التقارير الخاصة

«الواي فاي»: حل بديل لأزمة نقاط «يمن نت» بجنوب اليمن

الصورة: عرب تقنية

16-06-2022 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| عبد الله الشادلي


يجد كثير من مستخدمي الإنترنت، في جنوب اليمن، الوصول إلى الخدمة أمراً معقدّاً لاسيّما مع توقف مكاتب المزود الحصري "يمن نت" عن بيع النقاط للمستخدمين، بحجج وذرائع مختلفة، وسط اتهامات ببيعها في السوق السوداء، وبالعملة الأجنبية.


ويتراوح سعر بيع خطوط الإنترنت في معظم محافظات جنوب اليمن في السوق السوداء بين 3 آلاف ريال سعودي إلى 3500. وبما إنّ المواطن البسيط لا يستطيع الشراء بهذه المبالغ؛ فتحت هذه السياسة أبواب إعادة بيع الخدمة للمشتركين على مصراعيها، عن طريق الشبكات اللاسلكية التجارية "الوايفاي" التي تقوم ببث الخدمة من الكابلات السلكية عبر أجهزة إرسال لاسلكية، إلى مناطق لا تصلها الشبكة لتقديمها إلى المستهلك.


اتهامات


أصبحت المتاجرة بخدمة الإنترنت مشروعاً يدر المال الوفير على أصحاب الشبكات، في ظلّ احتكار يمن نت التي يُتهم موظفوها ببيع النقاط بصور غير مشروعة. لقد جعل هذا الحصول على هذه النقاط ضرباً من الخيال بالنسبة للكثيرين من المواطنين وطلاب الجامعات.


لكنّ شركة "يمن نت" رفضت هذه الاتهامات، وأكدت أنّها لن تتهاون في "معاقبة كلّ من يثبت تورطه في هذه النشاطات". وقال مسؤول في الشركة الخاضعة للحوثيين بصنعاء في اتصال هاتفي مع «سوث24»: "هذه الممارسات لن تقبلها الشركة، وهي مرفوضة رفضاً قاطعاً. في حال توفرت أدلة على ذلك لن نتردد في معاقبة المتورطين".


وأضاف: "النقاط متوفرة، رغم أنّ بعض الكبائن تعاني من الازدحام الشديد. المشكلة الوحيدة هي أنّ الأجهزة والمواد لم يُسمح بدخولها حتى الآن، والعمل جارٍ على تخليصها، وإعادة تكثيف العمل على توسعة نقاط الخدمة".


وحول قانونية عمل هذه الشبكات التي نتجت عن غياب نقاط يمن نت في كثير من مناطق الجنوب لا سيّما البعيدة عن مراكز المدن، قال المسؤول: "هذا النشاط يُعتبر غير قانوني، وبالنسبة للشبكات التي استحدثت بعد العام 2019 سمحنا لها بالعمل"، مشيرا إلى أنّهم عملوا على منع استحداث أي شبكات أخرى بعد ذلك.


لكنّ شبكات الإنترنت اللاسلكية شهدت تزايدا كبيرا بعد العام 2019. وغالباً ما تحظى الشبكات الجديدة بزبائن أكثر؛ لاعتقادهم بأنّها تقدم خدمة أسرع لعدم اكتظاظها بالمشتركين.


وفي المقابل وعلى نحو إيجابي، قال طلاب جامعيون لـ«سوث24»: إنّ "خدمة بعض الشبكات اللاسلكية أفضل مما تقدمه يمن نت".


وأضافوا: "رغم فارق الأسعار الكبير في السعات بين الإنترنت التجاري والحكومي، يضطر البعض منّا إلى الاشتراك في هذه الخدمة لسهولة الحصول عليها، لاسيّما الذين لا تتوفر في مناطقهم خدمة الـ «ADSL» الذي تقدمه يمن نت، حتى وإن كانت خدمة هذه الشبكات سيئة".


خدمة رديئة


ليس ملاّك شبكات الإنترنت وحدهم من يدفع ثمن رداءة الخدمة التي تقدمها يمن نت من حين لآخر، لكنّ المستخدمين يدفعون الثمن على حدّ سواء.


وقال حافظ بن دهري، مالك إحدى شبكات الواي فاي بالمكلا، لـ «سوث24»: "عندما تتردى الخدمة، نواجه نقداً لاذعاً من قبل الزبائن. بعضهم يتفهم المشكلة، والبعض الآخر من الصعب إقناعهم بأن الخلل من المصدر".


وأضاف: "بعض الزبائن يبحثون عن شبكات أخرى، ويذيعون وجهة نظرهم بين الآخرين؛ ما يسبب نفورا من الشبكة التي يستخدمونها، وبالتي تلاحق تلك الشبكة شائعات كثيرة لا قبل لها بالنسبة لملاكها".


أمّا طلاب المدارس والجامعات فمعاناتهم مختلفة. يشرح سالم النوحي، وهو طالب هندسة، معاناته في حضور بعض ورش العمل عن طريق برامج الاتصال المرئي خلال جائحة كورونا.


قال النوحي لـ«سوث24»: "لم أستطع حضور كثير من ورش العمل والندوات التي نُفذت خلال الجائحة. كنت إذا حضرت يوماً أغيب آخر، إذا كنت محظوظاً، وكثيراً ما تواجهني انقطاعات بسبب رداءة الخدمة".


وبالنسبة لـ "مهدي السومحي"، والي أمر أحد طالبات المدارس "لا يحتاج طلبة ما دون الجامعة الإنترنت كثيراً، إلا أنّهم يحتاجونه لتطوير مهاراتهم والاستفادة من بعض الدروس المتوفرة في الشبكة العنكبوتية".


وأضاف السومحي لـ«سوث24»: "جودة الإنترنت في اليمن سيئة جداً، لاسيّما في الجنوب وتكاد تكون غير مفيدة أبداً. يبدو أنّ لذلك آثار سياسيّة".


ومع ذلك، يستمر ملاّك شبكات الإنترنت في مزاولة عملهم، وفقاً للإمكانيات المتوفرة لديهم، ويعتبرونه مشروعاً جيّداً للكسب.


مصدر دخل


أصبح الولوج إلى عالم الإنترنت سهلاً للغاية مع انتشار الشبكات اللاسلكية، التي بات عملها ينافس الشركة الحصرية. كما أنّ بعض المحلات التجارية والمقاهي التي لا يتوفر لديها إنترنت حكومي، تستخدم هذه الشبكات لتقديم الخدمة للزبائن.


وتجني هذه المحالات أرباحاً إضافية، مقابل بيع كروت الإنترنت التجاري للمستخدمين. وكلما زاد البيع ازدادت نسبة الأرباح.


يرى أسامة العولقي، شاب يمتلك بقالة في مديرية عزان بمحافظة شبوة، جنوب اليمن، أنّ ما يجنيه من بيع كروت شبكات الإنترنت في منطقته، لا يقل أهمية عن أرباح السلع الأساسية.


وقال العولقي لـ«سوث24»: "عملنا في البقالات بنظام الدفع الآجل. لكنّ بيع كروت الشبكات وتحويل رصيد شبكات الاتصالات الخلوية يكون نقداً. هذا عامل مساعد لنا وأرباحنا يومية".


وعلى صعيد الجانب التقني، يقول المهندس حافظ بن دهري: "التقنيون أيضاً يستفيدون من هذه الشبكات"، مشيراً إلى أنّ "تكاليف التركيب تترواح بين 150 دولاراً إلى 200".


وأضاف: "تكاليف إنشاء شبكة إنترنت لاسلكية يتراوح بين 5 آلاف ريال سعودي إلى 10 آلاف، غير شاملة للخطوط. فيما يبلغ متوسط دخل هذه الشبكات من 500 ألف ريال يمني إلى مليون ريال".


ويقدّر بن دهري نسبة أرباح شبكات الإنترنت التجاري بمعدل نصف الدخل الإجمالي بشكل عام. ولفت إلى أنّ الدخل "يقلّ مع استمرار ضعف وتقطعات الخدمة من المصدر".


من جانبه، اعتبر المهندس ياسين الحاج، تقني سابق في شبكات الاتصالات، في حديث لـ«سوث24»، أنّ "أصحاب هذه الشبكات يمارسون نشاطاً غير مرخص ومخالف للقانون".


وقال الحاج "هؤلاء يقومون بإعادة بيع خدمة من خدمات المؤسسة العامة للاتصالات بشكل مخالف للاتفاقية التي تمنحها المؤسسة للمشترك لديها".


ولفت الحاج إلى أنّه "رغم كل تلك المخالفات إلا أنّ ملاّك هذه الشبكات يجنون الكثير من الأرباح غير المشروعة، في حين أنّه ليس لهم الحق في إعادة بيع خدمة من خدمات المؤسسة".


ومن ناحية قانونيّة، قال الدكتور محمد عمر لـ«سوث24»: "لا أعتقد أنه يوجد قانون في الدستور اليمني ما يجرّم عمل هذه الشبكات".


ويرى مهندسون تحدثوا لـ«سوث24» أنّ الخدمات التي تقدّمها هذه الشبكات مهمة جداً. وقالوا: "كيف سيكون حال الناس بدونها، في ظلّ صعوبة الحصول على نقاط الخدمة؟".


وأضافوا: "توفَّر الشبكات التجارية الإنترنت في القرى والأرياف، وفي المناطق التي تعجز شركة يمن نت عن توفير الخدمة فيها، عبر طرق وتقنيات مختلفة".


حلول بديلة


تلعبُ شبكات الإنترنت اللاسلكية دوراً مهماً في ربط كثير من المشتركين بالخدمة. ففي القرى والأرياف بمحافظة حضرموت، على سبيل المثال، يرى التقني أحمد البيتي، أنّ المناطق النائية خارج اهتمام الدولة والجهات المسؤولين بالمحافظة، وأنَّهم بقوا في معزل عن العالم لسنوات طويلة.


لقد أصبحت شبكات الإنترنت اللاسلكية -وإن كانت عبر تقنية الأقمار الصناعية «الستالايت»- بالنسبة للبيتي الحل البديل لسكان الأرياف. قال البيتي لـ«سوث24»: "أصبحنا على اتصال مباشر مع العالم الخارجي منذ دخول أول شبكة في منطقة محْمِدة غرب المكلا".


"اليوم يوجد أكثر من شبكة لاسلكية منافسة. المشكلة الوحيدة هي ارتفاع أسعار الاشتراكات"، أضاف البيتي.


وفي الوقت الذي يشكو بعض المستخدمين من ارتفاع أسعار الخدمة، يلقي أصحاب باللوم شبكات الإنترنت الفضائي لارتفاع أسعار الاشتراكات الباهظة.


وتتراوح أسعار باقات الإنترنت الفضائي "ياه كليك" التابع لشركة الاتصالات اليمنية "تيليمن" بين 1110 دولار أمريكي إلى 2250. فيما تتراوح سرعة التحميل من 5 إلى 16 ميغابايت في الثانية.


وتُعدّ خدمة الإنترنت في اليمن الأدنى مرتبة، من حيث نسبة الاشتراك بخدمة النطاق العريض (8%) بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنّها من الأغلى عالمياً. [1] أمّا سرعة الإنترنت فهي متقلّبة بمعدّل 4 ميغابايت في الثانية، وتقع في المرتبة 173 من بين 177 بلد في العالم. [2]


يُشار إلى أنّ الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تيليمن"، أنشئت في العام 1990 كشركة مساهمة محدودة بين الحكومة اليمنية ممثلة بالمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وشركة البرق واللاسلكي البريطانية.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا