03-03-2022 at 8 PM Aden Time
سوث24| عبد الله الشادلي
يتواصل إصرار أبناء محافظة حضرموت، جنوب اليمن، على المطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والرئاسة اليمنية [2019]، الذي تضمَّن إخراج المنطقة العسكريّة الأولى من مناطق الوادي بالمحافظة.
ويعتبر أبناء حضرموت أنّ تواجد قوات هذه المنطقة، التي ينتمي معظم أفرادها لشمال اليمن، يأتي تحت مظلّة حماية الشركات النفطيّة للسيطرة على ثروات المحافظة الغنية بالنفط واستمرار تدفقها للمتنفذين. لا من أجل القيام بالدور العسكري وتأمين المناطق الخاضعة لسيطرتها.
لكنَّ التصعيد الشعبي الذي بدأه أبناء المحافظة مؤخراً، وعٌرف بـ "الهبة"، استطاع في غضون 4 أشهر مقارعة هيمنة المنطقة العسكريّة الأولى. لقد تمكن التصعيد من لفت الأنظار لمطالب أبناء حضرموت، وهدَّد قوى النفوذ فيها.
لقاء حضرموت العام
في 27 أكتوبر 2021، اجتمعت القوى القبلية والمجتمعية والمدنية الرئيسية بمحافظة حضرموت. عُرف هذا الاجتماع بـ "لقاء حضرموت العام"، وتمَّ في منطقة "حرو" بوادي المسيلة. مثَّل هذا الاجتماع الشرارة الأولى للتصعيد الشعبي [الهبة] في حضرموت.
وعن هذا اللقاء، قال رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت، "المقدّم" سالم بن سميدع لـ«سوث24» "سعينا في اجتماعنا في شهر أكتوبر 2021 إلى توحيد الصف الحضرمي في منطقة حرو. بالفعل، استجاب الناس للاجتماع الذي دعت إليه الكتلة".
وأضاف "خرج الاجتماع بتشكيل لجنة ضمت جميع المكوّنات والشخصيات الحضرمية. بعدها بدأ التصعيد بوقفة احتجاجية أمام بوابة شركة بترومسيلة. ثم كبر التصعيد واستحدثنا النقاط الشعبية في 8 ديسمبر/كانون الأول 2020".
المقدم سالم بن سميدع، رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت، يلقي كلمة في لقاء تشاوري بمنطقة الردود بوادي حضرموت 26 فبراير 2022 (سوث24، عبد الله الشادلي)
وتطالب قيادة الهبّة الحضرميّة برحيل المنطقة الأولى وفقاً لاتفاق الرياض أو إعلان إلغائه. وفي هذا الصدد قال الشيخ حسن الجابري، رئيس التصعيد الشعبي لـ«سوث24» "ليس أمامنا إلا خيارين: إمّا تنفيذ الاتفاق ورحيل المنطقة الأولى؛ أو إعلان بطلانه وحينها فقط سيقرر الشعب مصيره".
وأضاف الجابري "بقاء القوات اليمنية في وادي حضرموت يعرقل تنفيذ اتفاق الرياض ولا يخدم مصالح المحافظة". ووصف دور سلطات وادي حضرموت بـ "السلبي". وقال إنَّ "الهبة" حظيت بتأييد شعبي واسع وتفاهمات من قبل المحافظ فرج البحسني الذي يشغل منصب قائد المنطقة العسكريّة الثانية بالساحل.
موقف المحافظ
أعلن محافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، في الـ 21 من ديسمبر/كانون الأول المنصرم، تضامنه مع "الهبّة الحضرمية" عقب لقائه قيادة اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام (حرو). [1]
وأبدى البحسني التزامه بتنفيذ مخرجات اللقاء الذي جمعه مع لجنة التصعيد الشعبي وتنفيذ البنود المُتفق عليها، مؤكدا استمرار تواصله مع الحكومة اليمنية لتنفيذ بقيّة المطالب. [2]
وفي معرض رده حول التساؤل عن موقف البحسني تجاه "الهبة الحضرمية"، وعلاقة قيادة الهبة به، قال الشيخ الجابري: "علاقتنا بالسلطة المحليّة جيّدة جدا. نحن نعتبرها صاحبة القرار والتي في يدها المطالب. لقد انتزعنا منها الجزء الأكبر من مطالبنا".
وأضاف "تحققت الكثير من مطالب الهبّة حتى الآن أبرزها: ما تمّ الاتفاق عليه في الجوانب الأمنية في الوادي ودعم الديزل. لقد وصل سعره إلى 205 ريال يمني للتر الواحد. هناك مطالب أخرى تحقَّقت، مثل: عمليّة استيراد ودخول الأسمدة للمزارعين بأسعار مخفّضة من 150 ألف ريال تقريباً سابقاً إلى 45 ألف ريال".
وإلى جانب ذلك، قال سالم سميدع: "التمسنا من المحافظ بعض المطالب. هناك بعض المطالب الأخرى لا تزال مٌعرقلة؛ لكنَّ المطالب التي تقع في إطار إمكانيّته تمَّ تحقيقها".
وأضاف "موقف محافظ حضرموت لا يتعارض مع الهبة الحضرميّة، لكنّ هناك إشكاليّات كبيرة تواجه الهبّة من قبل السلطة المحليّة بالوادي".
سلطات الوادي
تعتبر قيادة الهبّة الحضرميّة موقف السلطة المحليّة بوادي حضرموت، مغايراً تماماً لموقف نظيرتها في الساحل. وتتهمها بالتخاذل والتنكر لأبناء المحافظة، ومطالبهم.
وطبقاً لرئيس "كتلة حلف وجامع حضرموت": "موقف السلطة المحليّة في الوادي سيء جداً وخاصة مع المواطن الحضرمي. هي غير متعاونة مع الهبة الشعبيّة، بعكس سلطة الساحل".
ويقول سالم بن سميدع "لم نرَ من سلطة الوادي إلا إصراراً على المماطلة والتسويف بل وخلق لجان لصالحها من أجل إفشال الهبّة الحضرميّة".
ويضيف في سياق حديثه مع «سوث24» "إنَّ الذين ذهبوا لتنفيذ أجندات للسلطة أو للنخب الشماليّة، لاستمرار نهب ثروات حضرموت، معروف لدى الجميع انهم ذهبوا للاسترزاق فقط. هم فاشلون ويعرفون ذلك جيدّاً".
ولفت إلى أنّ "الهبة الحضرميّة مستمرّة وستستمر. هي لن تتوقّف إلا «بانتزاع» حقوق حضرموت كاملة؛ مهما حاولت المنطقة الأولى أو السلطة بالوادي دعم ثني الجهود وإفشالها".
واتهم الجفري، بحديثة لـ سوث24، سلطات الوادي بـ "التواطؤ مع المنطقة العسكرية الأولى". وأضاف: "السلطة المحلية آثرت التحليق في سرب المنطقة الأولى والنخب الشماليّة، على الوقوف إلى جانب أهلها في الوادي وما يتعرّضون له من ظلم واضطهاد".
واعتبر الجفري أنّ "موقف السلطة غير مشرّف". وقال "إنَّ في استطاعتها حلّ بعض الأمور. لا نعلم لماذا تصرّ في الاستمرار على هذا النّهج". ورجَّح الجفري أنّ سلطة الوادي تتعرض إلى "ضغوطات". وقال إن "المعطيات تشير إلى ذلك".
وتجدر الإشارة إلى أنَّ وكيل مديريات وادي حضرموت، عصام حبريش، كان قد ألتقى، في 3 مارس الجاري، القيادي السابق بلجنة التصعيد الشعبي، الشيخ صالح بن حريز. وأكد حبريش على "توحيد الصف الحضرمي". وحذَر من استغلال حقوق حضرموت. [3]
المنطقة الأولى وقرار التجنيد
بالنسبة لـ سالم سميدع، تُعتبر المنطقة العسكرية الأولى "محتلّة لوادي حضرموت منذ ما بعد الوحدة وليس من اليوم".
وبشأن مطالب إخراجها، أوضح بن سميدع أنَّ "من ضمن بنود اتفاق الرياض إخراج القوات الشماليّة. هم غير ملتزمين به وجاثمون على صدور أبناء الوادي".
واتهم بن سميدع المنطقة الأولى بالتواطؤ مع وصفها بـ "العصابات الإجراميّة التي تقتل الأبرياء وتمرّ من نقاطها دونما أي موقف يُذكر". وقال إن "القتل وما يحصل من اغتيالات تكون غالباً من نقاطهم العسكرية".
وتابع، "نتمنى أن يصل صوتنا إلى قيادة المملكة العربية السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض وإخراج هذه المنطقة بدلاً من بقائها في وادي حضرموت".
من جانبه، قال رئيس انتقالي سيئون "عناصر المنطقة الأولى دائماً ما يحاولون استفزاز المواطنين والمتظاهرين بشكل خاص. إنَّهم يحاولون جرّهم إلى مظاهر العنف والترويع في محاولة لثنيهم عن مطالبتهم برحيل القوّات الشمالية من مناطق الوادي".
وقال الجفري: "ومع ذلك، جميع تصعيداتنا وتظاهراتنا في حضرموت بساحلها وواديها سلميّة وحضاريّة".
وأوضح الجفري أنّ مطالبهم في المجلس الانتقالي الجنوبي والهبّة الحضرميّة وجميع المكونات الحضرمية تجتمع على "اخراج المنطقة العسكريّة المسؤولة عن جميع جرائم القتل". وأشار إلى أنّ "القتل في وادي حضرموت لن يتوقف. العمليّة الإرهابية التي راح ضحيتها مواطن وجريحين يوم الأحد الماضي، لن تكون الأخيرة".
وعن ردّ المنطقة العسكريّة الأولى، بعد دعوة قيادة "الهبة الحضرمية" ألوية العمالقة الجنوبية لتحرير مناطق الوادي، قال حسن الجابري: "لم نشهد أي رد من المنطقة وهي لن تجرؤ على ذلك. لقد زادت عنصريتها ونحن شعب يتبع قيادته".
وأشار الجابري إلى أنّهم في قيادة الهبّة "متمسّكون باتفاق الرياض الذي تقضي بنوده بإخراج هذه القوات من الوادي".
وبالنسبة إلى قرار تجنيد الآلاف من أبناء حضرموت، الذي وجّه التحالف العربي في وادي حضرموت بتوقيفه ووصفه البعض بـ "غير المدروس"؛ قال الجابري "جميع قرارتنا مدروسة. قرار التجنيد كان مدروساً من قبلنا ومن قبل الشعب".
جموع من أبناء حضرموت في اللقاء التشاوري الذي دعت إليه قيادة الهبة الحضرمية بمنطقة الردود بالوادي 26 فبراير 2022 (سوث24، عبد الله الشادلي)
وأضاف "ما حصل كان تأجيلاً وليس توقيفاً كما وصفته بعض وسائل الإعلام. لقد جرى بموجب اتفاق مع التحالف العربي في الوادي. نحن في انتظار تفعيل الاتفاق لاستئناف التجنيد".
وبخصوص الإقبال على التجنيد، قال الجابري "الإقبال على التجنيد والاستجابة لنداء قيادة الهبة كبير جداً. لو أردنا 100 ألف متطوع للبى شبابنا النداء تطوعاً". وأشار إلى أنّ المتطوعين في الوقت الراهن "لا يتسلمون أي مقابل مادي. إنَّ ذلك نضالٌ كبيرٌ منهم".
وفي 10 يناير الماضي، أعلن قائد المنطقة العسكرية الأولى، اللواء صالح طيمس، رفع الجاهزية العسكرية والأمنية لوحدات المنطقة. وقال طيمس إنَّ هذا الإجراء يأتي لحماية مديريات الوادي من "العناصر الإجرامية والتخريبية" [4]. لقد تزامن ذلك مع تحركات لقيادة التصعيد الشعبي.
الانتقالي والحكومة اليمنية
أظهر المجلس الانتقالي الجنوبي دعمه الكبير للتصعيد الشعبي بحضرموت منذ البداية. لقد ندَّد في بيانات كثيرة بممارسات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت. طالب المجلس أيضاً بإخراجها وتسليم المحافظة لأبنائها.
وحول تأييد الانتقالي للهبّة الحضرميّة، قال الجابري "أضاف المجلس الانتقالي شعبية كبيرة للهبة الحضرمية، حيث أنَّ ما نسبته 70 في المئة من أبناء حضرموت يؤيدونه".
واعتبر الجابري أن المجلس وحلف حضرموت "كانا السند والداعم الأكبر للهبّة الحضرميّة. وأشار إلى أنّ التجّار "كانوا غائبين" عن المشهد، والهبة التي قام بها أبناء حضرموت.
وبخصوص المفاوضات مع «الحكومة اليمنية» لتنفيذ مطالب الهبة الحضرميّة ومصيرها، قال الجابري "إلى الآن ننتظر. سمعنا أنَّ هناك لجنة وزارية مُشكّلة من قبل الرئيس هادي قادمة للتفاوض. لكن صبرنا لن يطول".
وحدة الصف
قاد الشيخ القبلي، صالح ين حريز، أحد قيادات التصعيد الشعبي، اعتصاما بمنطقة العيون، غربي المكلا بحضرموت. لقد بدا الأمر كما لو أنَّه انشقاق بالنسبة للكثيرين. تبنَّى الرجل مواقف مندَّدة بالسلطة المحلية في ساحل حضرموت، كما اُتهم بمحاولة عكس مسار التصعيد وحرفه عن الوادي.
عقب إعلان محافظ حضرموت حالة الطوارئ في المحافظة في 6 يناير الماضي، أعلن بن حريز رفضه لها. في 29 يناير من ذات الشهر، اعتقلت القوات الأمنية بن حريز، ثم أفرجت عنه في 6 من فبراير.
وحول دور الشيخ بن حريز في الهبة، أوضح رئيس الهبة، الشيخ الجابري أنّ "بن حريز لم يعد للهبّة، وأنّه تقرر فصله من قبل اللجنة". وأكَّد الجابري أنّه "لا يمثل الهبّة الحضرميّة" في الوقت الراهن.
ومع عدم الاستجابة لمطالب الهبة الحضرمية حتَّى الآن؛ يبدو أنَّ هذا التصعيد الشعبي مستمر بوتيرة أكبر. يعزز ذلك الدعم والاهتمام المتزايد اللذان يبديهما المجلس الانتقالي الجنوبي لدعم مطالب الهبة. يُرجح أن يكثف المجلس من ضغطه نحو تنفيذ بنود اتفاق الرياض. ويشمل ذلك إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى.
صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: رئيس لجنة التصعيد الشعبي بحضرموت، الشيخ سعيد الجابري، يلقي كلمة في لقاء تشاوري بمنطقة الردود بوادي حضرموت 26 فبراير 2022 (سوث24، عبد الله الشادلي)
Previous article
Next article