26-05-2021 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | بروكسل
لقد مرّ على تولي الرئيس بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية قرابة 100 يوم، كان من الواضح خلالها أنه أعطى أولوية لقضيتين أساسيتين ضمن قضايا السياسة الخارجية؛ هما إيران والحرب في اليمن. لكن الكيفية التي تصوغ بها الإدارة الأمريكية سياستها حيال هاتين القضيتين هي محل جدل سواء من الناحية التحليلية أو من جهة السياسات المتبعة أو المراد اتباعها.
ولإلقاء الضوء على هذه الخيارات، استضاف موقع عين أوروبية على التطرف فريقًا من الخبراء لمناقشة هذا الموضوع عبر ندوة افتراضية، ضمت أوفيد لوبل، محلل سياسات في مجلس الشؤون اليهودية في أستراليا وإسرائيل، آري هيستين، باحث وكبير موظفي معهد دراسات الأمن القومي، وفاطمة أبو الأسرار، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط.
الأمر لا يتعلق باليمن فقط… هناك رغبة حوثية في التوسع
بدأ أوفيد لوبل بالإشارة إلى أن التغطية الإعلامية الغربية لحرب اليمن شابها قدرٌ من التضليل، حيث انصبَّ التركيز على التحالف العربي بقيادة السعودية، والدعم الأمريكي المزعوم للتدخل، والتأثيرات الإنسانية، مع إغفال عمدي لدوافع الحرب والتي هي شديدة الأهمية، وتتعلق بالأساس لمحاولة وقف التوسع الحوثي المدعوم من إيران. فالتغطيات أغفلت الحوثيين، رغم أنهم “جماعة جهادية أيديولوجية عنيدة تحاول إقامة دولة إسلامية، هذا ما تعنيه هذه الحرب”.
وأشار لوبيل إلى أن الحوثيين، في المناطق التي يسيطرون عليها، أقاموا جمهوريتهم الإسلامية الوليدة، والتي تشابه كثيرًا داعش في الوحشية، لكنهم لم يعلنوا عن هذه الجمهورية، بل يبقون حقيقة مشروعهم في الخفاء. ومرة أخرى، هذه الدولة هي ما يريده الحوثيون، وهذا ما بدأوا هذه الحرب من أجله، وهذا يجعل مقترحات “إنهاء” حرب اليمن التي تؤكد على سحب الدعم الأمريكي من المملكة العربية السعودية، التي كان تدخلها دفاعيًا ويمكن الدفاع عنه، مجرد هراء.
ويوضح لوبل أن الدفع بأن حل أزمة اليمن هو بالضغط على السعوديين كطريقةٍ لتسوية النزاع هو جهل أساسي بكيفية اندلاع الحرب. في الخطاب التقليدي، يتم تصوير الحوثيين كجزء من حركة النهضة الشيعية الزيدية، التي ردَّت على التهميش من قِبل حكومة علي عبد الله صالح من خلال التمرد من أجل الحصول على حقوقها.. هذا الخطاب يُترك في كثير من الأحيان مبهمًا. وفي خضم هذا الاضطراب، رأى الإيرانيون فرصة يمكن استغلالها في مساعيها لاستهداف المملكة، وبناء علاقة تكتيكية مع الحوثيين.
"لوبل: الحوثيون أقاموا جمهوريتهم الإسلامية الوليدة، والتي تشابه كثيرًا داعش في الوحشية"
ويضيف لوبل: “الروابط بين الحوثيين وإيران تعود بجذورها إلى [الثورة الإيرانية] في عام 1979”. لقد ذهب مؤسسا حركة الحوثيين، صلاح أحمد فليته، وبدر الدين الحوثي، إلى إيران في عام 1979، وتواصلا مع المرشد الأعلى للنظام الإسلامي الجديد؛ آية الله روح الله الخميني، ثم نقلا أيديولوجية الخميني، ولاية الفقيه، إلى اليمن، حيث عكفا على زراعتها طوال فترة الثمانينيات، بتوجيهٍ نشط من النظام الإيراني، خطوة بخطوة، بعد تطور حزب الله في لبنان.
وبعد أن قامت إيران بمساعدة جماعة الحوثي، الذين أُطلق عليهم رسميا أنصار الله، بما في ذلك مساعدتهم على إنشاء جناح مسلح، في عام 2004، دفعت الحوثيين إلى “شن الجهاد”، كما يوضح لوبل:
الحرب الحالية هي مجرد امتداد لذلك الجهاد. لم تبدأ هذه الحرب في عام 2015 ولم تبدأ بسبب التدخل السعودي، والعلاقة بين الحوثيين وإيران ليست نتيجة لهذا التدخل. إذا استمعت إلى ما قاله الحوثيون عما يفعلونه، فإنهم كانوا صريحين للغاية. فهم لا ينظرون إلى هذا الأمر من حيث اليمن فقط، ولا ينظرون إلى ذلك على أنه تمرد من أجل أي حقوق معينة. إذا نظرتم إلى خطابهم، فإنهم ينظرون إلى هذه المعركة على أنها معركة شاملة ضد إسرائيل وأمريكا، ونفوذهما في المنطقة، التي تشمل دول الخليج أيضًا.
ويشير لوبل إلى أن الحوثيين يواصلون تعظيم الاستفادة من كل فرصة يحصلون عليها؛ لأن رؤيتهم هي تدمير جميع أعداء إيران، أولًا من خلال إقامة حكم حصري في اليمن، ثم من خلال التوسع في المملكة العربية السعودية، واحتلال مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي نهاية المطاف من خلال التقدم على طول الطريق إلى ساحل شبه الجزيرة العربية للتخلص من الدولة اليهودية، والسيطرة على القدس.
إقرأ أيضا: معركة مأرب: ميزان النهاية لحرب اليمن.. لمن تُرجّح الكفّة؟
من حيث الموقف الذي آلت إليه القضايا الآن، في غياب تغييرات في الحالة السياسية، خطط إغراق البلد بالمعونة لن تخفف من المعاناة. “المشكلة الرئيسة إن لم تكن الوحيدة هي”، كما أشار مسؤولو الأمم المتحدة نفسها، “هذه الدولة البوليسية الحوثية التي تسرق كل المساعدات، وتتأكد من أنها تذهب إلى الموالين لها، بدلًا من الأشخاص الذين يحتاجون إليها، وهذه هي المشكلة الإنسانية الرئيسة في الوقت الحالي”.
لقد زوّدت إيران الحوثيين بأسلحةٍ متطورة، لا سيّما الطائرات بدون طيار والصواريخ، و”لا يمكنك فصل” هذه المشكلات عن بعضها، كما يقول لوبل. ويختم لوبل بقوله: “أريد فقط أن أتأكد من أن الناس يفهمون أن هؤلاء ليسوا طرفين يتقاتلان على الموارد المادية.. يجب أن تفكروا في الحوثيين باعتبارهم دولة إسلامية شيعية تحاول صراحة التوسع فيما وراء اليمن؛ الأمر لا يتعلق باليمن فقط”.
كيف ترى إسرائيل التهديد الحوثي؟
بدأ آري هيستين حديثه بالاتفاق مع لوبل حول التشابه بين الحوثيين وداعش من حيث الأيديولوجية المتشددة والتطرف، ولكن “الحوثيين لديهم أسلحة أفضل بكثيرٍ من داعش في أي وقتٍ مضى.. لا توجد مقارنة”، والفرق هو أن الحوثيين يحصلون على دعمٍ من إيران، في حين أن العالم كان ضد داعش.
ويوضح هيستين المنظور الإسرائيلي بشأن اليمن، وهو النظر إلى الصراع من منظور إيران، وبالتالي فهي تنظر إلى الحوثيين على أنهم التهديد الرئيس، مع بعض التركيز الثانوي على المخاطر الناشئة من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم داعش.
ويقول هيستين إن تهديد الحوثيين كما تنظر إليه إسرائيل ينقسم إلى أربعة عناصر في الأساس: (1) خطر إطلاق صواريخ بعيدة المدى مباشرة على الأراضي الإسرائيلية؛ (2) التهديد البحري الناجم عن الألغام المضادة للسفن وغيرها من الأشياء؛ (3) الدعم المحتمل للجماعات الفلسطينية المسلحة وغيرها من الجهات الفاعلة المناهضة لإسرائيل، سواء من خلال توفير الأسلحة والتدريب، أو المشاركة في القتال الفعلي؛ (4) المشاركة في الهجمات في الخارج ضد أهداف يهودية أو إسرائيلية أو تمكينها.
