عمليات التجنيد في محافظة أبين (نشطاء)
11-06-2022 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | رعد الريمي
تحظى محافظة أبين، شرقي عدن، بأهمية بالغة في الساحة السياسية والعسكرية في جنوب اليمن. لقد تصدرت المحافظة في الأعوام الأخيرة عناوين الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي من جهة، والقوات الموالية لحزب الإصلاح الإسلامي والرئاسة اليمنية السابقة.
اليوم، عادت المحافظة إلى الواجهة مجدداً في الأسابيع الأخيرة بسبب عمليات تجنيد غير معلنة لصالح ما يسمى بـ "ألوية اليمن السعيد"، وفقاً لمصادر محلية لـ "سوث24".
في هذا الوقت تثير القوات الموالية للرئيس السابق، هادي، المتواجدة في شقرة التساؤلات عن مصيرها، عقب الإطاحة بمنظومة الرئاسة اليمنية السابقة عقب إعلان مجلس رئاسي جديد في اليمن.
ألوية اليمن السعيد
أظهرت صور متداولة مئات الأشخاص في أبين يتم تسجيلهم وتجنيدهم. ووفقاً للمصادر، سيتم تجنيد هؤلاء الأشخاص - الذين يمثل الشباب معظمهم - في لواء جديد مستحدث ضمن "ألوية اليمن السعيد" التي تدعمها السعودية.
وعلم سوث24 من مصادر محلية أنّ عمليات التجنيد وتسجيل أسماء المتطوعين تجاوزت أبين إلى محافظات جنوبية أخرى بينها الضالع.
حتّى الآن، لا تزال المعلومات شحيحة حول "ألوية اليمن السعيد". لقد أشير لهذه القوات بشكل رسمي في 13 يناير الماضي ببيان للتحالف، نقلته وكالة واس، تحدث عن "التحام" هذه الألوية بألوية العمالقة الجنوبية في الجبهة الجنوبية لمأرب.
بيان التحالف جاء عقب يومين من زيارة للمتحدث باسمه، تركي المالكي، لمحافظة شبوة، بعد تحرير مديريات فيها من الحوثيين بعملية عسكرية خاطفة لألوية العمالقة الجنوبية أطلق عليها "إعصار الجنوب". عقد المالكي آنذاك مؤتمرا صحفيا مشتركا مع محافظ شبوة، أعلن فيه انطلاق عملية "حرية اليمن السعيد".
لاحقا، تحدثت وسائل إعلام تابعة للتحالف أو مقربة منه عن معارك تخوضها ألوية اليمن السعيد في جبهة حرض بمحافظة حجة، وجبهات مأرب. وقالت قناة "العربية"، في 9 فبراير، إنَّ هذه القوات "تتبع المنطقة العسكرية الخامسة (الحديدة وحجة).
ولم يُعلن حتَّى الآن عن قيادة رسمية لهذه القوات، لكنَّ مصادر صحفية قالت إنَّ ألوية اليمن السعيد هي قوات مكونة من سلفيين وبعض أفراد القبائل في شمال اليمن، شكلتها السعودية حديثا في مأرب وحدّها الجنوبي مع اليمن، يدعمها التحالف ويشرف عليها رئيس الأركان اليمني صغير بن عزيز.
وحول عمليات التجنيد في محافظة أبين، قال الخبير العسكري عميد ركن ثابت حسين صالح: "من المستغرب تدشين عملية تجنيد لصفوف هذه القوات في محافظة أبين الجنوبية".
وأضاف صالح لـ "سوث24": "لا شك أن وراء ذلك أهداف خبيثة؛ لكن في نهاية المطاف أعتقد أن محافظة أبين لن تخرج عن الموقف الجماعي الجنوبي...".
ولفت العميد صالح إلى أنَّ "دافع الكثير ممن سيلتحق بهذه الألوية هو شخصي بالأساس، ولأسباب معيشية خالصة بالنظر إلى الظروف القاهرة التي يعيشها الجنوبيون خلال سنوات هذه الحرب بل ومنذ حرب 1994". وأضاف: " المستغرب أيضاً في عمليات التجنيد لألوية اليمن السعيد هو عزوف أبناء الشمال عن الالتحاق في هذه الألوية رغم كثرتهم السكانية مقارنة مع محدودية السكان في الجنوب".
وتابع: "ليس لهذا من تفسير إلا انعدام الرغبة المجتمعية في الشمال عامة في خوض أعمال قتالية جادة لتحرير محافظاتهم من الحوثيين باستثناء مقاومة مأرب رغم تواضع الأداء القتالي والمكاسب".
وكانت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في المحفد قد حذرّت من هذه الخطوة و "الزج بالشباب في أتون حروب ومحارق". ويوم الاثنين الماضي قال مصدر قبلي لـ "سوث24"، أنّ طائرة مسيّرة مجهولة الهوية حلّقت فوق منطقة يتواجد فيها المجنّدين شمال شرق أبين، ما أدى لفرارهم والتسبب بحادثين مرورين أسفرا عن إصابة عدة أشخاص.
بالنسبة للسياسي صالح الدويل فإنّ "اختيار أبين لتعبئة وتجنيد أفراد هذه القوات يحمل رمزية يكتنفها كثير من اللؤم".
وفي حديث لـ "سوث24"، أضاف الدويل: "هذا الاختيار لا يخلو من خبث. فهذه المحافظة هي ما يصل الجنوب جغرافيا. إنَّهم يريدون تسويق الخلافات بين أبناء الجنوب ومحاولة عزل أبين عن محيطها الجنوبي ليظهر الجنوبيون وكأنهم عاجزين عن الاتفاق في أرضهم".
وتابع: "تعداد الشمال أكثر من 25 مليونا فهل فشلوا في تجنيد الشماليين ضد الحوثي؟، بالتأكيد لا؛ لم يفشلوا لكنهم يريدون أن تقع الهدنة وهم موجودون أمر واقع في الجنوب بقوات قوامها من الجنوب. إنَّهم يعلمون مدى الرفض الجنوبي لتواجد وتجنيد قوات شمالية في الجنوب".
وأرجع المحلل السياسي نبيل الصوفي عدم انطلاق التجنيد لهذه القوات في محافظات شمال اليمن إلى "انعدام وجود بيئة مناسبة لمثل هكذا أعمال عسكرية".
وقال الصوفي لـ "سوث24": "بالنسبة للشمال والجنوب هذه نقطة مهمة. الشمال بعيد عن كل الأطراف وتمحورت فيه المجريات إلى أوضاع محددة. مأرب لديها قواتها، طارق لديه قواته كل هذه القوات في مساحة مغلقة، وبالتالي فالفضاء المناسب هو الجنوب".
ورأى الصوفي أنّ التجنيد "قد يشكل خطرا مستقبليا على الجنوب. وهو أيضاً استنزاف لمال السعودية ودليل على فشل الجيش الوطني".
وحذَّر صالح الدويل من أن تسهم عملية التجنيد بأبين في تقويض توافق المجلس الرئاسي الجديد في اليمن.
وقال الدويل: "إذ لم تكن عملية إنشاء وتجنيد الشباب للانضمام إلى ألوية اليمن السعيد منسقة ومتفق عليها في مجلس القيادة الرئاسي وتحديدا مع المجلس الانتقالي ومع التحالف".
ورأى أنّ مثل هذا العمل "قد يؤثر سلبا على حالة الوفاق والانسجام والتوافق الذي وفرته مشاورات الرياض لاستمرار المناطق المحررة والتعامل مع الحوثيين سلما أم حربا".
قوات شقرة
بالمقابل لا تزال القوات الموالية للحكومة المتواجدة في مدينة شقرة بأبين، محط جدل حول أجندتها ومستقبلها.
يقول رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام، صالح أبوعوذل بأنها "عبارة عن تشكيلات مسلحة أُسس بعضها على أساس حزبي وديني. تخضع ماليا لسلطة مأرب بعد إسقاط سلطة تنظيم الإخوان في محافظة شبوة الجنوبية، التي كانت الممول الأبرز لهذه التشكيلات".
وأضاف أبو عوذل لـ "سوث24 ": "ظلت لسنوات تطلق على نفسها مسمى الحرس الرئاسي. لكن بعد عزل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، باتت هذه التشكيلات تفكر في التمدد على الأرض تحت مسميات عدة مثل حفظ الأمن والاستقرار، مع أن هذه المناطق التي تتواجد فيها تلك التشكيلات تعتبر أكبر ساحة لأنشطة التنظيمات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة".
ولفت أبوعوذل إلى أنَّ قوات شقرة قد تتسبب بصدام عسكري وشيك. وقال: "هناك احتمالية كبيرة لوجود مخططات لتكرار حروب السنوات الثلاث الماضية، خاصة في ظل تعثر كل الجهود الرامية إلى إعادة تصويب الحرب ضد الحوثيين الموالين لإيران."
"هذه القوات والتشكيلات المسلحة أصبحت خارج سيطرة وإدارة مجلس القيادة الرئاسي" يقول أبوعوذل.
في هذا الوقت نشر موقع عدن الغد المقرّب من هذه القوات، أنّ توجيهات لرئيس مجلس القيادة الرئاسي قضت بتكليف "العميد سند الرهوة قائد اللواء الأول حماية رئاسية بالإشراف على عملية إعادة تجهيز قوات ألوية محور أبين والإشراف على عملية إعادة انتشار ستقوم بها هذه القوات."
ولم يتحقق سوث24 من صحة المعلومات التي أوردها عدن الغد، من مصدر ثالث حتى لحظة نشر التقرير.
ويرى الناشط السياسي والمجتمعي أحمد القفيش أنَّ قوات شقرة قوات شرعية حكومية لا حزبية. وقال "سوث24": "محور أبين يتشكل من عدد من الألوية المرابطة فيه قبل أحداث أغسطس 2019؛ وهي" اللواء 15، اللواء،103، اللواء 115، اللواء الخامس، اللواء 119، اللواء 111 والشرطة العسكرية أبين. كل هذه القوات موزعة ما بين زنجبار عاصمة المحافظة، ومناطق خنفر ولودر وموديه وأحور".
وتابع: "بعد النفير الذي أعلنه المجلس الانتقالي على قوات الحكومة في عدن، انتقلت بعض القوات العسكرية والأمنية وشكلت محورا قتاليا انضم إليه اللواء الأول حماية رئاسية، اللواء 39 مدرع، اللواء الثالث حماية رئاسية، اللواء الرابع حماية، لواء الدفاع الساحلي، اللواء 89، شرطة الدوريات عدن وأبين، الأمن العام والقوات الخاصة أبين".
واستبعد القفيش احتمالية وجود صدام عسكري مع قوات شقرة. وقال: "لا أظن هذا الطرح يخدم المرحلة القادمة كون التطلعات هي نحو طي صفحة الماضي والعمل الجاد نحو توحيد الصفوف مع كل القوى الوطنية وتنفيذ مخرجات اتفاق الرياض".
وأضاف: "لا أظن أن هناك نوايا لدى محور أبين للصدام، ولكنهم أيضاً بالمقابل سيدافعون عن أنفسهم وعلى شرفهم العسكري إذا تم الاعتداء عليهم".
قبل 3 أشهر