وكالة سبأ الحكومية
04-03-2024 at 5 PM Aden Time
سوث24 | عبد الله الشادلي
يوم السبت (2 مارس)، أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا غرق السفينة البريطانية روبيمار، التي هاجمها الحوثيون بالصواريخ، في البحر الأحمر قرب جزيرة حنيش اليمنية قبالة سواحل المخا، وسط تحذيرات من كارثة بيئية غير مسبوقة.
وكانت السفينة تنقل أكثر من 41,000 طن من الأسمدة عندما تعرضت لهجوم حوثي بصاروخين في 18 فبراير أدى لأضرار جسيمة فيها. كما تعرضت في 29 فبراير لهجوم آخر من الحوثيين بواسطة طائرة مسيرة في محيطها، استهدف قارب صيادين يمنيين وأدى لمقتل وإصابة عدد منهم، وفقا للخارجية اليمنية.
فما هي التداعيات البيئية لغرق هذه السفينة في المياه اليمنية؟
حمولة السفينة
بحسب موقع Marinetraffic الملاحي المتخصص، روبيمار المسجلة في المملكة المتحدة والتي كانت ترفع علم بليز عندما استهدفها الحوثيون، هي ناقلة بضائع سائبة يبلغ طولها 171.6 مترا وعرضها 27 مترًا.
ووفق الحكومة اليمنية، كانت روبيمار عندما الهجوم عليها أثناء عبورها على بعد 25 ميلاً بحرياً من ميناء المخاء في البحر الأحمر، تحمل أكثر من 41,000 طن من الأسمدة فئة IMDG 5.1 عالية الخطورة، وكميات من الزيوت والوقود.
ومن بين هذه الحمولة، كان على متن روبيمار 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم، بحسب القيادة المركزية الأمريكية. وأشارت القيادة المركزية إلى مخاطر إضافية محتملة على مرور السفن واحتمال ارتطامها بالسفينة الغارقة.
وطبقا لموقع Greengarageblog البيئي، فإن الأسمدة الكيماوية مثل كبريتات الأمونيوم يتم تصنيعها من منتجات من صناعة البترول، مما يعني أنها ليست عناصر مستدامة. ويقول الموقع إن الأسمدة العضوية لديها خطر أقل من الترشيح إلى مصادر المياه المحلية، لذلك هناك دائما خطر التلوث عند استخدام هذه الأسمدة المصنعة.
التداعيات البيئية
أكد الخبير البيئي والرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة اليمنية، عبد القادر الخراز في حديث خاص لمركز سوث24 خطورة الحمولة التي كانت على متن روبيمار. مضيفًا: "نحن تتحدث عن حمولة 20 ألف طن من كبريتات فوسفات الأمونيوم، وهذه مادة كيميائية تستخدم كأسمدة، لكنها أسمدة صناعية وليست طبيعية".
وأردف: "حتى الأسمدة الطبيعية، لها تأثيراتها وبالتالي، أيضا عندما تذوب هذه الأسمدة وتتسرب إلى الماء لها تداعيات بيئية خطيرة إلى جانب حجم الكمية الكبير".
ومع ذلك، يرى الخراز أن الخطر الحقيقي قد يكون في بقية الحمولة غير المعلن عنها. مضيفًا: "حمولة الباخرة أساسًا 41 ألف طن وبالتالي هناك نحو 20 ألف طن لا نعرف ما هي. جرى الحديث فقط عن كميات من الديزل والمازوت، وهذه المواد لا تتجاوز 1500 متر مكعب".
ولفت الخراز إلى أن البقعة التي تسربت في بداية مراحل غرق السفينة داخل البحر بطول 18 ميلا غير معروفة حتى الآن. مضيفا: "هذا خلل آخر في عمل خلية الأزمات التي شكلتها الحكومة اليمنية التي لم تأخذ عينات من الباخرة قبل أن تغرق للأسف".
البقعة النفطية التي خلفتها السفينة روبيمار (القيادة المركزية الأمريكية)
وأوضح الخبير اليمني أن الأسمدة "إذا كانت منتهية الصلاحية، فستكون لها تداعيات خطيرة للغاية". ولم يستبعد أن يكون غرق السفينة روبيمار مدبرا ومقصودا لغرض دفن نفايات خطرة في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن "عدم تحرك الشركة المشغلة لمحاولة إنقاذ السفينة بعد الاستهداف الحوثي يضع أسئلة واستفسارات".
مضيفًا: "من المهم معرفة أنّ هذه السفينة صُنعت في العام 1997، وهي تُعتبر في نهاية عمرها الافتراضي". ولفت إلى أن المواد التي كانت على متن روبيمار "لا يُمكن تتبعها عندما تختلط بالماء وتذوب، وبالتالي فإنها ستؤثر على خصائص المياه، وتُلوّثها".
وأضاف: "هذا بدوره سينعكس على الأحياء البحرية سواء النباتية أو الحيوانية ويؤدي إلى موت كثير منها، ويؤثر على الأعشاب والطحالب وأيضا سيزيد من تكاثر الطحالب غير الطبيعي. هذا أيضا سيؤثر على الحياة البحرية، وسيؤدي إلى نقص الأكسجين المذاب في الماء، وبالتالي نفوق كائنات بحرية أخرى".
وأشار الخبير إلى أنّ أسوأ ما في الأمر هو أنَّ بعض الكائنات الحية عندما تتلقى المواد الكيميائية فإن هذا لا يؤدي إلى موتها مباشرة، وإنما تترسب هذه المواد في أجسامها، لا سيّما الرخويات منها". مضيفا: "هذه الكائنات يتم اصطيادها. وبالتالي سيكون هناك انتشار للسموم في هذه الكائنات ومن يتناولها، وستظهر أمراض خطيرة ربما في المستقبل القريب".
وتابع: "التأثيرات الكبرى ستكون في المناطق والشواطئ اليمنية، لكنها ستصل إلى الدول المتشاطئة، لا سيّما عندما نتحدّث عن قضية حمل هذه السموم ضمن أجسام الكائنات الحية التي لا تنفق".
وفي تقرير، قالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية إن غرق السفينة روبيمار "يزيد من نسبة المخاطر على أنماط المياه الدائرية الفريدة في البحر الأحمر. مضيفة أن "أكبر شبكة محطات تحلية المياه في العالم التي بنتها السعودية منذ عقود قد تلحق بها أضرار بالغة".
وأشارت الوكالة إلى أن حمولة السفينة المتمثلة بالأسمدة الضارة والانسكاب النفطي الذي تراوح طوله أكثر من 30 كيلومتر عبر والذي تسبب به السفينة في الممر المائي قبل أن تغرق سيؤثر على شحنات البضائع والطاقة المتجهة إلى أوروبا.
وتطرقت الوكالة في تقريرها إلى الأهمية التي يشكلها البحر الأحمر كمصدر حيوي للمأكولات البحرية في البلدان المشاطئة له، خاصة في اليمن، حيث كان صيد الأسماك ثاني أكبر صادرات البلد بعد النفط قبل الحرب التي دارت رحاها منذ2015.
ونقلت الوكالة عن خبراء قولهم إنه "في حين أن كمية النفط التي تسربت من سفينة روبيمار غير معروفة، إلا أنها لا تتجاوز 7000 برميل".
ولفت الخبراء إلى أن "روبيمار تحتوي على كمية من النفط أكبر بكثير من الكمية التي تسربت من سفينة واكاشيو المملوكة لليابان، والتي تحطمت بالقرب من موريشيوس في عام 2020، مما تسبب في أضرار بملايين الدولارات وألحق الضرر بسبل عيش الآلاف من الصيادين".
وحول الأسمدة الضارة التي كانت تنقلها وقت الهجوم، أكد الخبراء أنه "إذا ظلت الكميات سليمة تحت الماء، فسيكون التأثير بطيئا بدلا من إطلاقه على نطاق واسع". وأضافوا: "الأسمدة تغذي تكاثر الطحالب. وتكاثرها يعني فقدان الأكسجين واختناق الحياة البحرية وإنشاء ما يسمى المناطق الميتة. كما أنها تشكل خطر كبير على الشعاب المرجانية الأكثر تنوعًا واتساعًا في العالم".
السفينة روبيمار بعد غرقها (القيادة المركزية الأمريكية)
ويوم السبت الماضي، حذّر رئيس الوزراء اليمني، أحمد بن مبارك في لقاء جمعه مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستفين فاجن، من كارثة بيئية كبرى مع غرق روبيمار. وناشد بن مبارك المجتمع الدولي بالتحرك العملي والعاجل وتشكيل خلية طوارئ دولية لإنقاذ البحر الأحمر ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن غرق السفينة.
وفي تصريحات نقلتها وكالة سبأ الرسمية، قال وزير النقل اليمني عبد السلام حميد يوم السبت إن "الهيئة البحرية وجهت رسالة عاجلة لرئيس المنظمة البحرية الدولية والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، ومقرها في جدة، وتم إبلاغهم بغرق السفينة، وطلب المساعدة لتلافي الآثار البيئية التي ستخلفها تلك المواد الخطيرة التي كانت على متن السفينة، وعلى أمل أن يتم التجاوب في أسرع وقت ممكن".
وأكد الوزير أن هناك إجراءات قانونية ستقوم بها وزارة النقل عبر الهيئة العامة للشؤون البحرية لتفويض محامٍ دولي للضغط على ملاك السفينة للمساعدة في التخلص من الكارثة البحرية المترتبة على غرق السفينة وحمولتها التي ستؤثر على الثروة السمكية في اليمن، وفقا لوكالة سبأ.
Previous article