التحليلات

مستقبل الحرب على «الإرهاب» في شبوة بعد خسارة الإصلاح

قوات جنوبية (صورة أرشيفية: إعلام محلي)

17-08-2022 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | إبراهيم علي*


ربما طوت الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، ملف نفوذ حزب الإصلاح في المحافظة الغنية بالنفط إلى غير رجعة، لكنها أثارت تساؤلات عن مستقبل الحرب على الإرهاب في المحافظة، التي شكلت لسنوات أحد أهم المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.


خلال الأشهر الماضية نفذ التنظيم عددا من العمليات في المحافظة – لم يعلن مسؤوليته رسميا عنها- ضد قوات دفاع شبوة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.


يمكن فهم هجمات تنظيم القاعدة بأنها رد على تراجع نفوذ الإصلاح في المحافظة إثر إقالة المحافظ السابق محمد صالح بن عديو وتعيين الشيخ القبلي عوض ابن الوزير العولقي خلفا له، وأيضا إثر عودة قوات دفاع شبوة [النخبة الشبوانية سابقا] إلى المحافظة بعد غياب دام 3 سنوات بسبب أحداث العام 2019.


اتهمت مصادر أمنية تحدثت لـ سوث24 أنّ الهجمات التي شنها مسلحون من القاعدة ضد دفاع شبوة في العاصمة عتق، تمت بتواطؤ من قبل القوات الخاصة. وهي قوات تتبع حزب الإصلاح الإسلامي وكانت طرفا رئيسيا في المعارك الأخيرة داخل مدينة عتق. 


علاقة وطيدة


على الرغم من تغيير حاكم شبوة "بن عديو" الذي انتعش نشاط القاعدة خلال فترة ولايته، إلا أنّ القوات الخاصة والتشكيلات العسكرية الأخرى الموالية لحزب الإصلاح  وقفت حجر عثرة في طريق جهود مكافحة الإرهاب.


لقد بقيت هذه القوات خارج أهداف التنظيم طوال السنوات الماضية. يدرك القاعدة جيدا أن هذه القوات تخضع لقرارات الحزب بصورة رئيسية. بالمقابل، وعلى سبيل المثال، لم يمض شهران على عودة قوات دفاع شبوة حتى شن التنظيم أكثر من هجوم دموي ضدها، وفي أكثر من منطقة بالمحافظة.


إنّ الاستثناء من الهجمات ليس الدليل الوحيد على وجود علاقة قوية بين القاعدة والقوات الموالية للإصلاح في شبوة، فقد أشار القاعدة مؤخرا، أنّ مثل هذه القوات ليست من أهدافه، كما قدم اعتذارا غير مباشر لقوات محور أبين جراء علمية نفذها مسلحوه واعتبرها تصرفا فرديا.


يتحدث التنظيم بشكل دائم عن المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات كعدو رئيسي له في اليمن، والأمر ذاته يمكن ملاحظته في خطاب الإعلام الموجه لحزب الإصلاح. لكنَّ أمر هذه العلاقة لا يتوقف عند نقطة وجود عدو مشترك، فهناك انسجام فكري وأيدلوجي ملحوظ. وقد صرح التنظيم في وقت سابق أنه قاتل إلى جانب الجماعات الدينية بدافع عقائدي وطائفي.[1] وهنا يبدو من الصعب الحديث عن حرب على الإرهاب في المحافظة في ظل وجود قوات على علاقة وطيدة بالقاعدة، ومن الصعب اعتبار هذه القوات نظامية وحكومية والتعامل معها على هذا الأساس. رغم وصف حزب الإصلاح لها بقوات "الجيش والأمن"، وتسمية قوات الطرف الآخر ب "الميليشيات".


بناء على وجود هذه العلاقة الممكنة بين التشكيلات العسكرية التابعة لحزب الإصلاح وبين تنظيم القاعدة، يتساءل كثيرون عن مستقبل الحرب على الإرهاب في المحافظة بعد طرد تلك التشكيلات منها. 


في هذا السياق، يمكن الحديث عن أمرين، أولهما "النشاط الإرهابي"، وثانيهما "الحرب على الإرهاب". 


نشاط الإرهاب


قد يحرص تنظيم القاعدة على تنفيذ عمليات انتقامية ضد قوات دفاع شبوة وألوية العمالقة الجنوبية، بسبب دورها في المعارك الأخيرة في شبوة. هجمات التنظيم الأخيرة بين شهري مايو وأغسطس جاءت على الأرجح في هذا السياق الانتقامي.


يرى التنظيم تلك القوات الموالية للانتقالي الجنوبي هدفا له، وله تجربة سابقة مريرة معها بين عامي 2016 – 2018. وهذا يعني أنّ القاعدة تدرك أنّ تطهير شبوة من مخابئها سيكون ضمن أولويات السلطة الأمنية الجديدة.


من المهم الإشارة إلى أنّ حدوث أي هجمات لتنظيم القاعدة، تمثّل ردة فعل متوقعة على خسارة المعقل الآمن وليس بالضرورة نتيجة ضعف الجانب الأمني.


مكافحة الإرهاب


في هذا المحور يمكن الحديث عن تجربة سابقة، ووضع حالي مختلف في "مكافحة الإرهاب".


خلال العامين 2017- 2018، تمكنت قوات "النخبة الشبوانية" وبدعم من التحالف العربي، من طرد التنظيم من المحافظة كليةً، بعد عمليات عسكرية وأمنية والتفاف مجتمعي. على عكس العمليات السابقة، لم تثر عمليات "النخبة" حينها حساسية قبائل المحافظة التي كانت ترفض دخول قوات نظامية معظم أفرادها من المحافظات الشمالية إلى مناطقها. يمكن القول إن تشكيل قوة نظامية كل أفرادها من أبناء شبوة، عالج أهم مشاكل الحرب على الإرهاب.


يشكّل الوضع الحالي، حالة مثالية لنجاح جهود مكافحة الإرهاب. إذ تخلو المحافظة من الحاضنة الأمنية المساندة للقاعدة، وأيضا من الحوثيين الذين كانوا يسيطرون على ثلاث مديريات مهمة منها (بيحان وعسيلان وعين)، قبل أن يتم طردهم منها.


الأهم من ذلك هو أنّ محافظة أبين الحدودية مع شبوة، لن تكون منطلقا لهجمات القاعدة كما كانت في السابق. إذ أنّ سيطرة قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة على شبوة وانهيار قوات الإصلاح فيها، تعني السيطرة ضمنيا على باقي مناطق أبين، التي كانت تشكّل مأوىً آمناً للتنظيم.


وبما أنّ وادي حضرموت إلى الشرق من شبوة، شكّل أحد أهم معاقل القاعدة، فإن مستقبل الحرب على الإرهاب في أبين وشبوة مرتبط بشكل وثيق بالوضع هناك. يتطلب النجاح الكامل في الحرب على "الإرهاب" أن تتوسع هذه الجهود لتشمل أيضا وادي حضرموت.


يمكن القول إنّ العملية العسكرية الأخيرة بمدينة عتق عاصمة المحافظة، كانت المعركة الأهم في سياق الحرب على الإرهاب، وأنّ العمليات القادمة ضد القاعدة لن تخرج عن هذا السياق، لكنها قد تكون أقل حدة، للأسباب التي وردت مسبقا.


إبراهيم علي
هو اسم مستعار لباحث متخصص في شؤون الجماعات المسلّحة، طلب إخفاء هويته لأسباب شخصية


[1]
 
تصريح لزعيم التنظيم السابق أبو هريرة الصنعاني، وقائده الميداني السابق جلال بلعيدي المرقشي، في كلمتين مرئيتين في العامين 20152017.

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا