18-08-2020 الساعة 5 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| ترجمة خاصة
في 29 يوليو، أنهت المملكة العربية السعودية بنجاح جولة ثانية طويلة وصعبة من المفاوضات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا التي تدعمها والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات العربية المتحدة، والذي يسعى إلى فصل جنوب اليمن عن بقية اللد. وقّعت الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي الجزء الثاني من اتفاق الرياض بعد عدم تنفيذ الجزء الأول الذي تم توقيعه في نوفمبر 2019. وكان أهم جانب في الاتفاق الثاني أن تطبيق الشق السياسي لاتفاق الرياض يسبق الشق العسكري.لم يكن المجلس الانتقالي الجنوبي راضياً عن تسلسل الاتفاق الأول الذي أجبر قواته على الانسحاب من عدن قبل تشكيل حكومة جديدة.
كلا الاتفاقين أُبرما تحت ضغط سعودي كبير، إذ لم يجلس المتفاوضان على طاولة واحدة خلال جولتي المفاوضات. وكشف ذلك عن نقص خطير في الثقة والاستعداد للتوصل إلى اتفاق بسبب تضارب الأجندات. لا يمكن للحكومة اليمنية أن توجد بدون شكل من أشكال الوحدة في يمن اتحادي، وهو ما دعت إليه، بينما يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الانفصال. من المحتمل أن تؤدي هذه العوامل التي لا يمكن التوفيق بينها إلى فشلٍ آخر.
على الأرض، تُسيطر قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن وسقطرى والأجزاء الغربية من محافظتي لحج والضالع وجزء من محافظة أبين. لا تزال القوات الحكومية تسيطر على معظم المناطق الشرقية من الجنوب وكذلك أجزاء من أبين وشبوة وحضرموت والمهرة. تميل المناطق المنتجة للنفط في حضرموت إلى أن تكون تحت سيطرة الحكومة.
(..)
المحرر: تم حذف فقرة تحاول تصوير الصراع القائم في أبين وشبوة على أنه صراع مناطقي ترجع خلفياته لأحداث 13 يناير 1986
تناولت مفاوضات الرياض تشكيل حكومة جديدة تجمع ممثلين من الشمال والجنوب. حاول المجلس الانتقالي الجنوبي تقديم نفسه على أنه الممثل الوحيد للجنوب، وهو موقف رفضه هادي. رداً على ذلك، نظّم المجلس الانتقالي الجنوبي مظاهرات دعم في حضرموت، بينما فعل هادي الشيء نفسه في أبين. وكانت هذه المظاهرات ضمن عدة مظاهرات نظمتها الأطراف للتأكيد على قوتها وشعبيتها.
كما شجع هادي على مشاركة هيئات ومنظمات جنوبية أخرى، من بينها وفد من مؤتمر حضرموت الجامع، الذي يمثل أكبر محافظة جنوبي حضرموت. دفع هذا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى التراجع عن مطالبته بجميع المقاعد الجنوبية في الحكومة. لكن المفاوضات لم تتناول الخلافات الحقيقية بين الأطراف الجنوبية أو مستقبل جنوب اليمن في ظل الدفع المتزايد للانفصال.
كانت اتفاقية 29 يوليو حاسمة بالنسبة للسعوديين. يريدون إنهاء تدخلهم العسكري في اليمن من خلال توحيد كل المعارضين لأنصار الله، والمعروفين باسم الحوثيين، حتى يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق سلام مع الحوثيين. كما أنّ الاتفاقية مهمة للمملكة لإثبات أن حضورها ونفوذها في اليمن لا يزال قوياً، ولتعزيز صورة المملكة العربية السعودية كراعٍ للعمليات السياسية في البلاد. ومع ذلك، عندما اقترح السعوديون سابقًا التوسط في المحادثات بين الأطراف اليمنية، رفض الحوثيون ذلك، وقالوا إن المملكة العربية السعودية بصفتها طرفًا في الصراع لا يمكنها أن تلعب دور الوساطة.
تحدت عدد من القوى الإقليمية النفوذ السعودي في اليمن، خاصة في الجنوب، حيث تتمتع الإمارات بنفوذ كبير ولديها أجندة مختلفة عن الرياض. الخلاف الرئيسي بين الجانبين هو علاقتهما بحزب الإصلاح، الإخوان المسلمين اليمنيين، الذي طالبت الإمارات باستبعاده الكامل من الحياة السياسية. السعوديون بدورهم لا يستطيعون التخلي عن الإصلاح، حليفهم السياسي والقبلي القديم، لأنهم يعتمدون عليه في الشمال. هادي، أيضًا، لا يُمكنه التخلي عن الإصلاح، الذي يوفّر له دعمًا إعلاميًا مهمًا ودعمًا سياسيًا، خاصة وأن حزب المؤتمر الذي ينتمي إليه منقسم منذ عام 2011. الإصلاح، بدوره، بحاجة إلى هادي كرئيس لتزويده بالغطاء السياسي والسماح له بذلك للحفاظ على نفوذه.
على عكس المملكة العربية السعودية، أنشأت الإمارات العربية المتحدة حلفاء سياسيين في اليمن أكثر التزامًا بسياساتها من حلفاء الرياض تجاه المملكة العربية السعودية. وقد أعطى ذلك الإمارات نفوذاً على السعوديين على الرغم من انسحاب القوات الإماراتية من اليمن، لأنّ حلفاءها يشاركونها العداء تجاه حزب الإصلاح. يختلف الوضع من الجانب السعودي، حيث أنّ جزءًا كبيرًا من الإصلاح يتبع الآن لقطر، بينما الفصيل الموالي للسعودية أقل تنظيماً. لذلك، ستبقى العلاقات مع الإصلاح عقبة رئيسية حيث يشكّل الحزب جزءًا حيويًا من الدائرة المقربة من هادي، حتى مع اعتبار المجلس الانتقالي الجنوبي الإصلاح جماعة إرهابية يجب القضاء عليها.
"ستبقى العلاقات مع الإصلاح عقبة رئيسية حيث يشكّل الحزب جزءًا حيويًا من الدائرة المقربة من هادي، حتى مع اعتبار المجلس الانتقالي الحزب جماعة إرهابية"
أعادت اتفاقية 29 يوليو / تموز تأكيد النفوذ السعودي في اليمن. ومع ذلك، فقد أعاق افتقار المملكة العربية السعودية حقيقة القدرة على متابعة الاتفاقات، حيث استغرق الأمر ستة أشهر لإحياء مفاوضات تنفيذ اتفاق الرياض في نوفمبر 2019. على الرغم من ذلك، أصبحت المملكة العربية السعودية الآن واحدة من العديد من المنافسين الإقليميين الأقوياء في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، لم تُطرح الخصومات الجنوبية القديمة خلال المفاوضات، وهو ما يفسّر الزيادة الأخيرة في التوترات العسكرية في أبين بعد الاتفاق.
يُشير هذا إلى أنّ الإصدار الأخير من اتفاق الرياض قد يسير بنفس طريقة سابقاته. حتى لو تم تشكيل الحكومة فمن الصعب الافتراض أنها ستكون ناجحة، بالنظر إلى الافتقار التام للثقة القائمة بين الأطراف.
- ميساء شجاع الدين: باحثة غير مقيمة في مركز صنعاء للدراسات
- المصدر الأصلي: معهد كارنيغي الشرق الأوسط
- ترجمة وتنقيح: سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 3 أشهر