U.S. Naval Forces Central Command / U.S. 5th Fleet (Photo by Petty Officer 2nd Class Dawson Roth)
17-12-2023 at 12 PM Aden Time
" تبدو القوات الجنوبية في وضع جيد بشكل فريد لتأمين سواحل ومياه البلاد ضد هجمات القرصنة الحوثية. ومن أجل ذلك فإنّ للمجتمع الدولي دورا هاما يؤديه في هذا الصدد. وعلى وجه التحديد، ينبغي أن يعترف بشرعية القوات الجنوبية.."
مركز سوث24 | د. مارتا فورلان
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، أصبح البحر الأحمر سريعا أحد أكثر الطرق البحرية غير الآمنة وغير المستقرة، حيث صعد الحوثيون - الجماعة الشيعية الزيدية المسلحة التي تسيطر على صنعاء وشمال اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014 - تهديداتهم لحركة الملاحة البحرية في تلك المياه.
تسلسل زمني لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر
بعد اختطاف السفينة Galaxy Leader في 19 نوفمبر، وقعت سلسلة أحداث أخرى من هذا القبيل. ففي 26 تشرين الثاني/نوفمبر، تعرضت سفن تجارية لها صلات إسرائيلية لهجوم في المحيط الهندي والبحر الأحمر. في 3 ديسمبر/كانون الأول، قصفت مليشيا الحوثيين ثلاث سفن تجارية – " Unity Explorer"،" M/V Number 9"، " M/V Sophie II " – في جنوب البحر الأحمر باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار. وفي 12 كانون الأول/ديسمبر، تعرضت السفينة ستريندا لهجوم بصاروخ قادم من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن. وفي 10 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فرنسا أن قواتها البحرية دمرت طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر متجهتين نحو الفرقاطة لانغدوك، وفي 13 كانون الأول/ديسمبر أسقطت القيادة المركزية الأمريكية صاروخين أطلقا من مناطق الحوثيين استجابة لنداء استغاثة من ناقلة النفط التجارية " Ardmore Encounter " في البحر الأحمر.
ومع وقوع تلك الهجمات، وفي إظهار الدعم للشعب الفلسطيني، أعلن المتحدث باسم الحوثيين أن الجماعة ستستهدف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، وحذّر جميع شركات الشحن الدولية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية: "إذا لم تحصل غزة على الغذاء والدواء الذي تحتاجه، فإن جميع السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتهم، ستصبح هدفا لقواتنا المسلحة".
ومنذ ذلك الحين، أجبرت هجمات الحوثيين المتكررة على السفن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر، وخاصة تلك التي يشتبه في صلتها بإسرائيل، بعض الشركات على تغيير مسار سفنها بعيدا عن مضيق باب المندب وقناة السويس نحو أفريقيا ورأس الرجاء الصالح - وهو طريق أطول بكثير (ما يقرب من أسبوعين إضافيين من الملاحة) وبالتالي أكثر تكلفة بكثير.
نحو تأمين مياه البحر الأحمر
وبعيدا عن كونه مسألة إقليمية، فإن الأمن البحري في البحر الأحمر هو قضية تثير قلقا عالميا. والواقع أن الدول الغربية والعربية والآسيوية تعتمد على البحر الأحمر الذي يربط المحيط الهندي بقناة السويس وما بعده بالبحر الأبيض المتوسط في تجارة سريعة بأسعار معقولة بالإضافة إلى تجارة الطاقة. تمر ملايين الأطنان من المنتجات الزراعية وغيرها من السلع عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب كل عام ويمر 8.8 مليون برميل من النفط عبر تلك المياه كل يوم.
نظرا لأن العديد من البلدان مهتمة بحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، فقد تم اتخاذ العديد من المبادرات في السنوات الأخيرة لتعزيز الأمن البحري هناك. على سبيل المثال، تم نشر فرقة العمل المشتركة 153 بقيادة الولايات المتحدة في عام 2022 في البحر الأحمر وخليج عدن لتأمين المنطقة (حيث كان خطر القرصنة من الساحل الصومالي دائما سببا للقلق) ومكافحة تهريب الأسلحة. تعد قوة المهام المشتركة 153 جزء من القوات البحرية المشتركة (CMF)، وهي شراكة بحرية قوية تضم 39 دولة ومقرها في البحرين وتضم خمسة قوات قتالية مركزية تركز على الأمن البحري والقرصنة والتدريب.
وفي الآونة الأخيرة، في أعقاب التهديد الذي تشكله هجمات الحوثيين على السفن التجارية التي تسافر بالقرب من اليمن على الشحن العالمي، تبحث الولايات المتحدة عن شركاء لتوسيع فرقة العمل البحرية التابعة لـ "فرقة العمل المشتركة 153". وكما ذكر مستشار الأمن القومي في مجلس النواب، جيك سوليفان، هناك حاجة إلى "فرقة عمل بحرية من نوع ما تضم السفن من الدول الشريكة إلى جانب الولايات المتحدة لضمان المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر".
وعلى حد تعبير المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، "ينصب تركيزنا في هذا الوقت على ضمان وجود أصول عسكرية كافية لردع تهديدات الحوثيين للتجارة البحرية في البحر الأحمر وفي المياه المحيطة بالاقتصاد العالمي بشكل كبير. كما أننا نشجع الدول الأخرى ذات التفكير المماثل على الانضمام إلى هذا التحالف، وقد سمعنا بالفعل بعض الاهتمام من العديد من الشركاء الرئيسيين". ومع ذلك، لم يقدّم أي إشارة أخرى في هذه المرحلة إلى من هم الشركاء الذين أعربوا عن اهتمامهم.
وربما ترغب الدول المطلة على البحر الأحمر، مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، في المساهمة. وهنا، تعتبر حالة المملكة العربية السعودية مثيرة للاهتمام بشكل خاص. فمن ناحية، تعتمد المملكة العربية السعودية على مياه مستقرة وآمنة لنجاح صادراتها النفطية ومشاريعها السياحية الضخمة المخطط لها على طول الساحل الغربي للبلاد. وعلى هذا النحو، فإن لديها كل المصلحة في المساهمة في الحد من هجمات الحوثيين. لكن من ناحية أخرى، فإنّ السعودية (التي كانت قبل 7 أكتوبر تناقش مع واشنطن إمكانية التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل والتي تسعى إلى الخروج من المستنقع اليمني منذ سنوات قليلة) مصممة على منع الصراع بين حماس وإسرائيل من اجتياح المنطقة بأسرها. وعلى هذا النحو، ورد أنها حثت الولايات المتحدة على إظهار ضبط النفس في ردها على الحوثيين.
والمرشحان المحتملان الآخران لتوسيع "قوة المهام المشتركة 153" هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين، اللتان تربطهما علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة (حتى أكثر من ذلك بعد "اتفاقيات إبراهيم"). [البحرين هي بالفعل عضو في "القوات البحرية المشتركة"، في حين أنّ الإمارات كانت قد أعلنت انسحابها منها في مايو الماضي]. ومن المرجح أيضا أن تدعم بلدان مجموعة الـ 7 - كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة – قوة المهام، نظرا لمصالحها الاقتصادية في المنطقة وعضويتها في صندوق النقد الدولي. وبحسب ما ورد، تدرس أستراليا أيضا طلب الولايات المتحدة لإرسال سفن حربية إلى البحر الأحمر.
ومع تقدم المحادثات بين الولايات المتحدة وحلفائها حول توسيع محتمل لقوة CTF153، سارعت إيران إلى التعبير عن معارضتها لمثل هذه الخطة. وحذر وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني من أن قوة المهام متعددة الجنسيات المقترحة لحماية الشحن في البحر الأحمر ستواجه "مشاكل استثنائية". وفي حديثه إلى وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، قال آشتياني "إذا قاموا [الولايات المتحدة] بمثل هذه الخطوة غير المنطقية، فسيواجهون مشاكل غير عادية. [...] لا يمكن لأحد أن يتحرك في منطقة نهيمن عليها".
تقطع هذه التعليقات شوطا طويلا في شرح كيفية استخدام إيران لدعمها المادي للحوثيين على مدى السنوات الثماني الماضية لتوسيع نفوذها وإبراز قوتها في جميع أنحاء البحر الأحمر، الذي تعتبره طهران طريقا بحريا حاسما لتهريب الأسلحة إلى حلفائها في العراق وسوريا ولبنان وغيرها. ومن الواضح أن الجمهورية الإسلامية مصممة على عدم فقدان هذه الميزة المهمة في مياه البحر الأحمر.
دور الحكومة اليمنية
داخل اليمن، في 13 ديسمبر/كانون الأول، نفى مصدر مجهول من الحكومة اليمنية تقارير عن مشاركة اليمن في تحالف بحري دولي جديد. كما أكد المصدر على أهمية دعم قدرات الحكومة اليمنية وأجهزتها ذات الصلة في حماية المياه الإقليمية وردع التهديدات الحوثية. في الواقع، في حين أن تعزيز وتوسيع إطار قوة المهام المشتركة 153 يبدو خطوة واعدة للإشارة بأنه لن يتم التسامح مع هجمات الحوثيين على السفن التجارية، ينبغي أيضا تضمين دعم الحكومة اليمنية في الرد الأوسع على أعمال الجماعة التصعيدية.
وفي أعقاب هجمات الحوثيين، قام عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس المجلس الرئاسي للقيادة، بعقد اجتماعا مع المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، ومع الفريق محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني، لمناقشة جاهزية القوات المسلحة للمساهمة في حماية الخطوط الملاحية البحرية في المنطقة، بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين. كما وضعت الحكومة اليمنية خفر السواحل في البحر الأحمر في حالة تأهب قصوى، متوقعة هجمات الحوثيين الوشيكة على الجزر التي تسيطر عليها الحكومة أو المناطق الساحلية تحت ستار مهاجمة السفن الإسرائيلية. وأخيرا، في 13 كانون الأول/ديسمبر، فتحت الأكاديمية العسكرية العليا أبوابها في عدن.
بالنظر إلى تاريخهم الطويل في القتال الناجح ضد وجود تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في المحافظات الجنوبية لليمن، وبالنظر إلى مشاركتهم المستمرة في القتال والمقاومة ضد الحوثيين منذ أواخر عام 2014، تبدو القوات الجنوبية التي أعيد توحيدها داخل مجلس القيادة الرئاسي في وضع جيد بشكل فريد لتأمين سواحل ومياه البلاد ضد هجمات القرصنة الحوثية.
ومن أجل ذلك فإنّ للمجتمع الدولي دورا هاما يؤديه في هذا الصدد. وعلى وجه التحديد، ينبغي أن يعترف بشرعية القوات الجنوبية، وأن يقر بها كعامل استقرار داخل البلاد، وأن تقدم الدعم غير القتالي (على سبيل المثال، تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب) لضمان قدر أكبر من الفعالية والتطور والتنسيق في جهود الردع والدفاع المناهضة للحوثيين.
Previous article
8 Days ago