التحليلات

الحوثيون على قائمة الإرهاب: هل يغيّر التصنيف مسار الحرب في اليمن؟

الصورة: مقاتلة أمريكية ضمن العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الأمريكي ضد الحوثيين، 15 مارس 2025 (الصورة: القيادة المركزية الأمريكية على موقع X)

آخر تحديث في: 21-03-2025 الساعة 9 صباحاً بتوقيت عدن

هذه الورقة التحليلية الصادرة عن مركز سوث24 للأخبار والدراسات تستعرض تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية وتأثير ذلك على الصراع في اليمن. تناقش الورقة الدوافع وراء التصنيف، القيادات المشمولة بالعقوبات، التداعيات الاقتصادية والعسكرية، ودور التصنيف في السياسة الدولية.



مركز سوث24 | إبراهيم علي


يعد تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حدثا محوريا في مسار الصراع اليمني المستمر منذ سنوات. هذا التصنيف لا يمثل فقط خطوة سياسية جديدة في حرب معقدة، بل يأتي ليزيد من تعقيد المشهد العسكري والدبلوماسي في اليمن. كما يثير العديد من التساؤلات حول تداعياته على مسار الحرب في ظل التحديات الإنسانية والسياسية المتفاقمة في البلاد.


تهدف الورقة الى تحليل تأثير هذا التصنيف على مختلف أبعاد الصراع في اليمن، مع التركيز على تداعياته العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية. سيتم دراسة تأثير القرار على الأطراف المتحاربة، خاصة في ما يتعلق بتعقيد أو تعزيز فرص الوصول إلى تسوية سلمية. كما سيتم استعراض المواقف الدولية، بما في ذلك ردود الفعل الأوروبية والعربية، ومدى قدرة هذه القوى على التأثير في الوضع اليمني في ظل هذه المعطيات الجديدة.


من خلال هذا التحليل، تسعى الورقة إلى تقديم رؤية معمقة حول مدى قدرة التصنيف الامريكي للحوثيين "كمنظمة ارهابية اجنبية" على تغيير مسار الحرب في اليمن، وما إذا كانت هذه الخطوة ستساهم في دفع عملية السلام إلى الأمام أم ستؤدي إلى تصعيد أكبر، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية ويطيل أمد الصراع.


ما وراء التصنيف؟


في خطوة متوقعة عقب عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، أعلنت واشنطن عن تصنيف جماعة الحوثي كـ"منظمة إرهابية اجنبية"[1].  هذا القرار يفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات السياسية والعسكرية والإنسانية التي ستلقي بظلالها على الصراع اليمني والعلاقات الدولية.


ويعد هذا التصنيف من حيث المبدأ خطوة محورية في سياق الحرب المستعرة في اليمن، ويحمل في طياته آثارا جمة على المستويين الإقليمي والدولي، فضلًا عن تأثيره المباشر على الوضع الإنساني المتردي في البلاد.[2] وقد جاء التصنيف الأمريكي في أعقاب سلسلة من العمليات العسكرية التي نفذتها جماعة الحوثي في البحر الاحمر، وداخل إسرائيل إضافة إلى عمليات سابقة استهدفت منشآت حيوية في الإمارات والمملكة العربية السعودية.


وفي معرض تبيان أسباب هذا التصنيف، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن أنشطة الحوثيين تمثل تهديدا للأمن العام، بما في ذلك أمن المدنيين والموظفين الأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط.[3] كما أنها تعرض استقرار التجارة البحرية وأمن الشركاء الإقليميين للخطر، وذلك استنادًا إلى الأمر التنفيذي رقم 14175 الصادر عن الرئيس ترامب.


وأشار بيان الوزارة إلى أن الحوثيين شنوا مئات الهجمات منذ مطلع عام 2023 ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بالإضافة إلى استهداف القوات الأمريكية وحلفائها.  كما أكدت واشنطن أنها لن تتهاون مع أي دولة تتعامل مع الحوثيين تحت ستار الأنشطة التجارية المشروعة، مشددة على التزام إدارة ترامب بحماية المصالح الأمنية الأمريكية والحد من دعم الجماعات الإرهابية.


ولإضفاء طابع الجدية على هذا القرار، فرضت الإدارة الأمريكية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، عقوبات على سبعة من القيادات البارزة في الجماعة.[4] وجاءت العقوبات على القيادات المذكورة "لدورهم في تهريب الأسلحة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن والتفاوض على صفقات شراء الأسلحة. كما تصنف الولايات المتحدة أحد العناصر الحوثية وشركته التي جندت مدنيين يمنيين للقتال لصالح روسيا في أوكرانيا، مما يدر عائدات لدعم العمليات العسكرية الحوثية".


القيادات الحوثية [5] المشمولة بالعقوبات 



صورة 1:انفورغرافيك نشرته السفارة الأمريكية لدى اليمن يحتوى على صور بعض قادة الحوثيين الذين طالتهم العقوبات الأمريكية في مارس 2025


محمد عبد السلام


الوظائف والمناصب: هو المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثيين، مما يجعله أحد الوجوه البارزة التي تمثل الجماعة على المستوى الدولي. يشغل أيضا منصب كبير المفاوضين في الجماعة، حيث يلعب دورًا محوريًا في التفاوض مع الأطراف الأخرى بشأن قضايا سياسية وعسكرية. يعد من كبار رجال الأعمال في اليمن، حيث يمتلك نفوذًا اقتصاديًا واسعًا بفضل استثماراته في قطاعات مختلفة، أبرزها النفط. كما يشغل منصب رئيس شبكة المسيرة الإعلامية، وهي قناة تلفزيونية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحوثيين، وتُستخدم لنقل رسائل الجماعة السياسية والعسكرية إلى الجمهور المحلي والدولي.[6]


دوره في تمويل الحوثيين: وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية[7]، لعب عبد السلام دورًا رئيسيًا في إدارة شبكة تمويل الحوثيين سواء على المستوى الداخلي داخل اليمن أو على المستوى الخارجي. هذا يشمل تسهيل حركة الأموال وتنسيق العمليات المالية التي تدعم أنشطة الجماعة المسلحة والسياسية.


