14-08-2020 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| دبي
أعلنت إسرائيل والإمارات اتفاقاً وصفاه بـ التاريخي يوم الخميس سيؤدي للتطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسية بينهما في خطوة تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط بدءا من القضية الفلسطينية وحتى إيران.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسط في التوصل للاتفاق الذي بموجبه وافقت إسرائيل على تعليق ضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة.
كما عزز الاتفاق من مواجهة نفوذ إيران في المنطقة إذ تعتبرها الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة التهديد الرئيسي للشرق الأوسط الذي يشهد الكثير من الصراعات.
وكانت إسرائيل قد وقعت اتفاقا للسلام مع مصر في 1979 ومعاهدة للسلام مع الأردن في عام 1994.
لكن الإمارات وأغلب الدول العربية لم تكن تعترف بإسرائيل ولم يكن لديها علاقات دبلوماسية أو اقتصادية رسمية معها حتى يوم الخميس.
ووصف مسؤولون من الدول الثلاث، إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، الاتفاق بأنه تاريخي ويشكل انفراجة من أجل السلام. لكن مسؤولين فلسطينيين فوجئوا بالخطوة وأدانوها واعتبروها خيانة لقضيتهم.
والاتفاق، الذي سيُعرف باتفاق أبراهام، يمنح ترامب إنجازا في السياسة الخارجية في وقت يسعى فيه لإعادة انتخابه رئيسا في تصويت يجرى في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني.
وذكر بيان ثلاثي مشترك للإمارات واسرائيل وأمريكا، أن وفودا من إسرائيل والإمارات ستجتمع في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقات ثنائية في مجالات الاستثمار والسياحة ورحلات جوية مباشرة والأمن والاتصالات وملفات أخرى.
اختراق حاجز الوهم
وفي البيت الأبيض، قال ترامب إن اتفاقات مماثلة قيد النقاش مع دول أخرى في المنطقة.
ورحبتّ دولة البحرين في الاتفاق، بينما أعلنت سلطنة عمان تأييدها له. في حين أفرد الإعلام السعودي مساحات واسعة لتغطية الحدث والإشادة فيه.
وفي حين يستبعد خبراء أن تكون الدولة التالية هي المملكة العربية السعودية، نظرا لموقعها القيادي للعالم الإسلامي، رجحّوا أن تكون دول عربية أخرى في المنطقة.
وقال الخبير الأمريكي جورجيو كافييرو لـ قناة الجزيرة بأنه "ليس من المحتمل أن تحذو السعودية حذو الإمارات في فتح علاقات مع اسرائيل، لموقعها في قيادة العالم الإسلامي، لكن من المرجّح ذلك للبحرين أو اليمن أو السودان أو عمان".
من ناحيته رأى المحلل السياسي توفيق طعمة في حديث لـ قناة فرنس24 أن دولا أخرى ستتبع الإمارات في خطوتها هذه أبرزها البحرين وعمان والسودان والمغرب وقد تكون الجزائر أو تونس ودولا أخرى أيضا.
وظهرت خلال السنتين الأخيرة عدد من المواقف والآراء الخليجية التي تمّهد لخطوة التطبيع مع اسرائيل. وذكرت وسائل إعلام اسرائيلية أن لقاءات عديدة جرت بشكل سري بين قيادات اسرائيلية ومسؤولين خليجيين.
وفي مقال للإعلامي السعودي البارز مشاري الذايدي نشرته صحيفة الشرق الأوسط، وصف الاتفاق بأنه "اختراق لحاجز الوهم".
وقال الذايدي" الإمارات العربية المتحدة حققت اختراقاً سياسيا ونفسيا وأمنيا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط، بعد الإعلان عن الاتفاق التاريخي بين الإمارات واسرائيل".
وبحسب الذايدي فإن الإمارات بتوقيعها هذا الاتفاق " قطفت مكسباً ملموساً للقضية الفلسطينية، ليس بالشعارات، بل بالعمل، من خلال وقف قضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات".
وكان سوث24 قد نشر تقريرا سابقاً مترجما عن صحيفة أورشليم بوست، أشار إلى أن الأول من يوليو جاء دون قيام إسرائيل بإجراء أي تغييرات على الوضع القانوني للمستوطنات.
وأشارت صحيفة "اورشليم بوست"إلى أنّ الفرص التي قد تفوّتها إسرائيل - مثل التطبيع مع دول الخليج - هي التي أعطت صناع القرار وقفة.
وقالت الصحيفة أن سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة اختار نقل مخاوف الإمارات مباشرة إلى الجمهور الإسرائيلي، واختار صحيفة يديعوت أحرونوت ثاني أكثر الصحف قراءة في إسرائيل، وكتب أن "الضم" سيهدد الأمن الإسرائيلي والإقليمي.
اقرأ أيضا: فرصة التطبيع مع الخليج وتأثير الإمارات أوقفت قرار الضم الاسرائيلي
ترحيب دولي وعربي
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق الذي أعلن أمس "الخميس" حول مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشاد غوتيريش بالبيان المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات وإسرائيل حول الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية واتخاذ خطوات من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وأعرب الأمين العام عن أمله في أن تخلق هذه الخطوة فرصة للقادة الفلسطينيين والإسرائيليين لإعادة الانخراط في مفاوضات هادفة من شأنها تحقيق حل الدولتين بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي والاتفاقيات الثنائية.
ورحبت كل من بريطانيا وفرنسا ومصر بالاتفاق، واعتبرت الأردن الاتفاق "رهن بإجراءات تل أبيب" مشيرة إلى "دعم أي جهد حقيقي في الوصول إلى سلام"، في حين امتنعت حكومة هادي المؤقتة لتصريف الأعمال عن تحديد موقف واضح من الاتفاق.
وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، في جنوب اليمن، على لسان نائب رئيس المجلس هاني بن بريك الاتفاق القاضي بوقف ضم اسرائيل للأراضي الفلسطينية "سيكتبه التاريخ لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان."
وأضاف في تغريدة على تويتر الخميس "اتفاق وضع خارطة طريق نحو تعاون مشترك مع إسرائيل وصولا لعلاقات ثنائية قرار شجاع من قائد حكيم سيخدم خيار العرب في حل الدولتين، وخدمة الشعب العربي الفلسطيني وإنهاء المتاجرة بالقضية".
@MohamedBinZayed ايقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية سيكتبه التاريخ لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
اتفاق وضع خارطة طريق نحو تعاون مشترك مع إسرائيل وصولا لعلاقات ثنائية قرار شجاع من قائد حكيم سيخدم خيار العرب في حل الدولتين، وخدمة الشعب العربي الفلسطيني وإنهاء المتاجرة بالقضية https://t.co/sPejHdVABu
خيانة للقدس
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس أن التطبيع الإسرائيلي الإماراتي هو "خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية"، معربا عن رفضه لهذا الاتفاق. إلى ذلك، قررت السلطة الفلسطينية استدعاء سفيرها بشكل فوري من الإمارات.
وقال نبيل أبو ردينة المستشار البارز لعباس وهو يقرأ من البيان من مقر التلفزيون الرسمي في رام الله بالضفة الغربية المحتلة "تعلن القيادة الفلسطينية رفضها واستنكارها الشديدين للإعلان الثلاثي الأمريكي، الإسرائيلي، الإماراتي، المفاجئ، مقابل ادعاء تعليق مؤقت لمخطط ضم الأراضي الفلسطينية وبسط السيادة الإسرائيلية عليها".
كما هاجم مسؤولان في حركة «فتح» الاتفاق. واعتبر عضو اللجنة المركزية عباس زكي، أن الاتفاق هو «تخلٍ عن الواجب القومي والديني والإنساني تجاه القضية الفلسطينية» فيما قال جمال المحيسن عضو اللجنة المركزية إن ما أقدمت عليه الإمارات يمثل خروجاً عن الإجماع العربي، مشيراً إلى أن مبادرة السلام العربية تنص على أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن يتم إلا بعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين حسب قرارات الشرعية الدولية.
خيانة لاسرائيل
من جهته انتقد قيادي استيطاني في إسرائيل، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الخميس، بعد الإعلان عن الاتفاق بين إسرائيل والإمارات، قائلا إنه يشعر بـ"الخداع والخيانة" من قبل الزعيم الإسرائيلي.
وعبر رئيس مجلس "يشع" للمستوطنين، ديفيد الحياني، عن غضبه مما اعتبره "تعليقًا نهائيًا" من قبل رئيس الوزراء لتلك الخطط مقابل إقامة علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف القيادي الاستيطاني، "لقد وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارًا وتكرارًا بتطبيق السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة وغور الأردن. كما عقدنا اجتماعات وجهًا لوجه. وأكد لنا أنه يعمل على ذلك. هذه هي القضية السياسية الرئيسية"، وتابع الحياني "ترشح للانتخابات وخدعنا وخدع نصف مليون من سكان المنطقة ومئات الآلاف من الناخبين".
وحذر الحياني، نتنياهو، من أنه سيعاقب في صندوق الاقتراع إذا اختار إجراء انتخابات عامة أخرى في نهاية العام الجاري، قائلًا "لقد خنت ثقتي بك. لقد كنت تبيعنا الأكاذيب لمدة عام. لا تتوقع منا أن نصمت. لا تقل لنا أنه في غضون بضعة أشهر ستكون هناك سيادة. لأن الثقة بك قد انتهت".
وتشجع حركة المستوطنين الإسرائيليين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، وهي الخطة التي كان نتنياهو ينوي تنفيذها في يوليو تموز الماضي 2020، لكن وباء فيروس كورونا المستجد وتباطؤ واشنطن، حال دون تنفيذ تلك الخطط.
غضب إيراني
الاتفاق بين الإمارات واسرائيل أثار غضب إيراني، انعكس من خلال بيان للخارجية الإيرانية، وصف الاتفاق بـ "طعنة".
وقال بيان للخارجية الإيرانية أن اتفاق اسرائيل والإمارات "سيؤدي إلى تقوية محور المقاومة وبلوغ الوحدة والتضامن ضد الكيان الصهيوني والرجعية إلى الذروة.".
وتشعر إسرائيل بالقلق بشكل خاص مما تشتبه في أنها جهود من إيران لتطوير أسلحة نووية وهو أمر تنفيه طهران. كما أن إيران تخوض حروبا بالوكالة في المنطقة من سوريا وحتى اليمن الذي شكلت فيه الإمارات جزءا من قيادة تحالف يحارب القوات التي تدعمها إيران هناك.
اقرأ أيضا: كيف برزت إسرائيل كصانع سلام غير متوقّع بين دول الخليج
آثار الاتفاق
أوضحت السفارة الإماراتية في واشنطن الآثار والخطط المستقبلية المترتبة على اتفاق السلام مع إسرائيل والمعلن عنه في بيان ثلاثي مشترك مع إسرائيل وأمريكا، الخميس. بالتالي:
- الاتفاق يوقف فورا قرار الضم الإسرائيلي واحتمال تصاعد العنف
- يحافظ على قابلية حل الدولتين الذي تقره الجامعة العربية والمجتمع الدولي.
- يخلق احتمالات جديدة في عملية السلام ويعزز استقرار الأردن.
- سيسرع النمو والتطور وتوسيع الفرص للشباب.
- خطط المحادثات على المدى القريب ستتمحور حول التأشيرات السياحة والأعمال والاتصالات وروابط الشحن والتعاون الصحي والأمن المائي والغذائي والتغير المناخي والتكنولوجيا والطاقة والتبادل الثقافي والتعليمي وزيارات على المستوى الوزاري وتأسيس سفارات.
- الإمارات وإسرائيل وبمشاركة أمريكا ستطلقان أجندة استراتيجية للشرق الأوسط الأمر الذي سيؤدي على تعميق التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني إلى جانب الدول الأخرى الملتزمة بالسلام.
- ستبقى الإمارات داعما قويا للشعب الفلسطيني ولكرامتهم وحقوقهم ودولتهم المستقلة."
لا شك سيكون للخطوة الإماراتية تداعيات ملموسة في منطقة الخليج والمنطقة العربية، قد تعُزز من ناحية خطوة السلام الشامل مع الاسرائيلين، وتدفع باتجاه حل جذري للشعب الفلسطيني، لكنها أيضا على العكس، قد تمثّل انتكاسة للسلام وتُحرج الموقف الإماراتي، إذا لم تلتزم إسرائيل بجانبها من الاتفاق، في وقف ضم الأراضي الفلسطينية، على الرغم من أنّ العلاقات الأحادية بين اسرائيل والإمارات تُمثّل شأناً خاصا في نهاية المطاف.
المصادر: سوث24، وام، سي ان ان، رويترز، الجزيرة، تويتر، فرنس24