العنصر الرابع يبدو الأقل احتمالًا. ويشير هيستين إلى أنه عندما شنَّ حزب الله هجماته على اليهود في جميع أنحاء العالم، مثل الهجوم على الجمعية الأرجنتينية الإسرائيلية المشتركة، تمكّن من الاعتماد على جاليةٍ لبنانية كبيرة ومتعاطفة للحصول على الدعم اللوجستي وغيره. ليس لدى الحوثيين جالية يمنية كبيرة أو متعاطفة يمكن الاعتماد عليها.
ويقول هيستين إن العنصر الأول هو الأخطر، ولا يوجد اتفاق على كيفية التعامل مع مسألة الصواريخ الدقيقة هذه. وإذا لم تفعل إسرائيل شيئًا، فقد تتفاقم المشكلة. وإذا ما انخرطت إسرائيل في هذا الصراع، فقد تنجر إلى “المستنقع اليمني دون داع أو قبل الأوان”. وهكذا، فإن اليمن ليس سوى عنصر واحد من مشكلة على مستوى المنطقة -كما هو الحال في سوريا ولبنان والعراق أيضًا- التي تواجهها إسرائيل في التعامل مع التهديد الصاروخي الإيراني.
"هيستين: بالنظر إلى ما نعرفه عن الوضع على الأرض في اليمن، فالوضع الأفضل هو تقسيم اليمن"
بشكلٍ عام، يرى هيستين أن قدرة الحوثيين على تهديد إسرائيل “محدودة إلى حد ما”، ولا تبدو ذات أولوية كبيرة، في الوقت الراهن، ولكن هذا يمكن أن يتغير بسهولة. لذا، تحتاج إسرائيل إلى مراقبة التهديد الناشئة من الحوثيين، الذين يمكن رؤية عدائهم الشديد للدولة اليهودية واليهود في الواقع من شعارهم: “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. أما كيف ومتى سيتم تفعيل ذلك، فلا زال غامضًا.
على نطاقٍ أوسع، يخلص هيستين إلى أنه لا يرى سوى مستقبلين واقعيين لليمن: توحيد الدولة تحت قيادة الحوثيين، أو التقسيم. وفي هذا الصدد، يقول هيستين: “شخصيًا، أعتقد أنه بالنظر إلى ما نعرفه عن الوضع على الأرض في اليمن، فالوضع الأفضل هو تقسيم اليمن”. وأضاف “أعتقد أن وجود دولة مارقة مع ورقة التوت من الشرعية يُشكّل تحديًا أكثر من التعامل مع دولة مارقة يعرف العالم كله أنها دولة مارقة”.
الوضع في اليمن على أرض الواقع
من جانبها، بدأت فاطمة أبو الأسرار بالإشارة إلى القطيعةِ بين اليمنيين والمجتمع الدولي فيما يتعلق بالحرب. بالنسبة لليمنيين، هناك حالة التباس بأن الولايات المتحدة والنظام العالمي يقفان إلى جانب الحوثيين، وما يزيد الأمر سوءًا هو حقيقة أن الحوثيين يكرهون الولايات المتحدة علنًا، ويعتبرون حربهم في اليمن حملة معادية للولايات المتحدة في المقام الأول.
وترى فاطمة أن أيديولوجية الحوثيين وعلاقتهم بإيران لا يؤخذان في الواقع على محمل الجد في عملية صنع السلام: فإما “يستهان بهما أو يسخر منهما”، وهذه مشكلة كبيرة. وعندما يتم الاعتراف بخطاب الحوثيين، يتم تجاهله على أنه مجرد تنفيس. وتهيمن النزعة القصيرة الأجل على عملية صنع القرار في الغرب: فالحوثيون يبدون في هذه اللحظة الدقيقة قابلين للإدارة، لذا لا تُبذل الكثير من الإجراءات- فقط بعد وقوع كارثة سيتم اتخاذ إجراءات جادة. ولا شك أن التفكير الاستراتيجي الطويل الأمد من جانب الحوثيين وإيران يفوق هذا التفكير التكتيكي غير الحصيف.
ثم تشير إلى أن الفكرة السائدة في الخطاب الغربي هي أن تزويد المملكة العربية السعودية بالأسلحة يُمثّل تدخلًا، وأن من شأن وقف إمدادات الأسلحة هذه تطهير الدول الغربية أخلاقيًا من المشاركة في اليمن. وتؤكد أن هذا خطأ: ذلك أن قرار سحب الدعم من السعوديين -وإجبارهم على الانسحاب والسماح للحوثيين وإيران بالاستيلاء على كل شيء- هو تدخل بكل ما تعني الكلمة، بل تدخل أكثر ضررًا لأنه يدعم المعتدي.
وأكدت فاطمة كلَّ ما قاله لوبل فيما يتعلق بنشأة الحوثيين: على الرغم من تصوير الحوثيين لبعض الوقت كحركة “تحرير وطني”، فإنهم في الحقيقة مجرد “سلاح آخر لإيران”، تم تطويرهم على مدى عقود، سياسيًا وأيديولوجيًا وثقافيًا وعسكريًا.
وترى أن جوهر الموضوع هو أن الحوثيين، نيابة عن إيران، يريدون إطالة أمد الحرب مع المملكة العربية السعودية لأطول فترة ممكنة، لتكبيدها أكبر خسارة ممكنة، اقتصاديًا وسياسيًا من حيث الرأي العام العالمي. بعبارةٍ أخرى، الحوثيون لا يريدون السلام. وفي الوقتِ الذي تتفاوض فيه الولايات المتحدة وإيران مرة أخرى حول الاتفاق النووي، يمكن لإيران استخدام الحوثيين كورقةِ ضغط.
"أبو الأسرار: الحوثيون مجرد “سلاح آخر لإيران”، تم تطويرهم على مدى عقود، سياسيًا وأيديولوجيًا وثقافيًا وعسكريًا"
ربما لا يوجد موضوع يكون فيه الانفصال بين اليمنيين وبقية المجتمع الدولي واسعًا مثل قضية المساعدات الإنسانية، حسبما تقول فاطمة. لقد كان الحوثيون وإيران ماهرين للغاية في حمل وسائل الإعلام الغربية، والجمهور، على الاعتقاد بأن الأزمة الإنسانية سببها المملكة العربية السعودية، في حين أن الأمر ليس كذلك. وبالنسبة لليمنيين، تم استغلال “رواية المساعدات” هذه في محاولة لإجبار السعوديين على الخروج والسماح للحوثيين بالنصر. والحقيقة هي أن سرقة الحوثيين للمساعدات هو العامل الرئيس في المجاعة، وهذه المجاعة تستهدف أعداء الحوثيين سياسيًا. لكن، ومن المفارقات القاسية، تمكّن الحوثيون من خلق مشكلات الجوع هذه، ثم توجيه الصحفيين الزائرين وفرق القنوات التلفزيونية إلى الأشخاص الذين يعانون، واستخدموا هذه المعاناة كسلاحٍ سياسي ضد السعوديين.
المفارقة، كما تشير فاطمة، هي أنه عندما يقدم المجتمع الدولي المساعدات الإنسانية للسكان في مناطق الحوثيين، ما يسد الفجوة التي يرفض الحوثيون سدها، فإنه في الواقع يدعم المجهود الحربي لميليشيا الحوثيين، حيث إن الحوثيين يصبحون أحرارًا آنذاك -بعد الاستيلاء على الدولة، ومعها تدفقات الإيرادات من صناعة النفط وميناء الحديدة ونظام الاتصالات السلكية واللاسلكية- في استخدام كل هذه الأموال للنشاط العسكري، بدلًا من الاضطرار إلى تخصيص المال لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب تحت حكمهم.
وتضيف فاطمة أنه “لا توجد أي مساءلة مطلقًا” للحوثيين في الوقت الراهن، ولن تتخذ الأمم المتحدة موقفًا حازمًا بما يتماشى مع مبادئها الخاصة. والأسوأ من ذلك، أظهر مبعوث الأمم المتحدة أنه يفتقر تمامًا للحساسية الثقافية بالسياق اليمني، حيث استخدم مصطلحات تصب في مصلحة الرواية الحوثية للتفوق السياسي والديني، وادعائهم بأن حكمهم يمثل إرادة الله، ولا يقبل الجدل.
وهذا جزء من اتجاه أوسع نطاقًا، حيث يعاني المجتمع الدولي من “انعدام الرؤية” فيما يتعلق باليمن، وحيث هناك استعداد للقبول بـ “سلام سلبي”؛ أي وقف غير مدروس للأعمال العدائية التي تترك حزبًا مستبدًا مواليًا لقوة أجنبية مسؤولًا عن “دولة دينية”.
تساؤلات إضافية
في جلسةِ الأسئلة والأجوبة، التي طرحت حول كيفية تغيير السياسة الغربية في المستقبل، أشار لوبل إلى أن أحد العناصر الرئيسة هو التوقف عن إشراك الحوثيين دبلوماسيًا في ظلِّ هذه الأوضاع. إنه أسوأ من العبث نفسه، فهو يضفي الشرعية على الجماعة، ويساعد على ترسيخ سلطتها؛ أي النفوذ الإيراني في اليمن. يتفق كل من لوبل وهيستين على أن الضغط على السعودية لتقليص عملياتها سيأتي بنتائج عكسية، لا سيّما مع اقتراب الحوثيين من مدينة مأرب. السعوديون هم وحدهم الذين يعرقلون تقدم الحوثيين حاليًا. وأشار هيستين إلى أن تقديم بعض الدعم لـ “المجلس الانتقالي الجنوبي” يمكن أن يكون وسيلة لإنشاء سلطة يمنية بديلة من شأنها، مع مرور الوقت، أن تقوّض الحوثيين بقوة مكافئة. وشددت فاطمة على ضرورة عدم التقليل من شأن النفوذ الإيراني في اليمن من خلال الحوثيين، وفهم أن الحوثيين هم ورقة مساومة تستخدمها إيران في الوقت الذي تتفاوض فيه حول خطة العمل الشاملة المشتركة.
وتشير فاطمة إلى أن مسألة الانفصال موضوع حساس بشكل عام بين اليمنيين، كما أنها اقتراح استراتيجي خطير لأنه يمكن أن يعزز التحالف بين حزب الإصلاح، النسخة المحلية لجماعة الإخوان المسلمين، والحوثيين، لأن كليهما يتفقان على دولةٍ يمنية موحدة. وعلى الرغم من أن مثل هذا التحالف قد يبدو مستبعدًا الآن، فإن مثل هذه الأمور تحدث طوال الوقت في اليمن، ففي نهاية المطاف، كان الرئيس السابق صالح هو الذي ساعد بشكل كبير في تقدم الحوثيين في الفترة 2014-2015، على الرغم من حقيقة أن صالح هو الذي تمرد عليه الحوثيون في البداية، وقاتلوا ضده في الفترة من 2004 إلى 2012.
"هيستين: تقديم بعض الدعم لـ “المجلس الانتقالي الجنوبي” يمكن أن يكون وسيلة لإنشاء سلطة يمنية بديلة"
وأشارت إلى أنه لأسبابٍ غير واضحة، لن تعمل الأمم المتحدة على نزع سلاح الحوثيين، وغير متحمسة في إنفاذ حظر الأسلحة. إن الأسلحة الصغيرة التي يتم شحنها إلى الحوثيين هي التي تقتل اليمنيين بأعداد أكبر بكثير من أي شيء فعلته الغارات الجوية السعودية. فالاستقرار، ناهيك عن الديمقراطية، غير ممكن في وقتٍ تسيطر على الدولة جماعة متطرفة، مسلحة بشكل أفضل من تنظيمي القاعدة وداعش مجتمعين، وهي حركة طالبان العربية التي تحمل صواريخ بعيدة المدى، وطائرات بدون طيار.
وفيما يتعلق بالسبب في تشويه الصراع في اليمن في الذهن الغربي، اتفق جميع المشاركين في الندوة على أن هناك مشكلة تتعلق بنقص المعلومات، وهي مشكلة عامة بسبب الوضع الخطير للغاية في الدولة، لذلك يواجه الصحفيون والمحللون صعوبة في الوصول إليها، ومشكلة أكثر تحديدًا مع الحوثيين لأن إيران تدربهم على حجب الفظائع والجوانب الأخرى من الواقع التي لا تتفق مع رسائلهم.
وأشار لوبل إلى حقيقة أن هناك ضغطًا هائلًا من معاداة الولايات المتحدة على يسار الطيف السياسي في الغرب، وعندما يتضافر ذلك مع نقص المعرفة حول ماهية الحوثيين- بخلاف أنهم يعارضون حلفاء أمريكا- فإن ذلك يؤدي إلى تعاطف عكسي. وأيّدت فاطمة ذلك وشددت على التعمد، سواء المعلومات المضللة التي ينشرها الحوثيون- هناك لوبي حوثي قوي في الولايات المتحدة، يرتدي أحيانًا عباءة النزعة الإنسانية، وأحيانًا مناهضة السعودية- أو قبول بعض كبار أعضاء الكونجرس لها، الذين يستغلون قضية اليمن لأغراض أمريكية محلية.
- المصدر الأصلي للمادة: عين أوروبية على التطرف
قبل 3 أشهر