دولي

قاعدة عسكرية جديدة وتحالفات واسعة.. هل ستُصبح روسيا «محور الأمة»

16-11-2020 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| أندرو كوريبكو


تُمثّل مسودة اتفاق روسيا لفتح قاعدة بحرية على البحر الأحمر في السودان إعادة تقويم استراتيجي لعملها الدقيق في "الموازنة" بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا بعد الانتقال بشكل أقرب إلى الأخيرة في أعقاب نهاية حرب ناغورني كاراباخ، والتي بدوره يوضّح مدى أهمية اعتبار موسكو "محور الأمة" من خلال السعي للحفاظ على علاقات ممتازة مع جميع البلدان ذات الأغلبية المسلمة دون أن يُساء فهم أي من علاقاتها الثنائية على أنها موجّهة ضد أي دولة ثالثة في هذا الصعيد الحضاري.


صفقة استمرت ثلاث سنوات


فوجئ بعض المراقبين بالتقارير أواخر الأسبوع الماضي التي أفادت أنّ موقعاً حكومياً روسياً نشر تفاصيل عن مسودة اتفاق تتعلق بخطط موسكو لفتح قاعدة بحرية في البحر الأحمر في السودان، لكنّ هذا في الواقع كان شيئاً نوقش علانيةً خلال السنوات الثلاث الماضية بالفعل.. تحدّث المؤلّف عن دعوة الرئيس السابق البشير العلنية لروسيا للقيام بذلك بالضبط خلال زيارته للقوة الأوروبية الآسيوية العظمى في نوفمبر 2017 في مقال بعنوان "لماذا قد تنشئ روسيا قاعدة على البحر الأحمر في السودان". لقد تغيّر الوضع الجيوسياسي إلى حدٍ كبير منذ ذلك الحين بعد الإطاحة بالبشير في العام الماضي.. (.)


طريق الحرير الروسي ومصالح "الأمن الديمقراطي"


تأمل روسيا بالفعل في اكتساب نفوذ على طول طريق الحرير الساحلي - الصحراوي المرتقب في الصين والذي حددته لأول مرة في أوائل عام 2017 والذي من المتوقع أن ينتهي على وجه التحديد في بورتسودان، حيث تخطط موسكو لفتح قاعدتها البحرية. لا تزال هناك أبعاد عسكرية داخلية لمسودة الاتفاق يمكن أن تستفيد منها السودان، وإن لم يكن ذلك بالضرورة من حيث منع مزيد من البلقنة في البلاد بالنظر إلى اتفاق السلام الأخير بين الأطراف المتحاربة.


وبشكل أكثر تحديدًا، من المحتمل أن تكون مرتبطة باستراتيجيات "الأمن الديمقراطي" التي لخصّها المؤلف في مقالته في أكتوبر 2019 والتي كتبها خلال أول قمة روسية أفريقية، حول كيف "تحتاج إفريقيا إلى روسيا أكثر من أي وقتٍ مضى، وتُثبت قمة سوتشي هذا الأسبوع ذلك"، حيث تم تعطيل بعض الارتباطات التشعبية الآن ولكن لا يزال من الممكن الوصول إليها عبر مواقع أخرى.


"مِحْوَر الأمّة"


ومع ذلك، فإنّ النقطة الأكثر صلة بالموضوع، التي أثارها تحليله السابق، تتعلق بفعل "التوازن" الروسي. قدّم الجزء المرتبط تشعبياً من الجملة السابقة مفهوم المؤلف عن "محور الأمة"، والذي يصفه بأنه الأولوية الأخيرة لعلاقات روسيا مع الدول ذات الأغلبية المسلمة التي حفّزتها العقوبات الغربية ضد روسيا خلال السنوات الست ونصف الماضية. توقّع العديد من المراقبين أن "تتمحور روسيا باتجاه الشرق" في مواجهة حملة الحرب الاقتصادية تلك، ولكن في الواقع، انتهى الأمر بالبلاد إلى التحول جنوباً نحو المجتمع الإسلامي الدولي ("الأمّة") من أجل تحسين إستراتيجيتها القارية "الموازنة" من خلال دمج عنصر ثالث (الأمة) في هذا الاختيار الثنائي المفترض بين شرق (الصين) والغرب (الاتحاد الأوروبي).


التحالف الروسي التركي غير الرسمي


في ظل الظروف الجيوستراتيجية الحالية، ليس هناك شك كبير بعد نهاية حرب ناغورنو كاراباخ في أنّ روسيا وتركيا هما ثنائي القوة الجديد في "الشرق الأوسط الكبير"، والذي صاغه المؤلف "بوتوغان" في تحليله الأخير حول الموضوع بعنوان "تأملات تحليلية: التعلم من ناغورنو كاراباخ فياسكو".


قبل أقل من أسبوع، أشار إلى أنّ "روسيا وتركيا ستخسران أكثر من رئاسة بايدن"، وتوقّع أن الضغط المتزامن الذي قد يتم فرضه عليهما في هذا السيناريو قد يؤدي إلى دفعهما إلى تحالف غير رسمي تفرضه الضرورة البراغماتية. قد تؤدّي هذه النتيجة المحتملة إلى المخاطرة بإعطاء مظهر بأنّ روسيا طرف نصير في الحرب الباردة بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، ومع ذلك، من هنا تأتي الحاجة إلى إعادة ضبط استباقي لهذا الجانب من عملها "الموازن" ضمن "محور الأمّة" الأكبر.


التحالف الروسي الإماراتي غير الرسمي


السودان ما بعد الانقلاب هو عملياً محمية دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الحاضر، ولم يكن من الممكن لروسيا أن تتوصل إلى مسودة اتفاق لقاعدة بحرية في البحر الأحمر في بورتسودان دون موافقة حكاّم الخليج الجدد في دولة شمال إفريقيا. يبدو أنهم يتفهمّون أهمية تحسين قابلية التشغيل البيني العسكري مع روسيا من خلال التدريبات البحرية المشتركة التي من المحتمل إجراؤها في البحر الأحمر عند إبرام هذه الاتفاقية.


الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص هي أهم لاعب إقليمي في هذا الممر المائي الاستراتيجي نتيجة لقواعدها المنشأة حديثاً في إريتريا والمناطق الصومالية واليمنية المستقلة بحكم الأمر الواقع، في أرض الصومال وجنوب اليمن، فضلاً عن نفوذها المهيمن على إثيوبيا. بعد التوسط في اتفاق السلام التاريخي مع إريتريا قبل عامين تسعى روسيا أيضاً إلى تنمية علاقات عسكرية بينية أوثق مع ودولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً.


التقارب السوري


يُمكن للتحالف غير الرسمي مع الإمارات العربية المتحدة في هذا الفضاء العابر للإقليم أن "يوازن" تحالفها غير الرسمي مع تركيا في أماكن أخرى في "الشرق الأوسط الكبير"، وبالتالي يعزز الانطباع بأنّ روسيا هي في الواقع الشريك المحايد الذي تمثله في الأمّة.


وهذا بدوره يحُبط بشكل استباقي أي تصوّر خاطئ حول الدوافع الإستراتيجية الكبرى وراء "محور الأمة"، مما يساعده على الحفاظ على فعل "التوازن" الدقيق في هذا الفضاء الحضاري. قد يتقارب نصفي "الموازنة" داخل الأمة في نهاية المطاف في سوريا حيث تتنافس تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي بشدة في هذه الدولة الجيوستراتيجية وحيث يسود النفوذ الروسي بلا شك. 


ستكون ضربة دبلوماسية بارعة إذا كانت موسكو قادرة على الاستفادة من عمل "التوازن" في السعي وراء حل سياسي دائم هناك، على الرغم من أن تحقيقه سيستغرق الكثير من الوقت والمهارة، هذا إن حدث.


أندرو كوريبكو

محلل سياسي أمريكي مقيم موسكو


- المصدر الأصلي بالإنجليزية: Geeska Afrika

- عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات



شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا