16-02-2020 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
خاص بـ سوث24| شهر وعشرة أيام تماما، تبقى على مضي خمس سنوات، منذ إعلان المملكة العربية السعودية انطلاق عمليات عاصفة الحزم ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وقوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، في الساعة الثانية صباحا من يوم الخميس السادس والعشرين من مارس/ آذار 2015.
عاصفة الحزم التي شكلت بداية العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي، شاركت فيها قرابة عشر دول بصورة مباشرة، بعضها محدود، على رأسها الإمارات العربية المتحدة الأكثر تأثيرا، بقيادة القوات المسلحة السعودية لدعم "شرعية نظام عبد ربه هادي منصور في اليمن."
وجاءت العملية حسب ما أعلنت عنها الرياض، لإيقاف النفوذ الإيراني المتزايد في اليمن والمتمثل في جماعة الحوثيين بعد أن بدأوا هجوماً واسعاً على المحافظات الجنوبية، وسيطروا على قاعدة العند وباتوا على مشارف العاصمة الجنوبية عدن.
بعد خمس سنوات من أطول حرب تشهدها اليمن، وتخوضها السعودية وقواتها المسلحة لأول مرة، لا يزال الحوثيون (الشيعة) يسيطرون على غالبية أجزاءها الشمالية، بعد أن استطاعوا الحصول على أسلحة نوعية ومتطورة من إيران بينها صورايخ باليستية وطائرات درون بدون طيار، حسب تقارير عديدة، آخرها تقرير خبراء نشرته رويترز الأسبوع الماضي، في حين تقع مساحات واسعة من جنوب اليمن بما فيها العاصمة عدن ومنطقة باب المندب البحرية الهامة، تحت سيطرة الجنوبيين الساعين للاستقلال، بينما لا تزال أجزاء شرقية من وادي حضرموت وشبوة خاضعة لسيطرة القوات الحكومية الموالية لحزب الإصلاح الإسلامي.
اتخذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من المناطق التي تسيطر عليها القوات اليمنية الرسمية والإخوان المسلمين، مقرا سهلا لتحركات عناصره وقياداته، كما أشار لذلك تقرير الخبراء المقدم لمجلس الأمن الدولي في 20 يناير 2020.
| اقرأ أيضا: تقرير أممي: مأرب تدعم الإرهابيين لاستهداف الأمن في جنوب اليمن
لا يبدو أن السعودية تملك استراتيجية واضحة، على الأقل حتى الآن، لكيفية حل هذه الأزمة المعقدة، بالرغم من انخراطها في حوارات مباشرة مع المتمردين الحوثيين بدأتها في نوفمبر 2019 ولا تزال مستمرة حتى الآن بحسب تصريحات وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، يوم أمس، في مؤتمر الأمن في ميونخ، حسب رويترز، دون إشراك الجانب اليمني فيها.
أبرز المحطات
تفكك التحالف العربي الذي بدأ في العام 2015 بعد انسحاب كل من قطر في يونيو 2017 على ذمة قطع العلاقات معها من قبل أربع دول عربية، ومن ثم المغرب بعيد فتور للعلاقة مع الرياض، وبعد ذلك أعلنت الإمارات العربية المتحدة سحب قواتها في أكتوبر الماضي من الساحل الغربي. وفي نوفمبر 2019 تسلمت القوات السعودية مهام التحالف العربي في عاصمة جنوب اليمن عدن من نظيرتها الإماراتية، واستكملت العملية في الثامن من فبراير الحالي عندما نظمت أبو ظبي حفلا عسكريا مهيبا لجنودها العائدين من القتال هناك.
الإمارات العربية المتحدة وعلى لسان عدد من مسؤوليها أكدوا، رغم ذلك، استمرار دعمهم اللوجستي والمادي لعمليات التحالف في اليمن إلى جانب السعودية، والقوات العسكرية التي دربتها في جنوب اليمن "المقاومة الجنوبية" وقوات "المقاومة الوطنية"، في إشارة للقوات التي يقودها نجل شقيق الرئيس اليمني، طارق صالح.
| اقرأ أيضا: مترجم| الإمارات تجدد التزامها بدورها الريادي في اليمن والمنطقة
كما أعلن السودان سحب غالبية جنوده من جبهات القتال في اليمن. وقال العميد جمال جمعة آدم، الناطق باسم قوات "الدعم السريع" الشهر الماضي، إن "مجموعة بسيطة تبقت من القوات السودانية في اليمن، وهي آخر قوة موجودة هنالك تمثل 657 فرداً"، بحسب وكالة الأناضول.
تشكلت خلال الخمس السنوات الماضية قوى جديدة أعادت تنظيم نفسها في جنوب اليمن بعد إعلان محافظ عدن الأسبق اللواء عيدروس قاسم الزبيدي عن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017 في عدن. يمتلك المجلس قوات عسكرية وأمنية كبيرة، دربتها الإمارات العربية المتحدة، ساهمت بفعالية في تطهير جنوب اليمن من الحوثيين والجماعات الإرهابية.
في حين سعت حركة الإخوان المسلمين وذراعها في اليمن حزب الإصلاح الإسلامي، للسيطرة على مدينة مأرب الواقعة في شمال شرق صنعاء والغنية بالنفط والغاز.
وتحولت مأرب إلى عاصمة فعلية للحكومة الشرعية بقيادة هادي مؤخرا، بعد أن سيطر الجناح الإسلامي على قرارات الحكومة، وبات يتحكم بمفاصل القوات المحسوبة على ما يسمى بـ "الجيش الوطني" المرابط في مأرب، والمدعوم من السعودية بأسلحة حديثة ومتطورة.
وعلى الرغم من ذلك لم يحقق الجيش اليمني أي تقدم نحو العاصمة اليمنية صنعاء منذ خمس سنوات. وفي شهر يناير الماضي سقطت مناطق جديدة في منطقة نهم شرق صنعاء، وفي منطقة الجوف في قبضة الميليشيات المدعومة من إيران.
أعلنت عدد من الألوية التي كانت تنتمي لهذا الجيش الانضمام لمقاتلي الحوثي، وفي أوقات أخرى سلمت الكثير من العتاد العسكري أو انسحبت من مواقعها كما حدث مؤخرا في منطقة نهم شرق صنعاء.
قاد الحكومة اليمنية خلال الخمس السنوات الماضية ثلاثة رؤساء وزراء، المهندس خالد بحاح وأحمد عبيد بن دغر صديق سابق لنظام صالح، والدكتور معين عبد الملك الذي ينتمي إلى محافظة تعز اليمنية.
اتُهمت الحكومة اليمنية التي يقيم معظم وزراءها في الرياض وعواصم عربية أخرى بالفشل والفساد وعدم الانسجام.
اتفاق استوكهولم
بعد تحرير عدن والمحافظة الجنوبية، توسعت العمليات العسكرية في منطقة باب المندب، واستطاعت الإدارة الإماراتية للعمليات العسكرية من تنظيم قوات جنوبية مدربة جيدا، وتأسيس ما يسمى بـ "ألوية العمالقة" المنبثقة عن المقاومة الجنوبية، بالإضافة إلى وحدات جنوبية من الجيش الجنوبي السابق والمنطقة العسكرية الرابعة التي قادها اللواء الراحل أحمد سيف المحرمي واللواء هيثم قاسم طاهر.
استطاعت هذه القوات من تحرير ميناء المخا في تعز، واتجهت بعمق نحو مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية الخاضعة للحوثيين. وهناك انضمت قوات تتبع طارق صالح والمقاومة التهامية لأعمال القتال التي كادت أن تسيطر على كامل المدينة، إلا أن التدخل الدولي الذي قادته بريطانيا والأمم المتحدة حال دون ذلك، وانتهى بإعلان اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018.
الاتفاق الذي رحب فيه المجتمع الدولي، منح، بحسب مراقبين، المتمردين طوق نجاة، وأمن لهم منفذا بحريا هاما، وحال دون التقدم نحو العاصمة الشمالية صنعاء كما كانت تخطط القوات اليمنية المعارضة.
لوّحت الحكومة اليمنية مؤخرا على لسان وزير خارجيتها فشل اتفاق استوكهولم بعد استهداف الحوثيين لمعسكر يحوي مجندين جدد في محافظة مأرب شرق صنعاء، أدى إلى مقتل وإصابة المئات منهم.
مصير اتفاق الرياض
في جنوب اليمن، وعقب استهداف القيادي العسكري البارز في القوات الجنوبية منير اليافعي في الأول من أغسطس 2019 في هجوم تبنته الميليشيات الحوثية، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة وجناح حزب الإصلاح فيها بالتورط في العملية، سيطرت قوات المجلس الانتقالي على عدن، واندلعت مواجهات وصلت حتى محافظة شبوة الشرقية.
سيطرت قوات يمنية قادمة من مأرب ومسلحين من القاعدة على شبوة، بعد أن تم إخراج قوات النخبة الشبوانية الأكثر فاعلية في محاربة الإرهاب في المحافظة، وحاولوا استعادة العاصمة عدن، إلا أنهم فشلوا. الأمر الذي دفع حكومة الرياض لدعوة المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية للحوار في جدة.
تمخض الحوار الذي استمر أكثر من شهرين بالإعلان عن اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر 2019 في قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض، قضى بخروج القوات القادمة مؤخرا من مأرب ومناطق أخرى من عدن وأبين وشبوة. ودمج القوات الأمنية والعسكرية للانتقالي في قوام وزراتي الداخلية والدفاع اليمنية، وتشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بواقع 24 وزير.
الاتفاق الذي حضي بدعم دولي واسع، عارضته كل من قطر وإيران وجماعة الحوثيين وتركيا وجزء كبير من حزب الإصلاح اليمني.
| يتهم المجلس الانتقالي الحكومة بعدم الالتزام بأي من بنود الاتفاق، ومن ذلك تسليم الرواتب وتعيين حاكما ومدير أمن لعدن، وسحب القوات التابعة لحزب الإصلاح من مقاطعة شقرة ومناطق شبوة
عاد رئيس الوزراء اليمني وفريق حكومي إلى عدن في نوفمبر الماضي، إلا أن التوتر العسكري استمر، بعد استهداف عناصر من القاعدة منخرطة في صفوف القوات الحكومية لعناصر أمنية تابعة للمجلس الانتقالي.
يتهم المجلس الانتقالي الجنوبي حزب الإصلاح بتجنيد عناصر متطرفة من تنظيم القاعدة في صفوف القوات الحكومية، بينهم حارسا لوزير الداخلية أحمد الميسري، وقائدا للواء الدفاع الساحلي (أبو العابد) الحارس السابق لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.
أعلن السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر في يناير من العام الحالي عن الاتفاق على مصفوفة عملية لتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.
بادر المجلس الانتقالي الجنوبي بتسليم القوات الثقيلة التي يملكها، والانسحاب من مناطق عسكرية في أبين. وقام بتسهيل وحماية الفريق الحكومي العائد لعدن. وتعاون بشكل كبير مع القوات السعودية المتواجدة في عدن لتنفيذ عملية الانتشار والحماية لمقرات الدولة هناك.
يتهم المجلس الانتقالي الجنوبي الحكومة اليمنية بعدم الالتزام بأي من بنود الاتفاق، ومن ذلك تسليم الرواتب وتعيين حاكما ومدير أمن لعدن، وسحب القوات الحكومية التابعة لحزب الإصلاح من مقاطعة شقرة في أبين ومناطق محافظة شبوة إلى الشرق من عدن.
توترت الأجواء مؤخرا بعد رفض قوات أمنية تابعة للمجلس الانتقالي مرور عناصر عسكرية بينهم (أبو العابد) عبر عدن، دون أن تنسحب قوات من شمال اليمن، يقودها "بن معيلي" من شقرة. اتهم نشطاء جنوبيون قوات سعودية بالضغط لتسهيل دخول هذه القوات إلى عدن. قبل أن تنسحب تلك القوات اليمنية عائدة إلى أماكنها.
كشفت صحيفة "ذا اراب ويكلي" اللندنية أن لجنة عسكرية شكلها التحالف تسعى لإعادة إحياء الاتفاق بين الطرفين، بعد مغادرة رئيس الحكومة إلى الرياض.
سعت وسائل إعلام يمنية وعربية تابعة لقطر والإخوان المسلمين، على تأجيج خلاف بين الرياض والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وتبنى صحفيون بارزون عادوا مؤخرا إلى عدن، نشر أخبار تتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بشن حملات تحريض ضد الرياض.
أعلن المجلس الانتقالي على لسان متحدثه الرسمي نزار هيثم عن إدانة المجلس الانتقالي ما وصفها، "كافة الحملات الإعلامية التي تستهدف المملكة العربية السعودية ودورها الريادي"، ودعا الجميع "إلى عدم الانجرار وراء تلك الحملات المسيسة والمغرضة والموجهة من القوى المعادية لشعبنا وقضيتنا ولأشقائنا في المملكة العربية السعودية."
لاعبون جدد
أدى خروج القوات الإماراتية من اليمن إلى فتح شهية قوى نفوذ أخرى في المنطقة إضافة إلى إيران.
سعت قطر ومنذ لحظة خروجها من التحالف العربي إلى مهاجمة دور الإمارات العربية المتحدة في جنوب اليمن. وشنت حملات إعلامية منظمة استهدفت القوات الأمنية المدعومة من الإمارات هناك. وحاولت ترسيخ شائعة نوايا الإمارات لاحتلال جنوب اليمن، كما حاولت إلى مد نفوذ لها في محافظة مهرة الشرقية الحدودية مع عمان.
ساعد في هذه الحملة قيادي سابق في تنظيم أنصار الشريعة يدعى عادل الحسني، لعبت قطر دورا كبيرا في إخراجه بصفقة كبيرة، من سجون الأمن في عدن.
انتقل الحسني للإقامة في تركيا، وأصبح محاضرا ومحللا استراتيجيا كما تصفه قناة الجزيرة التي تبث من الدوحة. فضلا عن ذلك سعت قطر إلى استمالة كل من وزير النقل صالح الجبواني ووزير الداخلية اليمني أحمد الميسري.
الجبواني والميسري أعلنا عن رفضهما لاتفاق الرياض وهددا بالتحالف مع الحوثيين. هيأ الإعلام القطري لهما مساحات واسعة، بهدف إفشال هذا الاتفاق، كما يقول مراقبون.
كشفت وثائق نشرتها وسائل إعلام محلية في جنوب اليمن الشهر الحالي، عن دخول "خلايا" تركية إلى جنوب اليمن عبر منفذ عمان تحت صفة موظفي جمعيات خيرية. بعد زيارة قام بها وزير النقل في ديسمبر الماضي إلى تركيا التقى خلالها قيادت من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم.
حذر المسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد عمر بن فريد المقيم في ألمانيا، من خطورة أنشطة جهات تركية، قال أنها بدأت تتحرك في محافظة شبوة، التي ينتمي إليها، والتي باتت تسيطر عليها سلطات حزب الإصلاح الإسلامي.
تدخلت تركيا عسكريا في ليبيا دعما لحكومة طرابلس ضد قوات الجيش الليبي بقيادة العقيد خليفة حفتر، وتشارك حاليا في معارك واسعة ضد قوات النظام السوري في منطقة إدلب.
| حذر مسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي من خطورة أنشطة جهات تركية، قال أنها بدأت تتحرك في محافظة شبوة
ساءت العلاقات بين الأتراك والسعوديين بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر 2018.
واتهمت تقارير غربية أيضا سلطنة عمان بدعم وتمويل شخصيات محلية في محافظة المهرة الجنوبية، بهدف رفض وجود القوات السعودية هناك.
تحولت المهرة مؤخرا إلى مأوى جديد للقيادات التي تواجه التحالف العربي بقيادة السعودية، والتي هرب معظمهم من عدن.
سيناريوهات
أشار تقرير نشره موقع الديمقراطية الحديثة (modern diplomasy) إلى أن مستوى معين من تعب الحرب على الأرض سيؤدي إلى تقسيم الأراضي اليمنية إلى سيطرة مجموعات مختلفة.
ويضيف "قد لا يكون إرهاق الحرب كافياً بالنسبة للأطراف المتحاربة لإتمام عملية سلام، بل قد يعمل فقط على اقتصار القتال على الخطوط الأمامية.".
وبحسب التقرير " فوضع حد للأعمال القتالية من شأنه ببساطة أن يرسخ الأطراف في مواقفها ويركز كل منها على الدفاع عن المناطق الخاضعة لسيطرتها."
ويرى التقرير أن السيناريو المحتمل "عندئذ أن يسيطر الحوثيون على الجزء الشمالي من اليمن الحالي، في حين أن القوات الجنوبية وبعض القوات الموالية للنظام في المنفى، يمكن أن تدافع بنجاح عن المناطق الجنوبية والوسطى من البلاد."
في حين يرى تقرير آخر نشرته مجلة ديجيتال جورنال الكندية، أن القيادة السعودية فقدت ثقتها بالحكومة اليمنية، بعد اتهام الإعلام السعودي لأطراف فيها بالفساد والعمل ضد التحالف العربي". وبالتالي ترى المجلة "أن السعودية قد تدعم تمكين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى التي تتفق معها في الحكومة الشرعية لإدارة جنوب اليمن".
| سيناريو محتمل "يسيطر الحوثيون على الجزء الشمالي من اليمن الحالي، مقابل سيطرة القوات الجنوبية وبعض القوات الموالية للنظام في المنفى، على المناطق الجنوبية والوسطى من البلاد."
تبذل السعودية حاليا محادثات سرية مع الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران. بدأت هذه المحادثات بعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف منشأتي بقيق وخريص شرق المملكة في سبتمبر 2019، واتهمت الرياض إيران بالهجوم.
بعد مقتل مهندس السياسة الإيرانية العسكرية الخارجية قاسم سليماني بقصف صاروخي لطائرة أمريكية في مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير العام الحالي، صعدت الميليشيات الحوثية من عملياتها في الداخل اليمني، وشنت هجمات صاروخية على السعودية مرة أخرى، رغم إعلانها مسبقا وقف الهجمات الصاروخية على الأراضي السعودية.
استنتاج
بعد خروج الإمارات من اليمن، أضحت السعودية اللاعب الخارجي الوحيد الذي وفر لها المجلس الانتقالي الجنوبي مساحة للتحرك في العاصمة عدن ومناطق جنوب اليمن.
يراهن المجلس الانتقالي الجنوبي على جذب السعودية إلى صفوفه وإقناعها بالتخلي عن الإخوان المسلمين الذين يسيطرون على الحكومة الشرعية المتهمة بعدم جديتها في إحراز أي تقدم عسكري ضد الميليشيات المدعومة من إيران، والتورط بعقد اتفاقات سرية مع الحوثيين في جبهات عديدة.
بالرغم من أن الإمارات أعلنت مؤخرا دعمها المستمر للحلفاء في اليمن، في إشارة للمجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح والقوات السعودية، إلا أن خروجها مثّل انتكاسة كبيرة لجهود مكافحة الإرهاب في المناطق الجنوبية، بعد عودة عناصر متطرفة في تنظيمي داعش والقاعدة لمناطق تسيطر عليها قوات حكومية في مناطق النفط والغاز بشبوة، بعد إخراج قوات النخبة الشبوانية منها.
لا يبدو أن السعودية جادة، على الأقل حتى الآن، بالتخلي عن الإخوان المسلمين، لا تزال أصوات من داخل السعودية تعبر عن دعمها للإخوان المسلمين بشكل واضح.
في الوقت ذاته، لا يتضح موقف الرياض إذا ما كانت ستساند المجلس الانتقالي في مشروعه الاستراتيجي الأخير في استعادة الدولة السابقة لجنوب اليمن. رغم تأكيدها الرسمي أن دورها من هذا التدخل يقتصر على إعادة الشرعية اليمنية إلى صنعاء.
| لا يبدو أن السعودية جادة، على الأقل حتى الآن، بالتخلي عن الإخوان المسلمين، لا تزال أصوات من داخل السعودية تعبر عن دعمها للإخوان المسلمين بشكل واضح
تحاول الحكومة السعودية أن تحقق تقدما جادا في اتفاق الرياض، وخلق حالة توازن من شأنها الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار في المنطقة، على الرغم من أنها لم تقدم حلولا بعيدة المدى لجذور الصراع بين الجنوب والشمال.
لا يبدو أن المجتمع الدولي ولا التحالف العربي لديه النية لمواصلة تحرير شمال اليمن من الميليشيات الحوثية، نتيجة أسباب متداخلة، أهمها بقاء ذات الأدوات التي أدارت المعركة خلال الخمس سنوات على رأس القوات العسكرية للحكومة اليمنية، والرغبة بعدم توسيع دائرة المعارك التي قد تدفع بانهيار إنساني واقتصادي شامل.
قد يشكل نجاح تنفيذ اتفاق الرياض، تحولا جاد في سير العمليات العسكرية من جهة، ويدفع بالضغط نحو تحقيق سلام شامل من جهة أخرى، يجبر الحوثيين على تقديم تنازلات من شأنها تحقيق التزامات بالنظر في حل جذري للقضية الجنوبية، وإشراك المجلس الانتقالي الجنوبي ممثل لها في المفاوضات، وإشراك القوات التي يديرها طارق صالح في شمال اليمن، وتأمين الحدود الجنوبية للسعودية.
فشل اتفاق الرياض، في ظل التهرب الحكومي من تنفيذ التزاماته تجاهه، سيدفع المنطقة إلى حالة فوضى أمنية واسعة، من شأنها تعزيز تواجد لاعبين خارجيين جدد، يحوّل المنطقة إلى شرق سوري آخر في خاصرة المملكة العربية السعودية الجنوبية.
تقرير | إياد الشعيبي
صحفي مستقل وباحث سياسي من جنوب اليمن مقيم في سويسرا، ورئيس تحرير مركز سوث24 للصحافة والإعلام