الجيش الإسرائيلي مستمر في قصف قطاع غزة AFP - FADEL SENNA
15-11-2023 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب
اقتحم الجيش الإسرائيلي فجر الأربعاء مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة، حيث لا يزال يتواجد أكثر من ألفي فلسطيني، بعد معارك عنيفة في محيط المنشأة التي تتهم الدولة العبرية حماس باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.
في ساحة المستشفى، شاهد صحافي يعمل مع وكالة فرانس برس عالق في المكان قرابة ألف شخص مع أياديهم مرفوعة في الهواء بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بذلك. داخل أروقة المستشفى، كان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى وهم يقومون بعمليات بحث وتفتيش دقيقة.
وندّدت الأمم المتحدة وعبّرت عن قلقها بعد عملية الاقتحام التي اعتبرتها السلطة الفلسطينية "انتهاكا صارخا" للقانون الدولي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ وحداته "تنفّذ عملية دقيقة ومحدّدة الهدف ضدّ حماس في منطقة محدّدة في مستشفى الشفاء، وذلك بناء على معلومات استخباراتية وضرورات عملياتية".
الأطفال الخدج في مجمع الشفاء الطبي بغزة (التلفزيون العربي)
وأكّد الجيش في بيانه أنّ وحداته "تضمّ طواقم طبّية ومتحدّثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محدّدة للاستعداد لهذه البيئة المعقّدة والحسّاسة، بهدف عدم إلحاق أيّ ضرر بالمدنيين الذين تستخدمهم حماس دروعاً بشرية".
وقبل بدء العملية، أعلن المتحدّث باسم وزارة الصحة التابعة لحماس أنّ الجيش الإسرائيلي اتّصل هاتفياً بوكيل الوزارة لإخطاره بأنّ قواته ستقتحم المستشفى.
وكانت تقديرات الأمم المتحدة أشارت الى وجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية ونازحون.
نزوح تحت قصف طائرات الجيش الإسرائيلي (الأوروبية)
قبل المعارك التي اندلعت في محيط المستشفى منذ أيام بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي، كان عشرات آلاف النازحين لجأوا الى مجمع الشفاء، كما الى غيره من المؤسسات الطبية والتربوية، أملا بحماية أنفسهم من القصف المكثف الذي يتعرض له القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تاريخ شن "الفصائل الفلسطينية" هجوما غير مسبوق على إسرائيل.
وتكثّف القصف بعد بدء الجيش الإسرائيلي عمليات برية واسعة داخل قطاع غزة في 27 تشرين الأول/أكتوبر. ومع تقدمه في اتجاه مستشفى الشفاء، فتح الجيش "ممرا آمنا" خرج منه آلاف الفلسطينيين ونزحوا جنوبا.
وخرجت طوابير من الفلسطينيين الأربعاء وهم يرفعون أياديهم في الهواء من أقسام الحروق والولادة والجراحة وغسيل الكلى، بحسب الصحافي الذي يعمل مع فرانس برس والذي شاهد قرابة ألف شخص في ساحة المستسفى، وطلب الجنود من البعض خلع ملابسهم.
وكان الجيش الإسرائيلي يستجوب أشخاصا داخل المستشفى ومن بينهم أطباء ومرضى.
وتتهم السلطات الإسرائيلية حماس التي تصنفها الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الاوروبي "منظمة إرهابية"، باستخدام المستشفيات، وبينها الشفاء، لشن هجمات أو الاختباء واستخدام المدنيين "دروعا بشرية"، الأمر الذي تنفيه الحركة.
وتبنت الولايات المتحدة اتهامات الدولة العبرية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض جون كيربي الثلاثاء إن حركتي حماس والجهاد الاسلامي لديهما "مركز قيادة ومراقبة انطلاقا من مستشفى الشفاء".
وردّت حماس على الاتهامات الأميركية ببيان جاء فيه "ندين بشدة ونرفض تصريحات البنتاغون والبيت الأبيض التي يتبنّون فيها أكاذيب" إسرائيل، معتبرة التصريحات "بمثابة ضوء أخضر أميركي لارتكاب الاحتلال لمزيد من المجازر الوحشية بحقّ المستشفيات بهدف تدمير القطاع الصحي والضغط على شعبنا لتهجيره من أرضه".
مخيم جباليا بغزة (الأناضول)
ودخلت دبابات إسرائيلية المجمع الأربعاء، وتمركزت أمام أقسام مختلفة.
"تقارير مروعة"
وكتب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتّحدة مارتن غريفيث على موقع "إكس" (تويتر سابقًا) "التقارير الواردة عن اقتحام مستشفى الشفاء في غزة مروعة".
واعتبر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن "المعلومات حول الاقتحام العسكري لمستشفى الشفاء تثير القلق البالغ"، مشيرا الى أن المنظمة الأممية فقدت مجدداً الاتصال مع الطاقم الصحي في المستشفى.
وأضاف "نحن قلقون للغاية على سلامتهم وسلامة المرضى".
وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها عن "قلقها العميق" إزاء عواقب اقتحام مجمع الشفاء الطبي، مؤكدة أنه "يجب حماية المرضى والطاقم الطبي والمدنيين في جميع الأوقات".
ودانت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية الأربعاء اقتحام الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي، معتبرة إياه "انتهاكا صارخا" للقانون الدولي والانساني.
وحمّلت "الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن سلامة الطواقم الطبية والآلاف من المرضى والجرحى والأطفال، بمن فيهم الخدج، والنازحون المتواجدون في المجمع"، مطالبة بـ"تدخل دولي عاجل لتوفير الحماية لهم".
وحذّرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة من "مجزرة" قد ترتكب داخل المستشفى.
ودان الأردن على لسان وزير خارجيته صمت مجلس الأمن الدولي إزاء "الهمجية" في اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي، معتبرا أنه يغطي بذلك "جرائم الحرب".
وكتب الوزير أيمن الصفدي على منصة إكس (تويتر سابقا) "كارثة مستشفى الشفاء تجسد الهمجية التي يتيح صمت مجلس الأمن استمرارها".
وكانت الظروف صعبة جدا داخل المجمع خصوصا في ظل انقطاع الكهرباء منذ أيام.
وقال مدير المستشفى محمد أبو سلمية لفرانس برس الثلاثاء أن "179 جثة" على الأقل دفنت في "قبر جماعي" في باحة المجمع، موضحا أن بينهم سبعة أطفال خدج توفوا جراء انقطاع الكهرباء.
جثث لفلسطينيين قتلوا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل بغزة (الجزيرة)
وأضاف "اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي"، مشيرا إلى أن "الجثث تنتشر في ممرات المستشفى والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح".
وأشار الى أن عدد الوفيات في وحدة العناية المكثفة بلغ 29 منذ السبت.
وللمرة الأولى منذ أربعين يوما، دخلت شاحنة وقود من مصر الى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي الأربعاء، وفق ما أفادت وسائل إعلام قريبة من السلطات في القاهرة.
وأكد مصدر مصري أن الشحنة "مخصصة للأمم المتحدة لتسهيل دخول المساعدات بعد توقف شاحناتها في الجانب الفلسطيني لنفاد الوقود".
واعتبرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة أن الوقود الذي دخل "ليس كافيا على الإطلاق".
وقالت الأونروا عبر حسابها على موقع إكس (تويتر سابقا) "هذا يعادل نصف شاحنة، لا تكفي على الإطلاق، هناك حاجة إلى المزيد، يجري استخدام الوقود كسلاح حرب وهذا يجب أن يتوقف".
وشدّدت إسرائيل الحصار المفروض أصلا على قطاع غزة منذ العام 2007، ردا على الهجوم غير المسبوق الذي شنته الفصائل الفلسطينية على أراض إسرائيلية وأوقع 1200 قتيل، غالبيتهم من المدنيين قضوا في اليوم الأول من الهجوم، بحسب السلطات الإسرائيلية التي تقدّر كذلك أن نحو 240 شخصا أخذوا "رهائن" في الهجوم.
ويخضع قطاع غزة منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر لحصار إسرائيلي كامل يحرمه من الماء والكهرباء والوقود والأدوية.
متظاهرون في بروكسل يرفعون صورا لقادة الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي كتب عليها "التاريخ لن يغفر مطلقا لداعمي التطهير العرقي" (الفرنسية)
وتقصف إسرائيل القطاع دون هوادة منذ الهجوم، وبدأت شنّ عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر على قطاع غزة بهدف "القضاء" على الحركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007. وقال الجيش الأربعاء إن 48 جنديا قتلوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس الثلاثاء أن 11320 شخصا قتلوا في القصف المتواصل على القطاع المحاصر، وأن من بين القتلى 4650 طفلا.
22 من 36
ومجمع الشفاء الطبي ليس الوحيد الذي يعاني في قطاع غزة جراء المعارك.
فقد أعلنت حكومة حماس مطلع الأسبوع أن كل مستشفيات شمال قطاع غزة حيث تتركز المعارك باتت "خارج الخدمة" بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء أن 22 من أصل 36 مستشفى في غزة باتت خارج الخدمة.
وفي مقابلة أجرتها معها شبكة "بي بي سي"، قالت مديرة الإعلام والتواصل لدى وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) جولييت توما إن "الأوضاع تتفاقم على مرّ الدقائق".
وحذرت شركة الاتصالات الفلسطينية "بالتيل" الأربعاء من انقطاع خدمة الاتصالات بالكامل في قطاع غزة خلال ساعات بسبب نقص الوقود.
واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء أن إسرائيل تشنّ في غزة "حربا على الوجود الفلسطيني"، وذلك لمناسبة الذكرى الـ35 لـ"إعلان الاستقلال" الفلسطيني.
وقال "الحرب العدوانية الظالمة التي نتعرّض لها، هي حرب على الوجود الفلسطيني، وعلى الهوية الوطنية الفلسطينية هوية الأرض وهوية الإنسان"، معتبرا أنها "حلقة من مسلسل العدوان المتواصل على مدى ما يزيد على قرن من الزمان".
وبينما تتواصل المعارك على الأرض، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي التي تقاتل الى جانب حركة حماس، قبل قليل إسقاط مسيرة إسرائيلية فوق قطاع غزة.
اتفاق رهائن؟
وتتواصل المساعي في الكواليس من أجل إبرام اتفاق يتضمّن الإفراج عن رهائن تحتجزهم حماس مقابل وقف إطلاق نار موقت.
نزوح تحت قصف طائرات الجيش الإسرائيلي (الأوروبية)
وطالبت عائلات رهائن محتجزين في غزة الحكومة الإسرائيلية الثلاثاء بـ"الموافقة على اتفاق هذا المساء للإفراج عن جميع الرهائن في غزة"، مناشدة الحكومة "عدم عرقلة الاتفاق".
وحضّت قطر إسرائيل وحماس الثلاثاء على التوصل الى اتفاق بهذا الشأن.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي في الدوحة "نعتقد أنه لا توجد فرصة أخرى للجانبين سوى هذه الوساطة للتوصّل إلى وضع يمكننا أن نرى فيه بصيص أمل في هذه الأزمة الرهيبة".
واعتبر أنّ الوضع "المتدهور" في غزة يعوق جهود الوساطة.
واتهمت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إسرائيل بـ"المماطلة" في المفاوضات.
- وكالة أ ف ب