ما هي الرسائل التي أراد الزبيدي إيصالها لإدارة بايدن؟

ما هي الرسائل التي أراد الزبيدي إيصالها لإدارة بايدن؟

التقارير الخاصة

الجمعة, 12-03-2021 الساعة 10:50 صباحاً بتوقيت عدن

سوث24| قسم التحليل 

أطلّ  رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، من على شاشة قناة الـ "سي إن إن" الأمريكية الأولى والأوسع انتشارا، أمس الخميس، للحديث عن الأزمة في اليمن وفي الجنوب، وآفاق السلام ومكافحة الإرهاب. 

الزبيدي- في اللقاء- لم يفوّت التأكيد على قوة وعمق الشراكة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي (دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية)، واعتبر الجنوب وقضيته الأساس الحقيقي والأرضية التي يجب أن يقوم عليها أي حل للأزمة اليمنية، مؤكداً أن "لا سلام دون حل حقيقي لقضية الجنوب".

اللقاء 

تكمن أهمية اللقاء في كونه يأتي على قناةٍ لطالما اُعتبرت المرآة التي تنعكس عليها السياسة الديمقراطية الأمريكية، وأكبر القنوات الرسمية في أمريكا، وبعد أقل من 10 أيام على اللقاء الذي أجراه الزبيدي مع صحيفة الجارديان البريطانية، وقال فيه بإنَّ الرئيس الأمريكي الديمقراطي، جو بايدن، "يمكنه المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ ست سنوات في اليمن من خلال دعم استفتاء برعاية الأمم المتحدة حول استقلال الجنوب".

سبق للزبيدي أن أجرى عدة مقابلات متلفزة سابقة مع قنوات عالمية وعربية أخرى، مثل "روسيا اليوم"، "بي بي سي"، و"سكاي نيوز عربية"، لكنّه الظهور الأول للزبيدي على قناة ناطقة بالإنجليزية، وموجّهة للرأي العام الغربي.


ويأتي هذا اللقاء، الذي أجرته المذيعة البريطانية المخضرمة، باكي أندروسن في العاصمة الإماراتية أبوظبي، في ظل جهود وتحركات أمريكية متنامية تجاه الأزمة اليمنية، بعد سلسلة من الخطوات الفورية تجاه هذه الأزمة منذ الوهلة الأولى لوصول إدارة الديمقراطي بايدن إلى البيت الأبيض، أبرزها إنهاء دور أمريكا في العمليات الهجومية في اليمن، إضافة إلى صفقات السلاح المرتبطة بحرب اليمن، ثم تعيين "تيموثي ليندركينغ" مبعوثاً أمريكياً خاصاً إلى اليمن، وإلغاء تصنيف الحوثيين كـ "حركة إرهابية"، وهو التصنيف الذي تمّ في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب.

ويتزامن ظهور الجنرال الجنوبي البارز، في خضم تطورات عسكرية "خطيرة" تشهدها الساحة اليمنية والإقليمية، إذ يهاجم الحوثيون المدعومون من إيران محافظة مأرب اليمنية الغنية بالغاز، آخر معقل للرئيس اليمني هادي في شمال اليمن، ومركز قرار وسيطرة جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة للمعارك التي تشهدها محافظة تعز اليمنية بين المقاومة والحوثيين، والهجوم الجوي المتصاعد للحوثيين على أراضي المملكة العربية السعودية.

ما هي الرسائل التي أراد الزبيدي إيصالها لإدارة بايدن؟
اللقاء مع الزبيدي أجرته المذيعة البريطانية المخضرمة، باكي أندروسن في العاصمة الإماراتية أبوظبي 
 

لا سلام بلا جنوب 

حرصَ الزبيدي في كل ظهور له، على التأكيد على محورية القضية الوطنية الجنوبية في أي حل دائم للأزمة اليمنية، بوصفها قضية تمتد جذورها إلى ما قبل أزمة 2015 بعقدين من الزمان، وتمثّل الأساس المتين ومفتاح حل هذه الأزمة، مشدّداً على ضرورة مشاركة الجنوب - وعبر المجلس الانتقالي الجنوبي المفوّض من قبل الجنوبيين- في أي جهود للسلام وحل الأزمة ترعاها الأمم المُتحدة.


وقالَ الزبيدي لـ CNN أنَّ اتفاق الرياض الموقّع بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية "لم يمت"، وهي رسالة تدّل- بوضوح- على الصعاب التي تعترض هذا الاتفاق وحكومة المناصفة التي أفضى إليها، ومحاولة القضاء عليه، ليعود ويوكّد على المسعى الأساس للانتقالي من هذا الاتفاق، وهو "الجانب الإنساني"، وحضور الانتقالي "في المفاوضات لتمثيل قضية الجنوب".

وأرسل الزبيدي رسالة للمجتمع الدولي قال فيها أنَّ "احترام الدول لحقوق الشعب الجنوبي وإرادته وتطلعاته يعكس احترام هذه الدول للديمقراطية وحقوق الانسان والقانون الدولي"، وهي الرسالة التي تعني أمريكا تحت إدارة بايدن الديمقراطي أكثر من غيرها، خصوصاً وأنَّ هذه الإدارة تبدي حماساً ودعماً كبيراً للديمقراطية والحرية حول العالم، وهو ما يضع قيمها هذه في اختبار حقيقي فيما يخص قضية جنوب اليمن.

