08-03-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| القسم السياسي
في أول زيارة رسمية بين البلدين، منذ إعلان المقاطعة العربية في يونيو 2017، ومنذ قمة العلا في يناير كانون الثاني الماضي، وصل اليوم إلى العاصمة القطرية الدوحة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في زيارة وصفتها وكالة الأنباء الرسمية السعودية بـ "الرسمية"، حمل فيها رسالة لأمير قطر من العاهل السعودي.
زيارة الوزير السعودي جاءت بعد يوم واحد فقط من استقبال وزير الخارجية القطري، الشيخ عبد الرحمن آل ثاني، لوزير الخارجية في حكومة المناصفة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك حاملاً معه، أيضا، رسالة من الرئيس عبدربه منصور هادي.
زيارة بن مبارك، التي أعلن فيها استئناف العلاقات اليمنية مع الدوحة، لاقت احتفاءاً ملحوظاً من وسائل الإعلام اليمنية الرسمية والتابعة لحزب الإصلاح الإسلامي (جماعة الإخوان في اليمن). وكانت الحكومة المعترف بها دولياً قد قطعت علاقتها بالدوحة، بالتزامن مع إعلان السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر، على خلفية "الدور القطري المزعزع للأمن القومي العربي".
ووفقاً لوكالة الأنباء القطرية، شدد الجانب القطري خلال لقاءه بنظيره اليمني على "موقف دولة قطر الثابت بشأن أهمية المحافظة على وحدة اليمن وتحقيق أمنه واستقراره"، وأشار إلى "ضرورة إنهاء حالة الحرب، وتبني الحوار والحل السياسي، وتحقيق المصالحة الوطنية، والعودة إلى مخرجات الحوار الوطني الشامل التي توافقت عليها القوى السياسية وكافة أطياف الشعب اليمني كأساس لإنهاء هذه الأزمة"، كما دعا إلى "تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، لا سيما القرار رقم 2216".
بدر قاسم محمد |
وفي الوقت الذي تُتهم الدوحة بعلاقتها مع خصم منطقة الخليج الاستراتيجي، إيران، على حساب عمقها الخليجي والعربي، برزت اتهامات عديدة للدوحة بدعم الميليشيات الحوثية، الموالية لإيران في اليمن.
وكانت صحف نمساوية وألمانية قد كشفت منذ أشهر، معلومات وتقارير "استخبارية"، اتهمت الدوحة بتمويل الميليشيات الحوثية بأسلحة اشترتها من أوكرانيا. فضلا عن ذلك، تمنح قطر في منصاتها الإعلامية الأكثر تأثيراً مساحات واسعة لوجهات نظر الحوثيين وخطابهم السياسي والعسكري والحربي.
إقرأ أيضا: وكالات الضغط ولعبة الاستخبارات المزدوجة بين قطر والسعودية
وفي الوقت الذي صعّد الحوثيون قتالهم شرق صنعاء، بهدف السيطرة على ما تبقى من محافظة مأرب الاستراتيجية، الغنية بالنفط، حذّر رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح، علي الجرادي، في حديث لقناة سهيل الفضائية من أنّ "إيران دولة استعمارية طائفية ولا يمكن أن تترك دول الخليج حتى المتوافقة معها"، في إشارة اعتبرها مراقبون سياسيون، تعكس الرغبة السياسية لدى الحزب في استمالة قطر وحثّها على تقديم الدعم والإسناد لشرعية الرئيس هادي السياسية، التي يسيطر الحزب على القرار داخلها. كما تعكس هذه التصريحات تقارباً وتوافقاً بين السعودية والحزب في الوقت الحالي.
تجدر الإشارة إلى أنّ دولة قطر أحجمت عن تقديم أي دعم مالي لليمن في مؤتمر المانحين الذي عُقد في سويسرا الأول من الشهر الجاري.
ووفقاً لتقديرات سياسية متضاربة هناك مجموعة أسباب تتضافر في صناعة الموقف القطري من اليمن، أهمها، قطع شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي علاقتها الدبلوماسية بقطر في 2017، وادعاء قطر التزامها ببنود المصالحة الخليجية القطرية في قمة العلا، والتي يرى الجانب الخليجي أنّ طبيعة التدخل القطري في اليمن يشمل تهديدا للأمن القومي العربي. إضافة إلى الخط السياسي القطري الواضح الأكثر قربا من الإدارة الديمقراطية الأمريكية وسياستها في المنطقة، وهو ما يتعارض مع الموقف السعودي.
ربما ينجح حراك الدبلوماسية اليمنية والسعودية، في إزالة العوائق الدبلوماسية التي وضعت أمام قطر في سبيل حثها على الانخراط الفاعل في الأزمة اليمنية، بينما يتبقى عائق التزام قطر في الوقوف بجانب الموقف الامريكي وخطها السياسي الاستراتيجي العام.
تلعب قطر في الوقت الحالي دور الوسيط غير المباشر بين إدارة بايدن والنظام الإيراني، بشأن عودة الطرفين إلى الاتفاق النووي، في وقت صعّدت إيران من خطوات إنتاجها لمادة اليورانيوم المخصّب.
وكان وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قد بحث مع مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية الخاص إلى إيران روبرت مالي، الخميس الماضي، تطورات الأوضاع في المنطقة، وفقاً لوكالة الأناضول.
تشكّل مأرب اليمنية ورقة ساخنة بين واشنطن وطهران، في الجدال بشأن العودة للاتفاق النووي، خصوصاً بعد محاولات واشنطن لعب دور مباشر في الأزمة اليمنية، بعيدا عن السياسة التقليدية الأمريكية التي أوكلت ملف اليمن طيلة العقود الماضية، للرياض.
إقرأ أيضا : سقوط مأرب.. توجّهات إقليمية لصنع توازنات جديدة
وفي أحدث تصريح له، يعزز هذه القراءة، نفى وزير الخارجية اليمنية، في حديث لبرنامج "بلا حدود" الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية، اليوم، أن يكون "هناك مسار أمريكي خاص لحل الأزمة في اليمن"، ولكنه أكّد وجود "مسار لدعم المبعوث الأممي"، الأمر الذي يشير بوضوح لجهود الحكومتين السعودية واليمنية، لتقييد تأثير واشنطن في الملف اليمني، وفقاً لرؤية إدارة بايدن.
وتأتي جميع هذه التطورات السياسية، في ظل أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة يشهدها اليمن هي الأسوأ على الاطلاق، وفق تقديرات أممية ودولية.
في عدن، عاصمة جنوب اليمن، التي تستضيف حكومة المناصفة، المنبثقة عن الاتفاق السياسي الموقع في الرياض في 5 نوفمبر 2019 بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، زادت حدة التدهور في الأداء المؤسسي الخدمي والمعيشي، الذي عكس وفق تقارير عديدة، فشل الحكومة في أداء مهامها والإيفاء بالتزاماتها، ما ينذر باندلاع تظاهرات شعبية وفوضى أمنية واسعة.
في هذا الوقت تمثّل المعارك العسكرية بين قوات هادي المعززة بغطاء جوي للتحالف الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، هي الأعنف على الإطلاق، تزامنا مع عمليات جوية حوثية في العمق السعودي طالت مرافق نفطية لشركة أرامكو في الدمام، وتكثيف التحالف غاراته العسكرية في "عمليات جوية نوعية" في صنعاء وما جاورها من المحافظات.
تعكس هذه التطورات، إلى حد كبير، رغبة سعودية إيرانية في استعراض العضلات العسكرية، بما يتعارض مع الموقف الأممي والأمريكي الساعي لإنهاء الحرب والدفع بالحل السياسي الشامل. تسعى الرياض لتشكيل موقف خليجي موحّد، على ما يبدو، فيما يخص الأزمة في اليمن، في رهان جديد على الدبلوماسية القطرية، التي عادة ما تكون تحركاتها مخيّبة لآمال جيرانها.
- بدر قاسم محمد
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات