30-05-2021 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التقارير
يتأهب وفد المجلس الانتقالي الجنوبي، للذهاب إلى السعودية، بعد دعوة من المملكة "لاستكمال المشاورات لتنفيذ بقية بنود اتفاق الرياض" مع الحكومة اليمنية.
وتأتي الدعوة عقب عودة قيادة المجلس قبل أسابيع إلى عدن بالتزامن مع خروج وزراء حكومة المناصفة - عدا وزراء المجلس - من عدن إلى وادي حضرموت والسعودية، بعد أن امضوا ما يقرب 5 أشهر في عدن دون حلحلة للأزمات فيها وبقية المحافظات، كما نّص الاتفاق.
إضافة لتعثر تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض، لم يتم تشكيل الوفد التفاوضي الذي سيشارك فيه الجنوبيون عبر المجلس الانتقالي في مفاوضات وقف إطلاق النار على صعيد وطني وعملية السلام الشاملة مع الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومعظم شمال اليمن.
اتفاق الرياض
في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، وقّع المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية اتفاقاً في السعودية، عُرف بـ "اتفاق الرياض"، وذلك بعد سيطرته على عدن إثر انتصاره في معارك عنيفة في أغسطس/آب 2019، وخسارته في محافظة شبوة بعد دخول القوات الموالية للرئاسة اليمنية وإخراج قوات النخبة الشبوانية منها.
نصّ اتفاق الرياض بين الطرفين على بنود سياسية وأخرى عسكرية. تضمّن الشق العسكري والأمني من الاتفاق انسحابات متبادلة، ودمج الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية الموالية للمجلس ضمن قوام وزارتي الدفاع والداخلية. فيما تضمّن الشق السياسي تشكيل حكومة مناصفة تعود إلى عدن، وتشكيل وفد مشترك للتفاوض مع الحوثيين الذين يسيطرون على شمال اليمن، بالإضافة لنقاط أخرى عديدة.
لأشهر لاحقة، لم يرَ الاتفاق النور بسبب الخلافات حول أولوية تنفيذ الشق العسكري والأمني قبل السياسي بالنسبة للحكومة، والعكس بالنسبة للمجلس. واندلعت المعارك مجدداً في منتصف مايو / أيار 2020، بالتزامن مع جولة مفاوضات جديدة في الرياض بين وفد المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة اللواء عيدروس الزُبيدي من جهة، وحكومة عبد ربه منصور هادي من جهةٍ أخرى.
وتمخّض عن مفاوضات الرياض بنسختها الثانية إعلان وقف إطلاق النار في محافظة أبين شرقي عدن، وتشكيل حكومة مناصفة بين جنوب وشمال اليمن، لأول مرة منذ حرب 1994، حصل فيها المجلس الانتقالي الجنوبي على عدد من الحقائب الوزارية، بالإضافة لتعيين محافظ ومدير أمن جديدين لعدن.
وفي مطلع العام الحالي، وصلت حكومة المناصفة عدن، وهي البند الوحيد في اتفاق الرياض الذي تم تحقيقه، فيما راوحت الأوضاع العسكرية مكانها، ولم تنسحب الوحدات العسكرية الموالية للرئاسة اليمنية - التي قدمت من محافظة مأرب ومناطق شمال اليمن - من شبوة.
رغم وصولها عدن منذ 6 أشهر، لم تُقدّم حكومة المناصفة حلول حقيقية للملفات والأزمات التي يعاني منها الجنوبيون والمناطق المحررة في شمال اليمن، خصوصاً الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، والتدهور الكبير للعملة والاقتصاد. وهي من أهم الأسباب التي دفعت الجنوبيين والمجلس الانتقالي لإسقاط حكومتين سابقتين.
الوفد التفاوضي المشترك
وإلى جانب الشق العسكري، لم يتم تنفيذ البند الذي تضمّن تشكيل وفد تفاوضي مشترك يشارك فيه الجنوبيون عبر المجلس الانتقالي الجنوبي في مفاوضات وقف الحرب على صعيد وطني مع الحوثيين، ومفاوضات الحل الشامل للأزمة التي ينادي بها المجتمع الدولي.
فمنذ اندلاع الحرب في 2015، وما تلاها من حوارات عديدة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في جنيف والكويت واستكهولم ومسقط وغيرها، غاب الجنوبيون المنادين بالاستقلال عن كل هذه الحوارات والمفاوضات، رغم حضورهم على كافة المستويات على جغرافيا الصراع، فضلا عن أقدمية ومحورية قضيتهم التي تعود جذورها إلى مرحلة "احتلال الجنوب" كما يصفها الجنوبيون في عام 1994 من قِبل نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وحلفائه من الأحزاب الدينية والسياسية والقبائل، في شمال اليمن.
يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس في 2017 إلى تمثيل الجنوبيين في مفاوضات السلام بين أطراف الأزمة اليمنية، وفي كل المحافل الدولية، والقضاء على حالة العُزلة والإقصاء التي تعاني منها القضية الجنوبية، وترسيخ مطالب الاستقلال وعودة الدولة الجنوبية إلى وضع 21 مايو 1990.
وفي حديث خاص لـ"سوث24"، قال مبعوث رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، عمرو البيض، إنَّ "تشكيل وفد تفاوضي مشترك، نقطة أساسية من نقاط اتفاق الرياض، وهي ليست مُقيّدة بتسلسل للتنفيذ مع النقاط الأخرى، ومن المهم فتحها وهذا هو الوقت المناسب لذلك، في ظل الضغط الدولي نحو تشكيل هذا الفريق التفاوضي حتّى يشارك المجلس الانتقالي الجنوبي في العملية السياسية".
"البيض: اللقاءات الخارجية التي يجريها المجلس الانتقالي تأتي تعزيزاً لدوره في العملية السياسية"
مشاركة الجنوبيين بقيادة الانتقالي في مفاوضات السلام النهائية تواجه تحديات كبيرة، ولعلها من أكبر العقبات التي يواجها اتفاق الرياض، حيث تحرص القوى التقليدية في شمال اليمن على عدم مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في أيّة مفاوضات بسبب تبنيه مطالب الجنوبيين بالاستقلال، الأمر الذي ترفضه هذه القوى وتشترك بذلك مع الحوثيين في صنعاء.
وفي كل اللقاءات التي جمعت كثير من سفراء ودبلوماسي الدول الكبار والمبعوث الأممي ومسؤولين أمريكيين بقيادات المجلس الجنوبي، يؤكّد الأخير استعداده للمشاركة في مفاوضات حل الأزمة والسلام، وضرورة مشاركته كممثل شرعي للجنوبيين، وعدم تكرار نسخ المفاوضات والحوارات السابقة التي تجاوزته كطرف أساسي والقوة الأبرز المسيطرة في جنوب اليمن. وحذَّر الانتقالي من فشل كل المفاوضات التي لا يشارك بها شعب الجنوب، وأنّه سيكون في حلٍ من أي التزامات بها.
"اللقاءات الخارجية التي يجريها المجلس الانتقالي تأتي تعزيزاً لدوره في العملية السياسية"، قال عمرو البيض لـ"سوث24"، وأضاف: "كانت النية الحكومية تعطيل تنفيذ اتفاق الرياض والتحجج بالملف العسكري والأمني، لكننا وصلنا لتفاهمات مع المجتمع الدولي بضرورة أن يشارك المجلس الانتقالي في العملية السياسية، وحالياً هنالك ضغط باتجاه التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض".
جهود الحل السياسي
مع بداية مارس/ أذار الماضي، جرت اللقاءات التفاوضية بين جماعة الحوثيين والمبعوثين لليمن، الأمريكي تيموثي ليندركنغ، والأممي مارتن جريفث، بالإضافة لمبعوثي السويد والاتحاد الأوروبي. وهدفت هذه اللقاءات إلى تثبيت وقف إطلاق نار على صعيد وطني، خصوصاً مع اشتداد المعارك في محافظة مأرب النفطية (آخر معاقل الحكومة اليمنية في شمال اليمن) وزحف الحوثيين المستمر نحو المدينة المتبقية.
مُتعلّق: معركة مأرب: ميزان النهاية لحرب اليمن.. لمن تُرجّح الكفّة؟
لم يثمر عن هذه المفاوضات شيء، وأعلن المبعوث الأممي مارتن غريفث، في مايو، فشل مفاوضات مسقط في التوصل لاتفاق وقف الحرب [1]، كما صرّح المبعوث الأمريكي، ليندركينغ، أنَّ المفاوضات التي كانت تجري مع الحوثيين في مسقط "فشلت"، وأشار إلى أنّها "تُعرّض أكثر من مليون يمني للخطر في مأرب بسبب تراجع الحوثيين عن التزاماتهم"، وأعلن إنَّ واشنطن ستفرض "عقوبات" على قياديين من الحوثيين لدورهما في معركة مأرب، هما "محمد عبد الكريم الجمالي ويوسف المداني".[2]
الحوثيون قالوا إنَّ فشل مفاوضات مسقط أتى بعد محاولات للضغط على الجماعة بالملف الإنساني، معلنين تمسكهم بـ "إنهاء الحصار وفتح الموانئ والمطارات قبل الدخول في بحث أي ملف عسكري أو سياسي أو الحديث عن وقفٍ لإطلاق النار"، وعدم السماح للسعودية بلعب "دور الوسيط" فيما هي ـ وفقاً للجماعة - "طرف أساسي في الحرب". وسبق للسعودية - التي تقود تحالفاً عربياً إلى جانب الإمارات - أن التقى بعض من مسؤوليها الدبلوماسيين بأطراف حوثية في مفاوضات مباشرة في مسقط في سلطنة عمان، التي تلعب مؤخراً دور الوسيط المُقرّب من حكام صنعاء، وتحت رعاية أمريكية. [3]
وكانت السعودية قد أعلنت- في مارس/ أذار الماضي- عن مبادرة لوقف إطلاق النار في اليمن بإشراف الأمم المتحدة واستئناف للمفاوضات بين الحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران، وهو ما رفّضه الأخيرون واعتبروه على لسان متحدثهم السياسي ورئيس وفدهم المفاوض "مبادرة للاستهلاك الإعلامي".[4]
اقرأ أيضا: المبادرة السعودية: الرياض تمدّ يدها للسلام والحوثيون يقللّون
ويؤكّد مبعوث رئيس الانتقالي للشؤون الخارجية لـ"سوث24" أنَّ "الجميع يعلم أنّه لا يمكن أن يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار بدون مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي"، وطبقاً لـ"عمرو البيض"، كان هذا السبب وراء التركيز على "وقف اطلاق النار في مأرب بمفاوضات مسقط".
وأوضح البيض أنَّ موضوع "وقف إطلاق النار" سيُطرح هذه المرة "عند العودة للرياض"، مُشيراً إلى أنَّ الاتفاق هو "البوابة" التي سيدخل عبرها الانتقالي إلى مفاوضات من هذا القبيل بعد تشكيل وفد تفاوضي مشترك.
العودة لاتفاق الرياض
بعد فشل مفاوضات مسقط مع الحوثيين ورفض المبادرة السعودية لإطلاق النار، تتجه السعودية مرة أخرى لجمع الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي على طاولة المفاوضات فيما يبدو وكأنّه محاولة "ضغط" على الحوثيين الذين يهدفون لإحراز انتصار عسكري في مأرب الاستراتيجية والهامة، إذ إنَّ نجاح الاتفاق على الأرض وتطبيق بنوده سيوّحد الجهود العسكرية والسياسية ضدّه.
وحول هذا، لفت عمرو البيض إلى أنَّ عودة وفد المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الرياض ليس "جولة حوار ثالثة لموضوع آخر"، بل تأتي "استكمالاً لتنفيذ اتفاق الرياض".
وأشار البيض إلى إنَّ هذه العودة تأتي بعد تشكيل حكومة المناصفة، والتي هي "نقطة واحدة من نقاط اتفاق الرياض". مؤكداً أنَّ هنالك "نقاط أخرى كثيرة مُتبقية للحديث بشأنها وتنفيذها استكمالاً للاتفاق".
بشكل أساسي، يتمسّك المجلس الانتقالي الجنوبي بأربعة أمور في مفاوضاته: مناصفة السلطة، الانسحاب العسكري الشمالي من أراض الجنوب، دمّج قواته وترقيمها ضمن قوات الحكومة الشرعية، والمشاركة ضمن وفد التفاوض المشترك مع الحكومة في عمليات الحل والسلام الأممية.
وكانت تقارير أممية قد تحدّثت مؤخراً عن مساع دولية لإلغاء قرار مجلس الأمن رقم 2216، والذي نص على رفض الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وعودتها لصنعاء، واستبداله بقرار جديد تحت الفصل السابع.
وقال مجلس الأمن في نشرته الدورية لشهر مايو آذار الحالي، إنّ أعضاء مجلس الأمن "يمكنهم النظر في قرار جديد يدعو إلى وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد ويفرض المزيد من إشراك أصحاب المصلحة اليمنيين في المفاوضات السياسية لتحديث إطار التفاوض الثنائي بين الحوثيين والحكومة المنصوص عليه في القرار 2216 الصادر في 14 أبريل 2015." [5]
عودة حكومة المناصفة إلى عدن
وكان المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري، قد أشار، في تصريحات لوكالة أنباء الصين، أنّ "عودة حكومة المناصفة إلى عدن تمثّل أولوية بالنسبة للمجلس"، مؤكداً تعاطي الانتقالي الجنوبي بـ"ايجابية" مع دعوة السعودية للذهاب للرياض. [6]
ووفقاً لمصدر رفيع في المجلس الانتقالي الجنوبي، فإنَّ عودة حكومة المناصفة إلى عدن "ليست كافية"، فـ"جوهر المشكلة" يتمثّل "بعدم توفيرها للخدمات وأداء مهامها المُناطة بها، وبقائها في مكان آخر غير عدن يشكّل خرق لاتفاق الرياض". وأشار المصدر إلى "نقاط اقتصادية" في اتفاق الرياض سيركّز عليها المجلس الانتقالي ويشدّد على تنفيذها، ومنها "ضخ إيرادات النفط للبنك المركزي في عدن".
وحاول سوث24 التواصل مع جهات حكومية للتعليق على هذه التطورات، إلا أنّ المركز لم يتلق ردا على ذلك.
ومؤخرا استجاب الحوثيون للضغط الدولي وأجروا لقاءات مباشرة مع المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتين غريفيث، تزامنا مع تصريحات مسؤولين محليين ودوليين شددت على ضرورة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض. ويخشى مراقبون من أنّ يكون اتفاق الرياض، الذي لم تؤكّد عليه المبادرة السعودية الأخيرة، مجرد وسيلة مناورة لحمل الحوثيين على التراجع عن مواقفهم المتشددة تجاه مقترحات المبادرات الدولية لحل الصراع.
صحفي ومعد تقارير لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- المراجع:
[1]. الحرة <عقوبات على حوثيين.. وترحيب أمريكي بخطوة السعودية تجاه إيران> alhurra
[2]. مكتب مارتن غريفيث <بيان صحفي حول اجتماعات المبعوث الأممي الخاص الأخيرة> osesgy.unmissions.
[3]. روسيا اليوم< أسوشيتد برس: السعودية تخوض مفاوضات سلام سرية غير مباشرة مع الحوثيين> arabic.rt.com
[4]. المسيرة< الوفد الوطني محمد عبدالسلام مع قناة المسيرة رداً على المبادرة السعودية> almasirah.net
[5]. سوث24 <الصراع في اليمن: فشل محادثات مسقط وقرار أممي متوقّع لفرض أطراف جديدة> south24.net
[6]. شينخوا <اليمن: الانتقالي الجنوبي يؤكد تلقيه دعوة سعودية لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض> arabic.news.cn