تخرج خمسة الوية من الحزام من المرحلة الثانية سهام الشرق 1 يناير 2023
15-01-2023 at 12 PM Aden Time
سوث24 | إبراهيم علي*
قبل أسبوعين أعلنت القوات الجنوبية عن انطلاق مرحلة جديدة من عملية "سهام الشرق"، بالتزامن مع عودة ما يمكن أن يعتبر تصاعد عمليات تنظيم القاعدة في محافظة أبين جنوب اليمن.
المرحلة الأولى من العملية، كانت قد تمكنت من إخراج التنظيم من معاقل رئيسية له في المحافظة، أبرزها وادي عومران في مديرية مودية شرقي أبين، إلا أن العمليات لم تتوقف. فخلال الأسابيع الماضية، نفذ التنظيم عددا من العمليات في أبين، سقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات الجنوبية. ربما استدعت هذه العودة التعجيل بإطلاق المرحلة الثانية من عملية سهام الشرق.
عودة متوقعة
رغم أن المرحلة الأولى من العملية حققت نجاحات كبيرة، تمثلت بإخراج التنظيم من معاقل رئيسية في أبين، إلا أن عملياته عادت وأخذت في التصاعد. هذه العمليات لا تعني أن المعركة السابقة ضده فشلت في تحقيق أهدافها، لأن عودتها كان متوقعا، إذ يريد التنظيم إثبات قدرته على تنفيذ عمليات انتقامية، وأن العمليات ضده لم تُضعفه. إلى جانب ذلك، يحاول التنظيم أن يفرض واقعا أمنيا يظهر من خلاله أنه مازال صاحب المبادرة، للتغطية على ما تعرض له في المحافظة، أو لإثبات أن ما تعرض له لم يؤثر على نشاطه العملياتي.
كما يسعى التنظيم من خلال عملياته إلى إيصال رسالة عملية إلى القبائل مفادها أنه لم يخسر الحرب، ومازال قادرا على استهداف كل من يشاركون في العمليات ضده. وكان التنظيم قد وجه رسالة تهديد للقبائل وأكد قدرته على الوصول إلى كل من يشاركون في عمليات أبين.
وفي كل الأحوال، وبعيدا عن أهداف عمليات تنظيم القاعدة الأخيرة في أبين، يمكن القول إنه مازال قادرا على الاستهداف، إلا أن قدرته محدودة، لأنه شبه مكشوف أمنيا داخل المحافظة، بعد طرده من معاقله الرئيسية خلال العمليات السابقة. صحيح أنه قد يكون يحتفظ ببعض المعاقل، إلا أنها لن تكون بمنعة وأهمية معاقله السابقة.
المرحلة الثانية
على رغم أن تنظيم القاعدة في أبين وشبوة بات في وضع أضعف، مقارنة بوضعه السابق، إلا أن المرحلة الثانية من عملية "سهام الشرق" لن تكن سهلة، على اعتبار أنها ستتولى مسؤولية ملاحقة مجموعات صغيرة تنشط في اللامكان. بمعنى أنها لن تستهدف التنظيم في معقل معين، فلم يعد له معقل معروف بعد إخراجه من معظم معاقله، وإنما تهدف إلى إيقاف عمليات الكمائن المزعجة التي تتسبب في وقوع خسائر بشرية كبيرة من حين لآخر.
من المهم الإشارة هنا إلى أنّ نشاط التنظيم الأخير لن يستمر بنفس الوتيرة لفترة طويلة، لأن حركته باتت مقيدة أكثر، وهذا من ثمار المرحلة الأولى من عملية "سهام الشرق". الأرجح أنّ تنظيم القاعدة وزع عناصره على مجموعات صغيرة في بعض مناطق المحافظة، وأن هذه المجموعات تنشط بشكل منفرد ومن دون تنسيق فيما بينها، ولديها قدرة أكبر على التخفي؛ لقلة عدد أفرادها، لكن إمكاناتها محدودة، لهذا قد تركز على الأهداف السهلة أو المنفردة أو المتقاربة مكانيا. من الصعب عليها مثلا استهداف عربة عسكرية ضمن موكب من خمس عربات أو حتى ثلاث لكن متباعدة.
بمعنى أن تنظيم القاعدة بدأ بترتيب وضعه في المحافظة بناء على المستجدات الأخيرة، وقد يسلك طرقا إجبارية بسبب شحة خياراته. في السابق، كان التنقل بين المناطق أو المحافظات خيارا رئيسيا في التعامل مع الظروف الأمنية، لكن حركته الآن باتت صعبة ومكلفة، ويمكن القول إن هذا الخيار بات أشبه بمغامرة، ما يعني أن العمليات التي ينفذها في ظل هذا الوضع قد لا تعكس قوة وحضورا بقدر ما هي تعبير عن مأزق يعيشه أو يمر به، ومن هنا تبرز أهمية إطلاق مرحلة ثانية من عملية سهام الشرق، شريطة أن تكون خططها مبنية على معرفة بوضع التنظيم الجديد. إلى جانب ذلك، يمكن القول إن العمليات الأخيرة للتنظيم لم تكن ردة فعل من موقع قوة وقدرة على ذلك، وإنما تعامل مع خيار متاح في ظل مأزق يعيشه.
الكمائن
يمكن القول إن أكثر عمليات تنظيم القاعدة الأخيرة في محافظة أبين، اعتمدت على الكمائن، وهي أخطر من العبوات الناسفة التي يتم تفجيرها عن بعد، كما أن التعامل معها أصعب، كونها تختار نقطة انطلاق هجومها بدقة، لضمان حصار الهدف، وشل قدرة أفراده على القيام بعملية تبادل إطلاق النار من خلال عنصر المفاجأة، إضافة إلى أن خسائرها أكبر.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أنّ كمائن التنظيم ليست عشوائية، وإنما عمليات منظمة تبدأ من رصد الهدف، وحجمه، وحركة سيره، إلى وضع خطة الهجوم بناء على المعلومات المتوفرة، مع وضع الكثير من الاحتمالات لتطورات غير متوقعة قد تحدث خلال أو بعد الهجوم.
وبما أن التنظيم يعتمد بشكل أساسي على الجهد الاستخباراتي المتمثل برصد الهدف، فإنه قد يجد صعوبة كبيرة في نصب كمائن للمواكب أو العربات العسكرية والأمنية التي تتعامل بحذر في هذا الجانب، بدءً من سِرّية التحرك وتمويهه، وتغيير الطُرق من حين لآخر، وأيضا اختيار الطُرق المناسبة التي ستتحرك عليها، إضافة إلى ما أوردناه قبلا حول الهدف المنفرد أو المتقارب مكانيا.
ولا شك أن تفادي الكمائن يحتاج إلى جهود استخباراتية وأمنية كبيرة. فمثلا، على الرغم من خبرة الجيش العراقي في مجال مكافحة الإرهاب، إضافة إلى إمكاناته الهائلة، إلا أنّ كمائن تنظيم الدولة الإسلامية أرهقته. ولولا الخطط التي وضعها الأمريكيون في هذا الجانب، لكانوا "كالعميان" وفق تعبير العقيد صلاح كريم الكناني من الفرقة التاسعة المدرعة لوكالة "رويترز".
ومن هنا، يمكن القول إن معرفة كيف يعد ويجهز تنظيم القاعدة في اليمن كمائنه، جزء مهم في عملية وضع حلول وخطط لتفاديها أو حتى تقليل خسائرها.
Previous article
9 Days ago