رجل يمني يحمل قاذفة صواريخ أثناء مشاركته في تجمع بالقرب من العاصمة صنعاء لإظهار الدعم لحركة الحوثيين الشيعيةفي 21 فبراير 2019. (تصوير محمد حويس / وكالة الصحافة الفرنسية)
13-07-2023 at 7 PM Aden Time
سوث24| عبد الله الشادلي
صعدَّت ميليشيا الحوثيين المدعومة من إيران نشاطها العسكري ضدَّ القوات الجنوبية وجبهات أخرى في شمال اليمن خلال الشهرين الماضيين. ونفذت المليشيا منذ مطلع مايو وحتَّى 13 يوليو الجاري، قرابة 51 هجمة، رصدها مركز «سوث24»، في محافظات الضالع، ولحج، وشبوة، وأبين وجبهة حريب بمأرب [المحاذية لشبوة].
خلَّفت الهجمات عشرات القتلى والجرحى من القوات الجنوبية، كما تكبد الحوثيون خسائر كبيرة أيضًا غالبًا ما يتم التكتم عنها. واستخدمت المليشيات الطائرات المسيرة، وقذائف الهاون، والقناصات، ومحاولات التسلل، بالإضافة إلى إطلاق صاروخ في شبوة. تصدَّت القوات الجنوبية لمعظم الهجمات، لكنَّها تضررت من الهجمات المسيرة.
وبالإضافة لهذا التصعيد في جبهات القتال، نفذت مليشيا الحوثيين استعراضات للقوة العسكرية في المناطق المجاورة للجنوب في إب وذمار. كما نفذت استعراضات أصغر في مأرب وصنعاء. وواصل قادة من المليشيات تهديداتهم باستمرار بعودة الحرب وإنهاء مرحلة خفض التصعيد الحالية التي دخلتها البلاد منذ نهاية الهدنة الأممية رسميًا في أكتوبر الماضي.
وبين المناورة واستراتيجية الضغط لتحقيق المكاسب السياسية، أو التوجه الحقيقي نحو الحرب، تتنوع التفسيرات لهذا التصعيد العسكري الحوثي الموجه بشكل أساسي نحو الجنوب. التوقيت المرتبط بالمحادثات الثنائية بين الرياض والجماعة الشمالية يضفي أيضًا مزيدًا من التساؤلات، علاوة على ما تشهده ساحة الجنوب من تحركات تهدف لتشتيت خصم الحوثيين اللدود، المجلس الانتقالي الجنوبي.
التصعيد العسكري
الجبهات
بلغت هجمات مليشيات الحوثيين ضدَّ القوات الجنوبية بين 1 مايو – 13 يوليو 2023 حوالي 51 عملية، في محافظات: الضالع، ولحج، وأبين، وشبوة، بالإضافة إلى الهجمات في جبهات مديرية حريب بمأرب [شمال اليمن]، المجاورة لمحافظة شبوة والتي تنتشر فيها ألوية العمالقة الجنوبية منذ تحريرها مطلع العام 2022.
حازت محافظة الضالع نصيب الأسد من التصعيد الحوثي بنحو 30 هجومًا، بينما استهدف الحوثيون جبهات يافع وكرش بمحافظة لحج بــ 12 هجمة تقريبًا. كما قامت المليشيا بنحو 3 هجمات في محافظة شبوة ضدَّ قوات دفاع شبوة في مناطق مرخة العليا وبيحان الحدودية، و4 هجمات ضد القوات الجنوبية في حريب.
وفي محافظة أبين، تعرضت المقاومة الجنوبية لقرابة هجمتين في جبهة ثرة المجاورة لمحافظة البيضاء.
واعتمدت مليشيا الحوثيين بشكل كبير على الطائرات المسيرة في تنفيذ 17 من هجماتها، كما استخدمت قذائف الهاون 12 مرة. وقام الحوثيون بنحو 9 محاولات تسلل فاشلة أدت لاشتباكات عنيفة شمال غرب الضالع وجبهة حيفان في لحج.
كما نفذت المليشيا 9 هجمات بالمدفعية والرشاشات، و3 عمليات قنص، في جبهات يافع وكرش والضالع. وتسببت بعض الهجمات بوقوع ضحايا من المدنيين وأضرار في المساكن والمزارع شمال غرب الضالع. كما أطلقت المليشيا صاروخًا في مديرية مرخة العليا في 31 مايو الماضي.
وخلفَّت هجمات الحوثيين نحو 13 قتيلًا من القوات الجنوبية وقرابة 16 جريح، ما مجموعه 29 جندياً على الأقل من تشكيلات القوات الجنوبية.
في الجهة المقابلة، اعترفت الميليشيات الحوثية بمقتل العشرات من أفرادها في أخبار نشرتها وكالة سبأ التابعة للجماعة. وذكر رصد محلي أنّ الحوثيين فقدوا نحو 284 عنصرًا خلال النصف الأول من العام الجاري.
ضحايا القوات الجنوبية في هجمات مليشيا الحوثيين بين 1 مايو - 13 يوليو 2023 بحسب المحافظات – مركز سوث24 | ||
المحافظة | عدد القتلى | عدد الجرحى |
الضالع | 10 | 10 |
لحج | 2 | 2 |
شبوة | - | - |
مأرب [حريب] | 1 | 4 |
عروض وزيارات
في 20 يونيو الماضي، نفذ الآلاف من عناصر الحوثيين مسيرة راجلة من محافظة ذمار إلى محافظة إب وصولًا إلى محافظة تعز. قال إعلام المليشيا إنَّ عدد الجنود بلغ 10 آلاف جندي من منتسبي المنطقة العسكرية الرابعة.
وفي مطلع يوليو الجاري، نفذت مليشيا الحوثي عروضاً عسكرية احتفاءً بما تسميه "يوم الولاية" في "عيد الغدير" الشيعي على مقربة من الحدود السعودية، وفي صرواح بمأرب. ونشرت وسائل إعلام المليشيا، صورا لاحتفالات في جبهات كتاف والبقع بمحافظة صعدة.
كما أرسلت المليشيا العشرات من قادتها والمسؤولين في حكومتها إلى مختلف الجبهات ضمن زيارات عيد الأضحى للمقاتلين. أبرز الزيارات تلك التي قام بها وزير دفاع الحوثيين محمد ناصر العاطفي إلى الجبهات المحيطة بالضالع. ومن هناك، هدَّد العاطفي السعودية بالحرب.
قبلها في 28 يونيو، كان العاطفي قد زار جبهات كرش والقبيطة بين تعز ولحج. كما تفقد جبهات أخرى داخل محافظة تعز.
أهداف المليشيا
يضع الخبير العسكري العقيد وضاح العوبلي تصعيد الحوثيين الأخير تجاه الجنوب ضمن سياق الصراع مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضاف لمركز سوث "سوث24": "من أسباب هذا التصعيد رغبة الحوثيين في الرد على التحركات الأخيرة لقوات الانتقالي باتجاه شرق الجنوب". ويعتقد العوبلي أنَّ تركز هجمات الحوثيين على جبهات الضالع ولحج، تحديداً، "يأتي ضمن محاولات الحوثيين للرد في جبهات انكسروا فيها على مدى 8 سنوات".
وتابع: "أيضًا، تهدف المليشيا إلى إشهار خيار القوة والذي يتجه جزء منه لتهديد الشعب في المناطق الخاضعة لها؛ فيما توجه به رسائل أخرى منها للقوى المناهضة لها، أو للضغط على الاطراف التي تتفاوض مع الحوثيين في مسقط وغيرها".
ويلفت العوبلي إلى أنَّ الحوثيين استغلوا الهدنة السابقة في تعزيز قدراتهم العسكرية. مضيفًا: "مما لا شك فيه أنّ المليشيا استغلت فترة الهدنة لإعادة بناء قواتها التي وصلت حد الإنهاك في اواخر عام 2021".
ويرى الأكاديمي الجنوبي د. سعيد الجريري أنَّ "جل هجمات الحوثيين جنوباً تندرج في إطار حربهم مع التحالف؛ لأغراض تفاوضية، ولإرسال رسائل داخلية وخارجية عنوانها: أنا الأقوى".
وأضاف لمركز "سوث24": "المجلس الانتقالي الجنوبي هو القوة التي توازي الحوثيين في معيار القوة على الأرض في المشهد اليمني. لذلك يصعد الحوثيون ضدَّ القوات الجنوبية لتعزيز موقفهم في المحادثات الثنائية مع السعوديين".
بالنسبة لمدير المركز الإعلامي لألوية العمالقة الجنوبية، أصيل السقلدي، تعبر الهجمات والاستعراضات العسكرية الحوثية عن "حالة ضعف وعجز تمر بها المليشيا".
وأضاف لمركز "سوث24": "الاستعراضات والمناورات العسكرية لمليشيا الحوثي في ظل التهدئة في البلاد يعكس ضعفها وإفلاسها. يعتقد قادة المليشيا أنَّهم عبر هذا التصعيد سيؤثرون على نتائج المشاورات والحراك الدبلوماسي الذي يسعى لتقريب وجهات النظر والتوصل الى حل سياسي شامل".
وأردف: "ومن أهدافها أيضًا استقطاب أبناء مناطق سيطرتها لجذبهم الى صفوفها حيث توهمهم عبر هذه الاستعراضات في ظل التهدئة بأنَّها الطرف الأقوى، لكن في الحقيقة فهذه المليشيات محتمية الآن بالتهدئة ومساعي السلام. كل هذه الاستعراضات ستختفي عند عودة العمليات العسكرية".
ويؤكد السقلدي أن تصعيد الحوثيين "لا يخيف أحد". مضيفًا: "نحن نعلم مدى وهنهم كفقاعة الصابون"، حدَّ تعبيره.
ويعكس التصعيد الحوثي قناعة المليشيا بأنَّ السلاح والقوة هما أنجع الوسائل للوصول إلى المكاسب التي لا يمكن الظفر بها على طاولات المحادثات والمفاوضات المستديرة، وفقا لمراقبين تحدثوا لـ سوث24. ويعزز ذلك ثقة الحوثيين بغياب رد الفعل من الدول والجهات التي تضطلع بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة وإحلال السلام.
Previous article