05-08-2020 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| ماركو توليو لارا
في وقت مبكر من 13 يوليو، شنّ المتمردون الحوثيون هجومهم المنسّق الثاني على المملكة العربية السعودية خلال 20 يومًا. قال التحالف الذي تقوده السعودية إنه اعترض ودمّر أربعة صواريخ باليستية وست طائرات مسيرة متفجرة أُطلقت من العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. بينما لم يُبلّغ السعوديون بموقع الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة. (..)
يُظهر الهجوم المنسّق الجديد، الذي أعقب الغارات الجوية على أهداف شملت مقر الدفاع والاستخبارات السعودي وقاعدة الملك سلمان الجوية في 23 يونيو / حزيران، وأهداف المواقع والمعدات العسكرية بالإضافة إلى منشأة نفطية، أنّ الحوثيين يُكثّفون هجمات ضد التحالف بقيادة السعودية. وزعم المتمردون أن الهجوم كان "انتقامًا من العدوان السعودي"، وآخرها غارة جوية على محافظة حجة أسفرت عن مقتل سبعة أطفال وامرأتين في 12 يوليو.
ترتبط نية الحوثيين بإجبار التحالف الذي تقوده السعودية
على الموافقة على شروط أفضل لوقف إطلاق النار
على الرغم من أنّ الغارة الجوية السعودية أثارت بالفعل انتقام الحوثيين، إلا أنه كان متوقعًا بالفعل هجوم واسع النطاق آخر من هذا النوع، ومن المرجّح أن يكون هناك المزيد. مع هذين الهجومين، اكتسب الحوثيون زخمًا بناءً على قدرتهم المزعومة على ضرب أهداف بدقة عالية عميقة داخل المملكة العربية السعودية، وبالتحديد في الرياض، وضرب أهداف متعددة في مدن مختلفة في نفس الوقت. من المرجّح أن تنوي الجماعة المدعومة من إيران دفع التحالف بقيادة السعودية إلى الاقتراب من محادثات وقف إطلاق النار بجدية أكبر والنظر في التنازلات التي اعتبرها السعوديون حتى الآن غير قابلة للتفاوض، مثل رفع الحصار البحري والجوي والبحري على اليمن.
الاندفاع إلى مدينة مأرب
وترتبط نية الحوثيين بإجبار التحالف الذي تقوده السعودية على الموافقة على شروط أفضل لوقف إطلاق النار، مع استمرار جهود المتمردين للاستيلاء على مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة اليمنية في شمال البلاد. في 29 يونيو، اشتبك الحوثيون والمقاتلون الموالون للحكومة في منطقة بمحافظة مأرب، وفي 1 يوليو / تموز، نفّذ التحالف بقيادة السعودية غارات جوية على المحافظة، التي يسيطر عليها الحوثيون في الغالب، باستثناء الأجزاء التي تشمل عاصمة تحمل نفس الاسم. بعد الجلسة الأولية في 7 يوليو لمحاكمة قادة الحوثيين المتهمين بتدبير الانقلاب على الحكومة اليمنية، أطلقت الجماعة المدعومة من إيران صاروخًا باليستيًا، قيل أنه سقط في منطقة مدنية بمدينة مأرب في 8 يوليو / تموز، يليه قصف آخر في 14 يوليو.
السعوديون يريدون الانسحاب من الصراع اليمني منذ فترة طويلة. لكنهم لا يستطيعون السماح بالسيطرة الكاملة للحوثيين على الشمال الغربي، وبدون وجود سعودي، وربما أبعد من ذلك، لأنّ هذا سيعطي المتمردين قدراً أكبر من المساومة قبل المفاوضات المباشرة في نهاية المطاف. بعد أن استولت قوات الحوثي على مدينة الحزم، في محافظة الجوف، في مارس / آذار، تمكّن المتمردون من الوصول إلى مسار عبر صحراء الرويك حيث سيتمكنون من إرسال مقاتلين مباشرة إلى مأرب و / أو تنفيذ عمليات إضافية من الضربات الجوية على المدينة.
بالنظر إلى خطر هذا التهديد، أعلنت قوات الجيش في أواخر يونيو / حزيران أنها طوقّت الحزم، وفي 15 يوليو / تموز، زُعم أن التحالف شنّ غارات جوية على المدينة أسفرت عن مقتل العديد من المدنيين، مما زاد الضغط لأنه على علم بالاستراتيجية لأهمية المدينة لتمكين الحوثيين من السيطرة المحتملة على مأرب.
من غير المرجّح أن يحُقق أي من الطرفين المتحاربين انتصارًا عسكريًا كاملًا في اليمن. من المرجّح أن يواصل الحوثيون نهجهم التصاعدي على أمل الاستيلاء على مدينة مأرب حتى يتمكّنوا من زيادة نفوذهم قبل المفاوضات المباشرة النهائية مع التحالف بقيادة السعودية، والتي يعمل عليها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيثس. من المرجّح أن يواصل التحالف، بدوره، ضرب المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون رداً على هجمات المتمردين، وسيواصل الدفاع عن آخر معقل له في الشمال، ولكن، في مرحلة ما، سيحتاج إلى معالجة محادثات وقف إطلاق النار من أجل حكومة يمنية معترف بها.
التكييف المزعوم لاتفاق الرياض..
سيضّر في نهاية المطاف بخطط الحوثيين
إذا قرر التحالف الانتظار ومعرفة ما إذا كانت الطاولة ستنقلب في الصراع، حيث تتمتع قوات الحوثي في الوقت الحاضر بالسيطرة العسكرية، ويستمر في رفض منح الشرعية للحوثيين، فقد يَنظر المجتمع الدولي إلى الحكومة المدعومة من السعودية كأحد الأجزاء التي تعيق العملية السياسية الناجحة في اليمن. هذا لا يعني أن الحوثيين ييسّرون العملية، لكنّ الحكومة اليمنية لديها المزيد لتخسره من حيث الشرعية باعتبارها الكيان الحاكم المعترف به في جميع أنحاء العالم.
القتال المتواصل، مع الاتهامات المستمرة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي ضد التحالف الذي تقوده السعودية.. يُمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تبديد الدعم للحكومة وشرعيتها الدولية، الشيء الوحيد الفاسد الذي لا يزال يتمسك به الرئيس عبد ربه منصور هادي - قد يبدأ في التلاشي.
قلب طاولة الصراع
في الجنوب، قد تؤثّر التطورات الأخيرة المتعلقة بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي على مشهد الحرب. شارك المجلس في معارك نزاع مع التحالف الذي تقوده السعودية للسيطرة على الجنوب حتى بعد اتفاق الرياض لتقاسم السلطة الذي وقع عليه الطرفان في نوفمبر 2019 وإعلان وقف إطلاق النار في يونيو. لكن في 26 يوليو، اتفق المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية على محاولة أخرى لتنفيذ اتفاقية الرياض بعد اقتراح سعودي "بتسريع" تنفيذه.
وبحسب وسائل الإعلام اليمنية، فإن الصفقة الجديدة شملت نقاطًا مشابهة، مثل تعيين محافظ ومدير أمن في عدن وتشكيل حكومة جديدة مع تمثيل متساوٍ من الشمال والجنوب، بشروط جديدة، مثل عودة حاكم سقطرى إلى الجزيرة وإلغاء المجلس الانتقالي إعلانه للحكم الذاتي.
إن التكييف المزعوم لاتفاق الرياض، الذي لم يتحقق بعد، وما يترتب على ذلك من انخفاض التوترات بين الطرفين سيضّر في نهاية المطاف بخطط الحوثيين، حيث من المرجّح أن المجموعة المدعومة من إيران تستفيد من الاهتمام المشتّت الذي يوليه التحالف للنزاع ضد المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب والحوثيين أنفسهم في الشمال. السؤال الذي يبقى هو ما إذا كان اهتمام التحالف غير المشتت الآن للقتال ضد الحوثيين في الشمال، بشرط أن تؤدي الظروف الجديدة مع المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تحقيق الاستقرار في الجنوب، سيمكّنه من قلب طاولة الصراع.
اهتمام التحالف للقتال ضد الحوثيين في الشمال، بشرط .. تحقيق الاستقرار في الجنوب، سيمكّنه من قلب طاولة الصراع!
بالنظر إلى المستقبل، هناك احتمال كبير بأن يواصل الحوثيون الضغط على التحالف، خاصةً مع شنّ هجمات داخل وحول مدينة مأرب وربما في المملكة العربية السعودية. تظهر التجارب السابقة أنه من المرجح أن تستمر هجمات الحوثيين حتى بعد التفاهم المعلن عنه بين التحالف والمجلس الانتقالي الجنوبي على أساس حقيقة أن هجمات 23 يونيو / حزيران المنسّقة للحوثيين على المملكة العربية السعودية جاءت بعد يوم واحد من إعلان التحالف والمجلس الانتقالي وقف إطلاق النار. وفي الوقت نفسه، إذا ركّز على القتال ضد الحوثيين، فقد يتمكن التحالف من الرد على الهجمات بقوة أكبر ومنع المتمردين من زيادة نفوذهم قبل المفاوضات المباشرة المحتملة.
- ماركو توليو لارا: محلل في مؤسسة دول الخليج للتحليل، وهي مؤسسة استشارية للمخاطر الجيوسياسية مقرها واشنطن العاصمة.
- المصدر الأصلي: Fair Observer
- ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر