منظر جوي ساحة الأمويين في دمشق، 11 كانون الأول/ديسمبر 2024. تصوير: بكر القاسم / وكالة فرانس برس
09-01-2025 at 10 AM Aden Time
"يُرجّح أن تؤدي الصراعات الراهنة إلى تسوية واستقرار هش قابل للاختراق، بما يعيد إلى الأذهان التجربة التاريخية لـ"صلح باريس"، الذي مثّل محطة مؤقتة بين ويلات الحرب العالمية الأولى ومقدمة لحرب عالمية ثانية أشد تدميرا."
مركز سوث24 | د. إيمان زهران
ساهمت عملية "ردع العدوان"، بقيادة "هيئة تحرير الشام" إلى صياغة معادلات تفاعلية جديدة بالداخل السوري أضفت مزيداً من التحديات على هندسة النظام الإقليمي الجديد، الذي أصبح قيد التشكيل فيما بعد أحداث 7 أكتوبر2023. كذلك خلقت أبعادا جديدة لشبكة معقدة من المصالح لا تزال تشكل ديناميكيات الصراعات القائمة بالمنطقة، على نحو ما يدفع بعدد من التساؤلات حول مستقبل موازين القوى وخريطة التفاعلات الإقليمية، وكذا حالة الفواعل من دون الدول، دون إغفال استشراف مستقبل جماعات الإسلام السياسي بالنظام الجديد قيد التشكيل.
تحولات ميدانية
التطورات الجيوسياسية الإقليمية بعد 7 أكتوبر2023 ساهمت بتأزّم الأوضاع بالداخل السوري، خاصة مع اتساع جبهات الصراع والتحركات الإسرائيلية لإخضاع محور المقاومة في عمق أراضيه. فعلى سبيل المثال: عكس الانتقال النوعي للصراع الإسرائيلي الإيراني من حروب الظل إلى المواجهة المباشرة، انكشاف طهران ومحدودية مُقدراتها، كذلك ما لحق بتقويض للقدرات العسكرية لحزب الله عبر تكثيف الهجمات بالجنوب اللبناني واحتلال مساحات منه، واستهداف العديد من قادته إلى جانب اغتيال "حسن نصر الله". هذه التطورات دفعت إلى انسحاب حزب الله والمليشيات الإيرانية من سوريا، وترتب عليها فراغا أمنيا سارعت لملئه فصائل المعارضة السورية والتنظيمات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا، بعد ما أظهرته ميدانياً من تغيرات نوعية في طبيعة قواعد الاشتباك السائدة قديما، وذلك بالنظر إلى:
- توقيت المباغتة: ساهم توقيت هجوم (هيئة تحرير الشام) في إرباك قوات الجيش النظامي على نحو ما دفعهم بـ "الانسحاب العشوائي" من التمركزات المختلفة، اتصالاً مع عدد من العوامل الداعمة لفاعلية عنصر التوقيت، أبرزها: استنزاف القوات النظامية في قتال دام لـ 14 عام دون توقف، وتراجع عمليات التطوير النوعي بالأجهزة الأمنية لجيش النظام السوري، وكذا ضعف تعزيزات كفاءة المقاتلين بجيش النظام مقابل ما تم رصده من مشاهد ميدانية تعكس حجم التطور النوعي للمقاتلين بمختلف التنظيمات المسلحة. بالإضافة إلى تراجع دعم الحلفاء لنظام الأسد خاصة كل من (روسيا، إيران، حزب الله).
- السياقات السياسية: أضفت حالة السيولة بالتفاعلات الداخلية والإقليمية والدولية بُعداً داعماً لتحركات (هيئة تحرير الشام). فعلى سبيل المثال:
على المستوى الداخلي، أولاً: تردي كافة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية على نحو ما دفع بانتشار التظاهرات المنددة بنظام الأسد بمناطق سيطرته. ثانياً: تراجع فرص التسوية السياسية في ظل هشاشة استجابة الأسد لكافة المبادرات الرامية لإنجاز ملف التسوية السياسية بما يتوافق مع القرار الأممي 2254. ثالثاً: توظيف قوى المعارضة والفصائل المسلحة لحالة "هشاشة المجتمعات المحلية" وتقديم نفسها كبديل آمن لمرحلة ما بعد الأسد.
على المستوى الإقليمي، أولاً: ما أسفرت عنه الهجمات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني من استنزاف للمقدرات القتالية لحزب الله وتصفية قياداته بالصفين الأول والثاني على المستويين السياسي والعسكري. مما دفع بانسحاب قواته وتقليص دوره في حماية نظام الأسد. ثانياً: انصراف إيران عن الدائرة السورية ومحاولاتها إعادة ترميم وموازنة "أجندتها الإقليمية" عقب استهداف إسرائيل لقيادات الحرس الثوري الإيراني وضرب مقرات الميليشيات الإيرانية في سوريا، واستهداف خطوط إمداداتها للأراضي السورية. ثالثاً: التحركات الميدانية التركية بالشمال السوري فضلاً عن دعمها غير المباشر لـ "هيئة تحرير الشام". وعلى المستوى الدولي، أولاً: الرغبة الأمريكية في تطويق إيران ومحاصرة أذرعها بالمنطقة بما يتيح المجال لتحركات حلفاءها وفرض أجنداتهم بالإقليم. وثانياً: الانخراط الروسي بمدارات الأزمة الأوكرانية ومحاولة معالجة ارتداداتها المختلفة والانصراف عن دعم نظام الأسد.
- التنوّع العملياتي/ تكتيكيات الحرب: ثّمة تطورات نوعية تم رصدها بتكتيكات هجمات الفصائل السورية المسلحة وهيئة تحرير الشام. فعلى سبيل المثال: توظيف "الطائرات المسيّرة" في عمليات الاستهداف والرصد والاستطلاع والتصوير الجوي، بالإضافة إلى تنوّع القدرات التسليحية وامتلاك التكنولوجيا المتطورة.
هذه التطورات الجيوسياسية في الملف السوري تدفع للتساؤل حول مدى التغيّر في خارطة القوى الإقليمية، ومدى انعكاس ذلك على هندسة النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط.
انعكاسات قائمة
شكلت التحوّلات الراهنه بالمشهد السوري لحظة مفصلية في المنطقة، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر2023، لتؤسس إلى عدد من الترجيحات النوعية حول حالة الأطراف الاقليمية المنخرطة بالأزمة السورية من جهة، وتلك التي تُدير أزمات الإقليم ككل، وذلك على النحو التالي:
حالة القوى الإقليمية
إذ تنصرف إلى ترجيحات القوى الإقليمية حول ترتيبات ما بعد الأسد، وكيف سيتم النظر والتعامل مع "أجنداتها الوطنية"، سواء ما يتعلق بالمصالح السياسية "استراتيجية الدور"، أو تشبيكات الأطر الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وذلك على النحو التالي:
إيران: تُبنى ترجيحاتها على محددين؛ سياسياً: ينطوي على رهانات "سياسات الدور" لدى طهران وتحديات إعادة بناء نفوذها الإقليمي ومحور مقاومتها بالشرق الأوسط بعد سقوط نظام الأسد، عبر سحب ميليشياتها وإعادة توزيعهم فى كل من العراق ولبنان. واقتصادياً: يتعلق بمصير الاستثمارات الإيرانية في سوريا، لا سيما في قطاعات النفط والغاز والفوسفات بشرق ووسط البلاد ومشاريع الربط الكهربائي وإنشاء مصرف مشترك. كما تُثار مخاوف بشأن إمكانية سيطرة أطراف منافسة، مثل هيئة تحرير الشام وداعميها الخارجيين، على هذه الاستثمارات، أو احتمال بروز ترتيبات اقتصادية جديدة تُفرض بفعل الواقع الاقتصادي الهش في المنطقة.
تركيا: ترتكز هذه الجزئية حول التصورات التركية فيما يتعلق بـ "العثمانية الجديدة". وهناك ثمّة محددات تتعلق بمستقبل الدور، أبرزها:
سياسياً: التخوف الجيوستراتيجي من مشروع الأكراد في الشمال السوري، واتصالاً مع ذلك، تتحرك أنقرة نحو التموضع على أن تحل محل "الوصاية الإيرانية" وتعزيز نفوذها خاصة في مناطق الشمال وشمال شرق سوريا، إلا أنّه بالمقابل، ثمّة عدداً من التحديات قد تٌعرقل تطلعاتها، منها: خصوصية المجتمع السوري، التوسعات الإسرائيلية، التواجد الأمريكي، الإدراك العربي لمركزية سوريا بالنظام الإقليمي الجديد، وكذلك السرديات الإيرانية حول محور المقاومة ودول الطوق.
اقتصادياً: اهتمام أنقرة بالتعاون مع سوريا في إعادة بناء نظام الطاقة، بما يتجاوز الوقود الأحفوري نحو توسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. كذلك ما يتعلق بالتصورات التركية حول توظيف الجغرافيا السورية في إنشاء خط أنابيب للغاز يمتد إلى الغرب عبر سوريا، اتصالاً بخط أنابيب الغاز العربي، مع إمكانية التشبيك مع منتجى الغاز الإقليميين عبر طرحها طريقاً أكثر جدوى تجارياً إلى الأسواق الأوروبية في ظل تراجع فعالية مشروع خط أنابيب "إيست ميد".
إسرائيل: لازالت تتلمّس الخطوة التالية استناداً إلى توظيفاتها لحالة التغيّر في قواعد الاشتباك بسوريا وما فرضته "هيئة تحرير الشام" من معادلات ميدانية ساهمت في إعادة تقييم تل أبيب لمستقبل "بنك الأهداف"، وذلك بالنظر إلى:
أولاً: الترجيحات حول "سيناريو التموضع التكتيكي" وذلك استناداً إلى تحركات جيش الاحتلال الذي يتجاوزالمنطقة العازلة بين سوريا وهضبة الجولان، رغم نفي إسرائيل للأمر، إلا أنّه لازال يُشكل رهان قائم ببنك أهدافها.
ثانياً: تطويق ومحاصرة النفوذ الإيراني بسوريا ودحض أي تموضع عسكري مستقبلي من جانب الفصائل المسلحة على الحدود المشتركة. فعلى سبيل المثال: استهدفت الضربات الإسرائيلية مخزونات الأسلحة الكيميائية ومواقع الصواريخ في دمشق.
ثالثاً: التحرك بالداخل السوري على نحو ما يُعيد تعريف "الدور الإسرائيلي" ويُضفي محورية على تموضعها كقوة صاعدة بالنظام الإقليمي الجديد، تزامنا مع حديثها المتكرر عن "خارطة الشرق الأوسط الجديد"، وتزامنا أيضا مع نشرها خارطة لها زعمت بأنها تاريخية وتضم أجزاء من أراضي سوريا الأردن ولبنان، وهي الخطوة التي قوبلت بإدانة عربية واسعة.
الفاعلون من دون الدول: شكّل انهيار نظام الأسد - الذي كان يشكل دعامة أساسية لجيوسياسية الشرق الأوسط لعقدين من الزمن - ضربة قاسية لـ "محور المقاومة" الإيراني، في ظل ما يواجهه من تفكك استراتيجي ينعكس بصورة مباشرة على ثقل التحرك للفاعلين من دون الدول المناهضين لإسرائيل، وهو ما يتضح بالنظر إلى:
1. حزب الله في لبنان: أسهم سقوط نظام الاسد في إضعاف مقدرات "حزب الله". إذ من المُرجح أن يتم تطويقه لوجستياً وقطع خط إمداده البري عبر العراق وسوريا على نحو ما قد ينعكس على حسم مواجهاته المستقبلية لصالح إسرائيل، وذلك بالإشارة إلى التصوّرات الرامية لاحتمالات انتهاك أو اختراق الهدنة القائمة بين لبنان وإسرائيل.
2. جماعة الحوثيين في اليمن: ثمّة تحديات نوعية تُشكل رهانات حول مستقبل مليشيا الحوثيين في اليمن. فقد ساهمت التحوّلات الأخيرة بالمشهد السوري بتنامي مخاوف الجماعة من إعادة إنتاج السيناريو السوري فى اليمن. وهناك عدد من المحددات لذلك، أبرزها، أولاً: احتمالية تقليص الدعم السياسي والعسكرى الإيراني للجماعة ما يؤدي لإضعافها. أو العكس من ذلك بـ "استمرارية الدعم" من جانب طهران، واستبدال خطوط إمدادتها العسكرية عبر الصومال. فضلاً عن الترجيحات الرامية لمحاولات إيران لإعادة ترتيب أوراقها فيما يتعلق بترميم أذرعها بمحور المقاومة.
ثانياً: اقتراب موعد تنصيب المُرشح المُنتخب "دونالد ترامب" رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وتصريحاته الكاشفة عن توجهاته نحو (سياسة الضغط القصوى)، وهو ما يمكن الاستدلال عليه عقب ترشيح "ترامب" للسيناتور "ماركو روبيو" لمنصب وزير الخارجية، الذي يتبنّى وجهات نظر متشددة بشأن إيران وأذرعها بالإقليم. ثالثاً: الحديث حول دعم غربي للحكومة المعترف بها باليمن، من شأنه أن يدفع باتجاه التصعيد العسكري وحسم المشهد كما حدث في سوريا.
3. حالة جماعات الإسلام السياسي: رحّبت جماعات الإسلام السياسي بعملية "ردع العدوان" وتحركات هيئة تحرير الشام في سوريا. فعلى سبيل المثال: أصدرت حركة طالبان وفروع تنظيم الإخوان المسلمين وغيرهما من جماعات الإسلام السياسي "السني" بيانات مؤيدة لتحركات "هيئة تحرير الشام".
واتساقاً مع ذلك، ثّمة ترجيحات حول احتمالات توظيف جماعات الإسلام السياسي لحالة الزخم بالمشهد السوري بما يخدم أجنداتها الداخلية والخارجية، حيث أبرزها:
أولاً: ما يتعلق برغبة جماعة الإخوان المسلمين في إقامة مركز عمليات الجماعة بالأراضي السورية بعدما لفظتهم كافة الدول العربية. فعلى سبيل المثال: تواجه جماعة الإخوان المسلمين ضغوطا في تركيا عقب الانفتاح البراغاماتي بالعلاقات بين أنقرة والإقليم العربي كذلك الأمر عقب المصالحة العربية القطرية.
ثانياً: ما تنطوي عليه الأهداف الخارجية لجماعات الإسلام السياسي في نقل التجربة السورية لدول المنطقة ككل، خاصة في الدول المأزومة سياسياً وأمنياً، على نحو ما قد يُنذر بمشهد إقليمي بالغ التعقيد، تُدرك الدول العربية ذات الثقل وفي مقدمتها مصر تبعاته الفوضوية على النظام الإقليمي ككل.
بالمقابل، على الرغم من إعادة الحديث مرة أخرى حول مستقبل جماعات الإسلام السياسي وترجيحات صعودها بالإقليم، إلا أنّ هناك نقاط اختلاف تُشكل تباين بالرؤى والأيدولوجيات والمصالح قد تنعكس على تصوراتها حول "مستقبل الدور"، وذلك على النحو التالي:
- من المُحتمل أن تتصاعد الخلافات فيما بين جماعات الإسلام السياسي حول مكيانزم إدارة المرحلة القادمة استناداً إلى التفاعلات القائمة بالدول المأزومة بالإقليم، والخلاف كذلك حول أنماط تلك الجماعات وتباينها حول المنهج والهدف، فعلى سبيل المثال: لا يعترف تنظيم داعش بالفصائل الإسلامية الحاكمة في سوريا ويتمسك باستئناف تصوّراته حول مشروع "الدولة الإسلامية".
- ما يتعلق بتباين منهاجية "الإسلام السياسي الشيعي" الذي تتزعمه إيران وأذرعها في كل من (اليمن، العراق، لبنان) مع منهاجية "الجماعات الإسلامية السنية" كالفصائل المسلحة في سوريا. وهذا الأمر يحب أن يدفع لاستدراك تجنب سيناريو إعادة إنتاج "فوضى الجماعات الإسلامية" بالإقليم.
هندسة النظام الإقليمي الجديد
فرضت حالة السيولة في تفاعلات الإقليم رهانات متباينة بشأن تشكيل النظام الإقليمي الجديد، وذلك في ظل سياقات الصراع في الدول المأزومة بالمنطقة، لا سيما بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 في قطاع غزة وما أعقبها من تطورات ضبابية في المشهدين السوري واليمني، إلى جانب توظيف القوى الصاعدة والتقليدية لأجنداتها وشبكة تحالفاتها الداخلية والخارجية. كل ذلك يثير التساؤل حول مدى إمكانية تحقيق الاستقرار في هذا النظام الإقليمي الجديد. وفي هذا الإطار، تبرز سيناريوهان محتملان:
• السيناريو الأول: يستند إلى حجم الزخم الحالي والتهديدات المتلاحقة، سواء التقليدية أو غير التقليدية، وإدراك "قادة الإقليم" لأهمية الخروج من دائرة الصراعات المتكررة، والانتقال نحو نظام متوازن في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، قائم على معادلات أكثر ميلاً للتعاون وأقل اعتماداً على القوة، بما يعزز تحقيق الأمن والاستقرار.
• السيناريو الثاني: يتمثل في استمرار المنطقة في حالة فوضى ممتدة وفصول متتابعة من محاولات القوى المؤثرة إيجاد مخرج يعيد الاستقرار للإقليم، خصوصاً في ظل تداعيات الأحداث الأخيرة في المنطقة. هذه المسارات تعزز احتمالات استمرار الاضطرابات، مما يضعف فرضية "الهندسة الإقليمية" الجديدة.
وبناءً على ما سبق، بات المشهد السوري أشبه بـ"قاعدة عمليات" لإدارة عملية تشكيل محددات النظام الإقليمي الجديد. فلم يعد الحديث عن ترتيبات "اليوم التالي" مقتصراً على قطاع غزة فحسب، بل أصبح يشمل ترتيبات الإقليم ككل بما يحمله من تفاعلات وتحالفات معقدة. كما برز التساؤل حول مستقبل ما بعد سقوط نظام الأسد وسيناريوهات النظام الإقليمي الجديد، وذلك في ظل ما ستسفر عنه المواجهات الراهنة. وعليه، يمكن استشراف سيناريوهين محتملين قد يشكلان رهانات المرحلة المقبلة:
السيناريو الأول: يُرجّح أن تؤدي الصراعات الراهنة إلى تسوية واستقرار هش قابل للاختراق، بما يعيد إلى الأذهان التجربة التاريخية لـ"صلح باريس"، الذي مثّل محطة مؤقتة بين ويلات الحرب العالمية الأولى ومقدمة لحرب عالمية ثانية أشد تدميرا.
السيناريو الثاني: يقوم على تصورات إيجابية بشأن إمكانية كسر "الدائرة المفرغة من الصراع" من خلال توافق جميع الأطراف على تسوية سياسية شاملة تُفضي إلى إقرار الاستقرار، بما يمهّد لإعادة هندسة نظام إقليمي جديد يتسم بالأمن والتعاون.
ويُعد هذا السيناريو اختباراً حقيقياً للأطراف الفاعلة في الإقليم والقوى التقليدية والصاعدة المنخرطة في معادلاته. وتزداد أهمية هذا السيناريو مع اقتراب تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" لولاية ثانية، وتصريحاته حول ضرورة إنهاء التوترات الإقليمية وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، بما يتماشى مع الرؤى الدولية وتوجهات حلفائه في المنطقة بشأن ميكانيزم تشكيل النظام الإقليمي الجديد.
Previous article