مكافحة الإرهاب 

وحظي ملف مكافحة الإرهاب باهتمام واضح في أجندة اللقاء، خصوصاً بعد ما وجهّت له المذيعة البريطانية سؤالاً حول حقيقة مخاطر داعش والتنظيمات الأخرى في جنوب اليمن.

قال الزبيدي أنّ "المجموعات الإرهابية في شبوة ومأرب وبعض المناطق، التي تتلقى الدعم من الإخوان المسلمين، تشكّل تهديدا وخطراً حقيقيا"، وهي رسالة تحذّر من استمرار عرقلة "اتفاق الرياض"، وتنفيذ الشق العسكري من الاتفاق. لا تزال قوات تتبع الإخوان المسلمين متمركز في أبين وشبوة ووادي حضرموت.


ولم يخف الزبيدي تأثير مغادرة القوات الإماراتية لجنوب اليمن، على ملف الإرهاب. وشدد على فعالية وجودها في الجنوب في تدريب ودعم القوات الجنوبية لمكافحة الجماعات المتطرّفة.

الحديث عن مخاطر الإرهاب في اليمن وتراجع المكاسب المتحققة ضدّه بعد رحيل القوات الإماراتية يتوافق مع تقريرٍ سابق للخارجية الأمريكية للعام 2019، أشار إلى أنَّ "المكاسب ضد الإرهاب تراجعت بعد حلّ قوات النخبة الشبوانية"، وهي قوات جنوبية تابعة للمجلس الانتقالي، وتحظى بدعمٍ من الإمارات، ومن المعروف أن أمريكا تحمل لواء العالم بالحرب ضد الإرهاب، وتحرص على مكافحته كل الإدارات المتعاقبة.


 
شراكة متينة 
 

ويؤكد اللواء الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على أنَّ "الشراكة" التي تجمع المجلس بدول التحالف العربي، أي السعودية والإمارات، قوية ومتينة، مؤكداً أنَّ الانتقالي "لن يفرط في حلفاءه"، وأنَّ التدخلات الإيرانية في المنطقة "هي سبب كل ما يحدث، وهي رسالة تأتي في ظل تصاعد الهجوم الجوي الحوثي على السعودية بالطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية.


وعن العلاقة مع الإمارات، وصفها الزبيدي بـ"القوية"، وتأتي ضمن الشراكة المتينة مع التحالف العربي، والذي تُمثّل فيه الإمارات الطرف الأساسي إلى جانب السعودية، وفي الوقت الذي أقّر فيه بدعم الإمارات للمجلس، قال أنّه "ضئيل" مقارنة بما "قُدّم للآخرين"، وهي إشارة، ربما، إلى "قوات حراس الجمهورية" في الساحل الغربي، وأطراف أخرى في الشرعية اليمنية التي تحظى بدعمٍ إماراتي وسعودي في حربها ضد الحوثيين.

الموقف من الحوثيين 

واستبعد الزبيدي بشكل واضح احتمالية "التعاون مع الحوثيين" ووصفه بأنه "غير مُمكن" بالنسبة للانتقالي الجنوبي، وهو موقفٌ أكثر تشدداً من موقفه السابق في "الجارديان البريطانية"، الذي لمّح فيه لإمكانية الحوار مع الجماعة المدعومة من إيران. 

ويمكن تفسير هذا التطور بحالة التصعيد التي يمارسها الحوثيون مؤخراً ضد السعودية، واستهدافهم لمنشئات نفطية ومدنية وعسكرية فيها، مما يؤكّد عدم رغبة الجماعة بالحوار والسلام. وكان القيادي البارز في جماعة الحوثيين، محمد علي الحوثي، قد استبعد، في مقابلة مع سبوتنيك الروسية، إمكانية إجراء حوار مباشر مع المجلس الانتقالي، وبرر ذلك بأن المجلس "لايملك قرار".

وانتقد الزبيدي خطوة إدارة بايدن بإزالة الحوثيين من لائحة الإرهاب، وقال أنّها تشكّل "دعما سياسيا كبيرا لهم، دفعهم لتصعيد عملياتهم العسكرية".

لكنَّ رئيس الانتقالي عاد ليؤكّد أنَّ المجلس سوف يتحاور "مع من يُسيطر على الأرض، سواء كان الحوثي أو غيره، تحت مظلة الأمم المتحدة"، وأضاف "لن نضع يدنا بيد منظمة إرهابية".

يُذكر أنّ وكالة رويترز الدولية كانت قد نقلت- عن مصدر لها- أنَّ مناقشات غير مُعلنة رسمياً اُجريت في العاصمة العُمانية مسقط26 في شباط/فبراير، بين المبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندركينغ وكبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبد السلام، بعد لقاء ليندركينغ بالسعوديين في وقت سابق.


يعقوب السفياني 
محرر وصحفي في مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

جنوب اليمن استقلال جنوب اليمن شمال اليمن المجلس الانتقالي الجنوبي الحوثيون الولايات المتحدة الإمارات مكافحة الإرهاب