عربي

توسّع الحرب بين إسرائيل ولبنان وتبعاتها الإقليمية

جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)

05-07-2024 الساعة 6 صباحاً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | عبد الله الشادلي


في 18 يونيو الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه تمت الموافقة على الخطط العملياتية للهجوم على لبنان، وعن استعداده لخوض حرب إذا تطلب الأمر، بعد أشهر من المواجهات والمناوشات الحدودية مع مليشيا حزب الله المدعومة من إيران.


على إثر ذلك، دعت دول غربية مواطنيها إلى مغادرة لبنان، وسط مخاوف من انفجار حرب شاملة في البلاد، إلى جانب الحرب المشتعلة في قطاع غزة الفلسطيني منذ أكتوبر 2023 التي تسببت بمقتل وإصابة قرابة 130 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء.


وفي 25 يونيو، قالت الخارجية الألمانية: "مواطنونا مدعوون بشكل عاجل لمغادرة لبنان. إن التوترات المتصاعدة الحالية في المنطقة الحدودية مع إسرائيل يمكن أن تتصاعد أكثر في أي وقت".


وتمتد المخاوف بشأن الحرب المحتملة في لبنان إلى تفجر صراع إقليمي وسع مع تهديدات تطلقها إيران والمجموعات العسكرية الموالية لها في العراق واليمن بالانخراط الكامل في الحرب المحتملة لصالح حزب الله.


أبعد ذلك، تحدثت تقارير أمريكية عن مشاركة روسية محتملة لدعم حزب الله في الحرب المحتملة مع إسرائيل، وهو ما يعني أبعادا دولية خطيرة. فهل تندلع الحرب في لبنان؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟ 


خيار الحرب


يؤكد الباحث والكاتب السياسي اللبناني د. عاصم عبد الرحمن أن المخاوف من حرب إسرائيلية في لبنان ليست وليدة اللحظة، ولكنها بدأت منذ الوهلة الأولى عندما نفذت الفصائل الفلسطينية عملية طوفان الأقصى في مستوطنات غلاف غزة، والرد الإسرائيلي الدموي المتمثل بعملية "السيوف الحديدية" المستمرة حتى اليوم.


وقال لـ مركز سوث24:  إنّ "انخراط حزب الله في مناوشات مع إسرائيل ضمن الجبهة الإسنادية لحماس تسبب بانقسام في الشارع اللبناني. لقد أثار ذلك المخاوف من رد انتقامي إسرائيلي واسع قد يشمل الحرب المفتوحة".


ومع ذلك، يستبعد المحلل السياسي اللبناني احتمالية نشوب الحرب، ويرى أن تهديدات إسرائيل بفعل ذلك تبدو محاولة للهروب من الفشل الكبير للجيش الإسرائيلي في غزة". مضيفًا: "إسرائيل لا تستطيع فتح جبهة قتالية جديدة. إنها تعرف كيف تبدأ هذه الجبهات، ولكنها لا تجهل مسارها وعواقبها".


ويتفق المحلل السياسي المصري عبد المجيد حسن أن إسرائيل ليست حاليًا في وضع يسمح لها بفتح حرب مع حزب الله. 


وأضاف لمركز سوث24: "إسرائيل تخشى من توسّع الحرب على الجبهة الشمالية في ظل عدم قدرتها على حسم حرب غزة حتى الآن. تل أبيب تخاف من توسيع الحرب نحو حزب الله لأنه أقوى وكلاء إيران من حيث التسليح والقدرات". 


لكن المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب لا يخفي مخاوفه من احتمال اندلاع الحرب. وقال لمركز سوث24: إن "تطور الوضع الأمني في جنوب لبنان ينذر بمزيد من التدهور".


وأضاف: "بينما لا يرغب حزب الله في خوض حرب مفتوحة مع إسرائيل، إلا أنَّه يربط عملياته بالتطورات في قطاع غزة. من جانبها، تفصل إسرائيل والولايات المتحدة ملف لبنان عن ملف غزة، معتبرة أن ما يجري في الجنوب اللبناني لا صلة له بالتطورات في القطاع الفلسطيني".


واستطرد: "وبالتالي فإن شروط وبنود التفاوض الأمريكية التي يتم تداولها لا تتناول معركة غزة، بل هي متعلقة بالشأن اللبناني وتتضمن المطالبة بتطبيق كامل مدرجات قرار مجلس الأمن رقم 1701، وإبعاد حزب الله الى ما وراء نهر الليطاني بجنوب لبنان".


واعتبر أبو زينب أنّ حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي "غائبة عن أخذ قرار السلم والحرب". مضيفاً: "كما أنَّها لم تعترض على حزب الله بفتح جبهة الجنوب، وأيضا لم تستنكر تهديد حزب الله لدولة قبرص إذا ساعدت تل أبيب في الحرب المحتملة".


وفي 29 يونيو، حث ميقاتي إسرائيل على وقف الهجمات على بلاده خلال زيارة إلى جنوب لبنان، وفقا لما أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء.


نطاق إقليمي


إذا اندلعت الحرب في لبنان، فإن مخاطر توسعها لتكون حربًا إقليمية أمر وارد تعززه تهديدات وتصريحات لقادة إيرانيين، ومليشيا تدعمها طهران في المنطقة تعمل ضمن ما يسمى بـ "محور المقاومة". 


وفي 1 يوليو الجاري، هددت "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي التسمية الرسمية لائتلاف من المليشيا الشيعة العراقية الموالية لإيران، بتصعيد عملياتها العسكرية ضد المصالح الأميركية في العراق والمنطقة، في حال شنت القوات الإسرائيلية حربًا على لبنان.


وإذا حدث هذا السيناريو بالفعل، يرى المحلل السياسي عبد المجيد حسن أن ذلك "قد يدفع الولايات المتحدة للتدخل في المواجهة لإسناد إسرائيل والدفاع عن مصالحها وقواتها في المنطقة".


وخلال يونيو الفائت، كانت مليشيا الحوثيين اليمنية المدعومة من إيران قد أعلنت شن عدة هجمات مشتركة مع الفصائل العراقية ضد أهداف في ميناء حيفا الإسرائيلي، وسفن في البحر الأبيض المتوسط.


ويهدد الحوثيون بمراحل جديدة من حملتهم العسكرية البحرية التي تستهدف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. ومؤخرا، زعمت الجماعة تنفيذ هجمات في الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.


وفي 2 يوليو، نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، عن كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الإيراني علي خامنئي، قوله إن طهران "ستدعم حزب الله بكل السبل، في حال شنت إسرائيل حرباً شاملة ضده.".


وحذر المسؤول الإيراني من أنه "ستكون هناك فرصة لتوسيع الحرب لتشمل المنطقة بأسرها، حيث ستشارك جميع الدول بما في ذلك إيران". "في هذه الحالة، لن يكون أمامنا خيار سوى دعم حزب الله بكل الوسائل".


وفي 14 أبريل الماضي، شنت إيران هجوما واسع النطاق بالمسيرات والصواريخ مباشرة على الأراضي الإسرائيلية، ردا على مقتل ضباط بارزين في الحرس الثوري بغارة إسرائيلية على السفارة الإيرانية في دمشق بسوريا مطلع الشهر ذاته.


لم تحقق الضربة أضرارا تذكر إذ أسقطت الدفاعات الأمريكية والبريطانية في المنطقة جزءًا كبيرًا من الأجسام الهجومية، كما فعلت الدفاعات الجوية الإسرائيلية.


وفي 28 يونيو، قال موقع Middle East Eye إن مسؤولين أمريكيين قلقون من أن الهجوم الإسرائيلي على حزب الله قد يجر روسيا نحو الصراع، ويمكن أن يزيد من إشعال حلفاء إيران في المنطقة ويعزز تعاون طهران العسكري مع روسيا.


وقال الموقع إن المخاوف مما وصفه مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون بأنه آثار "ثانوية" و "ثالثة" لهجوم بري إسرائيلي على حزب الله، مدفوعة بالمخابرات الأمريكية التي تزعم أن روسيا تدرس زيادة دعمها لما يسمى بمحور المقاومة الإيراني.


وزعم مسؤول أمريكي تحدث للموقع أن، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فكر في تزويد المقاتلين الحوثيين المتمردين بصواريخ كروز مضادة للسفن.


وبحسب الموقع، طرح بوتين الخطة أثناء زيارته للإمارات والسعودية في ديسمبر الماضي، لكن ووفقا للاستخبارات الأمريكية، تدخل ولي عهد محمد السعودي بن سلمان لمنع بوتين من فعل ذلك.


وبالفعل حاول الحوثيون خلال الفترة الماضية التسويق لفكرة تحالفهم مع الصين وروسيا ضد الولايات المتحدة، وعقدوا اجتماعات مع مسؤولين روس في مسقط العمانية كان آخرها يوم الثلاثاء 2 يوليو الجاري مع ممثل بوتين الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.


وامتنعت روسيا والصين عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2739، الذي دعا الحوثيين مرة أخرى إلى وقف الهجمات ضد السفن التجارية وتهديد الملاحة الدولية. وأدانت مرات عدة الضربات الأمريكية البريطانية ضد الحوثيين في اليمن.


ومع ذلك، أدانت موسكو وبكين أيضًا هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والمدنية وطالبا بوقفها. كما استبعد مراقبون أن تدعم روسيا الحوثيين بالأسلحة أو أي دعم مباشر آخر.


وبالنسبة للموقف العربي، تحدث المحلل السياسي عبد المجيد حسن عن جمهورية مصر بالتحديد وقال إنها"تسعى إلى تجنيب جرّ المنطقة إلى حرب موسّعة". مضيفاً: "لذلك، تكثف مصر محاولاتها مع شركائها، قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".


مُتعلق: تقييم الموقف العربي للتصعيد الإيراني – الإسرائيلي بالمنطقة

ويرجح أن ملفات إقليمية قد تتبدل حساباتها إذا اندلعت الحرب، وفي مقدمتها الملف اليمني الذي تجمد مساره السياسي منذ انخراط الحوثيين في استهداف السفن التجارية منذ نوفمبر الماضي، وتبادل المواجهات مع القوات الأمريكية والبريطانية.


وفي أواخر العام 2023، كانت محاولات السعودية وسلطنة عمان لتثبيت اتفاق ثنائي مع الحوثيين قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، رغم تحفظ أطراف في مجلس القيادة الرئاسي اليمني المعترف به دوليًا الذي تم استبعاده من صياغة ما تعرف الآـن بـ "خارطة الطريق". 


السيناريوهات 


يحذر عبد المجيد حسن من أن سيناريو اندلاع الحرب في لبنان "سيوسع رقعة الصراع إلى العراق واليمن بسبب تورّط أذرع إيران مع حزب الله، ما يضع بعض الدول العربية تحت خطر الحرب الشاملة خلال الفترة المقبلة".


وأردف: "مع زيادة الدعم الأمريكي لإسرائيل خلال الحرب المحتملة، قد تنزلق المنطقة في حرب مفتوحة، قد تستمر لسنوات عديدة".


وعلى الرغم من استبعاده هذا السيناريو، يرى عاصم عبد الرحمن أنَّ أي حرب على لبنان ستؤدي إلى فتح جبهات متعددة على إسرائيل، وسيتدفق مقاتلون من جميع الاتجاهات، مضيفاً: "هناك آلاف من اللاجئين الفلسطينيين، ومئات آلاف من النازحين السوريين، إضافةً إلى مقاتلين من اليمن والعراق الذين سيجدون أنفسهم في قلب المعركة". 


وأردف: "بالتالي، ستختلط في هذه المعركة مقاومة إسرائيل بالمصالح السياسية لبعض الأطراف، خصوصًا في ظل التنافس الإيراني-الإسرائيلي على النفوذ والسيطرة في المنطقة. وسيدخل لبنان في دوامة من العنف العسكري والفوضى السياسية، تمهيدًا لإرساء نظام جديد وفقًا لميزان القوى المستجد".


وخلال 9 أشهر، فقد حزب الله اللبناني نحو 360 مقاتلًا بالهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي، التي تشمل استخدام طائرات مسيرة لضرب منازل وسيارات ومزارع داخل جنوب لبنان.


كما تلقى الجانب الإسرائيلي خسائر وسط الجنود والسكان. وفي 30 يونيو، أعلنت تل أبيب أن جنديا إسرائيليا أصيب الأحد بجروح خطيرة وأصيب 17 آخرون بجروح طفيفة نتيجة سقوط طائرة بدون طيار متفجرة في المنطقة الشمالية من مرتفعات الجولان.


وأعلن حزب الله مسؤوليته عن الهجوم قائلا إنه أطلق عددا كبيرا من الطائرات بدون طيار.


وأمس الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل نائب قائد سرية في معارك الجبهة الشمالية، وقال إنه رصد إطلاق أكثر من 200 صاروخ و20 طائرة مسيرة من حزب الله في لبنان تجاه شمال إسرائيل وهضبة الجولان، في عملية وصفها بأنها "وابل هائل" من القذائف.


وتشي هذه التطورات بوضع خطير في لبنان يفتح كل الاحتمالات خلال الأيام القادمة.




صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا