النفط والغاز يدخلان خط الصراع في اليمن

منشأة بلحاف بشبوة - فرانس برس

النفط والغاز يدخلان خط الصراع في اليمن

التقارير الخاصة

الأربعاء, 05-10-2022 الساعة 03:20 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبد الله الشادلي 

في  27 يونيو الماضي، زار السفير الأمريكي ستيفن فاجن، محافظة حضرموت، جنوب اليمن، والتقى بالمسؤولين المحليين. قالت السفارة الأمريكية إنَّ فاجن التقى بشركاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المنطقة وتعرَّف على عملهم في قطاعات مصايد الأسماك.


السفير الأمريكي ستيفن فاجن في حضرموت، 28 يونيو 2022 - السفارة الأمريكية  

بعد شهرين، وتحديداً في 24 سبتمبر الماضي، نفَّذ السفير الفرنسي جان ماري صفا زيارة أيضاً إلى حضرموت. عقد السفير لقاءات مع مسؤولين محليين وأعلن عن مشروع فرنسي بقيمة مليون يورو لدعم القطاع السمكي. وقال في تصريح صحفي: "جئت إلى حضرموت لتدشين أول مشروع فرنسي في القطاع السمكي".

كانت حضرموت الغنية بالنفط والغاز هي المحافظة الوحيدة التي استقبلت زيارات من هذا النوع خلال الفترة الماضية. في غضون ذلك، كان محافظ شبوة المجاورة والغنية أيضاً، يجري جولة في أبوظبي الإماراتية. وفي 3 سبتمبر، التقى عوض العولقي آرتر جيرازي، المدير العام التنفيذي لشركة OMV النفطية النمساوية.

وناقش العولقي مع الشركة العاملة بقطاعات نفطية في شبوة عددا من الأمور المتعلقة بنشاط الشركة العاملة بحقل العقلة النفطي والمشغلة لقطاع S2. 

وكانت شبوة قد شهدت معارك ومواجهات خلال أغسطس الماضي، أفضت إلى سيطرة القوات الجنوبية والسلطة المحلية على مدينة عتق وحقول نفطية عديدة، وفرار قوات عسكرية موالية لحزب الإصلاح اليمني.

وفي 17 أغسطس الماضي، وبعد أسبوع من حسم معركة عتق، قال محافظ شبوة إنَّ قرار استئناف العمل بمنشأة بلحاف الغازية "يعود للشركاء الدوليين في الشركة اليمنية للغاز، والمجلس الرئاسي." وبعدها بأيام، زار العولقي حقل العقلة النفطي بعد سيطرة القوات الجنوبية عليه، لاستعراض طبيعة الوضع الأمني هناك.

وفي 23 سبتمبر، كشف رئيس المجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن محادثات مع الحكومة الفرنسية بخصوص إعادة تصدير الغاز من منشأة بلحاف بشبوة. وقال العليمي في ندوة مع السفير الأمريكي السابق لليمن: "شركة توتال تشترط أن يكون هناك اتفاق حول القضايا الأمنية خشية ضرب المنشأة بصواريخ باليستية."

وفي الأيام اللاحقة، دشن الحوثيون رسميا تهديداتهم للشركات النفطية العاملة بمناطق المجلس الرئاسي. وفي 1 أكتوبر، وقبل يوم واحد من انتهاء الهدنة الأممية في البلاد، أمهلت الجماعة الشركات النفطية والملاحية حتى 6:00 من مساء الأحد للتوقف عن العمل والمغادرة.


السفير الفرنسي في حضرموت، 24 سبتمبر 2022 - إعلام السلطة المحلية 

استجابة للضغوط؟ 

وحول تصريحات العليمي وتهديدات الحوثيين، قال المحلل السياسي والاقتصادي ماجد الداعري لـ "سوث24": "حديث العليمي بأنّ هنالك تهديدات حوثية لقطاع النفط واستئناف الشركات العاملة في القطاع مثَّل اعترافا صريحا بأنَّ هذه التهديدات قد تحول دون عودة شركة توتال وغيرها للعمل في اليمن."

 وأضاف: "هذه التهديدات ليست حديثة وليست وليدة اللحظة. لقد سبق وأن هدد الحوثيون بتهديدات مشابهة، لكنَّهم لم ينفذوا شيئا. اليوم اختلف الموقف، أعتقد أن الحوثيين جادون وأنَّهم قد يستهدفون أي شركة تحاول أن تعيد تصدير الغاز بالذات؛ لأنًّ الغاز يأتي من مأرب وتصديره يتم عن طريق بلحاف".

وأردف: "العالم بحاجة إلى الحصول على الغاز في ظل استمرار تداعيات أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا وانقطاع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا التي تعتمد بشكل كبير على هذه الإمدادات."

وبشأن زيارة السفراء الى جنوب اليمن، يعتقد الداعري أنَّ ذلك يأتي "من أجل محاولة فتح أي جدار أو أفق في جدار الأزمة المتعلقة بأزمة الطاقة أو بأزمة الغاز، وأيضاً محاولة لإيجاد توافق مع الحوثيين لإعادة تصدير الغاز حتَّى ولو بنسب متفق عليها مع الجماعة على حساب الشرعية واستحقاقات الشعب".

ويرى الداعري أنَّه "لا يمكن إعادة التصدير إلا باتفاق مع جماعة الحوثي التي تصر على أن تستمر الآلية السابقة المتعلقة بإيداع عوائد الغاز إلى حسابات الجماعة في البنك اليمني بصنعاء." وأضاف: "بالتأكيد هذا لن يحصل، لكن إذا حصلت تصفية بين الحوثيين والمجلس الرئاسي على تقاسم العوائد أعتقد أنَّ الشركات ستعود لتصدير الغاز مجددا من الجنوب".

قلق دولي 

في 4 أكتوبر، وبعد يومين من انتهاء الهدنة وفشل تمديدها، عبرَّت الخارجية الأمريكية عن "عدم قبول الخطاب الحوثي الذي يهدد الشحن التجاري وشركات النفط العاملة في المنطقة." جاء هذا البيان بعد يوم واحد من بيان للخارجية الفرنسية أدان "التصريحات التهديدية التي أدلى بها مسؤولون حوثيون تجاه جيران في اليمن."

وكان الحوثيون قد هدَّدوا أيضاً باستهداف الشركات الملاحية والنفطية العاملة بدول التحالف العربي، السعودية والإمارات في بياناتهم." وفي مساء الاثنين، شدد القائم بأعمال السفارة الروسية باليمن على "ضرورة الحفاظ على الحوار بين أطراف النزاع في اليمن"، بعد لقاء مع عضو الرئاسي عيدروس الزبيدي.

وفي اليوم التالي، قال المجلس الرئاسي على لسان الزبيدي إنًّ "الوقت حان لوقف غطرسة وتهديدات ميليشيات الحوثي"، خلال لقاء جمع المسؤول الجنوبي بالسفير الألماني لدى اليمن. وكان الزبيدي وأعضاء آخرون في الرئاسي قد التقوا سفراء من دول عدة؛ وندَّدوا برفض الحوثيين لمقترح الهدنة المحدث الذي قدّمه المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ.

وبشأن تهديدات الحوثيين، قال المحلل السياسي والاقتصادي المقيم في صنعاء، رشيد الحداد، لـ "سوث24": "لأول مرة منذ ثمان سنوات، حركة الحوثيين بشكل رسمي وعلى لسان قائدها عبد الملك الحوثي، توعّدت الشركات الأجنبية بعد نصحها بعدم التورط مع حكومة الطرف الآخر بعملية بيع [...] النفط الخام والغاز المسال والغاز البترولي."

تجدر الإشارة إلى أنّ تهديدات الحوثيين جاءت مباشرة عقب خروج قوات الإصلاح من محافظة شبوة. سبق وأعلن قادة حوثيون استعدادهم لدعم الحزب في القتال بشبوة إذا طلبوا ذلك.
 
قال الحداد: "لقد أكد رشاد العليمي في تصريحاته الأخيرة أنَّ رسالة صنعاء وصلت. الغرض ليس فقط في عملية ربط مبيعات النفط والغاز بصرف رواتب الموظفين، ولكن أيضاً أن تنعكس الإيرادات على القطاعات الخدمية بشكل عام وتحسين الأوضاع المعيشية لليمنيين في الجنوب والشمال".

ولفت الحداد إلى أنَّ "هناك تواصل بين حكومة صنعاء وعدد من الشركات الأجنبية وأبرزها شركة توتال الفرنسية، في محاولة لتأمين عملية إنتاج الغاز المسال." وأضاف: "لدى حكومة صنعاء شروط كبيرة جدا"، مشيرا إلى استفادة الحوثيين من واقع الشروط والعقود مع الشركات الأجنبية التي تمت في صنعاء.

ويعتقد الحداد أن الحوثيين قد ينفذون تهديداتهم فعليا بعد انتهاء الهدنة. وأضاف: "الناطق العسكري يحيى سريع توعد هذه الشركات. عندما يأتي التحذير من شخصية عسكرية، فإنَّنا نؤكد على أنّ الملف ربما قد قُدّم من القيادة السياسية الى الجانب العسكري وأصبح موضع التنفيذ، في حال لم يتم تنفيذ المطالب؛ وبما قد يكون هناك عمل عسكري."

وحول طبيعة هذا العمل العسكري، قال الحداد: "لن يكون العمل بحرياً كما يحاول البعض أن يروج لذلك، ربما قد يكون هنا في صنعاء أو في [محافظات الجنوب] وغيرها. ربما سوف يستهدف منابع النفط وكذلك أنابيب النفط في حال رفض الطرف الآخر أو مطالب صنعاء".

ومع انتهاء الهدنة وفشل كل الجهود لتمديدها، حتَّى اليوم، تُهدد العودة المحتملة للحرب في اليمن بإشعال صراعات جديدة تحركها الثروات النفطية والغازية التي يحتوي جنوب اليمن على معظمها، بالإضافة للثروة الغازية في مدينة مأرب. وخلال عامي 2020 و2021، شن الحوثيون حملة عسكرية ضخمة للسيطرة على المدينة التي تعتبر آخر معقل للحكومة اليمنية في شمال اليمن.

وفي ظل ازدياد الحاجة الدولية بشكل عام، والأووربية بشكل خاص، لمصادر طاقة بديلة عن روسيا، تبرز المخاوف والتحذيرات من استفادة الحوثيين في اليمن وأطراف إقليمية مثل إيران التي تدعم الجماعة من هذه الأوضاع للحصول على مكاسب سياسية؛ وعسكرية ربما خلال الفترة القادمة. 

تضع هذه التطورات المجلس الرئاسي أمام تحدٍ صعب. إذ أنّ معظم هذه الشركات النفطية تتركز في مناطق الجنوب. على الرغم من أنّ خبراء يمنيين يعتقدون أنّ الوجهة القادمة للتصعيد ستكون باتجاه مأرب وتعز في الشمال.


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


جنوب اليمن حضرموت شبوة توتال بلحاف الحوثيون المجلس الرئاسي