فرنسا.. وجماعات الإسلام السياسي

كتابات رأي

الإثنين, 02-11-2020 الساعة 01:00 مساءً بتوقيت عدن

ما  يحدث الآن في فرنسا على وجه الخصوص والتحديد، من جانبها السياسي المحلي من الممكن ربطه بتوقّف الموجة المتصاعدة للتيار اليميني الأوروبي والعالمي عند العقدة الفرنسية بخلفيتها الديمقراطية العميقة وبتركيبتها المجتمعية الحاضنة لأصول عرقية وأثنية متعددة.

صعد التيار الديمقراطي على حساب اليمين الفرنسي بفوز "ماكرون" بمقعد الرئاسة على حساب اليمينية ماريا لوبن. في نفس وقت صعود اليمين البريطاني وسيره في اتخاذ اجراءات الخروج من الاتحاد الاوروبي كخطوة يمينية محافظة، وفي نفس وقت صعود الجمهوري ترامب في أمريكا حاملا شعار "أمريكا أولا" وواعداً باتخاذ تدابير تحد من توافد العمالة الخارجية وتضيق عليها وبضرب سياج منيع بين أمريكا والمكسيك، وفي نفس وقت تنامي النفس القومي في صراع روسيا في ولايات الشرق الأوكراني، وفي نفس وقت فشل العملية الديمقراطية لمايسمى بـ "ثورات الربيع العربي" وظهور ماعُرف بـ "التحالف العربي" كمحور محافظ في مواجهة التدخلات الإسلامية في المنطقة.

مثلما أثبت المسرح العربي فشل التعاطي الديمقراطي مع جماعات وأحزاب الإسلام السياسي، فهذه الأخيرة لاتؤمن بالديمقراطية.  
تخوض فرنسا اليوم نفس التجربة العربية على أرضها وبين جمهورها، ففرنسا اليوم على خلفية نشر رسومات كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد"صلى الله عليه وسلم" تمرّ بموجة من "العنف الإسلاموي" المتطرّف الذي يستهدف بصورة عشوائية رواد الكنائس الفرنسية والفرنسيين الأصل. 

الحدث الفرنسي وما صاحبه من تصريحات سياسية لزعماء وقادة جماعات وأحزاب الإسلام السياسي في العالم االعربي والإسلامي، اعتبرتها فرنسا تدخلاً سافراً في شؤونها وعاملاً مؤججا للعنف والإرهاب، يحمل في طياته إثباتاً عملياً لفرنسا الديمقراطية بصعوبة التعاطي الديمقراطي مع جماعات وأحزاب الإسلام السياسي وفشله فشلاً ذريعاً يوازي فشله على المسرح العربي. ذلك عبر عنه قبل أمس الرئيس ماكرون في لقاءه بقناة الجزيرة، بقوله: "لا تسيئون فهم حرية التعبير في فرنسا، وأعينونا لندافع عنها وقد جربتم طعمها."

بعد هذه التجربة المريرة، فرنسا اليوم مهيئة لفهم وجهة نظر التيار اليميني بل والاقتناع بها، لتكمل موجة التيار اليميني صعودها ليس في فرنسا وحسب بل وفي كل أوروبا، بصفتها "أي فرنسا" قلب أوروربا الذي يضخ فيها الدماء الديمقراطية والمحافظة على حد سواء.

فهمت فرنسا أخيراً، بينما رئيسها ما زال يُطالب الجماعات والأحزاب الإسلامية المتطرفة بالفهم أو بالأصح طالبها في خطاب يوم أمس على الأقل بتفهم الوضع االفرنسي وديمقراطيته..، بعد أن أقتنع أنّ فهم هذه الجماعات لم يعد ممكناً.

- سوث24 للأخبار والدراسات 

كلمات مفتاحية: فرنسا الإسلام السياسي الإخوان المسلمون الرئيس ماكرون