رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقون وزير الدفاع السعودي في الرياض، 18 أكتوبر 2023 (رسمي)
23-10-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
شهدت العاصمة السعودية الرياض خلال الأسابيع الأخيرة تحركات دبلوماسية جديدة للدفع نحو اتفاق سياسي في اليمن، حيث يتواجد رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني والمبعوثون والسفراء الدوليون لدى اليمن، وسط أنباء عن قرب إعلان خارطة طريق مبنية على ثلاث مراحل لحل الأزمة، وفقا لمصادر يمنية مطلعة.
ففي 19 أكتوبر الجاري، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ اختتام زيارة إلى الرياض التقى خلالها بمسؤولين ودبلوماسيين يمنيين وإقليميين ودوليين وفقا لبيان نشره مكتبه على منصة "إكس".
وقال البيان إن غروندبرغ التقى برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. "ركزت المناقشات على الخطوات المقبلة في سبيل تيسير التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات لتحسين ظروف المعيشة في اليمن، ووقف إطلاق للنار في جميع أنحاء البلاد، وعملية سياسية جامعة بين اليمنيين برعاية أممية"، طبقا للبيان.
وفي 18 أكتوبر، جمع لقاء آخر في الرياض وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان برئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي وأعضاء المجلس عيدروس الزبيدي وعبد الرحمن المحرمي وطارق صالح وعبد الله العليمي وعثمان مجلي.
وقالت وكالة سبأ إن اللقاء "بحث آخر التطورات والمستجدات في الشأن اليمني، والجهود المشتركة لدعم مسار السلام في البلاد، وعددًا من الموضوعات على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
كما التقى رشاد العليمي المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ في اليوم ذاته. ناقش اللقاء "جهود الوساطة التي تقودها السعودية من اجل تجديد الهدنة، وإحياء العملية السياسية على أساس المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية"، وفقا لوكالة سبأ.
وفي 15 أكتوبر الجاري، اجتمع رئيس المجلس الانتقالي وعضو مجلس القيادة الرئاسي الجنوبي عيدروس الزبيدي مع السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن في الرياض. وقال الزبيدي على منصة إكس: "ناقشنا فيه المستجدات السياسية ذات الصلة بجهود إحلال السلام والتسوية السياسية، وأهمية تماسك مجلس القيادة الرئاسي".
وعقد السفير فاجن لقاءات أخرى مع رشاد العليمي، وعضوي المجلس الرئاسي طارق صالح وعثمان مجلي. وفي 16 أكتوبر، التقى السفير الإماراتي لدى اليمن محمد الزعابي رشاد العليمي بعد يوم واحد من لقاء جمعه بطارق صالح.
قبلها في 11 أكتوبر، التقى هانس غروندبرغ في واشنطن بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وعدد من كبار المسؤولين الأمريكيين. قال مكتب المبعوث إن اللقاءات "ناقشت التقدم المحرز في الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية [..]، واستئناف عملية سياسية جامعة في اليمن برعاية الأمم المتحدة".
وفي 5 أكتوبر الجاري، توجه غروندبرغ إلى العاصمة العمانية مسقط، وبحث مع وزير خارجية عُمان بدر بن حمد البوسعيدي، "تطورات الأوضاع في اليمن، وسُبل التوصل لحل سلمي شامل في البلاد". كما زار في 2 أكتوبر الدوحة القطرية والتقى بوزيرة الدولة للتعاون الدولي، لولوة الخاطر، ومسؤولين قطريين.
اتفاق قريب؟
وفي سبتمبر الماضي، كان وفد من جماعة الحوثيين المدعومة من إيران قد توجه إلى العاصمة السعودية الرياض، لأول مرة بشكل علني، لإجراء محادثات مباشرة مع السعوديين ضمن جهود الوساطة العمانية المستمرة منذ أشهر.
عاد الوفد في 19 سبتمبر بعد خمسة أيام من المحادثات التي تم استبعاد المجلس الرئاسي اليمني والمجلس الانتقالي الجنوبي منها إلى صنعاء برفقة الوفد العماني. ولم يعلن أي من الجانبين السعودي أو الحوثيين نتائج المحادثات، لكن الخارجية السعودية وصفتها بـ "الجادة والإيجابية".
اقرأ المزيد: تقييم حدود التقارب بعد زيارة الوفد الحوثي إلى الرياض
ورحبت الولايات المتحدة بتلك المحادثات. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: "الولايات المتحدة تدعم إعادة تنشيط العملية السياسية اليمنية-اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة لوضع حد للصراع".
ويرى رئيس منظمة "فكر للحوار والحريات"، الخبير السياسي اليمني عبد العزيز العقاب أنّ "هناك اتفاق وشيك في اليمن خاصة بما يتعلق بالمسار الإنساني وبناء الثقة خلال الفترة المقبلة". مضيفًا لمركز سوث24: "هذا المسار له أهمية بالغة، ويمثل المحك حول جدية المفاوضات الجارية، ولذلك سيكون هناك إعلان قريب حول تنفيذه".
ويعتقد العقاب أنَّ "عملية السلام لم تعد تتعلق بالأطراف اليمنية وحسب، ولكن أيضًا بالتدخلات الخارجية". وأبدى الخبير تفاؤله أن "التحديات الراهنة أمام الاتفاق المتوقع سيتم تجاوزها لأن السلام أصبح ضرورة ملحة لليمن والمنطقة".
وفي هذا الصدد، قال المسؤول الدبلوماسي في المجلس الانتقالي الجنوبي عادل الشبحي لمركز "سوث24": "هناك جهود مكثفة تبذلها قيادة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان للوصول إلى اتفاق سلام في اليمن".
مضيفًا: "بحسب المعلومات، قد يتم الإعلان عن اتفاق وفق خارطة طريق مبنية على ثلاث مراحل، أولها الملف الإنساني والاقتصادي حيث ستدفع المملكة العربية السعودية الرواتب لإنجاح الاتفاق لمدة سنة تقريبًا حتى تتفق الأطراف على الإيرادات وأبرزها عائدات النفط والغاز بعد استئناف تصديرها، وإيرادات ميناء الحديدة".
وأردف: "ثم المرحلة الثانية والتي ترتكز حول حوار يمني يمني وتشكيل لجان في كل الملفات قبل الانتقال إلى المرحلة الثالثة والتي تتحدد ملامحها وفق ما يتم الاتفاق عليه خلال المرحلتين السابقتين ومناقشة أهم القضايا الرئيسة وعلى رأسها قضية الجنوب".
ولفت الشبحي إلى معوقات حقيقية أمام أي اتفاق سلام باليمن. مضيفًا: "منها شعور طرف ما بالنصر والسيطرة وعدم قبوله أن يكون جزءًا من العملية السياسية. وكذلك عدم الجدية في طرح كل القضايا والملفات بشفافية على طاولة الحوار والتضحية الحقيقية من أجل السلام، شعورا بالقدرة على الاستحواذ وإلغاء الآخرين وتجاهل المطالب والقضايا الرئيسة كقضية الجنوب".
مبادرة المشاط
في 16 أكتوبر الجاري، أعلن الحوثيون عن مبادرة لوقف جميع جبهات القتال في محافظة تعز، وتحييد القتال فيها وتشكيل إدارة مشتركة للمحافظة. جاء ذلك خلال زيارة قام بها رئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط إلى الأجزاء الخاضعة للجماعة من محافظة تعز وسط البلاد.
واتهم محافظ تعز في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا نبيل شمسان الحوثيين بإطلاق هذه المبادرة "لتوفير غطاء لاستهداف تعز". وقال في بيان له إن "المبادرة الاستعراضية الغامضة الحوثية، هي مناورة جديدة [..] قبل بدء هجمات بربرية فاشلة".
وبينما يرى الخبير عبد العزيز العقاب أن هذه المبادرة "رسالة إيجابية" من الحوثيين، يعتقد الخبير العسكري وضاح العوبلي أنها مجرد مناورة سياسية حوثية "لتخفيف الاحتقان الشعبي في تعز جراء الحصار الحوثي المتواصل منذ أكثر من ثمانية أعوام".
وأضاف لمركز سوث24: "يعتقد الحوثيون وعبر المشاط أنهم بهذه المبادرة التعجيزية وغير القابلة للتنفيذ من أساسها، قد أظهروا نوعاً من الليونة إذ لم يعرف عنهم التقدم بأي مبادرة من هذا النوع".
وأردف: "من المهم الإشارة الى أن هذه المبادرة جاءت بعد أيام من مبادرة تقدم بها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة أعلن فيها جهوزيته لفتح الطريق بين مأرب وصنعاء في نفس اليوم اذا قبل الحوثيون بذلك".
ولم يستبعد العوبلي أن تكون المبادرة أيضًا محاولة من الحوثيين لإضعاف جهود قائد المقاومة الوطنية وعضو المجلس الرئاسي طارق صالح للتوفيق بين المكونات والقوى المناهضة للجماعة المدعومة من إيران في تعز.
جبهة حوثية جديدة
بالتزامن مع التحركات الدولية والأممية الأخيرة بشأن الصراع في اليمن، أطلق الحوثيون عددا من الصواريخ والمسيرات الخميس الماضي باتجاه إسرائيل، اعترضتها البحرية الأمريكية شمال البحر الأحمر وفقا لبيان رسمي.
اقرأ المزيد: واشنطن تتهم الحوثيين بالتصعيد في المنطقة
جاءت الخطوة الحوثية في ظل الحرب المستمرة بين الجيش الإسرائيلي وحماس منذ 7 أكتوبر الجاري. واعترف رئيس حكومة تصريف الأعمال لدى الحوثيين عبد العزيز بن حبتور في فيديو مصور بإطلاق هذه الصواريخ والمسيرات بعد أيام من الصمت الرسمي الحوثي.
وربط مراقبون بين مبادرة المشاط في تعز وهذا التصعيد الجديد من قبل الحوثيين الذي يفتح جبهة خارجية جديدة، كمحاولة للتفرغ من الجبهات الداخلية.
وبشأن ما إذا كانت هذه التطورات قد تعرقل عملية السلام الجارية أو تضع تحديات جديدة غير متوقعة أمامها، قال عبد العزيز العقاب: "التطورات والأحداث في المنطقة سوف تشكل دافعًا نحو السلام في اليمن والمنطقة وذلك لأهمية ذلك في محاصرة توسع الصراع وتأثيره".
وحتى الآن، يبدو الاتفاق المرتقب في اليمن كاتفاق بين السعودية والحوثيين كأطراف رئيسية، مع موافقة غير مشروطة تؤكد عليها الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا لكل تحركات الرياض.
ومع ذلك، لا يبدو أن المجلس الانتقالي الجنوبي موافق على أي اتفاق يضمن للحوثيين جزءا من الثروات والموارد التي تتركز في حضرموت وشبوة، أو يتجاوز قضية الجنوب.