21-08-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| ترجمة خاصة
الأسئلة الرئيسية حول اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة التي أُعلنت قبل أسبوع هي لماذا حدث وماذا سيتغير؟
مِن الواضح تمامًا ما خرج به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الصفقة - كلا الزعيمين محاصران محليًا ويحتاجان إلى فوز في السياسة الخارجية. لكن من الصعب معرفة ما في ذلك لولي عهد الإمارات محمد بن زايد، الذي قدم أكبر التنازلات في الصفقة.
التحليل التقليدي هو أنّ الأمر كله يتعلق بإيران: المصلحة المشتركة في مواجهة إيران دفعت إسرائيل وملوك منطقة الخليج السني إلى التقارب. ويترتب على هذا التحليل أنّ التأثير الرئيسي سيكون الردع الجماعي المعزز للعدوان الإيراني.
هناك مشكلتان مع هذا التفسير:
أولاً، أظهرت التجربة الأخيرة أنّ أبوظبي أقل تركيزاً على تحدي طهران مما يُفترض في كثير من الأحيان. لطالما كان محمد بن زايد قلقًا من الإسلاميين السنة أكثر من قلق الشيعة في إيران. تُشكّل إيران تهديدًا خارجيًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، لكن جماعة الإخوان المسلمين أظهرت - وعلى الأخص في مصر - أنها تستطيع الاستيلاء على السلطة من الداخل. هذا الترتيب للأولويات له عواقب في العالم الحقيقي. تُحافظ الإمارات - وخاصة دبي - على علاقة اقتصادية قوية نسبيًا مع إيران. لكن منذ عام 2017، قادت الإمارات حملة لعزل ومعاقبة قطر الصديقة للإسلاميين. لقد أضعفت تلك الحملة الجهود المبذولة لبناء جبهة خليجية موحدة ضد إيران.
"تُشكّل إيران تهديدًا خارجيًا لدولة الإمارات، لكن جماعة الإخوان المسلمين أظهرت أنها تستطيع الاستيلاء على السلطة من الداخل."
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلقي بيانا أعلن فيه اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، 13 أغسطس 2020 (البيت الأبيض / فليكر)
ثانيًا، ليس من الواضح ما إذا كان التعاون الإسرائيلي الإماراتي العلني يمكن أن يزيد من ردع إيران. فالدولتان تتعاونان بالفعل في الخفاء منذ عقود. لطالما افترضت طهران أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل والملوك السنة هم جزء من مؤامرة منسّقة للإطاحة بآية الله. لقد عززت حملة الضغط الأقصى لواشنطن تلك القناعة وقادت جهود إيران الخاصة لـ "إقامة الردع". كان تأثير العقوبات المعوّقة وتبعات فيروس كورونا المدمّرة، وقتل قاسم سليماني (قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإسلامي)، في يناير / كانون الثاني، على صنع القرار الإيراني متباينًا في أحسن الأحوال.
ومع ذلك، يُمكن أن تؤدّي اتفاقية التطبيع لقيام الولايات المتحدة أو إسرائيل (أو كليهما) بمكافئة الإمارات بقدرات عسكرية رُفضت سابقا. هناك تكهّنات، حتى الآن، بأنّ واشنطن يمكن أن تخفف من التزامها بضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل وربما تبيع طائرات F-35 إلى الإمارات، كما ورد أن ترامب دفع بذلك. لكن هذه العملية ستستغرق سنوات ويمكن بسهولة عكسها من قبل الإدارة المستقبلية. الكونجرس، الذي يأخذ نظرة أوسع للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة يجب أن يكون على رأس القائمة.
"يمكن أن تؤدّي اتفاقية التطبيع لقيام الولايات المتحدة أو إسرائيل بمكافئة الإمارات بقدرات عسكرية رُفضت سابقاً"
إنّ تركيز أبو ظبي على تحسين مكانتها في واشنطن يقدّم أفضل تفسير لقرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل. عملت الإمارات العربية المتحدة بجد لترسيخ مكانتها كدولة عربية مفضلة لواشنطن، على الأقل منذ عام 2006، عندما أحبط الكونجرس اقتراحًا قدمته شركة موانئ دبي العالمية لتوّلي عمليات ستة موانئ أمريكية، وهي صفقة يدعمها الرئيس جورج دبليو بوش.
للمساعدة في استعادة مكانتها - والتغلب على منافسيها السعوديين الأكثر ثراءً - أنشأت الإمارات العربية المتحدة دولة يشعر فيها الغربيون براحة شديدة. والأهم من ذلك، أنها اتبعت سياسة خارجية قوية مدعومة بدبلوماسية نشطة وجيش ذو قدرة عالية وشديد في المعارك.
"الإمارات اتبعت سياسة خارجية قوية مدعومة بدبلوماسية نشطة وجيش ذو قدرة عالية وشديد في المعارك"
لكن ربما تكون أبو ظبي قد بالغت في لعب دورها. كانت لدى الإمارات توقعات كبيرة من إدارة ترامب لكنها فشلت في تجنيد واشنطن في حملتها ضد قطر، والتي قطعت معها العلاقات الدبلوماسية في عام 2017 بزعم دعمها للإرهاب ومحاباة إيران. كانت الولايات المتحدة مُحبطة من رفض الإمارات التسوية مع قطر لمصلحة بناء جبهة مشتركة ضد إيران. وقد تفاقم هذا الإحباط بسبب رفض الإمارات العربية المتحدة إلقاء اللوم على إيران علانية في هجمات يونيو 2019 على السفن السعودية والنرويجية في مياه الإمارات. لكنّ الإماراتيين رأوا أنّ حذرهم قد تم إثباته بعد ثلاثة أشهر بسبب عدم وجود أي رد أمريكي على الهجمات الإيرانية على منشآت النفط السعودية.
ولي العهد محمد بن زايد (يسار) أثناء تحية رئيس الوزراء الصيني لي كيه تشيانغ قبل اجتماع في قاعة الشعب الكبرى، بكين، 22 يوليو 2019 (Andy Wong - Pool / Getty Images)
وساهمت شكوك أبوظبي المتزايدة بشأن إصرار واشنطن، في تسريع علاقاتها المتنامية مع الصين. وقد أدت هذه العلاقات إلى زيادة توتر علاقتها مع الولايات المتحدة. كما اقترح وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش مؤخرًا، فإن أستراليا والإمارات لديهما معضلة مشتركة: شريك أمني رئيسي في الولايات المتحدة وشريك تجاري رئيسي في الصين.
لتحسين صورتها مع الإدارة الأمريكية المقبلة (أياً كان الفائز)، تحتاج أبو ظبي إلى إعادة التوافق مع إجماع السياسة الخارجية الأمريكية. لكن هناك القليل من قضايا السياسة الخارجية التي لا يزال الجمهوريون والديمقراطيون يتفقون عليها. حقيقة أن إحدى نقاط الاتفاق هذه معارضة للصين قد زادت فقط من مشاكل الإمارات.
في حين أنّ هناك فجوات متزايدة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن إسرائيل، فإنّ دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وخاصة العلاقات العربية الإسرائيلية المحسّنة، لا يزال قوياً. يتضح هذا في الثناء الذي تم التغريد به على محمد بن زايد من قبل المؤثرين في السياسة الخارجية من جميع الأطراف بمجرد الإعلان عن الصفقة الإماراتية الإسرائيلية. لقد قطعت الإمارات شوطًا طويلاً في استعادة مكانتها في واشنطن وربما أعطت لنفسها مساحة أكبر للتحرّك مع الصين. لكن إدارة التنافس بين الولايات المتحدة والصين ستظل تحديًا شاقاً، حتى بالنسبة للإماراتيين الأذكياء والقادرين.
- بن سكوت: خبير في الدبلوماسية والذكاء والتنمية الدولية. التحق بمعهد لوي من مكتب الاستخبارات الوطنية، وعمل محللًا أول في الشرق الأوسط والسفارة الأسترالية في واشنطن.
- المصدر الأصلي بالإنجليزية: ذا انتربريتر، وهو موقع يتبع معهد لوي الاسترالي (مؤسسة فكرية مستقلة غير حزبية مقرها في سيدني).
- ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات