تبني موقعًا لإنتاج الصواريخ الباليستية في منطقة صحراوية نائية. وتُشير صور الأقمار الصناعية إلى أنّ المنشأة تشبه موقعًا مشابهًا للطاقة النووية في باكستان.
لطالما كان التعاون السعودي مع باكستان مصدر تكهنات حول طموح المملكة والآثار المترتبة على مشاركتها في البرنامج النووي الباكستاني. قال اللواء الباكستاني المتقاعد فيروز حسن خان، مؤلف التاريخ شبه الرسمي للبرنامج النووي الباكستاني، في مقابلة، إنه لا يساوره شك بشأن مصلحة المملكة.
وقال السيد خان: "قدمت المملكة العربية السعودية دعمًا ماليًا سخيًا لباكستان مما مكّن البرنامج النووي من الاستمرار، خاصة عندما كانت البلاد تحت العقوبات"، مشيرًا إلى العقوبات الأمريكية التي فُرضت في عام 1998 بسبب تطوير باكستان لقدرات أسلحة نووية.
اقترح معهد العلوم والأمن الدولي (ISIS) ومقره واشنطن في تقرير نُشر قبل ثلاث سنوات أنّ "باكستان قد تساعد المملكة العربية السعودية في... طرق مهمة، مثل توفير المعدات والمواد الحساسة والمعرفة المستخدمة في التخصيب أو إعادة المعالجة ".
وحذّر التقرير، في إشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني، من أنّه "لا يوجد سبب وجيه للشك في أنّ المملكة العربية السعودية ستسعى بنشاط أكبر للحصول على قدرات أسلحة نووية، بدافع من مخاوفها...إذا فشلت الصفقة ". وبدلاً من الشروع في برنامج سرّي، توقّع التقرير أنّ المملكة العربية السعودية ستُركّز في البداية على بناء بنيتها التحتية النووية المدنية، فضلاً عن قوة عاملة علمية وهندسة نووية قوية.
سيسمح هذا للمملكة بتولّي قيادة جميع جوانب دورة الوقود النووي في مرحلة ما في المستقبل. قامت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة بتوسيع برامج الدراسات العليا بشكل كبير في مراكزها البحثية النووية الخمسة.
"باكستان قد تساعد المملكة العربية السعودية في توفير المعدات والمواد الحساسة والمعرفة المستخدمة في التخصيب أو إعادة المعالجة" معهد (ISIS)
أصرّ المسؤولون السعوديون مرارًا على أنّ المملكة تُطوّر قدرات نووية للأغراض السلمية مثل الطب وتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر.
وقال المعهد: "يُشير الوضع الحالي إلى أنّ المملكة العربية السعودية لديها الآن حافز كبير للسعي لامتلاك أسلحة نووية على المدى القصير وحافز كبير لمتابعتها على المدى الطويل".
يشير تحليل التقرير إلى أنّ الصين، بفشلها في فرض قيود على تعاملاتها النووية المشابهة لتلك التي تحتفظ بها الولايات المتحدة، قد تساهم في دوامة هبوط إقليمية من شأنها أن تُضرّ بالمصالح الصينية على المدى الطويل.
الدكتور جيمس م. دورسي: زميل أول في مدرسة إس راجارتنام للدراسات الدولية، ومدير مشارك لمعهد ثقافة المشجعين بجامعة فورتسبورغ
المصدر الأصلي بالإنجليزية: مودرن دبلوماسي
ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر