مبنى سكن الطالبات بجامعة عدن، 17 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
18-09-2024 at 10 PM Aden Time
سوث24 | ريم الفضلي
أثار مشروع قرار لجامعة عدن بتحويل سكن الطالبات في مدينة الشعب إلى مقر لكلية الإعلام جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والرأي العام في جنوب اليمن مؤخرًا؛ حيث من المقرر أن تتخذ رئاسة الجامعة قرارها النهائي بشأن هذا المشروع في 30 من سبتمبر الحالي، وسط قلق متصاعد من تداعياته المحتملة على الطالبات المقيمات حالياً وعلى الطالبات المستقبليات.
يُعتبر السكن في مدينة الشعب بجامعة عدن وجهة أساسية للطالبات من مختلف المحافظات المجاورة، ويشكل تحويله إلى مقر لكلية الإعلام تهديداً لفرص الطالبات في الحصول على سكن ملائم. جامعة عدن، التي اكتسبت سمعة طيبة كإحدى أبرز الجامعات في الوطن العربي منذ السبعينات، كان قرار إنشاء مساكن الطلاب والطالبات جزءاً من رؤيتها لتوفير بيئة تعليمية ملائمة. هذه المساكن أسهمت في تلبية احتياجات الطلاب غير القادرين على تحمل تكاليف الإقامة أو التنقل بين المحافظات، مما يجعل استمرارها أمراً حيوياً للحفاظ على فرص التعليم الجامعي بشكل منصف، وخاصة للطالبات القادمات من المناطق الأخرى. إضافة إلى ذلك، يثير هذا القرار مخاوف من تأثيرات سلبية محتملة على المبادرات الثقافية والتبادل الأكاديمي مع الجامعات في الدول الأخرى، حيث تعد المساكن الجامعية شرطاً أساسياً لهذه البرامج.
تحويل السكن إلى مقر لكلية الإعلام
في نهاية أغسطس، كلف رئيس جامعة عدن لجنة بتقييم مبنى سكن الطالبات في مدينة الشعب لتحويله إلى مقر لكلية الإعلام. ضمت اللجنة نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، الدكتور محمد العطاس، وعميد كلية الإعلام، وهيب العزيبان. وأكد العطاس في حديث لمركز سوث24 أن اللجنة رفعت تقريراً يقضي بصلاحية المبنى للاستخدام الجديد، شريطة إيجاد بديل مناسب للطالبات المقيمات، مشدداً على أن القرار لن يُنفذ دون توفير هذا البديل.
ورداً على السؤال فيما إذا كان هذا المشروع قانونياً، قال العطاس إن جامعة عدن لها الحق في إعادة تخصيص مبانيها وفقاً لاحتياجاتها، مشيراً إلى أن الجامعة قامت بمثل هذه التحولات في السابق.
في هذا السياق، قال رئيس اتحاد طلاب جامعة عدن، يحيى الطبقي، لمركز سوث24، إن تحويل سكن الطالبات إلى مقر لكلية الإعلام يُعد خطوة مقلقة. وأوضح أن استخدام أصول الجامعة لمصلحة كلية أخرى دون دراسة شاملة لتبعات القرار يمثل تصرفاً غير مدروس. وأشار إلى أن الحلول المؤقتة مثل استئجار شقق ليست كافية، مبرزاً أن الجامعة قد تواجه صعوبة في الالتزام بدفع إيجارات هذه الشقق. واعتبر أن هذا الحل مؤقت وقد يؤدي إلى إلغاء سكن الطالبات مستقبلاً، مما يشكل انتهاكاً لحقوقهن.
طالبات في كلية التربية بجامعة عدن، أكتوبر 2022 (مركز سوث24)
من جهته، أكد نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب أن الجامعة، رغم قلة مواردها، مسؤولة عن تأمين بديل مناسب ولن تتنصل من مسؤولياتها تجاه الطالبات مهما كلف الأمر.
التحديات الحالية
في بداية الألفية، كان سكن جامعة عدن يستوعب حوالي 1000 طالب وطالبة، بينهم 150 طالبة وفقاً لما أورده موقع الجامعة. حالياً، يقتصر السكن في مدينة الشعب على 25 طالبة رغم أن المبنى مكون من 16 شقة. وتعمل الجامعة حالياً على تحويل المبنى إلى مقر لكلية الإعلام، التي انفصلت عن كلية الآداب وأصبحت كياناً مستقلاً في عام 2022. ويعزى جزء من قرار التحويل إلى انخفاض عدد الطالبات المقيمات، مقارنة بحجم المبنى الكبير.
تؤكد الدكتورة خلود حنيبر، المحاضرة بكلية الآداب في جامعة عدن، على أهمية استمرار سكن الطالبات رغم انخفاض عدد المقيمات. ورغم أنها ترى أن تحويل مبنى سكن الطالبات إلى مقر لكلية الإعلام قد يكون خياراً معقولاً في ظل الظروف الحالية، إلا أنها تشدد على ضرورة التزام الجامعة بتوفير سكن بديل. وأوضحت لمركز سوث24 أن توفير مبنى مناسب لكلية الإعلام مهم بسبب صعوبة بناء منشآت جديدة، لكن إذا عجزت الجامعة عن تأمين سكن بديل، فيجب الإبقاء على الوضع الحالي.
لكن رئيس اتحاد الطلاب بجامعة عدن يحيى الطبقي يؤكد أن المشكلة تتجاوز وضع الطالبات الموجودات في السكن. ولفت إلى أن سكن الطالبات هو من المتطلبات الأساسية لأي جامعة حكومية، وخاصة جامعة عدن التي تُعد أقدم وأعرق الجامعات اليمنية. وأشار إلى أن توفير سكن ملائم ليس مجرد مرفق خدمي، بل هو عنصر أساسي لضمان استقرار الطالبات وتوفير بيئة أكاديمية داعمة.
وشدد الطبقي على أن "المساس بهذا الحق دون تقديم بدائل دائمة ومستدامة يشكل انتهاكاً لحقوق الطالبات وقد يؤثر سلباً على سمعة الجامعة الأكاديمية". وأضاف أن جامعة عدن، بوصفها الجامعة الأم في اليمن، تتحمل مسؤولية خاصة في تقديم الدعم والرعاية للطالبات، مؤكداً أن الحلول المؤقتة، مثل السكن المستأجر، لا تعادل الحلول المستدامة التي تحتاجها الجامعة والطالبات".
معاناة الطالبات
زار فريق مركز سوث24 سكن الطالبات في مدينة الشعب، المؤلف من ثلاثة مبانٍ مترابطة، كل منها يتكون من طابقين. لكن السكون كان مخيمًا على المكان.
عند دخولنا، شعرنا بوطأة الإهمال؛ فالتيار الكهربائي كان مقطوعًا، بينما انتشر البعوض بشكل كثيف بالمكان بسبب الأشجار العشوائية المتناثرة في الساحة.
مبنى سكن الطالبات بجامعة عدن، 17 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
بأصوات مثقلة بالاستياء، شاركتنا بعض الفتيات معاناتهن اليومية في السكن، وتحدثن عن تدهور الخدمات وغياب الاهتمام من قبل المسؤولين.
إيمان*، إحدى الطالبات المقيمات في السكن الجامعي بمدينة الشعب منذ ثلاث سنوات، شاركت تجربتها مع مركز سوث24 بمرارة وألم. وفقًا لها، لم يقتصر الأمر على الإهمال فقط بل وصل إلى حد الشتائم التي يوجهها عاملون في السكان تعينهم إدارة الجامعة.
وحول خطة تحويل السكن إلى مقر لكلية الإعلام، أعربت إيمان عن قلقها العميق، مؤكدة أن هذا القرار إذا ما تم تطبيقه، سيؤدي إلى تشريد الطالبات المقيمات حاليًا. وأضافت أن الحلول المقترحة من قبل الجامعة، مثل توفير شقق مستأجرة، لا تفي بالمعايير الأكاديمية أو الاحتياجات الإنسانية للطالبات.
مبنى سكن الطالبات بجامعة عدن، 17 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
كما أشارت إيمان إلى أن إدارة السكن لم تكن قادرة يومًا على توفير أبسط الخدمات الأساسية مثل الماء أو الأثاث، ناهيك عن إجراء الإصلاحات الضرورية للمبنى. وتساءلت كيف يمكن للإدارة أن تدّعي قدرتها على دفع إيجارات خارجية في حين تعجز عن توفير هذه الخدمات في السكن الحالي.
من جهتها، قالت الطالبة عزة* لمركز سوث24، إن عائلتها اختارت السكن الجامعي لأنه يوفر لها الأمان خلال فترة دراستها وهي بعيدة عنهم. ومع ذلك، فإنها تشارك زميلتها إيمان نفس الرأي حول تدني مستوى الخدمات وسوء المعاملة.
وأضافت عزة أنه قبل عامين، رفضت إدارة شؤون الطلاب قبولها في السكن بحجة عدم استقبال الطالبات المستجدات. وتساءلت عما إذا كان هذا الرفض مرتبطًا بالخطط الحالية لتحويل السكن إلى كلية الإعلام.
تحديات متعددة
تواجه طالبات جامعة عدن مجموعة من التحديات التي تؤثر بشكل ملحوظ على مسيرتهن التعليمية. من أبرز هذه التحديات نقص الخدمات الأساسية في السكن الجامعي، ضعف البنية التحتية، وعدم وجود حلول مستدامة لتلبية احتياجاتهم الأكاديمية والمعيشية. هذه العوامل تسهم في زيادة الضغوط على الطالبات وتعرقل تقدمهن الدراسي. وتواجه الطالبات صعوبات مضاعفة مقارنة بزملائهن الذكور، نتيجة للضغوط المجتمعية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
إحدى الطالبات التي التقاها فريق مركز سوث24 أشارت إلى تحديات عديدة، مثل ارتفاع تكلفة المواصلات والتعرض لمواقف غير مريحة كالتحرش. وأوضحت أن العديد من الطالبات في دفعتها اضطررن لترك الدراسة بسبب الظروف القاسية التي تمر بها أسرهن.
مبنى سكن الطالبات بجامعة عدن، 17 سبتمبر 2024 (مركز سوث24)
حنان الرشيدي، طالبة الميكروبيولوجي في كلية العلوم، قالت لمركز سوث24، إن أبرز التحديات التي واجهتها خلال أربع سنوات من دراستها تشمل صعوبة الوصول إلى التكنولوجيا العلمية، والتحديات المجتمعية المتمثلة في تأخر العودة إلى المنزل بسبب تأخير المحاضرات. كما أشارت إلى الصعوبات المالية التي واجهتها في تنفيذ الأبحاث وتوفير المستلزمات الدراسية، بالإضافة إلى التحديات الأكاديمية التي واجهتها في بداية دراستها الجامعية.
في نهاية المطاف، وعلى الرغم من تأكيد جامعة عدن على توفير بديل مناسب للطالبات، فإن التساؤلات حول جدوى الحلول المؤقتة والتأثيرات طويلة الأمد على الطالبات تبقى قائمة. يظل هذا الموضوع مفتوحاً في انتظار القرار النهائي لرئاسة الجامعة نهاية الشهر، وهو قرار سيحدد ملامح المستقبل الأكاديمي والاجتماعي للعديد من الطالبات في جامعة عدن.
Previous article