هل يمكن لليمن أن يكون أمةً موحدةً مرةً أخرى؟

هل يمكن لليمن أن يكون أمةً موحدةً مرةً أخرى؟

دولي

الثلاثاء, 25-05-2021 الساعة 09:19 صباحاً بتوقيت عدن

سوث24| قسم الترجمات 

حل  يوم الوحدة، وهو يوم عطلة رسمية في ذكرى توحيد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي قبل 31 عاماً، يوم السبت، وسط حرب أهلية مريرة بدأت قبل ستة أعوام ونصف العام.

وعند سؤاله عن احتمالات العودة إلى تلك الوحدة، قال محمد حسين، رجل الأعمال اليمني البالغ من العمر 59 عامًا، لـ "ميديا لاين": "هناك بالفعل حكومتان ومصرفان وعملة ورقية بين صنعاء وعدن، وما زلتم تتحدثون عن الوحدة! ".

وتسيطر قوات الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة اليمنية صنعاء، وكل شمال اليمن، باستثناء محافظة مأرب.

ويدير عدن المجلس الانتقالي، الجنوبي، المدعوم من الإمارات والذي يسيطر على معظم مناطق اليمن الجنوبي، ويدعو إلى فصله عن باقي البلاد واستعادة الوضع الذي كان قائماً قبل عام 1990.

ولا تزال المحافظات الشرقية الغنية بالنفط (حضرموت وشبوة ومأرب) موالية للحكومة المعترف بها دولياً، وتدعم وحدة اليمن بشرط تطبيق نظام فيدرالي، والسماح لها باستغلال ثرواتها لمصالحها الخاصة.

في أقصى الغرب، بالقُرب من مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، تسيطر قوات طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح والقائد السابق للحرس الرئاسي، على أجزاء من محافظتي الحديدة وتعز، المواليتين للنظام السابق.

وكان شمال اليمن وجنوبه أكثر تسامحاً مع بعضهما البعض قبل توحيد اليمن في عام 1990، وعلى عكس اليوم، رفضا العنف.

ثلاثة أطراف تسعى إلى تدمير وحدة اليمن 

قال الرئيس عبد ربه منصور هادي، في كلمة ألقاها الجمعة، عشية يوم الوحدة: "وحدة اليمن تهشّمت وتحطّمت. الانقلاب على الدولة، وإخضاعها للعنف العنصري والتحيز الطائفي، وكذلك الأجندة الإيرانية، أضرّ بها في جوهرها، وأعاد إنتاج الصورة النمطية لعنصرية الإمامة [أي الحوثيين]".

وحمّل الرئيس هادي ثلاثة أطراف مسؤولية التهديد الذي تواجهه وحدة اليمن، والذي قد يؤدي إلى تدميرها: "النظام السابق"، أي نظام على عبد الله صالح، الذي كان رئيساً من 1990 إلى 2012، جماعة "أنصار الله" الحوثية، والمجلس الانتقالي الجنوبي.

بدأت "القضية الجنوبية" في عام 2007 بتأسيس الحراك الجنوبي والمطالبة بالتقسيم العادل لثروة البلاد والمناصب المرموقة في مؤسسات الدولة، ثم تغيّر ذلك بعد إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 أبريل / نيسان 2017، والذي أصبح فيما بعد فصيلاً سياسياً له جناح عسكري [..]، ودعا إلى الإنفصال عن الشمال وحق تقرير المصير.

وفي أبريل 2020، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي حُكماً ذاتياً في الجنوب، ودخل في مواجهات مسلحة مع الجيش اليمني، وهو ما اعتبره كثير من المحللين مقدمة للانفصال.

الانفصال حقيقة على الأرض 

وقالت الصحفية سماح لُطف، إنَّ قوات أنصار الله الحوثية سيطرت على معظم مناطق الشمال، وهي بالتالي مكنّت المجلس الانتقالي الجنوبي عسكرياً وسياسياً من السيطرة على المناطق الجنوبية والشرقية. وبالإضافة إلى ذلك، هناك الغياب التام للحكومة المعترف بها دوليًا والتي تتخذ من خارج اليمن مقراً لها.

وأشارت لطف إلى أنَّه "في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والتنموية في المناطق الجنوبية، إلى حد انهيار العملة، وانقطاع الكهرباء والمياه وانتشار الأمراض، فإنَّ عودة الوحدة اليمنية ستكون "معجزة".


وقالت "الانفصال أصبح حقيقة على الأرض، بانتظار الإعلان عنه، نحن نعيش بالفعل حقيقة الفصل في كل شيء، فبالإضافة إلى وجود مؤسسات مركزية في كل من الشمال والجنوب، مثل البنك المركزي اليمني، ومجلس النواب، وكذلك المعاملات الحكومية والمالية المنفصلة، فقد أصبح النسيج الاجتماعي منفصلًا خاصة بالنسبة للجنوبيين، كل شيء يتجه لإنتاج سيناريو الانفصال.

الحق في تقرير المصير 

في عام 1994، بعد أربع سنوات من الوحدة، أعلنت القوات الجنوبية "حرب الانفصال". وانتهت حرب أهلية استمرت شهرين بنفي العديد من القادة العسكريين والسياسيين الجنوبيين. إلى اليوم، يمكن الشعور بتأثير تدهور الوضع السياسي بين الجنوب والشمال بسبب تلك الحرب.

وتحدّث عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة الجنوبية، في الذكرى السابعة والعشرين لإعلان الانفصال، قائلًا: "مشروع الوحدة أجهضته قوات نظام صنعاء بإعلان الحرب على الجنوب واحتلاله، واختار تحويل هذا المشروع إلى احتلال يغتصب الأرض ويقتل الناس".

"منذ ذلك الحين، قدم شعبنا تضحيات جسيمة في كفاح وطني أسطوري مستمر من أجل استعادة دولته، وما زلنا نسير على نفس الدرب الذي ضحى شهداءنا بأرواحهم من أجله، ولن نتردد أو نحيد عن طريقنا حتى يستعيد شعبنا ويقيم دولته الجنوبية المستقلة والفيدرالية وذات السيادة الكاملة"، يقول عيدروس الزبيدي.

قضية الجنوب قضية شعب 

يؤمن بعض الجنوبيين أنَّ مشروع الوحدة قد انتهى وأن الحل يكمن في قيام دولتين داخل حدود اليمن كما كانت في مايو 1990، ويلقي الكثيرون باللائمة على تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الجنوب، وتدهور الوضع الصحي والأمني في جميع أنحاء البلاد، على الجهات الشمالية وقادتها.

وقال الناشط الجنوبي بسام القاضي، لـ "ميديا لاين": "عدالة قضية شعب الجنوب ومشروعية حقوقها القانونية والإنسانية [..]، هي الضامن الوحيد لإعادة تأسيس الدولة الجنوبية، والعودة إلى حل الدولتين بحدود مايو 1990.

وقال القاضي إنَّ "الواقع اليوم يثبّت وجود دولتين، واحدة في الجنوب وأخرى في الشمال، على الرغم من ظروف الحرب ووضع البلاد تحت الفصل السابع".

وينصّ قرار مجلس الأمن رقم 2140، الذي تمت الموافقة عليه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في عام 2014، على استخدام العقوبات ضد أولئك الذين يسعون إلى عرقلة "الانتقال السياسي" في اليمن.

وأكّد القاضي أنَّ "لا سلام عادل ولا حل شامل للأزمات والحرب في اليمن إلا من خلال حل الدولتين، وإشراك الجنوب في المفاوضات الحالية. وأضاف أنِّ المجتمع الدولي "يعرف جيداً أنّه لن يكون هناك سلام ولا وقف للحرب إلا بالحوار بين الجنوب والشمال".

أصبح حل الدولتين حُلماً 

يتفق رضوان جوهر، أستاذ العلوم السياسية، على أنَّ الانفصال حتمي، في ظل "الموت السريري" لمشروع الوحدة والانقسام إلى مكونات وتحالفات سياسية وعسكرية ترفض شرعية الحكومة المعترف بها دولياً.

ويقول جوهر: "كان اقتراح اليمن الفيدرالي والأقاليم الستة الذي تم وضعه خلال مؤتمر الحوار الوطني في عام 2013 الأمل الأخير لليمن أن تكون دولة موحدة ذات إدارة فيدرالية، ولكن بعد هذه الحرب، أصبح الحفاظ على حل الدولتين حُلماً مقارنة بالبديل، وهو تشكّل دول كثيرة داخل اليمن".

- هذه المادة نشرت بنسختها الإنجليزية في موقع ميديا لاين وأعادت نشرها صحيفة اورشليم بوست الاسرائيلية  
- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات