إخوان اليمن.. بين البزة العسكرية والعمامة

كتابات رأي

الخميس, 22-10-2020 الساعة 08:47 مساءً بتوقيت عدن

في  اليمن المؤثّث الحقيقي للشخصية الإخوانية المتطرّفة هو العامل التاريخي (المناخ) الذي تشكّلت فيه الخلفية الأيدلوجية لجماعة الإخوان ونشأتها الأولى كجماعة فرع من تنظيم الإخوان المسلمين مناهضة لثورة 26 سبتمبر 1962 ونهجها التقدمي، الذي اعتبرته يشكّل خطراً يستهدف الإسلام حد زعمها آنذاك.

كحليفة للقوى الرجعية الممثّلة محلياً بالحكم الإمامي وعربياً بالحكم السعودي، استطاعت جماعة إخوان اليمن إعادة تدوير الحكم الرجعي بحلة ثورية جمهورية قشيبة. من ثم لم يهدأ روع وترويع نهجها العقائدي المحارب لتستمر في خوض ما عرف بحروب المناطق الوسطى في اليمن الشافعي الأسفل ضد ذات التيار التقدّمي باعتباره امتداد لقوى ثورة سبتمبر وفي نفس الوقت امتداد لنظام الحكم الاشتراكي في الجنوب.

مرة أخرى، لم يهدأ روع وترويع نهجها العقائدي المحارب لتتخذ الجماعة من استنفارها للقتال العقائدي في المناطق الوسطى منطلقاً للجهاد والقتال ضد الشيوعية في أفغانستان والاتحاد السوفيتي.

آنذاك بلغت الجماعة ذروة قتالها العقائدي، فعادت أخيرا إلى اليمن لتنخرط في القتال ضد الجنوب باعتباره امتداد للفكر الشيوعي الكافر حد وصف الجماعة.

لم تخلع الجماعة المتشكّلة من رحم مناخات العداء العقائدي للتيارات السياسية التقدمية، بزتها المليشاوية العسكرية وتهدأ لتلبس عمامة الإمام القاضي وتتفرغ للتعبد الروحاني في محرابه. 
لقد تركت هذه العمة لكبار المدرسة الزيدية في جامع صنعاء الكبير الذي ظلت مأذنته تصدح بأذان "حيا على خير العمل".  فذهبت عناصر الجماعة لتشكّل ما عرف حينها، بجيش عدن أبين على يد أبو الحسن المحضار ورفاقه، ثم ما لبثت أن أتت حادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول في خليج عدن وأحداث 11 من سبتمبر التي ضربت العمق الأمريكي، لِتميط اللثام عن وجه جماعة إخوان اليمن الحقيقي المتأهب للقتال العقائدي، لكن هذه المرة ضد الغرب وليس الشرق.

ما تمخّض عنه قيام الثورة الشبابية في فبراير 2011، من نزوع للحكم المدني اعتبرته الجماعة يلعب نفس دور ثورة سبتمبر خصوصاً وهي محمولة على أكتاف ونعوش أبناء المنطقة الشافعية لليمن الأسفل، انخرطت القيادة العتيقة للجماعة في لعب ذات دورها القديم مع الثورة الشبابية للحفاظ على ما تصفه بـ "بيضة الإسلام" من التدخلات والأفكار الجديدة.

هذه المرة لعبت جماعة الإخوان دور المنحسر لتلعب الجماعة الحوثية ونهجها الإمامي الجديد دور المنتصر. فأي دور تلعبه ذات القوى العربية القديمة؟

لا نعلم حتى اللحظة، فثمة حلافة رجعية قديمة ناجحة تظهر بموازاة بوادر عداء عقائدي متصاعد لمتدخل إقليمي جديد.

مازالت الصورة قلقة بين شبهة الدور السعودي في العمل لصالح الجماعة الحوثية، وجريمة الدور الإيراني المثبتة في العمل لصالح نفس الجماعة. مازال البيدق الخارجي قلقاً، في ظل ثبات البيدق الداخلي (الحوثيين والإخوان).

الصورة التي تبدو انعكاساً لقلق الخطوة التقدّمية السعودية بموازاة الخطوة الراديكالية الإيرانية!

كلمات مفتاحية: الإخوان المسلمون الحوثيون الحكم الرجعي اليمن