نجاحات خجولة وإخفاقات: عام على المجلس الرئاسي

أعضاء مجلس القيادة الرئاسي يؤدون صلاة عيد الأضحى في عدن (رسمي)

نجاحات خجولة وإخفاقات: عام على المجلس الرئاسي

التقارير الخاصة

السبت, 08-04-2023 الساعة 07:14 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | رعد الريمي 

مر عام   على نقل السلطة من الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في 7 أبريل 2022، في العاصمة السعودية الرياض، إلى مجلس القيادة الرئاسي المكوَّن من 8 أشخاص يمثلون القوى الداخلية الرئيسية المناهضة لمليشيا الحوثي المدعومة من إيران. 

يعتقد خبراء أنَّ المجلس الرئاسي حقق إنجازات خجولة وسط إخفاقات وتباينات متعددة المستويات عاشها المجلس الذي مثَّل الحفاظ على تماسكه النسبي طيلة الفترة الماضية أبرز الإنجازات كما يبدو. ومع ذلك، يبقى تقييم هذا المجلس محكوما أيضًا بالالتفات للظروف والتغيرات التي أحاطت به أيضًا وعمقَّت من التحديات أمامه.

 وحتَّى بعد مرور هذا الوقت الطويل - بمقياس الأزمات – على تشكيل هذا المجلس، لازالت الأهداف الرئيسية له بعيدة حتَّى الآن، بما في ذلك مخرجات مشاورات الرياض التي تمخض عنها هذا المجلس، وما تبقى من بنود اتفاق الرياض الموقع في نوفمبر 2019.

الجانب السياسي والدبلوماسي 

سياسيًا، لم يعلن مجلس القيادة الرئاسي عن وفد مفاوضات مشترك يمثل أطرافه وفي المقدمة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استضاف أعضاء المجلس الرئاسي من الشماليين في عدن. كما أنَّ طريقة عمل هذا المجلس وصلاحيات أفراده، وبالأخص رئيس المجلس رشاد العليمي، لازالت محل تساؤلات وريبة لاسيما مع غياب مسودة القواعد المنظمة للمجلس.

ولم يكن للمجلس، كما يبدو، موقف ورؤية واحدة إزاء الجهود الأممية والدولية والإقليمية للحل السياسي في اليمن، مع ارتباط واضح لقرار المجلس برغبة الرياض في هذا الاتجاه. وفي الأسابيع الأخيرة للهدنة الأممية التي انقضت مطلع أكتوبر المنصرم، كان المجلس منقسمًا بشأن مزيد من التنازلات للحوثيين.

وبشأن الأداء العام لمجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح لـ "سوث24": "أعضاء المجلس حاولوا أن يحافظوا على قدر معقول من الانسجام في أداء المهام بدايةً، غير أنَّ ذلك لم يستمر طويلا".

وأضاف: "من المآخذ على مجلس القيادة هي مبالغته في مد يده للسلام للحوثيين، في حين أن الطرف الآخر لا يعير هذا الأمر أي اعتبار أو أي اهتمام. يد السلام إذا لم تقابلها يد أخرى للسلام فهي ليست سوى حالة استسلام."

وأردف: "لقد سار المجلس على نفس توجه المنظومة السابقة لقيادة الشرعية في تعطيل الشق العسكري من اتفاق الرياض وخاصة ما يتعلق بسحب القوات العسكرية والأمنية من حضرموت والمهرة والدفع بها باتجاه الجبهات."

ويؤكد المسؤول الجنوبي أنَّ مجلس القيادة الرئاسي "يحتاج إلى دراسة وتقييم حقيقي ومسؤول ومعالجة الاختلالات التي رافقته بعد مرور عام على تشكيله"، مضيفًا: " هذا أمر مطلوب لكي يحقق المجلس المهام التي جاء من أجلها فليس لدى الجبهة المناوئة للحوثيين رفاهية الوقت لعام آخر من الإخفاق والفشل."

وأردف: "اليوم تبرز الحاجة إلى إجراء تغيير حقيقي وفعلي والأخذ بمعايير أخرى خاصةً في ظل الانعكاسات المتوقعة للاتفاق السعودي الإيراني الذي سوف يؤدي دون شك إلى تغييرات وصياغة خارطة حلول تستوعب الواقع والقوى الموجودة على الأرض."

في المقابل، يرى المحلل السياسي عبد الملك اليوسفي أنَّ مجلس القيادة الرئاسي ساعد على خلق حالة من الاستقرار السياسي. وقال لـ "سوث24": "نستطيع أن نقول إن حالة الفوضى التي كانت قائمة في المشهد السياسي تراجعت بشكل كبير جدًا بعد تشكل مجلس القيادة الرئاسي."

وأضاف: "ترميم النسيج السياسي الوطني وتقارب القوى المناوئة للميليشيات الحوثية كلها إنجازات كبيرة لا يعرفها إلا من يقرأ ما كان عليه الوضع قبل تشكيل قيادة المجلس الرئاسي. إن تقيم أداء المجلس سياسيًا خلال عام، لا بد من أن يكون موضوعيًا مع قراءة معمقة للظروف التي رافقت تشكيله."

ويعتقد اليوسفي أنَّه لا توجد خلافات داخلية في المجلس الرئاسي، لافتًا إلى أنَّ "هناك تباينات تدار وفق التوافق، والتوافق مرجعية يرجع إليها الجميع في حل القضايا المختلفة"، حدَّ تعبيره. مضيفًا: "أعتقد أن المعطيات القائمة وان العدو المشترك عوامل تجمع أعضاء مجلس القيادة الرئاسي للذهاب لحل لكل القضايا وليس فقط قضية الحرب مع الحوثي".

ويذهب اليوسفي إلى أنَّ المجلس الرئاسي "ساعد في تهيئة الحالة السياسية في المجتمع الدولي وفي الإقليم لتسوية سياسية جاء من أجلها." وأضاف: "هذا ليس حبًا في التسوية السياسية، بل هو لهدف واضح أعلن في خارطة الطريق التي رافقت نقل السلطة وهو التحول نحو الاستقرار."

الجانب الإداري والتنظيمي 

إدارياً، نجح المجلس في إجراء تغييرات واسعة على السلطة القضائية وتعيين وزراء ومحافظين، لكنَّ الكثير من الملفات في هذا الجانب مثل هيكلة الوزارات والمؤسسات الهامة ومناصفتها بشكل حقيقي بين الشمال والجنوب، وإجراء تغييرات في هرم الحكومة اليمنية، لم يتم الاقتراب منها بعد.

وفي هذا الصدد، قال منصور صالح: " كانت هناك حالة من الحماس في نشاط مجلس القيادة الرئاسي في البداية حيث أنجزت بعض المهام منها تشكيل مجلس القضاء الأعلى وتعيين النائب العام بالإضافة إلى اللجنة العسكرية الأمنية."

وأضاف: "كان متوقعًا من المجلس أن يسير في ذات النشاط، ولكن حدثت عرقلة لبعض القضايا منها إعادة تشكيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والمجلس الاقتصادي الأعلى. والأهم من هذا أنَّه أيضًا عجز أن يلزم كل المحافظات بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي في عدن."

ومن المهم الإشارة في هذا الجانب أيضاً إلى هيئة التشاور والمصالحة المساندة لمجلس القيادة الرئاسي، التي استطاعت في 7 مارس الماضي التوصل إلى اتفاق حول 3 وثائق هامة بعد اجتماعات حضورية في العاصمة عدن.

الجانب الاقتصادي والخدمي 

اقتصاديًا وخدميًا، فشل المجلس والحكومة اليمنية في حلحلة المشكلات الاقتصادية والخدمية العميقة في البلاد، مثل مرتبات العسكريين والمدنيين وانهيار العملة المحلية وغلاء الأسعار وملف الكهرباء وغيرها من الملفات الخدمية.

 لقد اعتمد المجلس على منحة وقود قدمتها السعودية لتغطية احتياج قطاع الكهرباء، كما أنَّه استغرق قرابة 8 أشهر لتلبية شروط وديعة سعودية إماراتية مشتركة بمقدار 2 مليار دولار إلى البنك المركزي اليمني، حيث وصل جزء كبير منها مطلع العام الجاري.

وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي الخبير مصطفى نصر لـ "سوث24": "بالنسبة لتقييم الأداء الاقتصادي والخدمي لمجلس القيادة الرئاسي، سبق وأن قمنا بعمل تقرير حول ذلك بعد مرور ستة أشهر، واعتقد أن لا شيء تغير حتَّى الآن."

وأضاف: "باستثناء الوديعة السعودية التي عملت على تهدئة تدهور الريال اليمني، مازال الملف الاقتصادي والخدمي مهملًا وهامشيًا في جدول عمل المجلس. عدم الانسجام ووضوح الآليات المتبعة لإدارة المؤسسات الحكومية أثر بشكل كبير في عمل مجلس القيادة الرئاسي في الجانب الاقتصادي."

وتابع: "فيما يتعلق بتوحيد الإيرادات بمناطق الحكومة الشرعية، الحكومة تواجه مشكلة أعمق من هذه وهي مشكلة توقف إيرادات النفط. لا معلومات وافية إلى أين وصل العمل على توحيد الإيرادات، لكن هذا الملف بالتأكيد يجب أن يُعطى أهمية."

ورأى نصر أن هناك "قائمة بالإصلاحات التي يفترض أن تنفذ من قبل مجلس القيادة الرئاسي، في مقدمتها برنامج الإصلاح النقدي والمالي الذي قدم لصندوق النقد العربي، إلى الجانب الإصلاحات السياسية والإدارية والعسكرية."

الجانب العسكري  

عسكريًا، منعت الهدنة الأممية التي رافقت تشكيل المجلس حتى 2 أكتوبر الماضي وما تلاها من هدنة أمر واقع من اختبار أداء المجلس عسكرياً، لكن الكثير على هذا المستوى لم يحدث وفي مقدمة ذلك إعادة ترتيب القوات وفقا لاتفاق الرياض والدفع بالوحدات العسكرية إلى الجبهات مع الحوثيين.

ويرى الخبير العسكري العميد وضاح العوبلي أنَّ مجلس القيادة الرئاسي "لم يتم اختباره عسكريًا منذ تأسيسه الذي تزامن مع تثبيت الهدنة". وأضاف لـ "سوث24": "حقَّق المجلس نجاحات في جوانب عده أهمها مكافحة الإرهاب من خلال عملية سهام الشرق للقوات الجنوبية في أبين."

وأردف: "يضاف إلى ذلك نزول عدد من اللجان لترتيب وضع الجبهات، وتدشين أكبر عملية تدريبية وتأهيلية لوحدات الجيش الوطني. أستطيع القول أن المجلس الرئاسي قطع شوطًا لا بأس به في هذا المجال."

ويعتقد العوبلي أنَّ المجلس الرئاسي لديه قوات قادرة على هزيمة الحوثيين. وأضاف: "هذه التشكيلات العسكرية تمكنَّت من قتال الحوثي وهي في حالة تشتت وفوضى طوال المراحل الماضية وقدمت تضحيات لا يمكن الاستهانة بها."

وتابع: "فقط كان هناك تلاعب قيادي بأجندة المعركة وعبث بأولوياتها، والآن بلا شك فلهذه القوى قدرة كبيرة على المواجهة وتحقيق الانتصارات".

ومع دخول مجلس القيادة الرئاسي عامًا جديدًا مع تطورات وتغيرات أكثر حدة وتسارعًا من تلك التي رافقت تشكيله، يبرز التساؤل حول مستقبل هذا المجلس ومدى قدرته على معالجة الاختلالات العميقة التي تهدد بتفككه أو تعطيله بشكل أكبر مما هو موجود في الوقت الراهن.

وتعد ملفات الإصلاحات الحكومية وتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض وتجسيد الشراكة الحقيقية بين القوى الجنوبية والقوى الشمالية ضمن إطار مجلس القيادة الرئاسي، وملف التعاطي مع مليشيا الحوثيين، أبرز المؤشرات التي يمكن مراقبتها خلال الفترة القادمة لقياس أي تقدم في حالة هذا المجلس.


صحفي في مركز سوث24 للأخبار والدراسات


مجلس القيادة الرئاسي المجلس الرئاسي اليمني