02-04-2021 at 10 PM Aden Time
سوث24| قسم الترجمات
في الوقت الذي يحقق فيه المتمردون المدعومون من إيران قفزات بعيدة تجعلهم أقرب إلى الوصول إلى إسرائيل ودول أخرى، يتعيّن على الولايات المتحدة البدء في النظر إليهم على أنهم تحدٍّ من حيث الانتشار يتجاوز الحرب الأهلية في اليمن.
في 25 مارس/آذار، هاجمت ميليشيا الحوثي اليمنية السعودية بثماني عشرة طائرة مسيّرة متفجرة وثمانية صواريخ باليستية، من بين أسلحة أخرى، وضربت أهدافًا للطاقة بعيدة مثل المنطقة الشرقية الغنية بالنفط (حوالي 900 ميل من نقاط الإطلاق) وساحل البحر الأحمر (على بعد 650 ميلًا). وقد أصبحت هذه الهجمات حدثًا أسبوعيًا، مما يؤكد وجود صناعة ناضجة لتجميع الصواريخ/ الطائرات بدون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، ويُنذر بالمزيد في المدى التي قد تسمح للمتمردين المدعومين من إيران بالوصول إلى أهداف جديدة إذا رغبوا في ذلك - ربما تكون إسرائيل نظرًا لعادتهم المعروفة تجاه ذلك البلد، أو حتى مصر والأردن كجزء من جهد أوسع لممارسة أنفسهم في البحر الأحمر (على سبيل المثال، عرقلة النقل البحري الدولي، واستهداف البنية التحتية لقناة السويس). وبناءً على ذلك، سيحتاج الدبلوماسيون والمخططون العسكريون الأمريكيون إلى وضع هذه المخاطر في الاعتبار في حساباتهم المستقبلية بعد الحرب الحالية في اليمن.
صواريخ صمود الحوثية، عرضها الحوثيون في مارس آذار 2021
تطور الصواريخ الحوثية والطائرات بدون طيار
بعد مرور ست سنوات على النزاع الحالي، تم توثيق نضوج الطائرات الحوثية بدون طيار والصواريخ والصواريخ قصيرة المدى توثيقًا جيدًا في تقارير متعددة من قبل فريق خبراء الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية والاستشارات الفنية المتخصصة ومصادر أخرى. وقد تطوّرت مجموعة كاملة من أنظمة الضربات طويلة وقصيرة المدى على ثلاث مراحل:
الأنظمة الأولية: جاء تزويد الحوثيين المبكر بالصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي المحوّلة من خلال مصدرين: تشكيل تحالف مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ومداهمة أو الاستيلاء على مستودعات عسكرية. أزالت حملة جوية سعودية عام 2015 ضد أسلحة معروفة بعض الصواريخ بعيدة المدى من ترسانة الحوثيين، وتم إنفاق بقية هذه الترسانة الأولية بحلول عام 2017، بمساعدة من جهد استشاري بسيط من قبل الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. تم إطلاق ما لا يقل عن ستة صواريخ مدفعية من طراز (OTR-21 Tochka) و18 صاروخ مدفعية FROG-7 (يطلق عليها الحوثيون اسم زلزال) على أهداف قريبة المدى في اليمن ومحافظتي جيزان ونجران الحدودية في المملكة العربية السعودية، في حين أطلقت أربعة صواريخ قبل الحرب من طراز R-17 سكود-B أو هواسونغ-6 (سكود-سي) الكورية الشمالية على مدى يصل إلى 500 ميل. وكان الدعامة الأساسية للحوثيين بعيد المدى خلال هذه الفترة هو صاروخ "قاهر-1"، وهو صاروخ أرض جو يمني من طراز (S-75/SA-2) قادر على ضرب أهداف أرضية على بعد حوالي 190 ميلًا، وإن كان ذلك بدقة ضعيفة جدًا وحمولة صغيرة.
تطوير أنظمة جديدة: كان تحويل "قاهر-1" أوّل مؤشر قوي على دور إيران في توجيه قوات الصواريخ الحوثية، مما يعكس تحويل طهران نفسها صواريخ "اس-75/اس ايه-2" السوفياتية إلى صاروخ باليستي قصير المدى من طراز توندار-69. وفي 2017-2018، كان مستشارو الحرس الثوري جزءًا لا يتجزأ من تطوير العديد من المنصات الجديدة المتقدمة التي تفوق قدرة الفنيين اليمنيين:
- قاصف-2 كي، وهي نسخة من طائرة إيرانية متفجرة بدون طيار من طراز أبابيل-تي (أو ذخيرة تسكع)، معدة للاستخدام ضد أهداف داخل اليمن وعلى بعد 120 ميلًا من ساحل البحر الأحمر.
- نسخة دقيقة من صاروخ مدفع بدر الذي يعمل بالوقود الصلب يمكن تجميعه بالكامل داخل اليمن تقريبًا وإطلاقه على المحافظات الحدودية السعودية على مدى حوالي 100 ميل.
- سلسلة صمّاد للذخائر التسكعية، التي ظهرت في عام 2018 ويمكن أن تشن ضربات رمزية على أهداف سعودية بعيدة مثل الشيبة (750 ميلًا) ورأس تنورة (900 ميل)، وكذلك مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات العربية المتحدة (850 ميلًا).
- الصاروخ الباليستي متوسط المدى من الوقود السائل (بركان – تو إتش)، الذي يجمع بين أجزاء صواريخ سكود وقطع صواريخ "قيام" الإيرانية والغرض الصريح المتمثل في الوصول إلى الرياض وينبع (650 ميلًا). في فبراير 2021، ضربت نسخة موسعة (بركان-3 أو ذو الفقار) رأس تنورة في مدى 900 ميل.
قدرات النضج، وزيادة الضربات: نظرًا لعدد الهجمات التي شُنت في السنوات الأخيرة باستخدام كل هذه الأنظمة، فمن الواضح أن إيران والحوثيين قد طوّروا صناعة عسكرية صغيرة لكنها فعالة في صنعاء وصعدة. وكما وثّق فريق خبراء الأمم المتحدة، فإن هذه الصناعة تدمج الواردات من إيران (مثل محركات الطائرات بدون طيار، وأنظمة التوجيه، ومكونات الوقود السائل/الصلب) مع المواد العسكرية المتاحة محليًا والمواد الصناعية المستوردة (مثل الألياف الزجاجية). ومن خلال هذه الأساليب، يُمكن للحوثيين مواصلة حملة طويلة من الصواريخ والطائرات بدون طيار. ووفقًا لإحصاءات الهجمات المعلنة من قبل "معهد واشنطن"، فإن معدل عمليات الإطلاق يتسارع بشكل كبير - ففي شهر آذار/مارس وحده، تم إطلاق 70 منظومة أسلحة رئيسية على السعودية (24 من طراز "ضماد-3" و25 "قاصف-2 كيه" و17 من نوع "بدر" و3 "بركان-3" و "صاروخ كروز من طراز "القدس-2")، مقارنة بـ 25 في شباط/فبراير و3 في كانون الثاني/يناير.
المراحل التالية في عمليات الحوثيين
في 12 آذار/مارس أو قبل ذلك بقليل، عرض الحوثيون عددًا من الأنظمة والمتغيرات الجديدة في معرض للأسلحة في صنعاء. وتشير هذه المعلومات وغيرها إلى أنّ الخطوات التالية في قدرات الحوثيين على توجيه الضربات من المرجّح أن تشمل ما يلي:
- زيادة الدقة في صواريخ المدفعية: تقدّمت صواريخ المدفعية الحوثية من صواريخ بدر-1 (غير الموجهة)، إلى بدر-1 بي وبدر- إف (موجّه بخطأ دائري مزعوم بحوالي 3 أمتار)، إلى متغيرات جديدة تُدعى "ساير" و"قاسم" و"ناكيل" (ادعى الحوثيون أنهم استخدموا "ساير" في غارة 25 مارس/آذار). إذا استطاعت أحدث الأنظمة الجمع بين الدقة ونطاقها الممتد قليلًا، فإنها يمكن أن تعطّل بشكل خطير القاعدة الجوية السعودية في خميس مشيط، وهي محور الدفاع عن مأرب.
- استخدام صمّاد-4 لمركبات جوية قتالية من طراز (UCAVs). ومن شأن وجود نسخة منها تسقط القنابل من "صمّاد" مثل تلك التي ظهرت في المعرض أن تسمح للحوثيين باستخدام طائرة بدون طيار واحدة لشن هجمات متكررة ضد مجموعة واسعة من أهداف البحر الأحمر، بما في ذلك السفن وأنظمة الدفاع الجوي.
- استخدام طائرات هجومية بدون طيار من طراز دلتا وصواريخ كروز من طراز قدس-2. كما يظهر في معرض مارس، وعيد وهو الاسم الحوثي لذخيرة التسكع التي استخدمتها إيران لمهاجمة خطوط الأنابيب السعودية ومنشأة بقيق النفطية في مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2019 على التوالي. وجاءت تلك الهجمات من العراق على مسافة تصل إلى 600 ميل. وفي أيدي الحوثيين، من شأن سلاح بمثل هذا الوصول أن يحسّن من قدراتهم على توجيه ضربات ضد أهداف ساحلية في البحر الأحمر وربما أجزاء من الرياض. وقد تم تسليط الضوء في المعرض أيضًا على صاروخ كروز من طراز "القدس-2"، وهو الاسم الحوثي لصاروخ "يا علي" الإيراني الذي يبلغ مداه 430 ميلًا، ومن المرجّح أن يظهر في اليمن بأعداد أكبر قريبًا، مما يزيد من تهديد أهداف البحر الأحمر.
- تطوير محتمل لبركان-4: كانت قفزة المدى من بركان-2H (650 ميلًا) إلى بركان-3 (900 ميل) زيادة مثيرة للقلق بنسبة 38٪. تقع إيلات، الواقعة في الطرف الجنوبي من إسرائيل، على بعد 1100 ميل فقط من بعض مناطق إطلاق الحوثيين، وتقع بقية إسرائيل (إلى جانب أجزاء مختلفة من مصر والأردن) على بعد 1250 ميلًا. وبعبارة أخرى، مع زيادة إضافية في المدى بنسبة 20٪ فقط، فإنّ صواريخ الحوثيين (أو طائرات صمّاد بدون طيار) ستكون قادرة على ضرب إسرائيل - وهو ما قد يفسر السبب في أنّ بعض الدفاعات الصاروخية المجهدة في ذلك البلد تعيد بالفعل نشرها لمواجهة اليمن.
الآثار السياسية بعد حرب اليمن
إذا اجتاح الحوثيون مأرب، مركز الطاقة في اليمن، فإنهم سينتصرون فعليًا في الحرب التي شنّوها في عام 2014 عندما اجتاحوا صنعاء. وحتى من دون مأرب، يسيطرون الآن على العاصمة، وميناءين رئيسيين على البحر الأحمر، ومعظم السكان، يمكنهم استخدامهما كوقود للمدافع في ساحة المعركة ودروع بشرية خارجها. وبالتالي، إمّا الفوز أو التعادل من شأنه أن يُبرز الحوثيين باعتباره "حزب الله الجنوبي" الجديد على البحر الأحمر – يعكس موقف «حزب الله» اللبناني على البحر الأبيض المتوسط – مع ترسانة متنامية من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيّار القادرة على تهديد قناة السويس ومضيق باب المندب ودول الخليج ودول البحر الأحمر، وربما حتى إسرائيل. ولمواجهة هذا التهديد خلال ما تبقى من الحرب وبعدها، ينبغي للولايات المتحدة أن تتخذ الخطوات التالية:
- منع المزيد من التوسع الحوثي. ولا يخدم مصالح الولايات المتحدة الحوثيون الذين يسيطرون على مأرب، التي قد تكون نقطة انطلاق لمزيد من التوسع جنوبًا وشرقًا. ينبغي على واشنطن أن تستفيد من مجموعة كاملة من الأدوات لمنع هذه النتيجة، مثل: تصنيف مختلف قادة جماعة أنصار الله (الاسم الرسمي لحركة الحوثيين) بموجب الأمر التنفيذي رقم 13611، السلطة المستخدمة لحجب ممتلكات الأفراد الذين يهددون "السلام والأمن والاستقرار في اليمن"؛ تقويض قادة الحوثيين من خلال الكشف عن معلومات استخباراتية عن فسادهم أو علاقاتهم بإيران؛ القيام بدعم الدفاع عن مأرب، مثل عمليات بث المعلومات وإعادة تموين المدافعين.
- تضييق الخناق على قوات هجوم الحوثيين: ينبغي على الولايات المتحدة وشركائها تكثيف جهودهم لرسم خرائط لشبكات شراء الصواريخ والطائرات بدون طيار وتعريضها لعمليات حركية وسيبرانية ومالية ومكافحة التهريب. جنوب شرق اليمن وعمان هما الموقعان الرئيسيان للاستيراد، لذا يجب أن يخضعا للتدقيق الأكبر. وبشكل منفصل، يجب أن يكون أي اتفاق سلام دولي وتخفيف للعقوبات مشروطًا بأن يقوم الحوثيون في اليمن بإخراج الفنيين الإيرانيين والعودة إلى الامتثال لنظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ - وهو ما يعني التخلي عن جميع صواريخهم.
- بناء شبكات مشتركة للإنذار المبكر في البحر الأحمر. ونظرًا للتهديد المتزايد الذي يشكله "حزب الله الجنوبي" الجديد على المملكة العربية السعودية ومصر وإسرائيل والأردن، ينبغي على واشنطن أن تعقد بهدوء اجتماعًا مغلقًا لهذه اللجنة الرباعية الأمنية في البحر الأحمر وأن تضع خططًا متوسطة الأجل للتعاون الدفاعي المواجه للجنوب.
- التفكير بما لا يمكن توقّعه: على الرغم من أن الحرب على دحر الانقلاب الحوثي أصبحت صاعقة سياسية في الولايات المتحدة، إلا أنه ينبغي على واشنطن أن تجري مراجعة محايدة لسياستها تجاه الحوثيين، وتقييم نواياهم المستقبلية ليس فقط تجاه الأفراد والمنشآت الأمريكية في المنطقة، ولكن أيضًا تجاه إسرائيل والشحن الدولي والمملكة العربية السعودية وإيران وحزب الله. وإذا خلصت هذه المراجعة إلى أنّ الحوثيين من المرجّح أن يكونوا خصمًا للولايات المتحدة في المستقبل بغض النظر عن كيفية انتهاء الصراع في اليمن، فعندئذ ينبغي على المسؤولين البدء في التفكير في استراتيجية الاحتواء الآن وليس في وقت لاحق. ونظرًا لترسانة الجماعة المتنامية بعيدة المدى والتزامها بشعارها الرسمي "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة اليهود، النصر للإسلام"، فيبدو أنّ مثل هذا التخطيط للطوارئ سيكون حكيمًا بالفعل.
- المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (مايكل نايتس زميل معهد واشنطن ، متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج العربي.)
- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: وسائل إعلام حوثية
Previous article