ّالأزمة اليمنية.. اختبار حقيقي لإدارة بايدن

كتابات رأي

الإثنين, 01-03-2021 الساعة 08:00 مساءً بتوقيت عدن

ليس  الزمن وحده الذي أوصل إدارة الرئيس بايدن إلى الحكم حاملاً معه إرادة ديمقراطية وأدوات ناعمة لحلحلة مختلف الملفات والقضايا على الصعيدين الداخلي والخارجي.

فعلى صعيد الأزمة اليمنية يتحقق عامل المكان الذي تزحف باتجاهه الحرب اليمنية "مناطق الثروة والنفط والمصالح الدولية المتشابكة"، ليضيف إلى الرغبة الامريكية والدولية في إعمال الحلول الديمقراطية الناعمة رغبةً ملحةً أخرى تستحضر في اليمن أكثر من غيرها في أي بلد آخر.

وكأنّ الأزمة اليمنية مثال مصغّر يعتبر نواة نجاح السياسة الأمريكية الجديدة، فهي - أي السياسة الامريكية الجديدة - تنافس نفسها مع أداء الإدارة السابقة في اليمن لتثبت نجاحها وبالتالي هذا يجعل الأزمة اليمنية محور ارتكاز واختبار حقيقي تثبت فيه نجاح ونجاعة سياستها.

"الأزمة اليمنية محور ارتكاز واختبار حقيقي تثبت فيه إدارة بايدن نجاح ونجاعة سياستها" 

لهذا ما إن استأنفت ادارة بايدن مساعيها الدبلوماسية تجاه عودة ايران للتفاوض حول برنامجها النووي، ومن جانب آخر الدفع بالحل السياسي الشامل للأزمة اليمنية. حتى صعّد الحوثيون "ذراع ايران المليشاوي في اليمن" من عملياتهم العسكرية والهجوم على محافظة مأرب الغنية بالنفط وهجوم الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على السعودية.

هذا يجعل اختبار سياسة بايدن الجديدة أكثر صعوبة بغية تعريضها للفشل أو استخدام خيارات الإدارة السابقة في اعتماد الحلول العسكرية المباشرة.

لأنّ أمريكا عُرفت باعتمادها على ما يسمى بـ "سياسة النفس الطويل"، ولأنّ المناطق التي تتدحرج إليها كرة النار في اليمن مناطق مصالح دولية، أثنت دول أوروبية أخرى لديها نفس المصالح على ما أسمتها بـ "عودة الدبلوماسية الأمريكية" مجددا إلى قلب السياسة الأمريكية وقيادة العالم. أمريكا من جانبها وجّهت دعوة لهذه البلدان للشراكة في مواجهات تحديات ما وصفتها بـ «المناخ وايران وروسيا والصين".

مثلما تبدو الأزمة اليمنية محورية وهامة لدى السعودية، هي كذلك للمحور الأمريكي والمحور الإيراني، مع اختلاف السياستين، الأمريكية تدفع باتجاه الفكفكة الدبلوماسية بينما الإيرانية تدفع نحو مزيداً من التعقيد العسكري.

"إن كان ثمة حلول عسكرية من المقرر لها أن تحدث في المناطق الجنوبية فمن الأفضل أن تحدث الآن قبل سقوط مأرب" 

ترتيبات وزارة الدفاع اليمنية الرامية لنقل مركز قيادتها إلى سيئون بحضرموت، من المرجح انها جاءت بعلم ودراية أمريكية، إلا أنّ عملية الاستحضار والتحضير لسيناريو سقوط مأرب بيد الحوثيين، أمريكيا، مازال يُبنى على ذات السياسة الناعمة بينما يمنياً وإيرانياً يُبنى على ذات السياسة العسكرية وربما أعنف من ذي قبل بسبب تظافر الظروف الاقتصادية والسياسية اليمنية في الصالح الحوثي الإيراني وتوجهات جماعة الاخوان المسلمين والعديد من الأطراف اليمنية التي ترابط قواتها الآن في كل من شبوة وحضرموت وأبين.

ما يحول دون حدوث السيناريو أعلاه هو عملية استعصاء سقوط مأرب، آخر محافظة شمالية بيد الحوثيين، لكن وترتيبات نقل مركز وزارة الدفاع قد تمت فهذا مؤشر على قرب انتقال الحرب من مأرب شمالاً إلى شبوة وحضرموت جنوباً، فلا تتوافر مؤشرات على تلبية الدعوة الأمريكية والأممية للحل السياسي.

لذا إذا كان ثمة حلول عسكرية من المقرر لها أن تحدث في المناطق الجنوبية فمن الأفضل أن تحدث الآن قبل سقوط مأرب، لأن ما بعد سقوط مأرب بيد الحوثيين ستكون الحلول العسكرية باهظة الكلفة على كل الصعد الاقتصادية والسياسية والإنسانية.

كلمات مفتاحية: اليمن الولايات المتحدة الحرب في اليمن