تعاون مع روسيا وإيران: سهل عبد السلام جهود الحوثيين لتأمين الأسلحة، والدعم العسكري من روسيا، مما يشير إلى علاقات وثيقة مع موسكو قد تشمل التفاوض على صفقات أسلحة أو دعم تقني.[8] بالإضافة إلى ذلك، نسق عبد السلام مع إيران، وهي الداعم الرئيسي للحوثيين، حيث أُشير إلى أنه أجرى زيارة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وهو ما يعكس التعاون الاستراتيجي بين الحوثيين وإيران على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية.


مكان الإقامة: يعيش عبد السلام في سلطنة عمان، مما يتيح له التنقل بحرية والتنسيق مع الأطراف المختلفة في المنطقة، بما في ذلك إيران وروسيا.


مهدي المشاط


المناصب والوظائف: رئيس المجلس السياسي الأعلى، حيث يشغل المشاط منصب رئيس المجلس السياسي الأعلى، الذي يُعد الهيئة الحاكمة التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين في شمال اليمن.  هذا المجلس هو الكيان الذي يدير شؤون الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ويُعد بمثابة الحكومة الفعلية لهم.


دوره في التنسيق مع الحكومات الأجنبية: لعب المشاط دورًا مهمًا في التنسيق مع حكومات أجنبية لتحقيق أهداف الحوثيين، وتحديدًا مع روسيا. علاقاته مع روسيا تركز على تعزيز دعم موسكو للحوثيين سواء عبر تزويدهم بالأسلحة أو تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي في الساحة الدولية.[9]  ويُعتبر المشاط شخصية محورية في رسم استراتيجيات الحوثيين الخارجية، حيث يسعى لتوسيع دائرة الدعم الدولي للجماعة من خلال التعاون مع دول مؤثرة مثل روسيا.


الارتباط بجماعة الحوثي: يُعد المشاط من الشخصيات البارزة في الهيكل القيادي للحوثيين، حيث يُنظر إليه كأحد القادة الرئيسيين الذين يقودون عمليات الجماعة على مختلف الأصعدة.


عبدالولي عبده حسن الجابري


فرض العقوبات: فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات على عبد الولي عبدو حسن الجابري، رجل الأعمال اليمني المتورط في تجنيد اليمنيين للقتال في الحرب الروسية في أوكرانيا.


التجنيد: الجابري قام بتجنيد يمنيين بعروض عمل مغرية في الجيش الروسي، حيث تم خداعهم ليكتشفوا لاحقًا أنهم في مهام قتالية في أوكرانيا بدلاً من الأعمال غير القتالية التي كانوا يتوقعونها.


التوظيف في الجيش الروسي: المجندون اليمنيون تم إغراؤهم بعروض لعمل غير قتالي في الجيش الروسي مقابل حوالي 3000 دولار شهريًا، ولكنهم اكتشفوا أنهم تم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا.


الجابري وارتباطه بالحوثيين: الجابري عضو في برلمان الحوثيين، الذي ظهر بعد سيطرة الجماعة على صنعاء. كان معروفًا بأنه شخصية في المؤتمر الشعبي العام وتم عزله من فرعه في صنعاء بسبب تحالفه الوثيق مع الحوثيين.


اتهامات أخرى: الجابري يُتهم أيضًا بإدارة عملية تهريب بشرية لصالح الحوثيين من خلال شركته "شركة الجابري للتجارة والاستثمار" التي أسسها في سلطنة عمان.


الارتباط الروسي: العقوبات تسلط الضوء على الروابط المتزايدة بين الحوثيين وروسيا، خاصة فيما يتعلق بتجنيد اليمنيين وتورطهم في الحرب الروسية الأوكرانية.


محمد علي الحوثي


المناصب السياسية: شغل مناصب هامة في الأجهزة السياسية للحوثيين: يُعد محمد علي الحوثي من الشخصيات البارزة في الهيكل السياسي للحوثيين، حيث شغل العديد من المناصب القيادية التي ساهمت بشكل كبير في توجيه سياسات الجماعة وتنفيذ استراتيجياتها.


عضو في المجلس السياسي الأعلى: يشغل الحوثي حاليًا منصب عضو في المجلس السياسي الأعلى، الذي يُعتبر الهيئة الحاكمة التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين في شمال اليمن.


رئيس اللجنة الثورية: قبل أن يصبح عضوًا في المجلس السياسي الأعلى، كان محمد علي الحوثي رئيسًا لما عرف باسم "اللجنة الثورية" التي تم حلها مع  تشكيل المجلس السياسي الاعلى في 28 يوليو 2016. تأسست اللجنة الثورية في 6 فبراير 2015 في عقب سيطرة الجماعة على صنعاء وعدم التمكن من الوصول الى اتفاق مع الرئيس هادي رئيس الوزراء بحاح، وكان لمحمد الحوثي دور بارزا في تأسيس وإرساء أسس عمل هذه اللجنة.


التعاون مع المسؤولين الروس والصينيين: وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، كان الحوثي عنصرًا أساسيًا في تعزيز التعاون بين جماعة الحوثي وكل من روسيا والصين. هذا التعاون شمل العديد من المجالات، أبرزها الدعم العسكري والسياسي، بالإضافة إلى محاولات تأمين العلاقات الدولية التي تخدم أهداف الحوثيين.


ضمان عدم استهداف السفن الروسية والصينية: أشار تقرير وزارة الخزانة إلى أن الحوثي كان جزءًا من الجهود التي بذلتها الجماعة لضمان عدم استهداف الحوثيين لسفن الدولتين (روسيا والصين) في البحر الأحمر.  هذه الخطوة كانت تهدف إلى تجنب التصعيد مع هاتين الدولتين الهامتين، وتحديدًا في منطقة حيوية تؤثر على حركة التجارة العالمية.


عبد الملك العجري


عنصر بارز في الحوثيين: يعتبر عبد المالك العجري من الشخصيات البارزة في جماعة الحوثيين، حيث يشغل دورًا مهمًا في الهيكل القيادي والسياسي للجماعة.  يتمتع العجري بتأثير كبير داخل الحركة الحوثية ويمثل أحد الوجوه الرئيسية التي تقود سياسات الجماعة.


مشاركته في الوفود إلى موسكو: وفقًا لما ذكرته وزارة الخزانة الأمريكية، شارك العجري في عدة وفود حوثية إلى موسكو بهدف اللقاء مع القادة الروس.  هذا التعاون يشير إلى تنسيق طويل الأمد بين الحوثيين وروسيا، حيث تسعى الجماعة لتأمين دعم سياسي أو عسكري من موسكو في إطار تطورات الحرب في اليمن والمنطقة.


التفاعل مع القادة الروس والصينيين: العجري كان جزءًا من جهود الحوثيين لتوطيد العلاقات مع الدول الكبرى مثل روسيا والصين، وهو ما يظهر رغبة الحوثيين في تعزيز علاقاتهم مع القوى الدولية الكبرى، في محاولة لفتح قنوات جديدة للدعم والتعاون.


عضويته في "وفد التفاوض الوطني" للحوثيين: حساب العجري على منصة "إكس" (تويتر سابقا) يشير إلى أنه عضو في "وفد التفاوض الوطني"، وهو وفد مكلف من قبل الحوثيين بالتفاوض مع الأطراف الأخرى في النزاع اليمني.  وهذه المهمة تدل على دوره السياسي البارز داخل الجماعة، حيث يتم تمثيله في المحافل الدولية وتوجيه المفاوضات التي تهدف إلى التوصل إلى حلول سياسية للنزاع في اليمن.


علي محمد محسن صالح الهادي


إدارة غرفة تجارة صنعاء: علي الهادي يشغل منصب مدير غرفة تجارة صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين. تعد غرفة التجارة هذه من الهيئات الاقتصادية المهمة في العاصمة صنعاء، حيث تلعب دورا محوريا في الاقتصاد المحلي وتوجيه الأنشطة التجارية التي تخدم أهداف الجماعة الحوثية.


دوره كممول رئيسي لأنشطة شراء الأسلحة: بحسب وزارة الخزانة الأمريكية، يُعتبر الهادي من العناصر المركزية في عمليات شراء الأسلحة التي تنفذها جماعة الحوثيين. فهو يقوم بتمويل عمليات شراء الأسلحة لتمكين الجماعة من تعزيز قدراتها العسكرية. مستغلًا منصبه في غرفة تجارة صنعاء، يقوم الهادي بتسهيل تمويل عمليات شراء الأسلحة وإخفاء هذه العمليات من خلال قنوات تجارية ظاهرة، مما يسمح للجماعة بالحصول على الأسلحة دون أن يتم اكتشافها بسهولة من قبل الجهات الرقابية الدولية.


استخدام منصبه لإخفاء عمليات شراء الأسلحة: يعتبر الهادي شخصية مهمة في إدارة عمليات تمويل الأسلحة. فهو لا يقتصر على تمويل هذه العمليات، بل أيضا يعمل على إخفاء أبعادها، مما يُسهل للجماعة الحصول على الأسلحة والمعدات العسكرية دون أن يتم كشفها في إطار الحظر الدولي على الأسلحة المفروض على اليمن.


زيارة روسيا للحصول على الأسلحة والاستثمارات: قام الهادي بزيارة إلى روسيا في محاولة للحصول على الأسلحة والاستثمارات التي يمكن أن تعزز قدرات الحوثيين العسكرية والاقتصادية. من خلال هذه الزيارة، سعى الهادي إلى تأمين دعم مادي وعسكري من روسيا لمصلحة الحوثيين، حيث يأمل الحوثيون في تحقيق أرباح مادية من خلال استثمارات في هذا السياق.


التعاون مع دول داعمة للحوثيين: زيارة الهادي إلى روسيا تشير إلى تعميق العلاقات بين الحوثيين وروسيا، حيث تسعى الجماعة إلى تحقيق مصالح مشتركة مع الدول التي تقدم دعمًا سياسيًا أو عسكريًا لها، وهو ما يعزز استراتيجيتها في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية.


إسحاق عبد الملك عبدالله المروني


عضو رفيع في جماعة الحوثيين: يُعد إسحاق عبد الملك عبدالله المروني من الأعضاء البارزين في جماعة الحوثيين. يشغل مكانة مهمة داخل الهيكل القيادي للجماعة، وهو يعد من الشخصيات التي تتمتع بتأثير كبير في اتخاذ القرارات وتوجيه السياسات الداخلية والخارجية للحوثيين.


مساعد لمحمد عبد السلام: المروني يشغل منصب مساعد مباشر لـ محمد عبد السلام، المتحدث الرسمي باسم الحوثيين ورئيس وفدهم التفاوضي. هذا الدور يضعه في موقع مهم حيث يساهم في تنسيق الاستراتيجيات والأنشطة السياسية والعسكرية الخاصة بالجماعة.


مشاركته في المهمات إلى روسيا: شارك المروني في بعثات حوثية إلى روسيا، حيث كان جزءًا من الوفود التي تم إرسالها للتعاون مع المسؤولين الروس. هذه الزيارات تُظهر العلاقات القوية والمتنامية بين الحوثيين وروسيا في مختلف المجالات، خصوصًا العسكرية والسياسية.


تنسيق مع عناصر رفيعة المستوى في الجماعة: وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، المروني لم يقتصر على المشاركة في المهمات الخارجية فقط، بل كان أيضًا منسقًا مهمًا داخل الجماعة. حيث عمل بشكل وثيق مع قيادات حوثية رفيعة المستوى لتعزيز مصالح الجماعة على المستوى الدولي، بما في ذلك تحقيق الدعم السياسي والعسكري من بعض القوى العالمية التي تدعم الحوثيين، مثل روسيا.


تعزيز مصالح الحوثيين دوليًا: من خلال تنسيقه مع القيادات الحوثية، ساهم المروني في توسيع نطاق تأثير الحوثيين دوليًا. فهو جزء من الاستراتيجية السياسية للجماعة التي تسعى إلى تقوية علاقاتها مع دول داعمة لها، وذلك من أجل تعزيز قدرتها العسكرية والسياسية على الساحة الإقليمية والدولية.


خالد حسين صالح جابر


عضو في جماعة الحوثيين: يُعد خالد حسين صالح جابر من الأعضاء البارزين في جماعة الحوثيين، حيث يشغل دورا مؤثرا داخل الأنشطة العسكرية والمالية للجماعة.  يتمتع بعلاقات وثيقة مع قيادات حوثية أخرى، مما يجعله أحد الشخصيات ذات الأهمية في التنسيق بين الأجنحة المختلفة للجماعة.


تورطه في أنشطة مالية غير قانونية: يشير التقرير الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن جابر متورط بشكل فعال في أنشطة مالية غير قانونية. هذه الأنشطة تشمل التهرب المالي والتحايل على العقوبات المفروضة على الجماعة، حيث يقوم بالتحايل على أنظمة الرقابة المالية الدولية.


التعاون مع شخصيات حوثية فرضت عليها عقوبات: شارك جابر في أنشطة غير قانونية بالتنسيق مع عناصر حوثية أخرى سبق وأن تم فرض عقوبات دولية عليهم.  هذه الأنشطة تتضمن عمليات تمويل غير مشروعة وشراء أسلحة، وهو ما يعزز شبكة الحوثيين المالية ويسهم في استدامة عملياتهم العسكرية.


مشاركته في الوفود إلى روسيا [10]: كما كان جابر جزءًا من الوفود الحوثية إلى روسيا، حيث شارك في مباحثات مع المسؤولين الروس لتأمين الدعم السياسي والمالي، بما في ذلك توفير الأسلحة. هذه الزيارات تعكس العلاقة المتنامية بين الحوثيين وروسيا، وتؤكد على التعاون العسكري بين الجانبين.


تنسيق أنشطة شراء الأسلحة والتمويل غير القانوني: وفقًا لوزارة الخزانة، يعمل جابر على تنسيق الأنشطة غير القانونية المرتبطة بـ شراء الأسلحة وتمويل العمليات العسكرية للحوثيين. جابر ينظم هذه الأنشطة عبر شبكة معقدة تشمل العمل مع شخصيات حوثية أخرى مثل سعيد الجمل، المسؤول المالي الحوثي، الذي يتمتع بعلاقات واسعة في الشبكات المالية غير المشروعة.


التعاون مع سعيد الجمل: أحد أبرز الجوانب في أنشطة جابر هو تعاونه مع سعيد الجمل، الذي يُعتبر المسؤول المالي للحوثيين. جابر يتعاون مع الجمل بشكل وثيق في تنظيم العمليات المالية المشبوهة التي تهدف إلى تمويل شراء الأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة للحوثيين، وذلك بتجاوز العقوبات الدولية المفروضة على الجماعة. ولم تتضمن قائمة العقوبات الجديدة اسم قائد الجماعة عبد الملك الحوثي، إذ كان قد شُمل سابقًا في قوائم العقوبات المفروضة على الجماعة في عام ٢٠١٥، لكونه قائدًا سياسيًا لجماعة نفذت أعمالًا تهدد بشكل مباشر أو غير مباشر سلام وأمن واستقرار اليمن[11].


تصنيفان مختلفان


في ختام ولايته الرئاسية الأولى، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارا بتصنيف جماعة الحوثي كـ "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO) و"منظمة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص" (SDGT). على الرغم من التشابه الظاهري، ينطوي هذان التصنيفان على فروق جوهرية من حيث الأثر القانوني.[12]


يعد تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية" (FTO) الأكثر شمولًا، حيث يفرض عقوبات شديدة على الجماعة ويشمل الأفراد والكيانات المتعاونين معها، بينما يتيح استثناء المساعدات الإنسانية من هذه العقوبات. بالمقابل، يوفر تصنيف "منظمة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص" (SDGT) مرونة أكبر، حيث يقتصر على استهداف الأصول المحلية للجماعة دون توسيع العقوبات لتشمل الأفراد أو الكيانات المتعاونين معها على المستوى العالمي.


ومع توليه السلطة، قام الرئيس جو بايدن بإلغاء كلا التصنيفين، استجابة لدعوات دولية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن. ورغم ذلك، في يناير 2024، أعاد بايدن تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص" (SDGT)، بعد هجمات الجماعة على الملاحة الدولية واندلاع الحرب في غزة. القرار كان يسمح بفرض عقوبات مع الحفاظ على قنوات المساعدات الإنسانية مفتوحة. كما أنه كان يعكس سعي المجتمع الدولي لتحقيق توازن بين ممارسة الضغط على الحوثيين وتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.


وفي بداية الولاية الثانية للرئيس ترامب، تم إعادة تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية أجنبية"، حيث تضمّن الأمر التنفيذي الصادر بهذا الشأن توجيهات لمدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزير الخارجية بمراجعة شركاء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في اليمن.



صورة 2: منزل تعرض لقصف أمريكي في صعدة، اليمن، في 16 مارس/آذار 2025 - نايف رحمن، رويترز


تداعيات التصنيف على الصراع اليمني


من المتوقع أن يسفر تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية اجنبية" وفرض عقوبات على أبرز قياداتها عن تصعيد ملحوظ في الصراع اليمني. فالجماعة، التي لطالما تمسكت بمواقفها المتشددة في مواجهة الحكومة المعترف بها دوليًا والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، قد تجد في هذا التصنيف حافزا لمزيد من التصلب في موقفها، مما يعزز من قدرتها على التحشيد الداخلي وتكثيف العمليات العسكرية ضد خصومها في اليمن والمنطقة. فما إن دخل التصنيف حيز التنفيذ، حتى شرعت الجماعة في شن هجمات عسكرية واسعة النطاق في محافظة مأرب النفطية.[13] وتُعد هذه الهجمات، التي استهدفت محافظة مأرب التي تتقاسم السيطرة عليها مع القوات الحكومية المدعومة من التحالف، الأعنف من نوعها منذ سنوات. إلى جانب ذلك، هدد زعيم الجماعة بعد أيام من التصنيف بعودة هجمات البحر الأحمر، بحجة استمرار حصار غزة.[14]


في المقابل، من المتوقع أن يعمد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن إلى تبني استراتيجيات عسكرية أكثر شراسة، بهدف طرد الجماعة من محاور محددة، في حال اطمأن إلى الموقف الأمريكي، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري. وتشير بعض الدلائل إلى أن مدينة الحديدة الساحلية قد تكون الهدف التالي للقوات الحكومية.[15] يرجح العديد من المراقبين أن الخيار العسكري قد يكون أحد السيناريوهات الأكثر احتمالا في الأشهر المقبلة، بالنظر إلى الوضع الراهن والتطورات المتسارعة. هذا الخيار قد يأخذ أكثر من شكل، وقد يختلف بحسب الاستراتيجية العسكرية المعتمدة والأهداف المرجوة.


أحد هذه الأشكال المحتملة هو إشعال مواجهات شاملة في مناطق التماس، وهي المناطق التي تشهد تفاعلات مستمرة أو توترات بين الأطراف المتنازعة. يمكن أن تتسبب مثل هذه المواجهات في تصعيد الوضع بشكل سريع، مما يزيد من حدة الصراع ويجعل التوصل إلى حل سلمي أمرا صعبا. أما الشكل الآخر فقد يتضمن استهداف النقاط الضعيفة في المناطق التي تتواجد فيها الجماعة المستهدفة. يهدف هذا الخيار إلى إضعاف قدرات هذه الجماعة بشكل تدريجي، من خلال استهداف البنى التحتية الحيوية أو المواقع الاستراتيجية التي تشكل نقاط قوة لها. ومع ذلك، يظل هذا الخيار معقدا ويتطلب حسابات دقيقة تتعلق بالتدخلات الخارجية والتمويلات العسكرية.


تحوّل عملياتي كبير


وفي إطار التصعيد العسكري، شن الطيران الأمريكي السبت 15 مارس 2025، غارات عنيفة استهدفت العاصمة صنعاء وعددا من المحافظات اليمنية.[16] الهجوم، الذي يعتبر أعنف من كل ما سبقه، يأتي بعد فترة من التصريحات السياسية الأمريكية التي أفضت إلى تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية اجنبية. هذا التصنيف كان له دور بارز في تصعيد التوترات في المنطقة، إذ يعكس تحولا واضحا في السياسة الأمريكية تجاه الحوثيين ومواقفها من الأزمة اليمنية. ويُنظر إلى هذا التصعيد على أنه رسالة ردع قوية للجماعة، مفادها أن الولايات المتحدة جادة في مواجهة أنشطتها التي تزعزع استقرار المنطقة.


كما أن التحركات الأمريكية الأخيرة، بما فيها الغارات الأخيرة، تأتي في إطار تنفيذ سياسة أكثر تشدداً تجاه الحوثيين بعد تصنيفهم كمنظمة إرهابية اجنبية. وقد اعتبرت واشنطن هذا التصنيف جزءا من استراتيجيتها لمحاربة ما وصفته بـ "التهديدات الإقليمية" التي يشكلها الحوثيون على أمن المنطقة.


الغارات أيضا جاءت بينما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أصدر أوامر للجيش بشن "عملية عسكرية حاسمة وقوية" ضد من وصفهم بـ"الإرهابيين الحوثيين".[17]  كما توعّد في تصريحات أخرى بالقضاء على الجماعة وهزيمتها.[18]


الدور الإسرائيلي


في سياق التداعيات العسكرية أيضا، قد تتجه إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات هجومية ضد جماعة الحوثي بعد إعادة تصنيفها من قبل الولايات المتحدة كـ "منظمة إرهابية اجنبية".  وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث يتصاعد التوتر في المنطقة ويشعر العديد من الخبراء الأمنيين بأن التهديد الذي تشكله جماعة الحوثي بات يمتد إلى مصالح إسرائيل في المنطقة وإلى داخل الأراضي الإسرائيلية.


ويعتقد بعض المحللون أن تل أبيب قد تبدأ في توجيه ضربات استباقية [19] ضد مواقع استراتيجية تابعة للحوثيين في اليمن، على غرار ما فعلته في مناطق أخرى في الشرق الأوسط. خصوصا أنه إسرائيل سبق وقصفت منشآت مدنية في الحديدة وصنعاء خلال الأشهر الماضية.[20]


التحركات العسكرية المحتملة ضد الحوثيين قد تأتي في إطار المخاوف الإسرائيلية من تعزيز العلاقات بين إيران والجماعة الحوثية. فإسرائيل ترى في الحوثيين تهديدا مباشرا لمصالحها في البحر الأحمر. حتى الآن ومنذ استئناف إسرائيل لعدوانها على مدينة غزة في 18 مارس 2025، أطلق الحوثيون صاروخين بالستيين "فرط صوتي" من نوع فلسطين 2 خلال أقل من 24 ساعة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على القطاع.[21][22] وعلى الرغم من أنّ الجيش الإسرائيلي أعلن اعتراض الصاروخين خارج المجال الجوي لإسرائيل، إلا أنّ هذان الهجومان تسببا بحالة ذعر في مناطق مختلفة داخل إسرائيل، وإصابة عدة أشخاص جراء عمليات التدافع أثناء الهروب إلى الملاجئ.  هذان الهجومان سيسرعان من القرار داخل إسرائيل لاتخاذ إجراءات هجومية أكثر حزما تجاه الحوثيين.


من جهتها، ترى بعض الدوائر السياسية في إسرائيل أن إعادة تصنيف الحوثيين كـ "منظمة إرهابية أجنبية" قد يعزز من مبررات التحرك العسكري ضدهم، في إطار سياسة الدفاع عن النفس وحماية المصالح الإسرائيلية.[23] وقد يشمل ذلك التنسيق مع بعض الأطراف اليمنية المعادية للحوثيين، أو شن عمليات في البحر الأحمر لتأمين الملاحة البحرية وضمان سلامة الشحنات التجارية الإسرائيلية.


في النهاية، تبقى الساحة مفتوحة أمام المزيد من التصعيد، حيث إن التحركات الإسرائيلية ضد الحوثيين قد تثير ردود فعل من أطراف أخرى في المنطقة، خصوصًا إيران، التي تعد الداعم الأكبر للجماعة الحوثية. ومن المؤكد أن الأيام المقبلة ستكشف عن كيفية تعامل إسرائيل مع هذا التحدي الجديد في سياق تطورات الصراع في الشرق الأوسط.


الآثار الاقتصادية والإنسانية على الحوثيين


يحمل تصنيف جماعة الحوثي كـ"منظمة إرهابية أجنبية" تداعيات عميقة على الصعيدين الإنساني والاقتصادي، مما يضع الجماعة أمام تحديات جسيمة ويزيد من المعاناة الإنسانية في اليمن.[24] فمن المرجح أن يؤدي التصنيف الإرهابي إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على جماعة الحوثي. يشمل ذلك تجميد الأصول، وحظر التعاملات التجارية، وفرض قيود على المعاملات المالية الدولية. هذه الإجراءات قد تساهم بشكل كبير في إضعاف الاقتصاد المحلي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.


كما ستنعكس العقوبات الاقتصادية بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.[25] فبسبب القيود المفروضة على التجارة الدولية والمساعدات الإنسانية، يعاني السكان المدنيون من نقص حاد في السلع الأساسية مثل الغذاء، والأدوية، والوقود. فضلا عن ذلك، فإن تأثير العقوبات قد يضاعف من الأزمة الاقتصادية القائمة، حيث يواجه القطاع التجاري تحديات إضافية في نقل السلع الأساسية وتوزيعها.


ويعاني المدنيون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من أوضاع اقتصادية وإنسانية صعبة حتى قبل فرض المزيد من العقوبات. [26] إذ يُظهر الوضع تدهورا مستمرا في مستوى المعيشة، حيث ترتفع معدلات البطالة وتتناقص فرص العمل بشكل كبير.[27]  كما أن القيود الاقتصادية تؤثر سلبا على قدرة السكان على توفير احتياجاتهم اليومية، مما يزيد من معاناتهم.


وفي خطوة تهدف إلى تجنب آثار العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على جماعة الحوثيين، قررت ثمانية مصارف يمنية في مناطق سيطرة الجماعة الانتقال إلى العاصمة عدن.[28]  والبنوك هي:  بنك التضامن الإسلامي، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، مصرف اليمن البحرين الشامل، البنك الإسلامي اليمني للتمويل والاستثمار، بنك سبأ الإسلامي، بنك اليمن والخليج، البنك التجاري اليمني، وبنك الأمل للتمويل الأصغر.


وعلى الرغم من أنّ تصنيف الجماعة قد يفرض تحديات جديدة على القطاع المصرفي في اليمن، إلا أنّ البنك المركزي اليمني في عدن كان قد حرص منذ وقت مبكر على نقل مقرات البنوك من صنعاء إلى عدن، لإضعاف قدرة الحوثيين الاقتصادية والحد من استخدامها الموارد المالية والاقتصادية لبناء قدراتها العسكرية.


وفي إطار تصعيد واشنطن للضغط على الجماعة من خلال قطع مصادر تمويلها، تم الإعلان أخيرا عن فرض حظر على استيراد المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، ابتداءً من أبريل المقبل.[29] هذا القرار من شأنه أن يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يعتمد السكان على الوقود لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومن المتوقع أن يؤدي الحظر إلى نقص حاد في الوقود، مما يعطل خدمات النقل والكهرباء والمياه، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء. وهذا يزيد من معاناة الأسر الفقيرة التي تعاني بالفعل من صعوبات اقتصادية. ومع أن جماعة الحوثيين تسعى لتأمين حلول بديلة، مثل زيادة المخزون النفطي، إلا أن هذه الإجراءات قد لا تكون كافية للتغلب على تأثيرات القيود المفروضة، مما يزيد من تعقيد الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرتها.


دور التصنيف في السياسة الدولية


إنَّ تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية من قبل بعض الدول والمنظمات الدولية يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على السياسة الدولية المتعلقة بالصراع اليمني.  إذ يفرض هذا التصنيف تحديات كبيرة على جهود المجتمع الدولي لفتح باب المفاوضات السلمية بين الأطراف المتنازعة.[30]


إنّ أحد أبرز التحديات الناتجة عن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، هو تأثيره المباشر على أي جهود لإجراء مفاوضات سلمية للأزمة في اليمن. فالولايات المتحدة الأمريكية، تفرض شروطًا صارمة على أي محاولة للتفاوض مع الحوثيين. إذ يُتوقع أن تركز واشنطن ومعها بعض الدول على ضرورة أن يتعهد الحوثيون بالتخلي عن الأنشطة العسكرية والإرهابية، وهو ما قد يكون صعبًا بالنسبة لهم بسبب سياستهم الحالية وتعنتهم في القضايا العسكرية. في هذه الحالة، قد تزداد الفرص الضئيلة لإيجاد حل سلمي، ويستمر التصعيد العسكري.


في المقابل، تتأثر العلاقات الإقليمية بشكل واضح جراء تصنيف الحوثيين كإرهابيين. فبينما ترى الدول الغربية في الحوثيين تهديدًا للأمن الإقليمي والعالمي، قد تجد إيران، نفسها في موقف يتطلب دعم الحوثيين بشكل أكبر.  هذا الموقف المساند سيساهم في تعميق الفجوة بين القوى وحلفائها الإقليميين من جهة وبين إيران من جهة أخرى، حيث ان دعم إيران للحوثيين يُنظر إليه على أنه تحدٍ للنفوذ الغربي في المنطقة، مما يزيد من تعقيد العلاقات الإقليمية والدولية.


كما أن التصنيف الإرهابي للحوثيين يساهم أيضا في إعادة تشكيل سياسات الدول الكبرى تجاه الشرق الأوسط بشكل عام واليمن بشكل خاص. الدول التي تلتزم بمواقف صارمة ضد الإرهاب قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع الحوثيين بحذر أكبر، الأمر الذي قد يدفعهم إلى زيادة الضغوط على إيران، أو حتى فرض عقوبات إضافية. 


الضغوط الدولية على الحوثيين


وبالمقابل، من المتوقع أن يعزز التصنيف الضغط الدولي على الحوثيين من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بشروط وقف الأعمال العدائية. الضغوط التي يواجهها الحوثيون نتيجة لهذا التصنيف قد تدفعهم إلى إعادة التفكير في موقفهم تجاه التسوية السلمية، وهو ما يفتح المجال أمام احتمالات جديدة في عملية السلام في اليمن.


ومع ذلك، فإن تحقيق هذه النتيجة ليس بالأمر التلقائي، بل يتطلب تغييرا جذريا في نظرة الحوثيين لموازين القوى. فهم لا يزالون يعتقدون أن خصومهم على وشك الانهيار والاستسلام، وأنهم قادرون على مواجهة خصومهم والولايات المتحدة على حد سواء بالصمود والمقاومة، مستشهدين بنموذج حركة طالبان التي أجبرت واشنطن على التفاوض بعد عقدين من المواجهة.[31] ومما لا شك فيه أنَّ تغيير هذا التصور الخاطئ يتطلب أن يقترن التصنيف بخسائر ملموسة وضغوط ميدانية وسياسية متواصلة، فمن خلال إظهار قوة العزيمة وتكثيف الضغوط، يمكن للمجتمع الدولي أن يدفع الحوثيين إلى إعادة النظر في حساباتهم والجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.


في الوقت ذاته، يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في التوفيق بين الضغط على الحوثيين لدفعهم نحو التفاوض وبين الحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالصراع. ومن المؤكد أن التأثير السلبي لهذه السياسة على جهود التوصل إلى حل سياسي يظل قائما، إذ إنَّ تعقيد الوضع الإنساني قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار المنطقة ككل، مما يوجب على المجتمع الدولي العمل بشكل أكثر تنسيقًا لإيجاد حلول توازن بين هذه الأولويات.


الآثار القانونية المترتبة على التصنيف


أما الآثار القانونية المترتبة على التصنيف، فقد تعمّق عزلة الجماعة، إذ يجرِّم القانون الأمريكي أي تعاملات مالية أو مادية مع المنظمة المصنفة، مما يشمل تجميد الأصول وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تقدم الدعم للحوثيين.[32] وهذا يشمل الأفراد المرتبطين بالحوثيين أو الهيئات التي تقدم دعماً مالياً لهم.


كما يمنح هذا التصنيف الولايات المتحدة سلطات أوسع لمكافحة أنشطة الحوثيين، بما في ذلك استخدام أدوات استخباراتية وعسكرية. وقد يؤدي التصنيف إلى ملاحقات قضائية للأفراد والكيانات المتورطة في دعم الحوثيين، سواء داخل الولايات المتحدة أو في دول أخرى.


إلى جانب ذلك، يتم فرض حظر على سفر أعضاء جماعة الحوثيين إلى الدول التي تصنفهم كمنظمة إرهابية، مما يمنعهم من التنقل عبر الحدود، وزيارة الدول الأخرى أو المشاركة في أنشطة دولية.


عمليات أكثر شمولية


إلى جانب تكثيف الغارات الجوية، من المرجح أن يشكل تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية اجنبية" من قبل الولايات المتحدة الأمريكية منعطفا في طبيعة المواجهة بين الطرفين. فبينما كانت العمليات الأمريكية تقتصر على ضربات محدودة تستهدف تحييد القدرات الهجومية للحوثيين، فإن التصنيف الجديد قد يفتح الباب أمام استراتيجية أكثر شمولية.


هذه الاستراتيجية قد تتضمن احتمالات لتكثيف العمليات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك شن ضربات جوية أكثر عمقًا تستهدف مواقع استراتيجية وقيادات حوثية، على غرار العمليات ضد تنظيم القاعدة.[33]  كما يمكن أن نشهد تزايدا في العمليات الاستخباراتية التي تستهدف رصد وتعطيل الأنشطة العسكرية للجماعة، على غرار ما حدث مع تنظيم القاعدة في اليمن.


إضافة إلى ما تقدم، يمنح التصنيف الولايات المتحدة صلاحيات أوسع في التعامل مع الحوثيين، بما في ذلك تجميد الأصول وفرض عقوبات اقتصادية مشددة، وقد يدفع هذا التصنيف الإدارة الأمريكية إلى تبني استراتيجية أكثر حزما، تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين وتقويض نفوذهم في المنطقة.


خلاصة

 

لا شك أنَّ تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية" وفرض عقوبات على قياداتها يمثل تحولا مهما في مسار الصراع اليمني، ويعكس تعقيداته السياسية والعسكرية على الصعيدين الإقليمي والدولي. بينما قد يساهم التصنيف في تعزيز الضغط على الحوثيين، إلا أنه من غير المرجح أن يؤدي إلى حلول فورية للأزمة.


كما أنَّ موازنة التصنيف بين الضغط العسكري والحلول الإنسانية والدبلوماسية سيكون العامل الحاسم في التأثير على مستقبل اليمن والمنطقة. إلى جانب أنَّ التصنيف قد يعزز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، حيث يمكن أن يساعد في التنسيق بين الدول لمكافحة الجماعات الإرهابية، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية أو تنفيذ العمليات المشتركة.


إبراهيم علي
اسم مستعار لخبير بشؤون الجماعات المسلحة. باحث غير مقيم في مركز سوث24. أخفى هويته الحقيقية لأسباب أمنية

[1] Designation of Ansarallah as a Foreign Terrorist Organization, United States Department of State
[2] Returning the Houthis to the US Terrorist List Stop Cash and Arms Flows: Maintain Aid Flows, Embassy of the UAE in Washington DC
[3] Designation of Ansarallah as a Foreign Terrorist Organization, United States Department of State
[4] Sanctioning Houthi Leaders for Weapons Procurement and Destabilizing Violence, United States Department of State
[5] US re-designates Houthis as Foreign Terrorist Organization, sanctions leaders, FDD's Long war Journal
[6] مصادر خاصة مقربة من الحوثيين تحدثت لـ "مركز سوث24"
[7] Treasury Targets Houthi Leaders Involved in Smuggling and Procuring Weapons, US Department of the Treasury
[8] المصدر السابق
[9] مصادر خاصة مقربة من الحوثيين تحدثت لـ "مركز سوث24"
[10] The United States’ Houthi terrorist designation unmasks Russia’s Yemen strategy, The Atlantic Council
[11] Treasury Sanctions Instigators of the Violent Takeover of Yemen, US Department of the Treasury
[12] أمريكا تصنف الحوثيين باليمن منظمة إرهابية وتحذير دولي من تداعيات خطير، رويترز
[13] الحوثيون يصعّدون هجماتهم في مأرب والجوف، الشرق الأوسط
[14] الحوثي: جاهزون لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل فور انتهاء مهلتنا‎، وكالة الأناضول
[15] "تجييش" يمني يوحي بمعركة قريبة في مدينة الحديدة، اندبندنت عربية
[16] Experts react: Trump just ordered major strikes against the Houthis. What does this mean for Yemen, Iran, and beyond?, Atlantic Council
[17] غارات أميركية على صنعاء وترامب يتوعد باستخدام "القوة المميتة" ضد الحوثيين، الجزيرة نت
[18] ترامب يتوعد الحوثيين بـ"الإبادة التامة" ويحذر إيران، سكاي نيوز عربية
[19] إسرائيل قد تتحرك قريباً لاستهداف الحوثيين بعد إعادة تصنيفهم كـ "منظمة إرهابية أجنبية" - جيروزاليم بوست، BBC عربي
[20] إعلام حوثي: إسرائيل قصفت مواقع في صنعاء والحديدة، CNN عربي
[21] صاروخ حوثي يستهدف جنوب إسرائيل والجماعة تتوعد بالمزيد، الجزيرة نت
[22] الحوثي يطلق صاروخا على إسرائيل والأخيرة تعترضه قبل دخوله الأجواء، CNN عربي
[23] إسرائيل قد تتحرك قريباً لاستهداف الحوثيين بعد إعادة تصنيفهم كـ "منظمة إرهابية أجنبية" - جيروزاليم بوست، BBC News عربي
[24] تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية: أي انعكاسات على الوضع الإنساني؟، العربي الجديد
[25] Trump administration's re-designation of Yemen's Houthis as terrorist organization "only compounds the suffering of Yemenis", Oxfam
[26] حصاد الاقتصاد اليمني خلال 2024 .. ركود وأزمات خانقة وتوقعات بمزيد من الانهيار، بلقيس نت
[27] هل يؤثر وصم الحوثيين بالإرهاب على القطاع المالي في اليمن؟، الجزيرة نت
[28] 8 مصارف يمنية تنقل مقارها من صنعاء هرباً من عقوبات أميركا، الشرق الأوسط
[29] ضربة جديدة للحوثيين.. واشنطن تحظر استيراد الوقود عبر ميناء الحديدة، العين الإخبارية
[30] قلق أممي من تأثير تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية على الوضع الإنساني وجهود السلام في اليمن، صحيفة العرب
[31] يديعوت أحرونوت: الحوثيون يتحدون أميركا والعالم ولا يمكن ردعهم، الجزيرة نت
[32] ما تداعيات قرار واشنطن إعادة تصنيف "الحوثي" منظمة إرهابية؟، عربي21
[33] 40 غارة أميركية على اليمن تخلف قتلى وجرحى وإيران وروسيا تنتقدان، الجزيرة نت
شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا