التقارير الخاصة

المهرة: حراك شعبي وسباق إقليمي

20-01-2022 الساعة 9 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | الغيضة


على الرغم من بُعدها عن الخطوط الأمامية للحرب والصراع منذ 2015، تحظى محافظة المهرة، بأهمية جيوسياسية نظراً لموقعها الهام على الحدود مع سلطنة عُمان في السواحل الشرقية لجنوب اليمن على بحر العرب، ما جعلها أيضا ساحة للتعقيدات السياسية المحلية والتجاذبات الإقليمية.


مثّلت المحافظة الواقعة إلى أقصى الشرق من عدن، خلال الفترات الماضية، أحد أبرز مسارات تهريب الأسلحة لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران. وُجهت اتهامات سابقة لشخصيات قبلية بالمحافظة، بالوقوف خلف هذه العمليات.


تنتشر في المحافظة ألوية يمنية شمالية، وتتواجد قوات محدودة للتحالف الذي تقوده السعودية تعمل إلى جانب قوات أمن محلية في بعض المرافق، كذلك تتمركز قوات بريطانية في مطار الغيضة الرئيسي.


كانت السعودية قد سحبت جزء واسع من قواتها من ميناء نشطون وشحن في أواخر أكتوبر 2021، وفقا لمصادر تحدّثت لـ "سوث24". 


النفوذ الحوثي


في 16 يوليو 2019، أعلنت قوات خفر السواحل بمحافظة المهرة القبض على قارب"يحمل على متنه كميات كبيرة من ذخيرة الأسلحة الآلية؛ كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي".


في الـ17 من أبريل  2020، أعلن التحالف بقيادة السعودية إحباط محاولة تهريب شحنة من الأسلحة الإيرانية على متن "دهو"، قبالة سواحل محافظة المهرة شرقي اليمن، كانت في طريقها إلى الحوثيين.


واُعتبرت هاتين المحاولتين اللتين تم كشفهما وضبطهما، جانب محدود من عمليات تموين الحوثيين بالسلاح وقطع تصنيع الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.


ويُتهم وكيل محافظة المهرة السابق، علي سالم الحريزي، بتسهيل وتنفيذ عمليات التهريب للحوثيين. ويطالب الحريزي بإخراج ما يصفه "الاحتلال السعودي والإماراتي" من المحافظة. 


وأشارت مسودة تقرير للجنة خبراء مجلس الأمن بشأن اليمن، أنّ الحوثيين يستخدمون الأراضي العمانية لتهريب الأسلحة، التي تصل بدورها من موانئ إيرانية.


وطبقاً للمسودة، وثق الفريق استخدام الحوثيين أجهزة إرسال في صواريخ استهدفت مدن السعودية مماثلة لقذائف سابقة تم تتبعها في إيران وتركيا. وذكرت أن هذه الأجهزة تم شرائها من قبل شركة في سلطنة عمان، استوردته عبر الصين.


يسود في الوسط المحلي والشعبي اعتقاد بأنّ الحريزي يتلقى دعما من دول خليجية مجاورة. ويحضى الرجل بحضور إعلامي مستمر على قناة الجزيرة التي تبث من الدوحة في قطر.


يقول مسؤولون في المجلس الانتقالي الجنوبي في المهرة أنّ عمليات تهريب السلاح، والمخدرات لا تزال مستمرة عبر أراضي المحافظة، وفقا لتعليق نائب القيادة المحلية للمجلس هناك، حسن بلحاف لـ "سوث24". 


يزعم بلحاف أنّ "عصابات تهريب السلاح والممنوعات والمخدرات ترتبط بجماعات ونافذين شماليين".


مركز للهجمات؟


ولم تتوقف أهمية المهرة بالنسبة للحوثيين، الذي يرتبطون بعلاقات جيدة مع سلطنة عمان، عند تهريب السلاح فقط، بل يواجه الحوثيون اتهامات بتنفيذ هجمات من داخل أراضي المحافظة.


في أغسطس 2021، على أعقاب هجوم استهدف سفينة "ميرسر ستريت" الإسرائيلية قُبالة عمان، وأدى لمقتل جندي بريطاني، كشفت صحيفة ديلي إكسبريس عن نشر بريطانيا قوات خاصة، في المهرة، للقبض على منفذي الهجوم من الحوثيين.


وعقب هجوم الحوثيين على شاحنات النفط في العاصمة الإماراتية، أبوظبي، يوم 17 يناير كانون الثاني الجاري، برز التحليل حول نقطة انطلاق طائرات الدرون من الأراضي اليمنية. كانت محافظة المهرة أحد السيناريوهات المطروحة باعتبارها النقطة الأقرب إلى الأراضي الإماراتية. 


تفتيت المهرة


في يوليو 2018، شكّل علي سالم الحريزي لجنة اعتصام، حاولت استنساخ مجلس أهلي، لنزع الالتفاف الشعبي عن "المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى" الذي يرأسه السلطان عبد الله آل عفرار، الذي تأسس في يوليو 2012.


وآل عفرار هو أيضا، عضو هيئة رئاسة في المجلس الانتقالي الجنوبي. 


وفي هذا الصدد قال الإعلامي المهري نفحات القميري بأنَّ مجلس الحريزي "حمل نفس الشعار والختم الخاصين بمجلس أبناء المهرة وسقطرى برئاسة السلطان آل عفرار". 


وزعم القميري أنَّه "خلال الأعوام الماضية لعبت عدة أطراف خارجية دوراً بارزاً في تغذية الصراع في المهرة عبر أدواتها".


كذلك، اتهم بلحاف جهات استخبارية خارجية بأنّها "نجحت في زرع معارضة محلية ضد مصالح السعودية بتأسيس كيانات ومجموعات".


وكشف بلحاف لـ "سوث24" عن وجود "معسكرات تدريبية ومدربين حوثيين يرددون شعارات الجماعة وصرختها". في المهرة ويتبعون "علي سالم الحريزي". 


ولم يتمكن سوث24 مع الاتصال بالحريزي، للتحقق من هذه المزاعم. لكنّ الحريزي أعلن خلال اجتماع في الغيضة، الأحد الماضي، أنه يمتلك "قوة مدربة ومجهزة بكافة الإمكانيات، ومستعدة لمواجهة أي طارئ بالمحافظة". في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي اتهمه "بنشر الفوضى في المهرة." 


من ناحيته، قال حسن بلحاف أنّ دول خليجية كـ "قطر" عملت على دعم محاولات "تعميق الشرخ داخل قبائل وشرائح المجتمع المهري وصولاً إلى حالة الانقسام في كل بيت وأسرة".


واستدل بلحاف بقناة "المهرية" التي تبث من أسطنبول، ويُعتقد أنّ الدوحة تمولها. "لقد أنشأوها لهذا الغرض" يقول الرجل.


هيئة شعبية


في مطلع يناير الحالي، تمَّ الإعلان عن لقاء تشاوري في مدينة الغيضة، عاصمة المهرة. وخرج اللقاء بتشكيل هيئة شعبية لأبناء محافظة المهرة.


ووفقاً للإعلامي نفحات القميري، "تمَّ الاتفاق على تمكين أبناء المهرة في هذا اللقاء من إدارة محافظتهم ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية". في 10 يناير، عقدت الهيئة أول اجتماعاتها، وطالبت بتمكين أبناء المهرة.


دور السلطة المحلية


في 15 يناير، دعت السلطة المحلية في المهرة بقيادة المحافظ محمد بن ياسر إلى عقد لقاء تشاوري لمناقشة الأوضاع بالمحافظة والمخاطر التي تواجهها.


ورداً على الدعوة، رفضت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في المهرة، المشاركة "ما لم يكن للسلطة المحلية موقف حاسم من ميليشيات الحريزي التي تهاجم التحالف العربي". 


وتعليقاَ على الدعوة، قال السلطان عبد الله آل عفرار، على تويتر، "كان على المحافظ الإيفاء بالتزماته وتحديد مواقفه من حملات الإساءات للتحالف العربي قبل الدعوة للقاء تشاوري". 


ويوم الاثنين، عقدت السلطة المحلية اللقاء الذي قاطعه المجلس الانتقالي والمجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى. 


أرادت السلطة المحلية في المهرة، على الأرجح، استباق أي تحركات للجنة الشعبية في المحافظة، التي تتبنى مطالب شعبية وأمنية.


وفي كلمة له في اللقاء، دعا محافظ المهرة، لأول مرة، إلى نبذ ما وصفها "الممارسات العنصرية". وقال "أنا عندي اليمن موحد من المهرة إلى صعدة.. لا شمالي ولا جنوبي"


وجود أجنبي


في 2 يناير، دعا عبد الله آل عفرار، إلى تشكيل قوة عسكرية من أبناء المهرة، بقوام 5 آلاف جندي، وإخراج القوات الشمالية من المحافظة.


تزامنت دعوة آل عفرار مع تصعيد شعبي غير مسبوق تشهده محافظة حضرموت منذ نوفمبر الماضي، طالب أيضاً بإخراج القوات الشمالية من الوادي ودشنّ تجنيد قوات محلية بديلة.


وعبَّر آل عفرار عن مخاوفه من أن تُسلّم معسكرات هذه القوات المهرة للحوثيين على غرار ما تم في محافظة شبوة التي استولت الجماعة على ثلاث مديريات فيها، سبتمبر الماضي.


وفي منتصف يناير الجاري، أصدر وزير الدفاع اليمني المقرّب من حزب الإصلاح، محمد المقدشي، قراراً بتعيين سالم علي رعفيت، ركن عمليات القاعدة الجوية بمحافظة المهرة.


ويُتهم رعفيت بوجود صلات تجمعه بحزب الإصلاح وعلي سالم الحريزي، حيث تقاطعت مصالح وأجندات الطرفين في المحافظة، وفقاً لمصادر مسؤولة بالمجلس الانتقالي الجنوبي هناك.


كذلك قالت مصادر لـ "سوث24"، أنّ مدير شرطة المهرة، عمل على استبدال الموظفين الأمنيين من أبناء المهرة في النقاط الأمنية، بآخرين شماليين، كما حصل في نقطة "الدمخ"، المدخل الغربي للمهرة.


ويشكو السكان في محافظة المهرة بالمقابل من تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، ونقص الخدمات. وقد تقود التجاذبات المحلية والإقليمية في المحافظة إلى مزيد من التدهور.

وإلى جانب هذه التحديات، شهدت المهرة تغيّرا سكانيا هائلا، مع انتقال حوالي ربع مليون شخص، من النازحين والفارين اليمنيين من مناطق القتال، منذ العام 2015، ما أدّى إلى ارتفاع عدد سكانها إلى 650 ألف نسمة في 2019. 


عبد الله الشادلي، يعقوب السفياني


شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا